الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا وصورة للرئيس الصيني شي جين بينغ ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوسا ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ووزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في خلال قمة بريكس في جوهانسبرج بجنوب إفريقيا في 23 أغسطس 2023. رويترز / أليت بريتوريوس/بول

قمّة البريكس: تشكيل مشهد جيوسياسي جديد – آراءٌ من المجلس

يشير توسّع مجموعة البريكس، الذي أُعلِن عنه في خلال القمّة التي عُقِدت في جنوب أفريقيا في أغسطس الحالي، إلى تحوّل ناشئ في النظام الدولي. يقدّم الزملاء في مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية تحليلاً معمّقاً لأهميّة هذه المجموعة على الساحة العالمية، ويناقشون القضايا التي طُرحت في القمّة كالتعدّدية القطبية وإلغاء الدولرة وغيرها من المسائل.

31 أغسطس، 2023

تأثير البريكس في النظام الدولي

غالب دالاي

 

لقد جذبت قمّة البريكس 2023 اهتماماً دولياً غير مسبوق بحكم السياق الجيوسياسي للمنافسة المُتزايدة بين الولايات المتّحدة والصين، والتوازن الذي تحاول بلدان الجنوب تحقيقه في ما يتعلّق بالحرب الروسية الأوكرانية. ومع اشتداد المنافسة بين القوى العالمية، تنظر الجهات الفاعلة في الغرب على نحو مُتزايد إلى هذه الكتلة – وغيرها مثل منظّمة شنغهاي للتعاون – من خلال عدسة المنافسة مع الصين وروسيا، وتعتبرها تجسيداً مؤسّسياً لمقاومة النظام العالمي المُتمركز حول الغرب.

 

لقد طال انتظار إصلاح النظام الدولي الذي يعود إلى حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وهو لا يزال غير عادل وغير تمثيلي. عدا أنّ النقاش الجاري في الغرب بشأن مستقبل التعدّدية لا يراعي مصالح الجنوب العالمي وتطلّعاته. ومن هنا، يكتسي توسّع البريكس أهمّية رمزية كبيرة، إذ يمكن للكتلة أن تعطي زخماً لمساعي إصلاح النظام العالمي، وأن تساعد في بلورة هذا الإصلاح وصياغة محتواه، وأن تظهر نسخة الجنوب العالمي عن التعدّدية.

 

إلّا أنّ الانقسامات الداخلية بين الدول الأعضاء -كما هو الحال بين الهند والصين- والمواقف المتباينة بشأن التعامل مع الغرب، قد تمنع الكتلة من اكتساب نفوذ في الواقع الجيوسياسي. وتخاطر مجموعة البريكس كذلك بالتحوّل إلى الدوران في فلك الصين، ما قد يضعف قوّتها ويقوّض مطالبتها بتوفير صوت للجنوب العالمي. إن حلّ التوتّرات بين أعضاء مجموعة البريكس الحاليين والتوفيق بين مصالحهم وتطلّعاتهم هو مهمّة صعبة بالفعل؛ وبالتالي فإنّ قرار مضاعفة حجم الكتلة وضمّ دول جديدة إليها كالأرجنتين والمملكة العربية السعودية سيزيد الأمور صعوبة.

 

 

توسّع البريكس: آفاق الخليج والجغرافيا السياسية العالمية

بيفرلي ميلتون إدواردز

 

قبل انعقاد القمّة في أغسطس، أعلن سفير جنوب أفريقيا لدى مجموعة البريكس، أنيل سوكلال، أنّ الكتلة سوف تطلق «تغييراً جذرياً … في البنية الجيوسياسية العالمية». فالمملكة العربية السعودية وإيران والإمارات العربية المتّحدة هي من الدول المدعوّة للانضمام إلى الكتلة في يناير 2024. ويشكّل ضمّ هذه الدول خطوة مهمّة نحو أي تغيير جذري في النظام العالمي، ويشير إلى الدور المُتزايد للكتلة على الساحة العالمية.

 

بالنسبة لهذه الدول الخليجية، تكمن جاذبية البريكس في الدور الذي تؤدّيه في نظام دولي ناشئ متعدّد الأقطاب، حيث أعلن عدد من الدول الأعضاء عن نيّتها في الحدّ من مركزية الدولار الأمريكي في الأسواق العالمية. ويشير انضمامها الوشيك إلى البريكس إلى طموحاتها المتنامية برسم سياسة خارجية أكثر استقلالية وتطوير شراكات وكتل بديلة مُتحرّرة من النفوذ الغربي. ومع صعود الصين وتراجع نفوذ الغرب في الخليج، من غير المستغرب أن تصبح عضوية مجموعة البريكس أكثر جاذبية لموازنة هذه التغييرات.

 

وقد يتمثّل الجانب السلبي ربّما بأن يؤدّي النفوذ الصيني والروسي الحالي داخل مجموعة البريكس إلى زيادة الميل لمعاداة الغرب أكثر من أي وقت مضى. ومع ذلك، ترى البرازيل والهند وجنوب أفريقيا الخطر الناشئ على سياساتها الخارجية التي تطمح لاستخدام مجموعة البريكس من أجل زيادة علاقاتها الاقتصادية، سواء مع الشرق أو الغرب. قد لا يكون التحوّل جذرياً، لكن إضافة هذه الدول الخليجية إلى مجموعة البريكس هو بالتأكيد خطوة نحو مستقبل مُتعدّد الأقطاب.

 

 

عضوية المملكة العربية السعودية في البريكس

عائشة السريحي

 

في قمّة البريكس الأخيرة، دُعيت المملكة العربية السعودية للانضمام إلى المجموعة كعضو جديد، إلى جانب خمس دول أخرى وهي: الأرجنتين ومصر وإثيوبيا وإيران والإمارات العربية المتّحدة. يأتي توسّع مجموعة البريكس وسط احتدام التنافس بين الولايات المتّحدة والصين، فضلاً عن تدهور العلاقات بين السعودية والولايات المتّحدة في عهد الرئيس الأمريكي جو بايدن، وتوجّه الرياض نحو الصين.

 

صحيحٌ أنّ المملكة العربية السعودية لم توافق بعد على العضوية، إلّا أنّ الموافقة المرتقبة ستخدم طموحات الرياض الاقتصادية والسياسية على المدى القصير. يشكّل تحقيق الاستقرار الإقليمي أولوية قصوى بالنسبة للمملكة العربية السعودية، إذ من شأنه أن يعزّز بيئة الاستثمار الجذّابة من أجل تحقيق أهداف التحوّل الاقتصادي والاجتماعي لرؤية السعودية 2030. وفي حين لا توفّر العلاقات الوثيقة مع الصين المظلّة الأمنية التي كانت الولايات المتحدة تقدّمها لشركائها في الخليج، أدّت الجهود الدبلوماسية التي بذلتها الصين للتوسّط بين السعودية وإيران في أبريل الماضي إلى تراجع هجمات المقاتلين الحوثيين المدعومين من إيران وتعزيز بيئة من التهدئة الإقليمية توفّر للسعودية المزيد من الأمن. فضلاً عن ذلك، يساعد انضمام السعودية إلى مجموعة البريكس في تنويع شراكاتها السياسية ويوفّر لها الفرصة لبناء علاقات أقوى مع الدول الأعضاء الأخرى.

 

ونظراً لدور الرياض كقائد فعلي لمجموعة أوبك+، فإنّ عضوّيتها في البريكس سترفع حصّة المجموعة من إمدادات النفط العالمية إلى 42 في المئة، وسيزيد من نفوذ المملكة في مواجهة أي عقوبات غربية مُحتملة على مُنتجي النفط. وبالفعل، في ضوء السقف الذي فرضه الغرب على أسعار النفط الروسي في خضم الحرب في أوكرانيا، صرّح وزير الطاقة السعودي أنّ «المملكة لن تبيع النفط إلى أي دولة تفرض سقفاً للسعر». وإذا أصبحت المملكة العربية السعودية عضواً رسمياً في مجموعة البريكس، فمن شأن ذلك أن يقوِّض بشكل كبير فعالية العقوبات الغربية.

 

لماذا تسعى إيران للانضمام إلى مجموعة البريكس؟

شهرام أكبر زاده

 

على المدى القصير، ترى إيران في عضوية البريكس وسيلة للتحايل على العقوبات الدولية التي أعاقت اقتصادها. لقد أنهكها نظام العقوبات الذي فرضته الولايات المتّحدة بعد انسحاب الرئيس السابق دونالد ترامب من خطّة العمل الشاملة المشتركة في العام 2018، ودفعها إلى البحث عن شركاء تجاريين آسيويين من أجل التخفيف من تأثيرها. وقد منحتها هذه الإستراتيجية بعض الوقت. إنّ التزام الصين الإستراتيجي تجاه إيران، الذي سُلّط الضوء عليه في الاتفاقية الثنائية لعام 2021 كجزء من مبادرة الحزام والطريق، يشكّل شريان حياة مهمّ. تقدّم مجموعة البريكس لإيران إطاراً مؤسّسياً لتوسيع تجارتها الدولية والتخفيف من آثار العزلة الاقتصادية التي تفرضها عليها الولايات المتّحدة.

 

وقد تستفيد إيران بشكل كبير من الاقتراحات التي قدّمتها روسيا حول إجراء التبادلات التجارية بين دول البريكس بالعملات الوطنية وامكانية إنشاء عملة جديدة خاصة بالمجموعة. وبينما تبحث مجموعة البريكس عن أفق للنمو، فإنّ بنك التنمية الجديد التابع لها سيكون أكثر أهمّية لدول مثل إيران تحتاج بشدّة إلى ضخّ أموال جديدة.

 

على المدى الطويل، ومع وجود الصين وروسيا كلاعبين رئيسيين، تتوافق مجموعة البريكس مع رؤية إيران بشأن خلق هيمنة عالمية مُضادة من أجل مقاومة عقوبات واشنطن الأحادية وهيمنتها على المحافل الدولية. وتتماشى كذلك مع الصين وروسيا المنخرطتين في منافسة قديمة مع الولايات المتّحدة. وفي حين أنّ موسكو وبكين متردّدتان حيال مجموعة البريكس باعتبارها ثقلاً موازناً للنظام المالي الليبرالي، فإنهما ستستفيدان من ضعف قبضة الولايات المتّحدة على التمويل العالمي. وتنظر السلطات في إيران إلى هذا الاصطفاف باعتباره الفرصة الفضلى للدفع باتجاه نظام عالمي بديل.

 

 

انضمام مصر إلى البريكس: أخبار سارّة لكن التحدّيات لا تزال قائمة

عادل عبد الغفار

 

يرجّح أن يكون انضمام مصر إلى مجموعة البريكس مفيداً للبلاد التي تشهد أزمة اقتصادية حادّة. فمنذ الغزو الروسي لأوكرانيا، فقدت العملة المصرية أكثر من 50 في المئة من قيمتها ووصل التضخّم إلى نحو 36 في المئة في يونيو الماضي، وهذا لا يلقي ضغوطاً على الفئات الأكثر حرماناً في مصر فحسب، بل يطال أيضاً الطبقات المتوسّطة والعليا. ومن خلال الانضمام إلى المجموعة، يمكن لمصر أن تزيد معاملاتها التجارية مع الدول الأعضاء الأخرى بغير الدولار، وكذلك الحصول على تمويل من بنك تنمية البريكس للوفاء بالتزامات ديونها المكلفة.

 

وعلى الرغم من أنّ انضمام مصر إلى مجموعة البريكس جيّد لاقتصادها، لكنّه ليس الحلّ السحري لجميع مشاكلها الاقتصادية كما يروِّج بعض أنصار الحكومة. تحتاج مصر إلى المزيد من الإصلاحات البنيوية من أجل معالجة التحدّيات الاقتصادية التي تواجهها، ومجموعة البريكس ليست سوى خطوة أولى في مشوار الألف ميل.

 

فضلاً عن ذلك، تفرض عضوية البريكس تحدّيات على سياسة مصر الخارجية في وقت تسعى فيه للموازنة بين شراكاتها التقليدية مع الولايات المتّحدة وأوروبا من جهة، والدولتين القويتين في البريكس الصين وروسيا، اللتين تعتبران المجموعة وسيلة لتحدّي الهيمنة الغربية الجيوسياسية والجيواقتصادية.

 

وأخيراً، يُعدُّ إدراج إثيوبيا في المجموعة لافتاً، نظراً للخلافات المستمرّة بينها وبين مصر بشأن سدّ النهضة. من هنا، إذا أرادت مجموعة البريكس الإضاءة على نفوذها العالمي المتنامي، فإنّ النجاح في التوسّط بين عضوين جديدين سيكون بداية عظيمة.

 

 

تحدّي البريكس للغرب: زوبعة في فنجان

رانج علاء الدين

 

أثيرت ضجّة كبيرة بشأن مجموعة البريكس وتطلّعاتها لتحدّي النظام الدولي الذي يهيمن عليه الغرب. بالفعل، فإنّ إضافة ستة دول أعضاء جديدة – ورغبة دول أخرى في الانضمام – تعكس، وفقاً لبعض المراقبين، صعود نظام عالمي مُتعدّد الأقطاب لا تتحكّم به الولايات المتحدة بشكل أحادي. مع ذلك، عند التعمّق بمجموعة البريكس من أجل تقييم أساسات التحالف – أهدافه وتماسكه ومبادئه الأساسية – تصبح الصورة مخيّبة للآمال إلى حدّ ما.

 

أولاً، تعتمد جدوى البريكس بشكل أساسيّ على قدرة الصين على الحفاظ على صعودها الاقتصادي وتحقيق رؤيتها لمبادرة الحزام والطريق التي ترزح تحت ضغوط أزمة الديون والأوضاع الاقتصادية الصعبة الناتجة عن جائحة فيروس كورونا المستجدّ. ثانياً، برزت البريكس مدفوعة بالآمال لإنشاء عملة بديلة عن الدولار كعملة دولية للاحتياطي. وهذا ما يعدّ طموحاً في أحسن الأحوال ووهماً في أسوئها، لأن هيمنة الدولار ليست إلّا انعكاساً للمؤسّسات والتبادلات المالية والشركات العالمية والقيم التي تدعم بشكل جماعي النظام الاقتصادي الدولي الذي تطوّر على مدى قرنٍ من الزمان. ثالثاً، من بين الدول الستة المدعوّة للانضمام إلى المجموعة، تشهد أربع منها – الأرجنتين وإيران وإثيوبيا ومصر- انهياراً مالياً وتواجه درجات متفاوتة من عدم الاستقرار السياسي أو الاضطرابات المدنية. ولا يبدو هذا تحالفاً ذي مصداقية قادراً على منافسة مجموعة الدول السبعة.

 

لن تعيد مجموعة البريكس التوازن إلى النظام الدولي العالمي، ولكنّها تعكس قصر نظر السياسة الخارجية للولايات المتّحدة والخيبة الناجمة عن التزامات القوى الغربية تجاه الشرق الأوسط. بالنسبة للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتّحدة، تؤمّن لهما عضويتهما في البريكس عمقاً جيوسياسياً ومرونة ونطاقاً أوسع وسط الشكوك المحيطة بمستقبل الانخراط الأمريكي في المنطقة واليقين من انخراط الصين المتزايد.

 

 

نظام بريكس باي: محاولة أولى لإعادة تشكيل أنظمة الدفع؟

جون بارك

 

كان من المتوقّع إجراء مناقشة حول إلغاء الدولار في قمّة البريكس الرابعة عشرة في جوهانسبرج. ومع ذلك، لم يتفق الزعماء الخمسة على بيان مشترك بشأن إطلاق عملة مشتركة، أو R5، وهي سلّة تضمّ الريال البرازيلي والروبل الروسي والروبية الهندية والرنمينبي الصيني والراند الجنوب أفريقي. منذ البداية، كانت توقّعات إنشاء اتحاد نقدي خجولة للغاية نظراً للمصالح المتباينة بين الدول الأعضاء.

 

ومن الواضح أنّ مبادرات مثل نظام بريكس باي، وهي منصّة مدفوعات رقمية جرى تطويرها بشكل مشترك من قبل الدول الأعضاء، لا تشكّل تهديداً كبيراً للنظام المالي العالمي القائم على الدولار. والسؤال المهمّ هو ما إذا كان بريكس باي سيعمل بشكل فعّال كنظام دفع بديل للمعاملات المالية بين الدول الأعضاء الخمسة والدول الأعضاء الستة الجديدة، مع تأدية اليوان الصيني الدور المركزي.

 

ونظراً لإضافة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة إلى مجموعة البريكس، فقد تنوِّع الدولتان النفطيتان خيارات الدفع الخاصة بهما – ولو بشكل تدريجي – من خلال إجراء المزيد من المعاملات النفطية باليوان الصيني عبر استخدام بورصة شنغهاي للبترول وبورصة الغاز الوطنية كمنصة للتسوية. إيران، المدعوة أيضاً للانضمام إلى مجموعة البريكس، تدفع باليوان الصيني في تجارتها مع الصين بحكم خضوعها لعقوبات أمريكية منذ وقف العمل بخطّة العمل الشاملة المشتركة. أمّا مشاركة الإمارات العربية المتّحدة في مشروع بنك التسويات الدولية mBridge للعملة الرقمية للبنوك المركزي، فتشير إلى دورها المتنامي في النظام المالي الدولي. فضلاً عن ذلك، فإنّ مشروع عابر بين المصرفين المركزيين الإماراتي والسعودي سيمكّن الدولتين النفطيتين من المناورة في أنظمة الدفع البديلة.

 

 

ما الذي يدفع تونس للإنضمام إلى مجموعة البريكس؟

أميمة شلبي

 

في أبريل الماضي، أعلن متحدّث باسم الرئاسة التونسية عن نيّة البلاد بالانضمام إلى مجموعة البريكس. في البداية، فسّر المحلّلون اهتمام تونس بعضوية البريكس على أنّه محاولة للتحرّر من صندوق النقد الدولي وتأمين مصادر تمويل بديلة، خصوصاً في ضوء الأوضاع الاقتصادية الصعبة وأزمة الائتمان التي تواجهها البلاد. تنطبق هذه الحال على الكثير من الدول، ولا سيّما مصر، لكن تونس لديها دوافع أخرى تقود اهتمامها بمجموعة البريكس. فمن شأن انضمام تونس إلى المجموعة أن تمكّنها من ممارسة الضغوط على الغرب عبر استغلال موقعها الإستراتيجي على خطوط الهجرة إلى أوروبا. وقد نجحت البلاد بالفعل في الاستفادة من هذا الموقع لإبرام صفقة الهجرة مع الاتحاد الأوروبي، وتلقّي المساعدات المالية مقابل الحدّ من الهجرة غير الشرعية.

 

في الواقع، أثيرت احتمالات الانضمام إلى مجموعة البريكس بعد فترة وجيزة من رفض الرئيس التونسي قيس سعيد حزمة إنقاذ من صندوق النقد الدولي بقيمة 1.9 مليار دولار، بسبب مطالب الصندوق بخفض الدعم التي وصفها بـ«الإملاءات». وعلى الرغم من التصريح الأخير لرئيسة مجلس الوزراء الإيطالي جيورجيا ميلوني الداعم لمحادثات صندوق النقد الدولي في تونس، لم يصدر بيان رسمي عن الحكومة التونسية ولا أي طلب رسمي بهذا الشأن. فضلاً عن ذلك، نفت التصريحات الأخيرة لوزير الاقتصاد والتخطيط التونسي سمير سعيد إمكانية الانضمام إلى البريكس نظراً لحجم الاقتصاد التونسي والعلاقات التجارية المحدودة للبلاد مع أعضاء البريكس. في النهاية، يشكّل تعثّر خطّة الإنقاذ مع صندوق النقد الدولي والحاجة الماسة لإنعاش الاقتصاد دافعين رئيسيين لاهتمام تونس بالانضمام إلى مجموعة البريكس.

 

البريكس وأمن الطاقة

عبد الفتاح حامد علي

 

مع ضمّ ستة دول أعضاء جديدة إلى البريكس، من ضمنها الدولتان المصدّرتان الرئيسيّتان للنفط: المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ستسيطر الكتلة الموسّعة على أكثر من 40 في المئة من إمدادات النفط العالمية وأكثر من 50 في المئة من احتياطيات الغاز. تمثّل المجموعة أصلاً حتى قبل التوسّع نحو 40 في المئة من استهلاك الطاقة. ومن المتوقّع أن تقود الصين والهند وحدهما نصف نمو الطاقة العالمي بحلول العام 2035. وعلى الرغم من هذا النمو المتوقّع وحقيقة أنّ عدداً من الدول الأعضاء الجديدة في مجموعة البريكس هي دول كبرى منتجة للطاقة، تواجه البلدان تحدّيات مُعقّدة تتطلّب إصلاحات شاملة لضمان أمن الطاقة على المدى الطويل. وعلى الرغم من أنّ البرازيل وروسيا تتمتّعان باستقلال طاقوي نسبيّ، تعدّ الصين والهند من أكبر مستوردي النفط الخام في العالم.

 

بالإضافة إلى ذلك، ستستحوذ المجموعة الموسّعة على 72 في المئة من المعادن النادرة في العالم مثل المنغنيز والغرافيت والنيكل والنحاس. هذا وبالإضافة إلى الموقع الجغرافي الإستراتيجي للدول الأعضاء الجديدة والتكنولوجيا والخبرة والثروات التي تتمتّع بها، من شأنه أن يمكّن المجموعة من السيطرة بشكل أكبر على سلاسل إمدادات الطاقة العالمية. فضلاً عن ذلك، ستكون مجموعة البريكس في وضع أفضل لتجاوز العقوبات الغربية وتحفيز الاستثمار، على سبيل المثال، في احتياطيات إيران الكبيرة غير المستغلة من المعادن المهمة.

 

ومن شأن المجموعة أيضاً أن تؤثّر في سياسات الطاقة للدول الأعضاء وتعزيز أمن الطاقة فيها. ومع ذلك، يجلب هذا النفوذ التحدّيات أيضاً، مثل تأخير تنفيذ المعاهدات البيئية الدولية بسبب الطلب المتزايد على الطاقة من الأعضاء وسهولة الوصول إلى الوقود الأحفوري. أيضاً، قد تعتمد المجموعة نهجاً أكثر تنسيقاً وتقيّد صادراتها من المعادن الأساسية، ما قد يشلّ سلسلة التوريد العالمية. ومن الضروري تحقيق إدارة دقيقة واعتماد مقاربة متوازنة لتصدير المعادن وإنتاج الوقود الأحفوري واستهلاكه، والانتقال إلى الطاقة المُتجددة من أجل أن يؤدّي نفوذ المجموعة إلى خلق مشهد طاقة عالمي أكثر أماناً واستدامة.

 

هذه المقالة هي ضمن  سلسلة مقالات “آراء من المجلس” يعبّر من خلالها الزملاء والخبراء في المجلس عن آرائهم ورؤياهم حول القضايا الرئيسية التي تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. إنّ الآراء الواردة في هذه المقالة تخصّ مؤلّفيها حصراً ولا تعكس رأي مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية.
إنّ الآراء الواردة في هذه المقالة تخصّ المؤلّفين حصراً ولا تعكس رأي مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية.

 

القضية: آراء من المجلس، الاقتصاد السياسي، العلاقات الإقليمية
البلد: إيران، الإمارات العربية المتحدة، المملكة العربية السعودية، مصر