الدوحة تطلق النداء للارتقاء بالرعاية الصحية عبر حلول أكثر شمولية وإنصافاً

في عالم يؤثّر فيه التفاوت في الحصول على الرعاية الصحية على حياة الإنسان، أصبحت الحاجة إلى حلول صحية شاملة وعادلة أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى. وتلبية لهذه الحاجة، أطلق مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية ومؤسسة بيل ومليندا غيتس، بالتعاون مع وزارة الخارجية القطرية، مبادرة الدوحة بشأن السياسة الصحية في الجنوب العالمي. ويمثل الاجتماع الافتتاحي… Continue reading الدوحة تطلق النداء للارتقاء بالرعاية الصحية عبر حلول أكثر شمولية وإنصافاً

28 فبراير، 2024
طارق محمد يوسف، الدكتور كريس إلياس

في عالم يؤثّر فيه التفاوت في الحصول على الرعاية الصحية على حياة الإنسان، أصبحت الحاجة إلى حلول صحية شاملة وعادلة أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى. وتلبية لهذه الحاجة، أطلق مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية ومؤسسة بيل ومليندا غيتس، بالتعاون مع وزارة الخارجية القطرية، مبادرة الدوحة بشأن السياسة الصحية في الجنوب العالمي. ويمثل الاجتماع الافتتاحي الذي ينعقد هذا الأسبوع في قلب العاصمة القطرية، الدوحة، لحظة حاسمة في سعينا الجماعي لتحقيق العدالة الصحية.

 

لسنوات عديدة، كان الحوار بشأن الحلول الصحية رهن الجهات المانحة والمنظمات في الشمال العالمي، وقد قوض غياب الثقة بين أطراف المجتمع الدولي التعاون فيما بينها. وقد طغت هذه الدينامية في بعض الأحيان على الرؤى القيمة والأولويات التي نادى بها المسؤولون في مجال الصحة العامة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. في عام 2021، قال رجل الأعمال والمحسن من زيمبابوي سترايف ماسيوا – وهو الآن أحد أمناء مؤسسة بيل ومليندا غيتس – إن سلوك الدول الغنية في خلال الجائجة ساهم بإدامة «بنية عالمية غير منصفة متعمدة».

 

من خلال إطلاق مبادرة الدوحة بشأن السياسة الصحية في الجنوب العالمي، نهدف إلى توفير منصة جديدة للمسؤولين في قطاع الصحة العامة في دول الجنوب العالمي لمشاركة أولوياتهم والتعبير عن التحديات التي تواجههم، وشمل الحلول المحلية التي حددوها في إطار تنفيذ البرامج. يتمتع خبراء الصحة العامة في الجنوب العالمي بالمعرفة والقدرة الضروريتين لتعزيز الوصول إلى الرعاية الصحية. وعند مشاركتهما وتوسيع نطاقهما، يمكن تحقيق تقدم كبير في مجالي الصحة والتنمية، حتى في البيئات النائية والصعبة. إن الاستثمار في البحوث، وتعزيز أنظمة الرعاية الصحية، والدعوة إلى تبني سياسات قائمة على الأدلة، ليست إلا بضعة أمثلة على كيفية العمل معاً لتحسين النتائج الصحية للفئات الأكثر ضعفاً. وهذا ما يترجم تحديداً الهدف من اجتماعنا هذا في الدوحة.

 

ونهدف أيضاً من خلال إطلاق هذه المبادرة إلى إنشاء بيئة لتشارك المعرفة تركز على الحلول القابلة للتطوير في مجال صحة الأم وحديثي الولادة والأطفال، ومن ثم الانطلاق منها لتوسيع خدمات الرعاية الصحية للنساء، وإدارة مكافحة الأمراض المُعدية أو القضاء عليها. على سبيل المثال، لقد أدى التقدم المحقق في مجال صحة الأم والطفل في خلال العقد الماضي إلى ابتكارات وممارسات منخفضة التكلفة وسهلة التنفيذ لمعالجة مضاعفات ما بعد الولادة المسببة للوفاة ومنع حدوثها، مثل النزيف ما بعد الولادة وفقر الدم عند الأمهات. ومن شأن توسيع الوصول إلى هذه الابتكارات أن ينقذ حياة نحو مليوني أم وطفل في العالم بحلول عام 2030، وصولاً إلى 6,4 مليون بحلول عام 2040. ولا يمكن تحقيق هذه الأهداف إلا عندما يقوم المسؤولون والخبراء في مجال الصحة من جميع أنحاء العالم بتبادل المعارف ومشاركة التجارب للتعاون من أجل التوصل إلى حلول تتناسب مع التحديات التي يطرحها كل سياق بطريقة فريدة.

 

هدفنا واضح: الاستماع إلى التحديات الصحية الأساسية وتحديدها ومعالجتها بطرق تعزز التقدم في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وتتماشى مع أهداف التنمية المستدامة التي تركز على العدالة الصحية والوصول إليها. نحن اليوم في منتصف الطريق نحو مهلة تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ونرى بوضوح أن العالم قد خرج عن المسار الصحيح، ولهذا تشتد الحاجة لترجمة كل المعارف التي توصلنا إليها إلى تقدم ملموس وللارتقاء بالرعاية الصحية للجميع.

 

ويقدم النجاح الذي تحققه قطر، وبفضل جهود وزارة الخارجية القطرية، في جمع أصوات من الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا فرصة فريدة ومنصة تشتد الحاجة إليها لتعميق التفاهم والتعاون فيما يتعلق بالممارسات الصحية القادرة على الارتقاء بالمجتمعات والبلدان. وقد أدت قطر، من خلال صندوق قطر للتنمية، دوراً قيماً في السنوات الأخيرة، لا سيما من خلال إنشاء صندوق العيش والمعيشة بقيمة 2,5 مليار دولار أمريكي بالشراكة مع البنك الإسلامي للتنمية والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومؤسسة غيتس. ويقدم الصندوق التمويل الميسر للدول الأعضاء الأكثر ضعفاً في البنك الإسلامي للتنمية من أجل مساعدتها على تلبية احتياجاتها الملحة، بما فيها مكافحة الأمراض المُعدية مثل الملاريا وشلل الأطفال، وضمان عمليات التلقيح الروتيني.

 

وبينما نجتمع هنا لإطلاق مبادرة الدوحة بشأن السياسة الصحية في الجنوب العالمي، دعونا نتذكر أن هذا أكثر من مجرد اجتماع، حيث يشكل هذا الاجتماع الافتتاحي الخطوة الأولى نحو عالم أكثر إنصافاً وشمولية وصحة. هذه المبادرة هي نداء لجميع المعنيين في مجال الصحة العالمية؛ من حكومات ومنظمات دولية وممثلين عن القطاع خاص والمجتمع المدني وأكاديميين. معاً، نستطيع أن نضع حجر الأساس لمسار جديد من التعاون في مجال الصحة العامة تقوده أصوات من الجنوب العالمي لتلبية احتياجات دول الجنوب وشعوبها. التحديات التي ستواجهنا صعبة بلا شك، ولكن ما من مستحيل أمام عزمنا الجماعي.

 

إنّ الآراء الواردة في هذه المقالة تخصّ المؤلّفَين حصراً ولا تعكس رأي مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية.

القضية: العلاقات الإقليمية
البلد: قطر

المؤلّفون

مدير وزميل أوّل
طارق يوسف هو زميل أوّل ومدير مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية. وكان قبل ذلك زميلاً أولاً ومدير مركز بروكنجز الدوحة وأيضاً زميلاً غير مقيم في برنامج السياسة الخارجية بمعهد بروكنجز في العاصمة الأمريكية واشنطن. وهو أيضاً زميل بحوث في منتدى البحوث الاقتصادية في القاهرة.   شملت حياته المهنية العالم الأكاديمي ومراكز البحوث في كلية الشؤون… Continue reading الدوحة تطلق النداء للارتقاء بالرعاية الصحية عبر حلول أكثر شمولية وإنصافاً
رئيس قسم التنمية العالمية في مؤسسة بيل ومليندا غيتس