يحيى السنوار، زعيم حركة حماس في قطاع غزة، يلوّح لمؤيديه في خلال مسيرة بمناسبة الذكرى الخامسة والثلاثين لتأسيس الحركة، في غزة في 14 ديسمبر 2022. (وكالة الصحافة الفرنسية)

مقابلة: مستقبل حماس تحت قيادة يحيى السنوار

من هو الرئيس الجديد للمكتب السياسي لحماس وكيف سينعكس تعيينه على الحركة نفسها ومفاوضات وقف إطلاق النار؟

13 أغسطس، 2024
بيفرلي ميلتون-إدواردز

في 6 أغسطس الحالي، أعلنت حماس أنّ مجلس شورى الحركة قد عيَن يحيى السنوار، مسؤول الحركة في قطاع غزّة، رئيساً جديداً للمكتب السياسي فيها. وجاء القرار بعد أسبوع واحد من اغتيال إسرائيل للرئيس السابق للمكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، في طهران. في هذه المقابلة، تقدِّم بيفرلي ميلتونإدواردز، الزميلة غير المقيمة في مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية، والمؤلِّفة المشاركة للكتاب حول حماس بعنوان: “Hamas: The Quest for Power (بوليتي برس، 2024)، رؤيتها لتعيين السنوار وانعكاساته على الحركة ومستقبلها. 

 

1. انتُخِب السنوار بالتصويت في مجلس الشورى. هل تعلمين ما إذا كانت هذه العملية قد جرت بالطريقة نفسها التي حكمت التصويت للقيادة السابقة لا سيما في ضوء الظروف التي تواجهها حماس حالياً؟ ماذا يعني صعود السنوار، وهل ينبغي لنا أن نتوقّع تغيّرات في سياسة حركة حماس في خلال فترة رئاسته، بعد قيادته رئاسة قطاع غزّة؟

 

عادة، تستغرق انتخابات القيادة في حركة حماس فترة أطول من الانتخابات التي جرت بعد أقل من أسبوع من اغتيال إسماعيل هنية. تمرّ حماس بظروف استثنائية، والقيادة حالياً هي أكثر أهمّية من أي وقت مضى في ظل الهجوم الوجودي الذي تواجهه الحركة. يشكّل صعود السنوار إلى رأس الهرم التنظيمي في حركة حماس رسالة واضحة إلى إسرائيلرسالة تحدٍ وتصميم من أجل مواصلة نضالهم نيابة عن الشعب الفلسطيني ضد المحتل الإسرائيلي. 

 

في منصبه الجديد، قد تشهد الحركة تغييرات في التكتيكات السياسية في المرحلة الجارية. يوجد اختلافات كبيرة بين تجربتَي هنية والسنوار مع عدوهما الإسرائيلي، والتي بلا شكّ شكّلت وجهات نظرهما في مدى القدرة على الثقة بنظرائهما السياسيين مثل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. 

 

فضلاً عن ذلك، نُفِي هنية من قطاع غزّة منذ العام 2017، ومن حينها ركّز على الاتصالات الخارجية والديناميات السياسية في المنطقة وخارجها، وهذا ما لم يفعله السنوار. ومع ذلك، سيتوازن موقف السنوار مع ديناميات أخرى أوسع ضمن فريق القيادة، الذي يضمّ خالد مشعل وخليل الحية وموسى أبو مرزوق. 

 

2. أمضى السنوار أكثر من عقدين في السجون الإسرائيلية وتعرّف عن كثب إلى المجتمع والسياسة والأمن في إسرائيل. ماذا نعرف عن رؤيته وإستراتيجيته، وكيف تختلف عن تلك التي تبنّاها بعض من أسلافه؟

 

كما أوضحت بالتفصيل في الكتاب الجديد الذي شاركت في تأليفه عن حماس، كان للسنوار تأملاته العميقة عندما كان أسيراً في المعتقل الإسرائيلي، وأخبرنا: «أرادوا أن يكون السجن قبراً لنا. طاحونة لإرادتنا وتصميمنا وأجسادنا». ومع ذلك، تبدو إرادته لا تقهر. في يوم إطلاق سراحه في العام 2011، بعد 22 عاماً من السجن، ألقى السنوار خطاباً في تجمّع حاشد في غزّة للاحتفال بحرّيته وتعهّد بالإفراج عن جميع السجناء الفلسطينيين بـ«خطة فورية» وتوفير جميع الموارد اللازمة لها. 

 

تتركّز رؤيته وإستراتيجيته على هدف حماس المتمثّل في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي بكل الوسائل المتاحة. بالنسبة إلى السنوار، ليس مسموحاً أن يبرز أي مؤشر عن الضعف، فهو أكثر تشدّداً من هنية وغيره من قادة حماس. وفي هذا الصدد، هو أقرب إلى الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، أحد مؤسّسي حركة حماس، الذي اغتالته إسرائيل في غزّة في العام 2004، أسوة بمؤسّسها الشيخ أحمد ياسين. لقد ولد السنوار ونشأ في غزة، ونادراً ما سافر إلى الخارج وانخرط بالطريقة نفسها التي ينخرط بها نظراؤه في الوقت الحاضر. وهذا يعني أن نظرته للعالم تركّز على غزّة أولاً، وعلى معاناة سكانها البالغ عددهم 2,3 مليون نسمة، والمقاومة التي يقودها من أجل حرّيتهم 

 

3. ماذا عن المحادثات الرامية إلى إطلاق سراح الأسرى ووقف إطلاق النار؟

 

قد يعتبر البعض تعيين السنوار حجر عثرة، ولكنّه في الواقع كان لاعباً رئيساً في كل المفاوضات التي جرت بوساطة لإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين وإيصال المساعدات الإنسانية إلى كامل قطاع غزّة في مقابل إعادة الأسرى الإسرائيليين ومن جنسيات أخرى.

 

والواقع هو أنّ بفضله أطلِق سراح أكثر من 100 أسير في أواخر نوفمبر الماضي، وحصل الأسرى الفلسطينيين على حرّيتهم، ووصل بعض من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. ويعلم الجميع بما في ذلك القيادة السياسية الإسرائيلية، ورئيس الموساد ديفيد برنياع، ورئيس الشاباك رونين بار، ورئيس وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وليام بيرنز أنّ السنوار لم يؤدِ دوراً حيوياً في تلك المفاوضات فحسب، بل كان دوره حاسماً في الوصول إلى تلك الأيام الثمينة من «الهدوء» في قطاع غزّة. 

 

أمّا بالنسبة إلى المفاوضات الحالية لوقف إطلاق النار في غزة، والدور الذي قد يؤدّيه في تهدئة التوتّرات في أماكن أخرى في المنطقة، يلقي رؤساء الأمن في إسرائيل والكثير من أعضاء إدارة بايدن باللوم على نتنياهو وليس السنوار لتعريضه الاتفاق للخطر. وبالتالي، نتنياهو هو المتهم بالتخريب. 

 

ومن هنا، يتعرّض أمن نتنياهو وجيشه واستخباراته للتقويض، في خضم المفاوضات التي تتوسّط فيها قطر، بسبب تصرّفات رئيس الوزراء الإسرائيلي السيئة النيّة. ويعتبر اغتيال هنية أحد هذه التصرّفات التي أدّت إلى انتخاب السنوار خلفاً له. وتجدر الإشارة إلى أنّ السنوار عرض على نتنياهو في السابق اتفاقاً لوقف إطلاق نار طويل الأمد. 

 

4. من الواضح أنّ أحداث 7 أكتوبر وما تلاها شكّل تحوّلاً جذرياً بالنسبة إلى قطاع غزة وأهلها وللحركة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل وحماس. بعد 10 أشهر، كيف تتوقّعين أن تخرج حماس من هذه الحرب؟ هل ستبقى الحركة على حالها أم ستتغيّر جذرياً؟ وكيف ستستجيب للسياق السياسي الجديد؟

 

إن أحداث 7 أكتوبر، والحرب التي اشتعلت في أعقابها، تجعل مستقبل فلسطين وإسرائيل، إلى جانب بقية منطقة الشرق الأوسط، غير واضح. تعهّد المسؤولون الإسرائيليون بتدمير حماس. ولا يوجد أدنى شكّ في أنّ حماس ستخرج من الحرب بشكل متغيّر. 

 

وعلى الرغم من روايات «النصر» التي تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي وقنوات تيليغرام بعد كل ضربة تشنّها حماس ضد أعدائها المجهّزين والمموّلين والمُدربين بشكل أفضل بكثير، لا بدّ أن نعترف بأنّ جناحها العسكري كتائب عز الدين القسام قد استُنزف وتراجع. ومع ذلك، إنّ قدرة قادة كتائب القسام على إعادة التجمّع وإطلاق الصواريخ ومحاربة قوات العدو بشكل متكرّر حتى تصل إلى طريق مسدود على الأرض في قطاع غزة يعني أنّها بعيدة كل البعد من الانتهاء. وما لم يُعترف بحماس سياسياً في نظام ما بعد الحرب، فمن المؤكّد أنّ التمرد قادم. 

 

لقد أمضت حماس شهور وسنوات وعقود كثيرة في العمل مع الفصائل الفلسطينية الأخرى من أجل البقاء كجزء من الإجماع السياسي القائم على المطالبة بتأمين الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وفقاً لأفق سياسي يتضمّن صيغة للدولة والاعتراف الدولي. وإذا لم يُطرح أي حل سياسي، وظلّت احتمالات الاحتلال والحصار الإسرائيلي وحدها مطروحة، لن يختلف ردّ حماس عمّا عرفناه دوماً. وكما قال لي أحد زعمائها أيمن نوفل ذات يوم: «العالم في عجلة من أمره، أمّا نحن في حماس فلسنا كذلك». 

 

 

إنّ الآراء الواردة في هذه المقالة تخصّ المؤلّف حصراً ولا تعكس رأي مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية.

القضية: عدوان إسرائيل على غزة
البلد: إيران، فلسطين

المؤلف

زميلة أولى غير مقيمة
بيفرلي ميلتون-إدواردز هي زميلة أولى غير مقيمة في مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية. تركّز بحوثها على الإسلام السياسي في الشرق الأوسط وحوكمة قطاع الأمن في البلدان المتأثّرة بالصراعات. وهي أيضاً مستشارة أولى للسياسات تعمل منذ أكثر من 20 عاماً كمستشارة لدى الاتحاد  الأوروبي وعدد من الحكومات، منها وزارة الخارجية القطرية.   وكانت ميلتون-إدواردز سابقاً زميلة… Continue reading مقابلة: مستقبل حماس تحت قيادة يحيى السنوار