عيّن أمير دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد الصباح، الذي تولّى الحكم في أواخر العام الماضي، حكومة جديدة مؤخّراً. وقد أتى ذلك في أعقاب قراره بحلّ مجلس الأمة الكويتي وتعليق عدد من مواد الدستور لمدة أربع سنوات بعد الانتخابات التي شهدت تغييرات طفيفة في تركيبة البرلمان. في هذه المقابلة ضمن سلسلة “مقابلات أفكار”، تقدّم دانيا ظافر، الخبيرة في الشؤون الجيوسياسية الخليجية ، تحليلاً للآثار المحتملة لهذه التطوّرات على السياسة الداخلية والخارجية الكويتية.
ما هي العوامل التي دفعت أمير الكويت الى حل والتعليق مجلس الأمة الكويتي
الكويت هي موطن لأعرق مجلسٍ تشريعي في منطقة الخليج وأكثرها حيوية، غير أنّ الأزمات السياسية المتكرّرة أدّت إلى عقودٍ من التعديلات الحكومية وحل البرلمان. يمكن أن يُعزى قرار أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الصباح الأخير بحلّ البرلمان وتعليق مواد دستورية لفترةٍ طويلة إلى غياب الاستقلاليّة على مستوى الدولة لإجراء الإصلاحات الاقتصادية الضرورية. ينجم جزءٌ كبير من التدهور الاقتصادي عن الأزمة المستمرّة بين الحكومة المعيّنة وأعضاء البرلمان الكويتي. بالإضافة إلى ذلك، لقد أجّجت الخلافات حول التعيينات الوزارية مشاعرَ الإحباط.
تجدر الإشارة إلى أنّ قرار حل والتعليق مجلس الأمة الكويتي يأتي في الوقت الذي تقوم فيه سائر دول مجلس التعاون الخليجي بإصلاح اقتصاداتها بسرعة بغية تحقيق سلسلةٍ واضحة من الأهداف الوطنية، في حين أنّ الكويت تخلّفت إلى حد بعيد على الصعيد الاقتصادي. في هذا السياق، إنّ الأمير محق في التشديد على أنّ الإصلاح الاقتصادي يشكّل ضرورة أمنية وطنية. لكن السؤال الي يُطرح هنا هو ما إذا كانت الكويت قادرة على إصلاح اقتصادها في غضون أربع سنوات أو أقل.
أعلن أمير دولة الكويت رؤيته عن قدرة الحكومة الجديدة بشأن القطاع العام والإصلاحات الاقتصادية الضرورية
سيشكّل إصلاح الاقتصاد الكويتي تحدّياً كبيراً. صحيح أنّ الأزمة البرلمانية قد ساهمت بشكلٍ كبير في تأخّر الاقتصاد الكويتي، لكن لا بدّ من أن تعالج الحكومة تحديات منهجية أوسع لكي تتمكّن تحقيق إصلاحٍ فعلي. ففي السابق، لم يؤدِّ حل البرلمان الكويتي لفترات طويلة في العامين 1976 و1986 إلى إحراز تقدّم كبير في الإصلاحات، لكن باتت الإصلاحات الاقتصادية ضرورة ملحّة اليوم أكثر من أي وقت مضى في السبعينات والثمانينات، تدفعها شريحة واسعة من الشباب والحاجة الماسة إلى التحوّل في مجال الطاقة والتقدّم التكنولوجي السريع.
سيتطلّب تحقيقُ الحوكمة الفعّالة تعزيزَ بنى الحوكمة وزيادة المساءلةـ، ما من شأنه أن يعكس التزاماً راسخاً بالقضاء على الفساد، الذي لا يزال يشكّل مسألةً متفشية في الكويت ويتجاوز المجال البرلماني. علاوةً على ذلك، تعمل الحكومة الكويتية باستقلاليةٍ أقل بكثير للدولة على القطاع الخاص مقارنةً بالدول الخليجية الأخرى، ما يحدّ من قدرتها على تنفيذ الإصلاحات بقيادة الدولة. تُعيق هذه العوامل مجتمعةً قدرة الكويت على إصلاح اقتصادها بالطريقة نفسها التي تمكّنت الدول الخليجية الأخرى من القيام بها.
سياسة الكويت الداخلية الجديدة وعلاقاتها مع دول مجلس التعاون الخليجي
يمكن القول إنّ حلّ البرلمان الكويتي يُشكّل جزءاً من اتّجاه إقليمي وعالمي على نطاقٍ أوسع. ويشير إلى تراجع الليبرالية وتغيير المعايير في جميع أنحاء العالم. ويوحي صمت الولايات المتحدة الجلي إزاء الشؤون البرلمانية الكويتية بتحوّلٍ عميق. فبعدما تمكّنت الولايات المتحدة من دفع قوتها الناعمة قدماً من خلال تعزيز الديمقراطية، تبدو الآن منشغلة بالتشبّث بالقوة الصلبة بغض النظر عن العواقب.
على الصعيد الإقليمي، لطالما تمتّعت الكويت بعلاقات متينة وودّية مع نظرائها الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي. وقد حافظت القيادةُ الكويتية بمهارة على روابط ممتازة مع الدول الخليجية الأخرى، متجاوزةً الاختلافات السياسية. بالتالي، من غير المرجّح أن يُغيّر حلّ البرلمان أو تعليق الدستور هذه الدينامية. في الواقع، من المرجّح أن تنظر دول خليجية أخرى إلى هذه الخطوة بشكلٍ إيجابي وتستمرّ في دعم هذا التغيير، لا سيما أنّ البرلمان الكويتي القوي لم يتبنَّ رؤى الدول الخليجية الأخرى بشأن الحوكمة السياسية.
إنّ الآراء الواردة في هذه المقالة تخصّ المؤلّفة حصراً ولا تعكس رأي مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية.