أكّد حزب الله في 28 سبتمبر مقتل أمينه العام حسن نصر الله في غارةٍ إسرائيليّة عنيفة على الضاحية الجنوبيّة لبيروت. يأتي اغتيال نصر الله في أعقاب سلسلةٍ من الإجراءات التصعيديّة شملت تفجير أجهزة “البيجر” التي زعزعت شبكة إتّصالات الحزب واغتيال عددٍ من كبار قادته، بالإضافة إلى قصف لبنان على نطاقٍ واسع، ما أدّى إلى خسائر في الأرواح بالمئات. فيما تحشد إسرائيل قواتها الآن على حدودها الشماليّة، تُطرح أسئلة جمّة حول المرحلة المقبلة. في هذه المقابلة مع “أفكار”، تنظر لينا الخطيب، الخبيرة البارزة في شؤون حزب الله والأمن الإقليمي، في تداعيات مقتل نصر الله وآخر التطوّرات المتعلّقة بالحزب وحساباته الإستراتيجيّة.
1. تكبّد حزب الله خسائر فادحة على مستوى قيادته في الأسابيع القليلة الماضية، كان أبرزها مقتل أمينه العام في 28 سبتمبر. كيف تُقيّمين وضع الحزب من وجهة نظر تشغيليّة، وكم من الوقت سيستغرق تعافيه؟
ما زالت ترسانة حزب الله كبيرة، لكنّ قدرته على استخدامها باتت رهناً بالقيود وضبط النفس. في الواقع، يمتنع الحزب عن استخدام الأسلحة الثقيلة لأنّه لا يريد إشعال حرب شاملة مع إسرائيل. كما أنّ الحزب مقيّد لأنّ أيّ عمليّة عسكريّة معقّدة وكبيرة تتطلّب استخدام تكنولوجيا الاتّصالات التي اخترقتها إسرائيل، وتستلزم أيضاً قيادةً صلبة أضعفتها إسرائيل إلى حدّ بعيد من خلال الاغتيالات المنهجيّة. سيستغرق حزب الله وقتاً طويلاً لاستعادة بعض قدراته، لكنّه لن يتمكّن من النهوض مجدداً بشكلٍ كامل في المستقبل، خلافاً لتعافيه بعد حرب تموز 2006 ضدّ إسرائيل.
2. إذا شنّت إسرائيل غزواً برّياً في هذه المرحلة، هل تعتقدين أنّ حزب الله سيتمكّن من الدفاع بشكلٍ فعّال؟ أو هل يستطيع الدفع باتّجاه اتّفاق لوقف إطلاق النار يُفاوض بموجبه على إعادة الانتشار؟
في حال قرّرت إسرائيل شنّ غزو برّي، فستجد نفسها في مستنقع لأنّ حزب الله، رغم خسائره الفادحة، لا يزال يتمتّع بأفضليّة تكتيكيّة في حربٍ برّية غير متكافئة. لقد تمكّن الحزب من محاربة إسرائيل على مدى عقدين تقريباً في خلال الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان علماً أنّ موارده كانت أقلّ من الآن. وسيبقى قادراً على استخدام خبرته الواسعة لحشد دفاع متين ضد إسرائيل في حال نفّذت توغّلاً برّياً. في هذا السيناريو، ستمّكنه خبرته وبنيته التحتيّة في الجنوب من مواصلة القتال لفترةٍ طويلة، ما قد يعني أنّ شمال إسرائيل سيبقى غير آمن.
3. هل تعتقدين أنّ أحداث الأيام القليلة الماضية تؤثّر في السياسة اللبنانيّة بشكلٍ كبير وفي مكانة حزب الله فيها؟
لقد ترجم حزب الله قوّته العسكريّة إلى سيطرةٍ سياسيّة في لبنان. وعلى الرغم من الجهود النستمرّة لإضعافه، سيبقى الحزب الجهة السياسيّة المسلّحة الوحيدة في لبنان ويظلّ بالتالي جهةً فاعلة قادرة على ترهيب خصومها السياسيين. غير أنّ مسار الأحداث يُشير إلى بداية تراجعٍ تدريجي لنفوذ إيران الإقليمي في الشرق الأوسط. سيمرّ بعض الوقت قبل أن تتجلّى الصورة لكنّ النتيجة قد تكون إعادة ضبط ميزان القوى في لبنان في حال كثّف المجتمع الدولي جهوده لإعادة بسط سيادة الدولة وهيبتها.