روسيا تتلاشى قبضتها:

كيف تنعكس حرب أوكرانيا على نفوذ موسكو في الشرق الأوسط؟

موجز قضية، سبتمبر 2023
زميل أوّل غير مقيم

النقاط الرئيسية

 

ثبات روسياالإستراتيجي: في خضم الحرب المستمرّة، يبقى دور روسيا في الشرق الأوسط مستقرّاً نسبياً. وتحافظ موسكو بفعالية على نفوذها الإقليمي الذي يتجلّى بشكلٍ خاص في مناطق الصّراع، مثل سوريا وليبيا. ومع ذلك، فإنّ نفوذها لدى الجهات الفاعلة الإقليمية تضاءل. 

 

حوافز الحياد الإقليمي: تستخدم روسيا حوافز لتشجّع دول الشرق الأوسط على الالتزام بتوازنها الجيوسياسيّ بشأن الحرب. وتهدف موسكو، من خلال تقديم أدوار مختلفة لهذه الدول، إلى منع الانحياز إلى المواقف والعقوبات الغربيّة. 

 

الحياد النشط في الشرق الأوسط: إنّ حياد دول المنطقة بشأن الحرب لا يعني موقفاً سياسياً سلبياً أو اعتماد نهج عدم التدخل. بل يشير إلى الدبلوماسية النشطة لدول المنطقة لاستعراض مكانتها الدولية وتعزيز علاقاتها مع الجهات غير الغربية ومع دول الجنوب العالمي.  

 

السرديّة العالميّة مقابل الرؤية الإقليميّة: لقد تبنّى الغرب إلى حدّ كبير سردية عالمية في ما يتعلّق بحرب أوكرانيا. إلّا أنّ الديناميكيّات على المستوى الإقليمي هي التي أثّرت في المقام الأول في سياسات الجهات الفاعلة غير الغربية.  

 

إحياء العالم الغربيّ وغير الغربيّ على حدّ سواء: لقد قامت الحربُ بإحياء الغرب وحلف شمال الأطلسي، وزادت التماسك داخل التحالف وأعطته شعوراً جديداً بالهدف. لكنّها أحيت الحرب أيضاً فكرة الجنوب العالمي والحياد في الشؤون الدولية. ويتجلّى ذلك في أنّ أربع دول من بين الدول الأعضاء الستة الجديدة في مجموعة البريكس هي من الشرق الأوسط. 

 

نفوذ روسيا قد يتضاءل في ظلّ استمرار الحرب: على الرغم من نفوذ روسيا والقفزة المؤقّتة في حجم التبادل التجاري مع المنطقة، ومع استمرار الحرب وتعمّق المواجهة الروسية الغربيّة والعزلة المرتبطة بها، فمن المرجّح أن يتضاءل نفوذ روسيا الإقليمي تدريجياً. وستعزّز ذلك الضغوط المتزايدة على الموارد الروسية نتيجةً للغزو وضعف أداء الأسلحة الروسيّة في أوكرانيا. 

 

 

المقدّمة:

تمثّل الحرب على أوكرانيا لحظةً مفصليّة في الشؤون الدولية. فقد دفعت بالتنافس بين القوى العظمى وسياسات القوة إلى مقدّمة السياسة العالمية. وأعادت تعريف طبيعة العلاقات بين روسيا والغرب وأثّرت في الوثائق الإستراتيجية والمفاهيم الأمنية الخاصّة بحلف شمال الأطلسي، ممّا وضع موسكو حتماً في معسكر عدو الحلف.

 

وعلى نحوٍ مماثل، تمثّل هذه الحرب أيضاً لحظة محوريّة في سياسة روسيا تجاه الشرق الأوسط. فمنذ تدخّلها العسكري في الصراع السّوري في سبتمبر من العام 2015، زادت موسكو بشكلٍ مطّرد من مكانتها وحضورها في الشؤون الإقليمية، وتحديداً في الأمن الإقليمي. وقد أدّت دوراً حاسماً في مناطق الصراع الإقليمية، سواء في سوريا أو ليبيا، وعزّزت روابطها مع القوى الإقليمية. وقد حدث ذلك في وقتٍ كان نفوذ الولايات المتحدة الإقليمي يشهد فيه تضاؤلاً والعلاقات مع الشركاء الإقليميّين التقليديّين، مثل تركيا والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، تعترضها الأزمات بشكلٍ متزايد. وقد ساهم تغيّر مكانة موسكو وواشنطن في الشؤون الإقليميّة في تحديد سياسة الدول الإقليميّة إزاء غزو أوكرانيا. وتنخرط دول المنطقة في عملية توازن بين روسيا والغرب في ما يتعلّق بالحرب، يقودها استياء دول المنطقة من الولايات المتحدة والضرورات الجيوسياسية الإقليمية، الأمر الذي يثير سخط الغرب.

 

يرى موجز القضيّة هذا أنّ الحرب لم تغيّر حتى الآن مكانة روسيا في الشرق الأوسط بشكلٍ كبير. إذ تسعى موسكو جاهدةً للحفاظ على تأثيرها ونفوذها على الساحة الجيوسياسية الإقليمية قدر الإمكان. بالإضافة إلى ذلك، تعمل موسكو على تحفيز هذه الدول للحفاظ على توازنها – بالتالي عدم تبنّيها الموقف الغربي وللعقوبات – من خلال تيسير أدوار مختلفة لها في ظلّ استمرار الحرب. وعلى الرغم من هذا المشهد، تستمرّ الحرب وتزداد عزلة روسيا الدوليّة. ويرى هذا الموجز بأنّه من المرجّح أن يتضاءل النفوذ الروسي تدريجياً وتتراجع هيبة الأسلحة الروسيّة في الشرق الأوسط.

 

 

جذور عمليّة التوازن في دول الشرق الأوسط

إنّ عملية التوازن التي تقوم بها دول الشرق الأوسط هي نتيجة عوامل متعدّدة ومترابطة. أولاً، تشير هذه السياسة إلى الاستياء من الغرب، وتحديداً الولايات المتحدة. وقد توسّعت الفجوة بين الولايات المتحدة وعدد من دول الشرق الأوسط على مدى العقد الماضي، وخاصّة في السنوات الأخيرة. والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وتركيا خير دليل على ذلك، إذ على ما يبدو أنّها ترى أنّ الولايات المتحدة لا تهتم باحتياجاتها الأمنية. على سبيل المثال، ترى الرياض أنّ الولايات المتحدة لا تأخذ مخاوفها الأمنية تجاه إيران واليمن وهجمات الحوثيين على الأراضي السعوديّة على محمل الجد.1 وعلى نحوٍ مماثل، ترى تركيا أنّ الدّعم الأمريكي لحزب الاتحاد الديمقراطيّ الكردستانيّ /وحدات حماية الشعب يشكّل تهديداً مباشراً لأمنها القومي.2 علاوة على ذلك، رأت أنقرة الدّعم الأمريكي لما بدا في السّابق وكأنّه إطار عمل ناشئ للطاقة والأمن في شرق البحر الأبيض المتوسط، والذي استبعد تركيا، على أنّه سياسة احتواء ناعمة تتبعها واشنطن تجاه أنقرة.3 ويظهر هنا منطق الردّ بالمثل. بالنسبة إلى الكثير من الدول الإقليمية، إن لم تكن الولايات المتحدة صريحة بشأن المخاوف الأمنية لهذه الدول، فإنها لن تستجيب لمطالب الولايات المتحدة ورغباتها. لذلك، تدلّ عمليّة التوازن الجيوسياسي، من بين أمور أخرى، على الاستياء من الولايات المتحدة.4

 

ثانياً، يؤثّر وجود روسيا المتزايد في المنطقة وعلاقاتها الوثيقة مع عدد من الدول الإقليمية في سياسة التوازن التي تعتمدها هذه الدول. منذ التدخّل العسكري الروسي في سوريا في العام 2015، وسّعت موسكو دورها الأمني الإقليمي من خلال مناطق صراع مختلفة، تحديداً في سوريا وليبيا،5 وأيضاً في ناغورني قره باغ.6 وعلى الرّغم من أنّ هذه الأزمة الأخيرة لا تقع مباشرة ضمن جغرافية الشرق الأوسط كما هي معروفة، إلّا أنّها تمثّل جبهةً جديدةً في المنافسة الجيوسياسية في الشرق الأوسط، وتحديداً بين تركيا وإيران وإسرائيل وكذلك روسيا. وفي حين تدعم تركيا وإسرائيل الجانب الأذربيجاني – وخاصة من خلال توفير طائرات مسلّحة بدون طيار 7 – فعلت إيران الأمر عينه لأرمينيا8 – وهو عامل يؤدّي إلى توتّر العلاقات بين باكو وطهران.9 وفي سياق المنافسة التركيّة الإيرانيّة، ينبغي النظر إلى جنوب القوقاز والشرق الأوسط على أنّهما مساحة متكاملة لا منطقتين مختلفتين.

 

أدّى دور موسكو المتزايد في مناطق الصراعات الإقليميّة أو في إدارة هذه الصراعات إلى زيادة تفاعلاتها مع الدول الإقليمية مثل تركيا وإيران والإمارات العربية المتحدة ومصر وإسرائيل. على سبيل المثال، تعتبر تركيا وايران وإسرائيل قضيّة سوريا قضية أمنٍ قومي. وتستخدم روسيا دورها في سوريا بمهارة لبناء علاقة اعتماد مع هذه الدول أو تعزيز الروابط معها. ومن خلال عملية أستانا – التي أطلقتها تركيا وروسيا وإيران في الأيام الأخيرة من شهر ديسمبر 2016 – انخرطت الجهات الفاعلة الثلاثة في درجة واسعة من إدارة الصراع. في الواقع، من خلال هذه المبادرة، أعادت هذه الجهات تصميم خريطة الصراع في البلاد بطريقة أعمق ممّا أحرزته عملية جنيف بقيادة الأمم المتحدة.10

 

وقد أعربت تركيا مؤخّراً عن انفتاحها على تطبيع العلاقات مع نظام الأسد.11 مرّة أخرى، نصّبت روسيا نفسها رقيبة لأي تطبيع محتمل – وعُقد أول اجتماع لوزراء الخارجية بين تركيا وروسيا وسوريا وإيران في موسكو في 10 مايو 12.2023 وبينما شارفت عملية أستانا على نهايتها، قامت كلّ من موسكو وأنقرة وطهران ودمشق بتشكيل لجنة رباعية لتمهيد الطريق للتطبيع بين تركيا وسوريا، إلّا أنّ الأمر لا يزال مستبعداً كثيراً. وقد أصبحت سوريا جبهة نشطة في المواجهة الإيرانيّة الإسرائيليّة. وقد هاجمت إسرائيل عدداً من الأهداف الإيرانية التابعة لحزب الله في البلاد.13 ونظراً للدور الروسي في سوريا، تحتاج إسرائيل إلى الحفاظ على علاقات جيّدة مع موسكو.

 

 

روسيا: البناء على دورها الأمني في مناطق الصراع

في بداية حرب أوكرانيا، أثيرت التساؤلات حول ما إذا كانت روسيا قادرة على الحفاظ على وجودها أو على مستوى انخراطها في الصراع في سوريا. وتمثّل الأسئلة ذات الصّلة في ما إذا اضطرت موسكو إلى تقليص وجودها في سوريا، فمن سيملأ هذا الفراغ وكيف سينعكس ذلك على مكانة روسيا في المنطقة؟ لقد ظهر مع الوقت أنّ روسيا لم تنسحب من سوريا بأيّ شكلٍ من الأشكال. فقد أصبح دور موسكو الحاسم في الصراع السوري رمزاً لمكانتها في حدّ ذاته – قوة عظمى يمكنها بشكل أساسي رسم مسار أزمة دوليّة كبرى والحفاظ على مصالحها في سوريا.

 

ولذلك، فإنّ الفشل في سوريا أو الانسحاب منها لم يكن خياراً بالنسبة إلى روسيا. وعلى الرّغم من ذلك، وضعت الحرب الأوكرانية ضغوطاً على الموارد الروسية. وردّاً على ذلك، حوّلت روسيا تركيزها نحو مصالحها الرئيسية في غرب سوريا وقلّصت من وجودها في وسط سوريا، حيث يمكن القول إنّ إيران والميليشيات المتحالفة معها أخذت دور روسيا.14 في جنوب غرب سوريا، وهي منطقة ذات أهميّة إستراتيجيّة لإسرائيل، يبدو أنّ إيران تحظى بحضور أكثر أهمية في الآونة الأخيرة.15 وتماشياً مع عملية إعادة الانتشار هذه، وبالنظر إلى الوجود الروسي المحدود في جنوب غرب سوريا ووسطها، “من المتوقّع أن تزيد إيران من نفوذها الاقتصاديّ والسياسيّ” في هاتين المنطقتين.16 بالإضافة إلى ذلك، كلّما خضعت موسكو للاختبار، كانت تؤكّد على دورها في سوريا. على سبيل المثال، في يوليو 2022، أرسلت موسكو كتيبة إضافية من قوات المظلّات والدفاع الجويّ إلى شمال سوريا بعد أن أشارت تركيا إلى أنّها قد تقوم بتوغلّ عسكري آخر في المنطقة.17

 

ووفقاً لتصريحات أدلى بها مؤخّراً قائد القوات الجوية الأمريكية في الشرق الأوسط، الجنرال أليكس غرينكويتش، فإنّ حجم الوجود العسكريّ الروسيّ في سوريا قد استقرّ في الغالب بعد عمليات إعادة الانتشار الأولية.18 وبالتالي، تحتفظ موسكو من خلال تشبّثها بدورها في سوريا، ولو بطريقة معدّلة، بمصادر نفوذ وأشكال من الترابط مع الدول الإقليمية، والتي تؤثّر في سياسات هذه الدول إزاء الحرب الأوكرانيّة. ومع ذلك، فمن المرجّح أن يؤدّي استمرار الحرب في أوكرانيا إلى تقوية نفوذ الدول الإقليمية بشكلٍ تدريجيّ في تعاملاتها مع موسكو.

 

وربما يظهر السيناريو نفسه بين روسيا وجهات فاعلة إقليميّة، مثل مصر والإمارات العربية المتحدة وتركيا والتي تنخرط في الصراع الليبيّ. وقد دعمت موسكو، شأنها شأن القاهرة وأبو ظبي، قوات خليفة حفتر الذي نصّب نفسه مشيراً، أي قوات الجيش الوطني الليبي. وحافظت موسكو كذلك على قنوات مفتوحة مع جهات فاعلة في غرب ليبيا، وتتمتّع بوجود عسكري على الأرض، معظمه من خلال مجموعة فاغنر. بالإضافة إلى ذلك، وقبل مؤتمر برلين حول ليبيا في 19 يناير 2020، حاولت أنقرة وموسكو إطلاق عمليّة دبلوماسيّة، إلّا أنّها باءت بالفشل حيث غادر خليفة حفتر موسكو من دون التوقيع على المذكرة المشتركة التي صمّمتها أنقرة وموسكو.19 بمعنى آخر، حاولت روسيا وتركيا استباق الجهات الغربية في عمليّة دبلوماسية بشأن ليبيا، من خلال الاستفادة من تجربتهما في سوريا. إلّا أنّ هذا المسعى لم يتحقّق.

 

وقد شكّلت موسكو، من خلال قوّتها العسكريّة والدبلوماسيّة، فضلاً عن شبكة من العلاقات مع لاعبين إقليميي، جهة فاعلة خارجيّة مؤثّرة في الصّراع في ليبيا. وقد تزامنت بداية حرب أوكرانيا مع فترة تطبيع إقليميّ بين خصوم سابقين في الشرق الأوسط. وقد ظهرت هذه التهدئة بوضوح في ليبيا حيث امتنعت الجهات الخارجية المتنافسة جميعها عن تصعيد التوترات. وقد أدّت هذه الهدنة أو التهدئة في الصّراع إلى خفض أثر الحرب نسبياً على الوجود الروسي في ليبيا. ومع ذلك، ونظراً للوجود الكبير لقوات فاغنر في البلاد، قد يكون لتمرّد فاغنر الأخير في يونيو ووفاة قائدها، يفغيني بريجوزين، في حادث تحطّم طائرة مشكوك فيه في 23 أغسطس، أثراً ضاراً على دور روسيا في ليبيا.20

 

على الرغم من هذه التطورات، كان على الدول الإقليمية، عند صياغة سياستها تجاه روسيا وسط الحرب في أوكرانيا، أن تأخذ بعين الاعتبار آثار هذه السياسات على مصالحها ووجودها في مناطق الصراع الإقليمية هذه، والتي خلقت أشكالاً ودرجات مختلفة من التبعيات الأمنية بين روسيا وهذه الدول.

 

ثالثاً، قامت روسيا والدول الإقليمية بتعزيز العلاقات الاقتصادية وعلاقات الطاقة ضمن إطار منظّمة الدول المصدرة للنفط أوبك+، الذي تؤدّي فيه المملكة العربية السعوديّة وروسيا دوراً مؤثّراً وتتعاونان في القطاعات الإستراتيجية، مثل التكنولوجيا النووية.21 وكما يظهر في الرسم البياني 1، عزّزت الحرب الروابط الاقتصادية بين روسيا ودول إقليمية متعدّدة. وفي الواقع، ربما ترغب هذه الدول البناء على عزلة روسيا المتزايدة من خلال محاولة جذب المزيد من الأموال الروسيّة والسائحين الروس. على سبيل المثال، منذ بداية الحرب، أصبحت دبي الوجهة الرئيسية للثروات الروسية. إذا يستخدم الأثرياء الروس دبي “كوسيط لتحويل الأموال بين روسيا وأوروبا” بعد فرض العقوبات على روسيا.22

 

وفي مارس 2022، تمّ إدراج دولة الإمارات على القائمة “الرمادية” لمجموعة العمل المالي (FATF)، وهي منظّمة حكوميّة لمكافحة الجرائم الماليّة العالميّة.23 وصرّحت إليزابيث روزنبرغ، مساعدة وزير الخزانة الأمريكيّة لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب والجرائم الماليّة، في مارس 2023 أنّ الإمارات العربيّة المتّحدة شكّلت “بلد تركيز” بالنسبة إلى الولايات المتّحدة.24 وفي مارس 2023، ألغى مصرف الإمارات المركزي ترخيص فرع بنك MTS الروسي، بعد أن خضع لعقوبات بريطانيّة وأمريكيّة في فبراير.25 وفي خلال العام 2022، ارتفع حجم التبادل التجاري بين روسيا والإمارات العربيّة المتّحدة بنسبة 68 في المئة. ويبدو أنّ هذا الازدهار في التبادل التجاريّ ناجم عن إعادة تصدير الإمارات للسلع التي لم تتمكّن روسيا من الحصول عليها في السوق الدوليّة بسبب العقوبات. وزادت المبيعات الإماراتيّة للقطع الإلكترونيّة إلى روسيا – التي تخضع لعقوبات دوليّة متعدّدة – 15 ضعفاً في خلال العام 26.2022

 

الرسم البياني 1: التبادل التجاريّ بين روسيا والدول الخليجيّة (ملايين الدولارات)

المصدر: صندوق النقد الدولي، إحصاءات وجهة التجارة.27

 

التحفيز على الحياد

رابعاً، تعمل روسيا أيضاً على تحفيز دول المنطقة، مثل الإمارات العربيّة المتّحدة والمملكة العربيّة السعوديّة وتركيا، للحفاظ على سياستها الحاليّة بطرق مختلفة، ما يمنعها من التعامل مع جهات فاعلة غربية. وتطمح كل من هذه الدول لأن يكون لها دور ونفوذ ومكانة على الساحة العالمية. وتستغلّ موسكو هذه التّطلعات والمساعي من خلال السماح لهذه الدول بتأدية أدوار مختلفة في الحرب، وإن كانت محدودة. على سبيل المثال، يبدو أنّ موسكو توافق على كلّ من يرغب في تأدية دور دبلوماسي أو دور الوسيط/الميسّر، لا سيّما من العالم غير الغربي، حيث رفضت إمكانية الوساطة السويسرية، التي دعا إليها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي،28 مشيراً إلى أنّ سويسرا فقدت حيادها عندما “تبنّت عقوبات الاتحاد الأوروبي بسبب غزو أوكرانيا وتجميد الأصول الروسيّة بقيمة 7,5 مليار فرنك سويسري (8,36 مليار دولار)”.29 وذلك لا لأنّ موسكو تبحث بصدق عن حلّ دبلوماسيّ للحرب، بل لأنّ القيام بذلك يخدم المصالح الروسيّة. يرى عدد من الدّول غير الغربيّة أنّ روسيا منفتحة على الحلّ الدبلوماسيّ، في حين يبدو الغرب وكأنّه غير قابل للتقديم التنازلات. ويزيد ذلك من حدّة الانقسام إزاء مسألة أوكرانيا.

 

 

حياد الشرق الأوسط النشط بشأن الحرب

وتوخّياً للدقة، حاولت دول إقليميّة، مثل تركيا والمملكة العربيّة السعوديّة والإمارات العربيّة المتّحدة، أو لا تزال تحاول تأدية دور دبلوماسي لإنهاء الحرب. وعلى نحو مماثل، لقد سهّلت هذه الدول الثلاثة تبادلاً للسجناء بين روسيا والدول الغربيّة، وخاصة الولايات المتّحدة. ووفقاً لوزارة الخارجيّة السعوديّة، تدخّل شخصياً الحاكم الفعلي للمملكة العربيّة السعوديّة، محمد بن سلمان، في إطلاق سراح عشرة جنود دوليين أسرتهم روسيا في أوكرانيا.30 تمّ نقل السجناء – خمسة منهم بريطانيون واثنان من المواطنين الأمريكيين – جواً من روسيا إلى المملكة العربيّة السعوديّة قبل إطلاق سراحهم.31 والأهم من ذلك من الناحية الرمزية، أن المملكة العربيّة السعوديّة استضافت، في أغسطس 2023، قمة سلام في جدّة بشأن حرب أوكرانيا بحضور ممثلين عن 40 دولة بما في ذلك الولايات المتّحدة والصين وعدد من دول الجنوب العالمي وأعضاء مجموعة البريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) باستثناء روسيا،32 ممّا ساهم في تعزيز مكانتها الدوليّة وأبرز استقلالها في سياستها الخارجيّة والأمنيّة. وكانت هذه المرّة الأولى التي تحضر فيها الصين قمّة مماثلة – ممّا يؤكّد على علاقات الرياض الوثيقة مع بكين – التي لم تحضر محادثات مماثلة في كوبنهاغن.33 وفي الوقت عينه، أدّت الإمارات دوراً في إطلاق سراح لاعبة كرة السلة الأمريكية بريتني غرينر، التي كانت محتجزة في روسيا قبل فترة وجيزة من غزو أوكرانيا. وشكّلت غرينر جزءاً من عمليّة تبادل أسرى شملت تاجر الأسلحة الروسي فيكتور بوت، الذي كان محتجزاً في الولايات المتّحدة. وقد تمّ تبادل الأسرى في أبو ظبي.34

 

وعلى نحو مماثل، يسّرت تركيا عمليّة تبادل السجناء بين الولايات المتّحدة وروسيا. جرت عمليّة التبادل بين الطيار الروسي كونستانتين ياروشينكو وجندي البحريّة الأمريكي السابق تريفور ريد في تركيا.35 وقام أردوغان بعمليّات التفاوض على هذا التبادل، وشكرت واشنطن وموسكو علنياً أنقرة عليه.36 وفي نوفمبر 2022، استضاف رئيس المخابرات التركيّة آنذاك ووزير الخارجيّة الحالي هاكان فيدان رئيسي وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وجهاز المخابرات الخارجية الروسي لعقد اجتماع وجهاً لوجه في أنقرة.37 وفي يوليو 2022، أدّت تركيا أيضاً دوراً رئيسياً، إلى جانب الأمم المتّحدة، في التوسّط في صفقة الحبوب عبر البحر الأسود مع روسيا وأوكرانيا، وهو أمر مهمّ للغاية من ناحية التّخفيف من تحدّيات الأمن الغذائي العالمي. وبعد انسحاب روسيا بشكلٍ منفرد، من هذه الصفقة في 17 يوليو 2023،38 تبنّت أنقرة دبلوماسيّة نشطة لإعادة موسكو إلى الساحة ووضعت حزمة جديدة من المقترحات مع الأمم المتّحدة لإعادة إحياء الصفقة.39 وفي 4 سبتمبر 2023، التقى الرئيس التركي أردوغان مع الرئيس الروسي بوتين في سوتشي لإحياء صفقة الحبوب. ولم تستسلم موسكو في هذه النقطة حتى الآن، إذ تصرّ على تلبية شروطها لتصدير منتوجها من الحبوب والأسمدة إلى الأسواق العالمية،40 وليس أقلّها “إعادة ربط المصرف الحكومي للزراعة (روسيلخوزبنك) وليس شركة تابعة له، كما اقترحت الأمم المتحدة، بنظام الدفع المصرفي الدولي سويفت”.41 ومن خلال السماح لهذه الدول بالقيام بأدوارٍ مماثلة، فإن روسيا تحفزّها على عدم الاقتراب من الموقف الغربي/الأمريكي بشأن الغزو.

 

وأخيراً، يبدو أنّ عدداً من الدول غير الغربيّة، بما في ذلك دول من الشرق الأوسط، نظرت إلى هذه الحرب على أنّها مواجهة روسيّة غربيّة أكثر منها غزو موسكو لأوكرانيا. وقد غذّى ذلك بروزُ بُعد حلف شمال الأطلسي والتركيزُ على العداء بين الحلف وروسيا في خلال الحرب. وقد ركّزت الرواية الروسيّة للحرب بشكل كبير على وجهات نظر الغرب/ الولايات المتّحدة/ حلف شمال الأطلسي، فصوّرتها على أنّها صراع روسي غربيّ، إلى حد إنكار دور أوكرانيا تقريباً. ونتيجة لهذا الوصف، يعتبر الكثيرون في العالم غير الغربي هذه الحرب مظهراً من مظاهر التنافس بين القوى العظمى وليس غزواً روسياً لأوكرانيا وانتهاكاً صارخاً لسيادتها.

 

وقد أثّر ذلك أيضاً في تشكيل تصوّر النخبة السياسيّة والمجتمعيّة في الشرق الأوسط والعالم غير الغربي لهذه الحرب، بحيث من المرجّح أن يسعد تراجع الهيمنة الغربيّة في الشؤون الدوليّة هذه النخب. وترتكز هذه النقطة الأخيرة على أنّه في حال تراجعت الهيمنة الغربيّة في السياسة العالميّة، فيمكن لذلك أن يزيد من استقلاليّة الجهات الفاعلة الاقليميّة ومساحة المناورة لديها، مما يجعل طبيعة علاقاتها مع الغرب والولايات المتّحدة أقل هرميّة. بالإضافة إلى ذلك، يستغلّ عدد كبير من الناس في المنطقة تاريخ الاستعمار الغربي وذكراه والمعايير المزدوجة، سواء كان الغزو الأمريكي للعراق أو احتلال إسرائيل المستمر للأراضي الفلسطينيّة.

 

 

الرسم البياني 2: نسب واردات القمح من روسيا وأوكرانيا (بالقيمة المالية) في العام 2020

المصدر: مبادرة الإصلاح العربي.42
ملاحظة: الدول العربية المختارة هي الأكثر اعتماداً على واردات القمح من روسيا وأوكرانيا. لا يشمل هذا الاختيار البلدان المصدّرة للنفط.

 

مكانة تضمحلّ

وعلى الرغم من محاولة موسكو الحفاظ على مكانتها في الشؤون الإقليميّة، إلّا أنّ حرب أوكرانيا أثّرت في جاذبيّة المعدّات العسكريّة الروسيّة بالنسبة إلى دول المنطقة. ويناقش البعض بأنّ “فشل الأسلحة الروسيّة الذريع في تحقيق اختراقات على الخطوط الأماميّة في أوكرانيا، فضلاً عن مخاطر العقوبات الثانويّة قد منع موسكو من إبرام صفقات أسلحة جديدة مع المملكة العربيّة السعوديّة أو الإمارات العربيّة المتّحدة”.43 ومن غير المرجّح أن تقتصر هذه الصورة على صفقات الأسلحة بين روسيا ودول مجلس التعاون الخليجي فحسب. على سبيل المثال، اشترت تركيا سابقاً منظومة الصواريخ الروسيّة من طراز إس-400، الأمر الذي أحدث صدعاً عميقاً في العلاقات التركيّة الأمريكيّة.44 ومع ذلك، بعد الأداء الباهت للأجهزة والمعدّات العسكريّة الروسيّة في أوكرانيا، من المستبعد أن تُعيد أنقرة شراء منظومة أسلحة متطورة أخرى من روسيا في أي وقت قريب. علاوة على ذلك، تعمل الدول الغربيّة الآن على تشديد عقوباتها على الصناعة الدفاعية الروسيّة.45

 

بالإضافة إلى ذلك، يركّز المجمّع الصناعي العسكري في موسكو في المقام الأول على تلبية احتياجات الجيش الروسي المتزايدة. وكما يوضّح الرسم البياني 2، كانت حصّة روسيا في سوق الأسلحة في دول مجلس التعاون الخليجي متواضعة للغاية في أحسن الأحوال، إن لم تكن ضئيلة، عند مقارنتها بتجارة موسكو للأسلحة مع دول إقليميّة أخرى، مثل الجزائر أو مصر. باختصار، لقد أضعفت هذه الحرب هيبة صناعة الدفاع والأسلحة الروسيّة. ومن المرجح أن يوجّه هذا العامل، إلى جانب العقوبات الغربيّة والاحتياجات المحليّة لروسيا، ضربة لصادرات الصناعة الدفاعيّة الروسيّة.

 

الرسم البياني 3: قيمة صادرات الأسلحة الروسية إلى دول مختارة، بين العامين 2013 و2022 (بالملايين من قيم مؤشر الاتجاهات*)

المصدر: قاعدة البيانات لنقل الأسلحة من معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.46
ملاحظة:
*لا تمثّل قيمة مؤشر الاتجاه (TIV) أسعار مبيعات تجارة الأسلحة. وهو إجراء يسمح بمقارنة حجم عمليات النقل الدولية للأسلحة التقليدية الرئيسية باستخدام وحدة مشتركة.
**بيانات عُمان لاغية على مرّ السنين، وبالتالي فإنّ إجمالي قيمة مؤشّر الاتجاه مع دول مجلس التعاون الخليجي لا يشمل عُمان.

 

ومع استمرار الحرب، تزداد تكلفتها بالنسبة إلى روسيا بشكلٍ كبير، وتتعمّق التوترات بين موسكو والغرب والعزلة المرتبطة بها. وتطال هذه التكلفة مستويات متعدّدة مثل القطاع العسكريّ والاقتصاديّ والإنسانيّ والسياسيّ والدبلوماسيّ. على سبيل المثال، يصعب تحديد حجم الخسائر التي طالت المعدّات العسكريّة الروسيّة وعدد الضحايا. ومع ذلك، وفقاً لمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، “من الواضح أنّ مستويات خسائر المعدات في أوكرانيا غير مسبوقة بالنسبة إلى روسيا ما بعد الاتحاد السوفيتي”.47 ويعني ذلك بدوره أنّ نفوذ موسكو يضعف نسبياً عند التعامل مع القوى الإقليمية في الشرق الأوسط وخارجه.

 

ومع إطالة أمد الحرب، ستحاول هذه الدول الاستفادة من عزلة روسيا الدولية والصعوبات التي تواجهها – على سبيل المثال، كانت الهند إحدى الدول التي استفادت الأكثر من مشاكل موسكو وعزلتها الدوليّة، من خلال استيراد النفط من روسيا بأسعار مخفّضة للغاية. ويوضح الرسم البياني 4 أنّ شراء الهند للنفط الروسي في فترة ما قبل الحرب كان محدوداً، إلّا أنّ الحجم تضاعف منذ ذلك الحين. وبالتالي كانت موسكو تسيطر على التعامل مع القوى الإقليمية قبل الحرب. إلّا أنّه منذ اندلاع الحرب، لم تعد هذه العلاقات غير متكافئة لصالح روسيا كما كانت من قبل. ولذلك، فإن مسألة التبعية وعدم التكافؤ في العلاقة ما بين روسيا والجهات الفاعلة الإقليمية غير ثابتة وتتغير مع التطورات الجديدة، وخاصة مع اندلاع الحرب في أوكرانيا.

 

 

الرسم البياني 4: معدّل واردات الهند شهرياً من النفط من روسيا (ملايين البراميل يومياً)

المصدر: بلومبرغ نيوز، باستخدام بيانات من كبلر.48

 

 

أخيراً، يُعدّ تمرّد فاغنر عاملاً 49 آخر من شأنه أن يؤثّر سلباً في مكانة روسيا في المنطقة، وذلك لسببين رئيسيين.50 أولاً، كان هذا التمرّد بمثابة ضربة قويّة لصورة روسيا/بوتين، ممّا زاد من التساؤلات حول قوة سلطة بوتين ومستقبلها. ونظراً للعلاقات الوثيقة بين تصوّرات النخبة وصنع السياسات، فإنّ الرأي القائل بأنّ قبضة بوتين على السلطة في موسكو قد لا تكون آمنة، كما كان يُعتقد سابقاً، لا يبشّر بالخير بالنسبة إلى موقف الرئيس الروسي في السياسة الإقليمية.51 ويخفّف موت قائد مجموعة فاغنر، يفغيني بريجوزين، نتيجة تحطّم طائرة مشكوك فيه، بشكلٍ جزئيّ فقط من مشكلة صورة موسكو النّاجمة عن هذا التمرّد.

 

ثانياً، لقد أدّت مجموعة فاغنر دوراً مهمّاً في المغامرات العسكريّة الروسيّة بدءاً من سوريا وصولاً إلى ليبيا والسودان. وتوخياً للدقّة، تتّسم مجموعة فاغنر بالغموض، ممّا يجعل جمع البيانات عنها وعن نشاطها أمراً صعباً للغاية. ومع ذلك، ووفقاً لتقرير حديث أعدّته لجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم في المملكة المتحدة، “يمكن تحديد عمليّات الشبكة العسكريّة في سبع دول على الأقلّ (أوكرانيا، وسوريا، وجمهورية أفريقيا الوسطى، والسودان، وليبيا، وموزمبيق، ومالي)، مع التأكيد بدرجة متوسّطة أوعالية بأنّ الشبكة قد شاركت بصفة غير عسكريّة في 10 دول أخرى منذ العام 2014”.52 ونظراً لهذا الحضور الواسع، يبدو من الواضح أنّ المجموعة قد شكّلت أداة مهمة في السياسة الروسية تجاه مناطق الصراع والدول الهشّة. وبعد التمرّد ووفاة قائد فاغنر، يُطرح عدد من الأسئلة حول مستقبل المجموعة. في هذه المرحلة، من المنطقي أن نتوقع أن تقلّل روسيا من الاستعانة بهؤلاء المقاتلين، وتستبدلهم بقوات بديلة مع مرور الوقت، في مناطق الصراع أو الأزمات، مما قد يجبر الجيش الروسي على سدّ الفجوة التي قد تنشأ نتيجة ذلك.

 

خلاصة القول، منذ بداية الحرب في أوكرانيا، حافظت روسيا إلى حدّ كبير على دورها في الشرق الأوسط، وتنخرط جهات فاعلة إقليميّة في عملية توازن جيوسياسيّ بين موسكو والغرب. ومع استمرار الحرب، وتفاقم التكلفة المرتبطة بها وتزايد عزلة روسيا، تتضاءل قوّة موسكو على المساومة تجاه الجهات الفاعلة الإقليمية. وإذا نظرنا إلى المستقبل، فمن المحتمل أن يؤدّي الضغط على الموارد الروسيّة فضلاً عن العلاقات الدولية إلى تقليص دور موسكو الإقليمي. ومع ذلك، لن يعني تراجع تواجد موسكو بالضرورة زيادةً في النفوذ الإقليمي الغربي. بدلاً من ذلك، من المرجّح أن تقوم الجهات الفاعلة الإقليمية بسدّ الفجوة بنفسها، والاستمرار في تنويع علاقاتها الدوليّة من خلال تعزيز العلاقات مع القوى العالميّة غير الغربية ودول الجنوب العالمي، فيما تعيد تحديد علاقاتها مع الغرب في الوقت نفسه، وتحديداً الولايات المتحدة الأمريكيّة.

 

 


الهوامش
1 Javier Blas, “What the New ‘Saudi First’ Policy Means for Oil and Power,” Bloomberg News, October 28, 2022, https://www.bloomberg.com/opinion/articles/2022-10-28/davos-in-the-desert-what-new-saudi-first-policy-means-for-oil-and-power.
2 “Turkey says U.S. support for Syrian Kurdish YPG ‘not befitting’ of an ally,” Reuters, May 31, 2017. https://www.reuters.com/article/us-mideast-crisis-turkey-usa-idUSKBN18R2TA.
3 Galip Dalay, Turkey, Europe, and the Eastern Mediterranean: Charting a Way Out of the Current Deadlock, Policy Brief, (Doha, Qatar: Brookings Doha Center, January 28, 2021), https://www.brookings.edu/articles/turkey-europe-and-the-eastern-mediterranean-charting-a-way-out-of-the-current-deadlock/.
4 Galip Dalay, “Why Turkey Is in a Unique Position to Mediate,” CNN, March 29, 2022, https://edition.cnn.com/2022/03/29/opinions/turkey-mediator-russia-ukraine-dalay/index.html.
5 Institute for Policy and Strategy, Wilson Center, and Kennan Institute, Russia in the Middle East: National Security Challenges for the United States and Israel in the Biden Era, Report (Washington, D.C.: Wilson Center, May 6, 2021), https://www.wilsoncenter.org/sites/default/files/media/uploads/documents/Russia%20Challenge%20in%20the%20Middle%20East%20FINAL.pdf.
6 Anton Troianovski, “In Bitter Nagorno-Karabakh War, a Reordering of Regional Powers,” New York Times, February 25, 2021, https://www.nytimes.com/2020/11/10/world/europe/armenia-azerbaijan-nagorno-karabakh.html.
7 “Turkish, Israeli Made Drones Gave Azerbaijan Upper Hand, German Media Argues,” Daily Sabah, November 20, 2020, https://www.dailysabah.com/business/defense/turkish-israeli-made-drones-gave-azerbaijan-upper-hand-german-media-argues.
8 Fuad Shahbazov, “Iran’s Drone Exports to Armenia Could Undermine Peace Process in Karabakh,” The Jamestown Foundation: Eurasia Daily Monitor, December 16, 2022, https://jamestown.org/program/irans-drone-exports-to-armenia-could-undermine-peace-process-in-karabakh/.
9 Fuad Shahbazov, “Will Azerbaijan–Iran Tensions Reach Point of No Return?,” Amwaj.media, March 3, 2023, https://amwaj.media/article/will-azerbaijan-iran-tensions-reach-point-of-no-return.
10 Galip Dalay, “From Astana to Sochi: How De-Escalation Allowed Assad to Return to War,” Middle East Eye, February 20, 2018, https://www.middleeasteye.net/opinion/astana-sochi-how-de-escalation-allowed-assad-return-war.
11 Galip Dalay, “Turkey’s New Syria Narrative,” Middle East Council on Global Affairs: Afkār (blog), October 24, 2022, https://mecouncil.org/blog_posts/turkeys-new-syria-narrative/.
12 Diyar Güldoğan, “Turkish Foreign Minister Soon to Head to Moscow for Syria Talks,” Anadolu Ajansi, May 9, 2023, https://www.aa.com.tr/en/europe/turkish-foreign-minister-soon-to-head-to-moscow-for-syria-talks/2892873.
13 See for instance, Yoni Ben Menachem, “Israel Has Stepped Up Attacks on Iranian, Hezbollah Targets in Syria,” Jewish News Syndicate, April 4, 2023, https://www.jns.org/israel-has-stepped-up-attacks-on-iranian-hezbollah-targets-in-syria/.
14 Hamidreza Azizi, The Impact of the Ukraine War on Iran-Russia Relations in Syria, Expert Brief, (Istanbul: Al Sharq Strategic Research, June 17, 2022), 5–6, https://research.sharqforum.org/2022/06/17/iran-russia-relations-in-syria/.
15 Mona Yacoubian, “Ukraine’s Consequences Are Finally Spreading to Syria,” War On The Rocks, January 10, 2023, https://warontherocks.com/2023/01/ukraines-consequences-are-finally-spreading-to-syria/.
16 Azizi, The Impact of the Ukraine War, 7.
17 Anton Mardasov, Keeping Up Appearances: The Ukraine War’s Effect on Russian Deployments in Syria, (Washington D.C.: Middle East Institute, December 16, 2022), https://www.mei.edu/publications/keeping-appearances-ukraine-wars-effect-russian-deployments-syria.
18 Jared Szuba, “Ukraine War at Year 1: Russia-Iran Alignment Threatens Delicate Middle East Balance,” Al-Monitor, February 24, 2023, https://www.al-monitor.com/originals/2023/02/ukraine-war-year-1-russia-iran-alignment-threatens-delicate-middle-east-balance#ixzz7uRUCANDt.
19 “Libya’s Haftar leaves Moscow without signing ceasefire agreement,” Al Jazeera, January 14, 2020, https://www.aljazeera.com/news/2020/1/14/libyas-haftar-leaves-moscow-without-signing-ceasefire-agreement.
20 Mohamed Eljarh, “Libya factions reassess Wagner’s operations in light of mutiny in Russia,”AL-Monitor, July 3, 2023, https://www.al-monitor.com/originals/2023/06/libya-factions-reassess-wagners-operations-light-mutiny-russia; Andrew Osborn and Maxim Rodionov, “Wagner boss Yevgeny Prigozhin listed in Russian plane crash with no survivors,” Reuters, August 24, 2023, https://www.reuters.com/world/europe/ten-killed-private-jet-crash-north-moscow-tass-2023-08-23/.
21 Kristian Coates Ulrichsen, Mark Finley, and Jim Krane, The OPEC+ Phenomenon of Saudi-Russian Cooperation and Implications for US-Saudi Relations, Research Paper (Texas, U.S.: Baker Institute for Public Policy, October 18, 2022), https://www.bakerinstitute.org/research/opec-phenomenon-saudi-russian-cooperation-and-implications-us-saudi-relations.
22 Brian Rohan, “In the UAE, Russians Fleeing Ukraine War Seek Success in ‘Dubaisk,’” Washington Post, November 17, 2022, https://www.washingtonpost.com/world/2022/11/17/uae-dubai-russia-ukraine-war/.
23 Lisa Barrington, “Financial Crime Watchdog Adds UAE to ‘grey’ Money Laundering Watch List,” Reuters, March 4, 2022, https://www.reuters.com/world/middle-east/fatf-adds-uae-grey-money-laundering-watchlist-2022-03-04/.
24 James Politi, “US Launches New Crackdown on Russian Sanctions Busting,” Financial Times, March 2, 2023, https://www.ft.com/content/19341a0a-56a2-4e57-a807-a57c365f1eb1.
25 “UAE Cancels Licence for Russia’s Sanctioned MTS Bank,” Reuters, March 31, 2023, https://www.reuters.com/world/middle-east/uae-cancels-license-russias-sanctioned-mts-bank-branch-2023-03-31/.
26 Jean-Pierre Filiu, “UAE Is on Team Russia in War against Ukraine,” Le Monde, April 2, 2023, https://www.lemonde.fr/en/russia/article/2023/04/02/uae-is-on-team-russia-in-war-against-ukraine_6021450_140.html.
27 International Monetary Fund Direction of Trade Statistics, “Macroeconomic and Financial Data,” accessed September 11, 2023, https://data.imf.org/regular.aspx?key=61013712.
28 “Zelensky’s Swiss parliament speech boycotted by right wingers,” swissinfo.ch, June 15, 2023, https://www.swissinfo.ch/eng/zelensky-s-swiss-parliament-speech-boycotted-by-right-wingers/48592932.
29 “Ambassador: Moscow won’t accept Swiss mediation in Ukraine war,” swissinfo.ch, June 30, 2023, https://www.swissinfo.ch/eng/business/ambassador–moscow-won-t-accept-swiss-mediation-in-ukraine-war/48630954.
30 Dan Sabbagh, “Saudi Foreign Minister Defends Role in Securing Ukraine Prisoner Swaps,” The Guardian, September 23, 2022, https://www.theguardian.com/world/2022/sep/23/saudi-foreign-minister-defends-role-in-ukraine-prisoner-swaps-khashoggi.
31 Dan Sabbagh, “Aiden Aslin among 10 International ‘Prisoners of War’ Released by Russian Authorities,” The Guardian, November 22, 2022, https://www.theguardian.com/world/2022/sep/21/aiden-aslin-among-five-uk-nationals-released-by-russian-backed-forces.
32 “Saudi Arabia kicks off Ukraine talks that exclude Russia,” Al Jazeera, August 5, 2023, https://www.aljazeera.com/news/2023/8/5/saudi-arabia-kicks-off-ukraine-talks-that-exclude-russia.
33 Andrew Gray and Tom Balmforth, “China to attend talks on Ukraine in Saudi Arabia that exclude Russia,” Reuters, August 4, 2023, https://www.reuters.com/world/europe/ukraine-seeks-global-support-peace-blueprint-saudi-talks-2023-08-03/.
34 Richard Luscombe and Andrew Roth, “Brittney Griner Freed from Russian Prison in Exchange for Viktor Bout,” The Guardian, December 9, 2022, https://www.theguardian.com/world/2022/dec/08/brittney-griner-russia-us-prisoner-swap-viktor-bout.
35 Associated Press, “Ex-Marine Trevor Reed Freed from Jail in Dramatic US-Russia Prisoner Swap,” The Guardian, April 27, 2022, https://www.theguardian.com/world/2022/apr/27/us-russia-prisoner-exchange-trevor-reed-moscow-yaroshenko.
36 “US, Russia thank Turkiye for its role in prisoner swap deal,” Middle East Monitor, April 28, 2022, https://www.middleeastmonitor.com/20220428-us-russia-thank-turkiye-for-its-role-in-prisoner-swap-deal/.
37 Seda Sevencan, “US, Russian Spy Chiefs Met in Turkish Capital, Say Intelligence Sources,” Anadolu Ajansi, November 14, 2022, https://www.aa.com.tr/en/politics/us-russian-spy-chiefs-met-in-turkish-capital-say-intelligence-sources/2737844.
38 The United Nations, “UN chief regrets Russia’s decision to withdraw from grain deal,” UN News, July 17, 2023, https://news.un.org/en/story/2023/07/1138752.
39 Muhammed Enes Çallı, “Turkish foreign minister says new UN proposals could revive Black Sea grain deal,” Anadolu Agency, August 31, 2023, https://www.aa.com.tr/en/russia-ukraine-war/turkish-foreign-minister-says-new-un-proposals-could-revive-black-sea-grain-deal/2980448.
40 Katya Golubkova, “Russia to return to grain deal once all Moscow’s conditions met, Lavrov says,” Reuters, September 10, 2023, https://www.reuters.com/world/europe/russia-return-grain-deal-once-all-moscows-conditions-met-lavrov-says-2023-09-10/.
41 “Russia sticks to demands on Black Sea grain deal, rejects UN bank proposal,” Reuter, September 9, 2023, https://www.reuters.com/world/europe/kremlin-says-it-sticks-conditions-return-black-sea-grain-deal-2023-09-09/.
42 Arab Reform Initiative, “The impact of the Ukraine war on the Arab region: Food insecurity in an already vulnerable context,” March 11, 2022, 2, https://s3.eu-central-1.amazonaws.com/storage.arab-reform.net/ari/2022/03/22134047/Wheat_En_FInal-1.pdf.
43 Samuel Ramani, “One Year on: The GCC’s Balancing Act in the Ukraine War,” The New Arab, March 2, 2023, https://www.newarab.com/analysis/one-year-gccs-balancing-act-ukraine-war.
44 “US sanctions NATO ally Turkey over Russian S-400 defence missiles,” Al Jazeera, December 14, 2020, https://www.aljazeera.com/news/2020/12/14/us-sanctions-nato-ally-turkey-over-russian-missile-defence.
45 Andrius Sytas, “Sanctions hamper Russia’s ability to make advanced weapons, NATO says,” Reuters, September 17, 2022, https://www.reuters.com/world/europe/sanctions-hamper-russias-ability-make-advanced-weapons-nato-says-2022-09-16/.
46 SIPRI Arms Transfers Database, “TIV of Arms Exports from Russia, 2013-2022,” Stockholm International Peace Research Institute, accessed August 16, 2023, https://armstrade.sipri.org/armstrade/html/export_values.php.
47 Max Bergmann et al., Out of Stock? Assessing the Impact of Sanctions on Russia’s Defense Industry, Analysis Report, (Washington, DC: Center for Strategic and International Studies [CSIS], April 14, 2023), 5, https://csis-website-prod.s3.amazonaws.com/s3fs-public/2023-04/230414_Bergmann_Out_Stock.pdf?VersionId=6jfHCP0c13bbmh9bw4Yy2wbpjNnfeJi8.
48 Rakesh Sharma, “Russian Oil to India in June the Cheapest Since War in Ukraine,” Bloomberg News, August 7, 2023, https://www.bloomberg.com/news/articles/2023-08-07/russian-oil-to-india-in-june-the-cheapest-since-war-in-ukraine.
49 مجموعة فاغنر هي شركة عسكريّة خاصّة لها روابط وثيقة بالكرملين، وتمتدّ أعمالها إلى أوكرانيا وأفريقيا والشرق الأوسط. ويشير تمرّد فاغنر إلى خلافات المجموعة مع وزير الدفاع الروسي ورئيس هيئة الأركان، وتحديداً عندما استهدف الجيش الروسي نقطة تابعة لفاغنر في أوكرانيا وقتل عدداً من المقاتلين.
50 See, Foreign Affairs Committee, “Guns for Gold: The Wagner Network Exposed,” Seventh Report of Session 2022–2023, (London: House of Commons,  July 26, 2023), https://publications.parliament.uk/pa/cm5803/cmselect/cmfaff/167/report.html; On the Wagner Mutiny see Niko Vorobyov, “Can Putin Recover from the Wagner Mutiny?,” Al Jazeera, July 11, 2023, https://www.aljazeera.com/features/2023/7/11/can-putin-recover-from-the-wagner-mutiny.
51 Mercedes Sapuppo, “After Wagner: Could the Russian army now turn against Putin?,” Ukraine Alert (blog), Atlantic Council, July 13, 2023, https://www.atlanticcouncil.org/blogs/ukrainealert/after-wagner-could-the-russian-army-now-turn-against-putin/.
52 Foreign Affairs Committee, “Guns for Gold,” 3.