تركيا تعيد الضبط في الشرق الأوسط:

خطوة تسبق إعادة التصعيد؟

ورقة سياسات، أغسطس 2022
زميل أوّل غير مقيم

ملخّص

لقد اعتمدت تركيا سياسة بناء الجسور في أرجاء الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة، بالتناغم مع الاتجاهات السائدة على صعيد المنطقة. وتشمل الدوافع الرئيسية وراء توجّه تركيا الجديدالضرورات الاقتصادية وانحسار الحضور الأمريكي في المنطقة ووصول بايدن إلى سدّة الرئاسة وفكرة أنّ المنطقة تدخل في مرحلة ما بعد الربيع العربي، وكذلك وصول صراعات إقليمية إلى طريق مسدود. بيد أنّ هذه الدوافع، بالإضافة إلى عدة عوامل خاصّة بتركيا، فعّلت عملية إعادة ضبط إقليمية على صعيد أوسع. فعلى الصعيد الجيوسياسي، يشكّل إنهاء التحالف المناهض لتركيا في شرق المتوسّط وتشكيل ثقل موازن للنفوذ الإيراني المسارَين الأبرزَين للسياسة الخارجية التركية الراهنة. وعلى الصعيد الداخلي، وفي ظل وضع اقتصادي متردٍّ، تنوي تركيا إجراء انتخابات بعد سنة من الآن. لذا تتطلّب معالجة التدهور الاقتصادي إعادة ضبط للسياسة الخارجية. علاوة على ذلك، فيما تشكّل التهدئة الاتّجاه السائد في العلاقات بين تركيا من جهة ومنطقة الشرق الأوسط العربية وإسرائيل من جهة أخرى، يلوح التصعيد في أفق العلاقات التركية الإيرانية والتركية اليونانية. وللمحافظة على إعادة الضبط الإقليمية الجارية، من الضروري إدخال تركيا في منتدى غاز شرق المتوسّط وتعزيز المنصّات الإقليمية المعنية بالحوار وإدارة الخلافات وتفادي حرب باردة جديدة بين تركيا والدول الخليجية العربية وإيران.

 

التوصيات الرئيسية:

لدعم التقارب الإقليمي الهشّ بين تركيا وخصومها الإقليميين السابقين وفي الوقت نفسه لمنع تصعيد محتمل في التوترات الإقليمية بين تركيا واليونان وتركيا والدول العربية وإيران، تسلّط هذه الورقة الضوء على التالي:

 

  • إدخال تركيا في منتدى غاز/طاقة شرق المتوسّط: سيسمح ضمّ تركيا إلى المنتدى لأنقرة وأثينا أن تعالجا بعضاً من خلافاتهما من خلال أطر العمل المتعددة الجهات، مما يقلّص احتمال التصعيد بين تركيا واليونان/قبرص.

 

  • تعزيز المنصّات الإقليمية المعنيّة بالحوار وإدارة الخلافات: ينبغي تشجيع المنصّات المعنية بالأمن والتعاون الإقليميين في المنطقة والتي تضمّ أصحاب المصلحة متعددين، بما في ذلك مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة ومنتديات أخرى للحوار والمشاركة.

 

  • تفادي “حرب باردة” جديدة مع إيران: ينبغي أن تكون المعارضة لإيران، ضمن تركيا والدول الخليجية، مرتكزةً على السياسات، ولا ينبغي أن تتحوّل إلى استراتيجية احتواء شاملة قد تؤدّي إلى إنشاء شكل جديد من سياسة المحاور مع ما يرافقها من ديناميات التصعيد في أرجاء الشرق الأوسط.

 

  • سياسة إعادة الضبط لا ينبغي أن تؤدّي إلى ترسيخ السلطوية في أرجاء الشرق الأوسط أو أن تشرّعها: يجب على الشعوب ومجموعات المجتمع المدني التي تؤيّد التغيير والديمقراطية في أنحاء الشرق الأوسط أن تبقى متيقّظة في وجه احتمالية أن تؤدّي تهدئة التوترات الإقليمية إلى السماح للحكومات بزيادة ميولها لممارسة السلطلوية في دولها.

 

المقدّمة

لقد أعادت تركيا دوزنة سياستها بشأن الشرق الأوسط. فهي ترمّم علاقاتها مع خصومها الإقليميّين وتخاطبهم بلغة تتمحور أكثر حول الاقتصاد وتركّز أكثر على التعاون. لكن على الرغم من اللهجة والبوادر التصالحيّة، يبقى الكثير من مصادر التوتّر الكبيرة بين تركيا وأخصامها السابقين بدون حلّ. من هذا المنطلق، كيف يمكن تفسير سياسة إعادة الضبط الإقليمي التي تنتهجها أنقرة؟ تشكّل العوامل التي حثّت على التخفيف من حدّة التوتّر في المنطقة الدافع أيضاً خلف سياسة إعادة الضبط التركية. فالضرورات الاقتصادية وتراجع النفوذ الأمريكي في المنطقة وانطلاقة حكم إدارة بايدن في البيت الأبيض والفكرة أنّ المنطقة قد دخلت في مرحلة ما بعد الربيع العربي والجمود في الصراعات الإقليمية، كلّها عوامل تؤثّر في هذه العملية. بيد أنّ معالم السياسة التي تنتهجها أنقرة ترتسم بمجموعة من الأسباب المتعلّقة بتركياً حصراً أيضاً.

 

فعلى الصعيد الجيوسياسي، يشكّل تفكيك الانحياز القائم ضد تركيا في شرق المتوسّط وموازنة النفوذ الإيراني مصدرَي القلق الأساسيّين للسياسة الخارجية الراهنة في تركيا. وعلى الصعيد الداخلي، تتّجه تركيا نحو انتخابات في العام 2023 في خضمّ أز اقتصادية. وللفوز بالانتخابات، على الحكومة معالجة هذا المأزق، ويتطلّب ذلك إعادة نظر في مسائل السياسة الخارجية. مع ذلك، وعلى الرغم من هذه الضرورات، ما زالت إعادة ضبط تركيا لعلاقاتها مع أخصامها الإقليميين في بدايتها وبالتالي هي طريّة العود. علاوة على ذلك، فيما تظهر بوادر إعادة الضبط بين تركيا والدول الخليجية وإسرائيل، تلوح في الأفق إشارات تفاقُمٍ في علاقات تركيا المضطربة مع إيران واليونان.

 

الخلفية:

لقد سبّب الربيع العربي الشرخ الأعمق والتغيير الأشمل في السياسات الإقليمية منذ نهاية الاستعمار في الشرق الأوسط. وأعطت هذه العملية ذاتها أيضاً مفهوماً جديداً لطبيعة السياسة الشائكة وخطوط الانقسام في المنطقة. فبرزت تحالفات جديدة، فيما انهارت بعض الشراكات القديمة. وغيّرت الانتفاضات أيضاً بشكل جذري سياسة تركيا إزاء الشرق الأوسط ومكانتها فيه. فحلّت مكانَ السياسة التركية التي اعتمدت على تسهيل الوساطة عبر القوّة الناعمة وبناء الجسور والتركيز على الاقتصاد في فترة ما قبل الربيع العربي سياسةٌ جديدة ترتكز على فكرة أنّه ينبغي على أنقرة أن تقود، أو أن تدعم، هذا التغيير الهائل في المنطقة والتحوّل الذي كان ينبغي أن تشهده المنطقة منذ زمن بعيد.1

 

بيد أنّه على مدى العقد الماضي، شكّل الربيع العربي ودور الجهات الفاعلة في الإسلام السياسي في هذه العملية نقاطَ خلاف كبيرة بين تركيا والدول المناهضة للربيع العربي التي ضمّت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتّحدة ومصر (بعد الانقلاب العسكري في العام 2013). وشكّل الموقف المتباين للجهتين كلتيهما حيال الانقلاب المصري في العام 2013 ودور الإخوان المسلمين في السياسة الإقليمية مؤشّرَين واضحَين للشرخَين السياسي والأيديولوجي بينهما. في الواقع، شكّل الربيع العربي تحدياً متعدّد الطبقات للنظام السياسي الداخلي للدولة وللنظام الإقليمي ولدور المنطقة في النظام العالمي. وفي كلّ نقطة من هذه النقاط، كانت تركيا والإمارات العربية المتّحدة والمملكة العربية السعودية ومصر على طرفَي نقيض.

 

وقد تفاقمت هذه الانقسامات السياسية والأيديولوجية بين هذه الجهات أيضاً بفعل الخلافات الجيوسياسية، التي كان أبرز مثال عليها الأزمة الخليجية أو الحصار الذي فُرض على قطر في العام 2017. فلمْ تعتبر تركيا هذا الحصار أزمة ثنائية بين قطر والدول الخليجية المجاورة لها، بل رأته على أنّه نتيجة للربيع العربي وإشارة أخرى على السباق للوصول إلى نظام إقليمي جديد.2 ولو نجحت الدول المحاصِرة في خطّتها، لأصبح دور تركيا الإقليمي محدوداً، إذ كان أحد المطالب الأساسية لدى تلك الدول إغلاق القاعدة العسكرية التركية في الدوحة.3 وفي الكثير من مسارح الصراع الإقليمية الأخرى، على غرار تلك التي في شرق المتوسّط وفي ليبيا، إما تنافست هذه الدول المعارِضة الثلاثة منافسة محتدمة مع تركيا أم دعمت المعسكر المناهض لتركيا. فقد شاركت هذه الدول الثلاثة مثلاً في منتدى الصداقة أو منتدى “فيليا”،4 الذي انطلق في 11 فبراير 2021 بقيادة اليونان والذي أبصر النور نتيجة اعتبارات مناهضة لتركيا. ومن البديهي القول إنّ هذه الدول ذاتها دعمت اليونان في خلافها مع تركيا في شرق المتوسّط.

 

علاوة على الخلافات الأيديولوجية والسياسية والجيوسياسية المعروفة بين هذه الدول وتركيا، وقعت بعض الأحداث المحدّدة التي عكّرت صفو علاقتهما. وكان المثال الأبرز على ذلك مقتل الصحافي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول في العام 2018. وقد سبّبت هذه الجريمة شرخاً عميقاً بين الرياض وأنقرة. فإطلاق تركيا دعوى قضائية بحقّ المرتكبين والكشف عن تفاصيل الجريمة واتّهام ولي العهد محمّد بن سلمان بشكل غير مباشر بإعطاء الأمر بارتكابها5 أوصلت العلاقات التركية السعودية إلى شفير الهاوية. ردّاً على ذلك، فرضت المملكة العربية السعودية فعلياً حظراً اقتصادياً غير معلنٍ على تركيا.6 فتهاوى التبادل التجاري بين البلدين وساءت العلاقات بينهما.

 

أما في ما يخصّ العلاقات بين أنقرة والقاهرة، فقد كان الصوتُ التركي الصوتَ الأعلى في معارضة الانقلاب المصري في العام 2013. فعقب الانقلاب هرب الكثير من شخصيات المعارضة المصرية، من ضمنهم الإسلاميون عموماً لكن ليس حصراً، إلى تركيا.7 وقد جعل هذا الانقلاب والسياسات التركية حيالها العلاقات الثنائيةَ خلافية للغاية. بيد أنّه في السنوات الأخيرة، طغت ثلاثة مواضيع على المحادثات الدبلوماسية بين الدولتَين، ألا وهي الصراع الليبي والأزمة في شرق المتوسّط وتواجد المعارضة المصرية، ولا سيّما وسائل إعلامها، في تركيا. فمع انخراط أنقرة في محادثات مع القاهرة، أسكتت تركيا وسائل الإعلام المصرية المعارِضة الموجودة في إسطنبول والتي يغادر بعضها البلاد.8 ففي 29 أبريل 2022 مثلاً، أعلنت قناة “مكملين” الفضائية عن مغادرتها تركيا بحجة “ظروف لا تخفى على أحد”.9 لكن في ما يخصّ ليبيا وشرق المتوسّط، لا يبدو أنّ العلاقات قد أحرزت تقدماً ملموساً.

 

ومنذ اندلاع الربيع العربي، شهدت تركيا انقساماً حاداً وواسع النطاق مع الإمارات العربية المتّحدة، لأسباب أيديولوجية وجيوسياسية وشخصية على وجه التحديد. فكما أُشير أعلاه، شكّلت مقاربتهما المتناقضة حيال الإسلام السياسي والانتفاضات العربية الشرخ الأيديولوجي/السياسي،10 فيما سبّب موقفهما الخلافي حول الأزمات، من الحصار الخليجي وصولاً إلى السودان وليبيا وسوريا، الانقسام الجيوسياسي. وتمثّل الخلاف الشخصي في العلاقات في انخراط البلدين في حرب المعلومات ودور الإمارات المزعوم في محاولة الانقلاب في تركيا.11 وعلى سبيل المقارنة، وصولاً حتّى مقتل خاشقجي، فيما كانت تركيا كتومة وأكثر تحفظاً في انتقادها للمملكة العربية السعودية، كان انتقادها للإمارات العربية المتّحدة متكرّراً ومباشراً وأعلى صوتاً12.

 

سياسة إعادة الضبط التركية

في السنوات الأخيرة الماضية، ولا سيّما منذ أواخر العام 2020 ومطلع العام 2021، غيّرت تركيا مسار سياستها الخارجية. لقد سعت أنقرة إلى ترميم علاقاتها مع خصومها السابقين، من بينهم الإمارات العربية المتّحدة ومصر والمملكة العربية السعودية وإسرائيل وأرمينيا، في خطوة تحاكي عملية التهدئة في أرجاء المنطقة.

 

لهذه الغاية، وصل الرئيس الإماراتي الشيخ محمّد بن زايد آل نهيان في 24 نوفمبر 2021 إلى تركيا لإصلاح العلاقات المتصدّعة.13 وبادل الرئيس أردوغان ذلك بالمِثل في 14 فبراير 2022 عبر القيام بزيارة مبهرجة إلى الإمارات العربية المتّحدة برفقة وفد كبير، في خطوة مفعمة بالرمزية.14 وكما ذُكر أعلاه، على الرغم من أنّ تركيا شهدت شرخها الأعمق مع الإمارات العربية المتّحدة عقب الربيع العربي، تحرّكت الإمارات العربية المتّحدة بسرعة لترميم العلاقات مع أنقرة.15 في السياق نفسه، زار الرئيس الإسرائيلي أنقرة في 9 مارس 2022، في أوّل زيارة يقوم بها رئيس إسرائيلي منذ العام 2008 16.

علاوة على ذلك، على الصعيد التركي المصري، أقيمت المحادثات الدبلوماسية الرسمية الأولى بين البلدَين في مايو 2021 في القاهرة.17 وأُجريَت محادثات مماثلة في أنقرة. لكن على الرغم من النشاط الدبلوماسي الجاري، لم تشهد الأوضاع أيّ تغيير حتّى الآن. بيد أنّ التحسّن في علاقات تركيا مع الخصوم الإقليميين الآخرين قد يشجّع القاهرة على أن تكون أكثر استجابة. ويبدو أنّ نقطة الخلاف في المحادثات هي ليبيا.

 

وعلى المستوى الانفتاح الدبلوماسي التركي، كانت المملكة العربية السعودية الأكثر تشدّداً في ترميم علاقاتها مع أنقرة، إذ وضعت بعض الشروط المسبقة. وكان من أحد أبرز المطالب التي وجّهتها إلى تركيا أن تُسقط أنقرة الدعوى القضائية في قضيّة خاشقجي التي أقامتها في إسطنبول بحقّ قاتليه. ردّاً على ذلك، أوقفت تركيا القضية وأحالتها إلى المملكة العربية السعودية في أبريل 2022. 18 وأفضى هذا القرار إلى تقدّمٍ في العلاقات وفتْح المجال أمام زيارة أجراها أردوغان إلى المملكة العربية السعودية في 28-29  .أبريل 2022 19التقى في خلالها الملك وولي العهد. وردّ ولي العهد الزيارة20 إلى تركيا في 2 يونيو 2022

 

بالتالي، نظراً إلى مصادر التوتّر المتجذّرة بين تركيا وهذه الدول، كيف يمكن تفسير إعادة الضبط الجارية في علاقاتها؟

 

1. الدوافع الإقليمية الشاملة لسياسة إعادة الضبط في الشرق الأوسط

 

تأتي سياسة إعادة الضبط التي تنتهجها أنقرة نتيجة دوافع إقليمية شاملة ونتيجة عوامل خاصّة بتركيا أيضاً. وأدناه سردٌ للدوافع الأوسع للحدّ من التصعيد على مستوى المنطقة، التي تتأثر بها أيضاً سياسة التطبيع التركية.

 

أولاً، لقد دفع وصول بايدن إلى سدّة الرئاسة في واشنطن وتقليص الولايات المتّحدة المستمرّ لحضورها الإقليمي في الشرق الأوسط بالكثير من الدول في المنطقة إلى إعادة النظر في سياساتها إزاء أعدائها وأصدقائها. علاوة على ذلك، بالنسبة إلى الكثير من دول المنطقة، لا يشكّل تخفيف الولايات المتحدة من التزاماتها الأمنية الإقليمية المشكلة الوحيدة، بل تصوُّر الولايات المتّحدة على أنّها دولة لا يمكن التنبّؤ بتصرّفاتها مسألة أخطر بكثير للكثير من الدول.21 ويفاقم انسحابُ الولايات المتّحدة الكامل من أفغانستان وانسحابُها الجزئي من سوريا والتخفيفُ من التزاماتها الأمنية في العراق هذا التصوّر. ودفعت هذه العوامل الكثير من الدول إلى تحصين خياراتها والانخراط في سياسات موازَنة جيوسياسية بين الولايات المتّحدة/الغرب وروسيا والصين. وبالفعل، لقد أصبحت الصين بشكل متزايد لاعباً أساسياً في الاقتصاد الإقليمي وروسيا لاعباً أساسياً في الأمن الإقليمي.22 في الواقع، من ناحية علاقات الشرق الأوسط مع القوى الدولية، أصبحت المنطقة متعدّدة الأقطاب.23 تجدر الإشارة إلى أنّه في خلال فترة رئاسة ترامب، اختارت الولايات المتّحدة طرفاً في النزاعات الإقليمية. فقد دعمت الكتلة المناهضة لإيران بدون أيّ تحفّظ وبدت أنّها لا تعارض الحصار الذي فُرض على قطر. وكانت هذه السياسة عنصراً مهماً في تفاقم التوتّرات الإقليمية. في المقابل، اعتمدت إدارة بايدن حتّى الآن سياسة البقاء على مسافة واحدة من الجهات الفاعلة الإقليمية المختلفة وتفادت دعم أيّ دولة ضدّ خصومها في السياسة الإقليمية. وقد حثّت السياسة الأمريكية بالبقاء على مسافة واحدة، إن لم تكن سياسة انعزال فعلي، القوى الإقليمية على إعادة النظر في سياساتها السابقة والتهدئة.

 

ثانياً، لقد دفع احتمال التوصّل إلى اتّفاق نووي مع إيران من شأنه أن يجعل طهران أكثر طموحاً في سياستها الإقليمية، بالخصوم السابقين، على غرار تركيا والدول الخليجية وإسرائيل، إلى النظر الواحد إلى الآخر من مناظير جديدة.24 ففي وقت تخفّف فيه الولايات المتّحدة من التزاماتها الأمنية الإقليمية، يمكن أن تشكّل إيران، في حال تحرّرها من العقوبات، تحدياً أمنياً أكبر لخصومها. في الواقع، المعارضة لإيران، أعلنية كانت أم لا، هي نقطة التقاء في التطبيع العربي الإسرائيلي.25 وهذا عامل أيضاً في تحسّن العلاقات التركية الخليجية والتركية الإسرائيلية.

 

ثالثاً، الفكرة أنّ المنطقة قد دخلت في مرحلة ما بعد الربيع العربي تضاءل فيها دور قادة الإسلام السياسي بشكل كبير تُخفّف من تأثير الصراع السياسي والأيديولوجي المحتدم بين تركيا والدول الخليجية ومصر.26 فقد كان ذلك الخلافَ العام بين المعسكر المؤيّد للربيع العربي والمعسكر المناهض له في المنطقة. لكن يجدر لفت الانتباه إلى فارق دقيق هنا. يعاني الشرق الأوسط وَهناً أيديولوجياً، لكنّه لم يدخل مرحلة ما بعد أيديولوجية حتّى الآن. بالتالي، ما زالت كلّ المسائل المتعلّقة بتنظيم العلاقات بين الدولة والمجتمع وبمثلّث الشعب/السياسة/السلطة وبالعقد الاجتماعي غير محلولة بعد. لذا من غير المرجّح إذاً أن تدخل المنطقة في مرحلة ما بعد أيديولوجية في المستقبل القريب.

 

رابعاً، يشكّل الجمود الجيوسياسي في مناطق الصراعات مثل ليبيا عاملاً آخر في التهدئة الإقليمية.27 فتغيُّر الإدارة الأمريكية والتلاقي المتنامي بين الولايات المتّحدة وأوروبا حيال الصراعات الإقليمية، ولا سيما في شرق المتوسّط وليبيا، يعنيان أنّ كلفة التصعيد ستكون أعلى بكثير ممّا لو حصلت في خلال عهد إدارة ترامب. بالتالي، حثّ الجمود السياسي، مقروناً باحتمالات تكبّد تكاليف أعلى بكثير في حال التصعيد، الكثير من الجهات الفاعلة على التخفيف من حدّة خصوماتها وعداواتها28.

 

2. الدوافع الخاصة بتركيا: السياسة الداخلية والجيوسياسات

 

علاوة على هذه الدوافع المرتبطة بالمنطقة، يبرز عاملان محلّي وجيوسياسي خاصّان بتركيا بحدّ ذاتها أثّرا في سياسة إعادة الضبط التي تنتهجها أنقرة. فعلى الصعيد الداخلي، ستُجري البلاد انتخابات بعد سنة وهي واقعة في أزمة اقتصادية حادّة تتفاقم يوماً بعد يوم. وتأتي الأزمة الاقتصادية التركية بشكل جزئي نتيجة سياساتها الخارجية ونشاطها الجيوسياسي. فقد كبّدت الخلافات مع دول الشرق الأوسط والدول الغربية على حدّ سواء أنقرة كلفة اقتصادية عالية. وكما ذُكر سابقاً، الحالة الأبرز هي المقاطعة السعودية غير المعلنة لتركيا عقب مقتل خاشقجي. وتخضع تركيا أيضاً لعقوبات بموجب قانون مكافحة أعداء الولايات المتحدة (المعروف بـ CAATSA) بسبب شرائها أنظمة صواريخ أس-400 الروسية،29 وواجهت أيضاً احتمال التعرّض لعقوبات من الاتّحاد الأوروبي في خلال ذروة الصراع في شرق المتوسّط. وتطول لائحة التداعيات الاقتصادية التي رتّبتها خيارات السياسة الخارجية التركية. بيد أنّه لنيل أيّ فرصة للفوز بالانتخابات المقبلة، ينبغي على الرئيس أردوغان معالجة الوضع الاقتصادي، وللقيام بذلك عليه اعتماد استراتيجية أقلّ تصعيدا في سياسته الخارجية.30 ويظهر المنطق الاقتصادي بوضوح في سياسة إعادة الضبط الإقليمية لدى تركيا. في الواقع، كانت إعادة الضبط التي اعتمدتها تركيا في المنطقة حتّى الآن جدّية وحقيقية أكثر من إعادة الضبط التي تنتهجها مع الغرب.

 

2.1. المنحى الاقتصادي لإعادة ضبط السياسة الخارجية التركية

 

الإمارات العربية المتّحدة هي شريك تركيا التجاري الأكبر بين دول مجلس التعاون الخليجي.31 وبالفعل، فقد تمحورت السردية الرسمية للتقارب الأخير كثيراً حول الاقتصاد. فلمواجهة أزمة اقتصادية متفاقمة، تحتاج أنقرة بشدّة إلى الاستثمارات وإلى ضخّ السيولة. لهذه الغاية، اعتمدت الإمارات العربية المتّحدة مخطّطاً اقتصادياً لتحسين علاقاتها مع تركيا،32 من أبرز بنوده رغبتها بامتلاك حصّة في الصناعات الدفاعية التركية، لكنّ هذا الأمر لم يتحقّق بعد33.

 

أما من ناحية الخطوات الملموسة حتّى الآن، فعدا عن توقيع اتفاقية مقايضة العملة بـ5 مليار دولار مع المصرف المركزي التركي،34 لم تكن الإمارات العربية المتّحدة متعاونة من ناحية تحويل وعدها بالاستثمار الاقتصادي إلى واقع ملموس. ومع أنّ الوعد الإماراتي بالاستثمار الاقتصادي بشرى سارة، يُعتبر توقيت هذه الاستثمارات الموعود بها العنصرَ الأهم بالنسبة إلى أنقرة. فمع اقتراب موعد الانتخابات، تحتاج الحكومة التركية إلى ضخّ سريع للأموال. بيد أنّ الصورة التي رسمتها الإمارات العربية المتّحدة هي أنّها تنوي الاستثمار في تركيا على المدى الطويل وليس على مدى قصيرٍ يدعم حظوظ أردوغان بالفوز في الانتخابات المقبلة.35 لكنّ هذا يتعارض مع حاجات أردوغان.36 والخلاصة هي أنّ تركيا ستحثّ على إنجاز اتّفاقية التجارة الحرّة مع الإمارات العربية المتّحدة التي أعربت أبوظبي عن استعدادها للسير بها. وإن تحقّق ذلك، فقد تزداد أهمّية الإمارات العربية المتّحدة في السياسة الخليجية لدى تركيا بشكل كبير.

 

على صعيد آخر، سبق أن بدأت المملكة العربية السعودية برفع حظرها الاقتصادي غير المعلن، ومن المتوقّع أن تتحسّن العلاقات الاقتصادية الثنائية. بيد أنّ حجم التبادل التجاري بين البلدَين كان متواضعاً، حتّى في أفضل أيامه. وعلى الرغم من إنهاء المملكة هذا الحظر، من غير المرجّح أن تتغيّر الصورة بشكل كبير.37 لكن في حال وقّع المصرفان المركزيان التركي والسعودي اتّفاقية تبادل عملات، فسيكون لهذا الأمر أهمّية. وقد أبرم المصرف المركزي التركي في الخليج صفقات تبادل عملات مع قطر والإمارات العربية المتّحدة، ويهمّه أن يُبرم صفقة مماثلة مع المملكة العربية السعودية. ففي حال حصل ذلك، فهذا سيشير إلى جدّية الفريقَين حيال التزامهما بعملية التطبيع. بيد أنّ زيارة محمّد بن سلمان إلى تركيا لم تفضِ إلى ذلك بعد.

 

ويتمحور عامل ثالث في سردية أردوغان الاقتصادية في تطبيع العلاقات مع إسرائيل حول التعاون في مجال الطاقة بين البلدَين، وذلك من خلال تمرير الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر تركيا والاستفادة بالتالي من عمل أوروبا على الحدّ من اتّكالها على الطاقة الروسية. لكن حتّى لو كان هذا التعاون المحتمل في مجال الطاقة ممكناً، من المرجّح أن يحتاج إلى سنوات ليتبلور بشكل جدّي. ففي هذه المرحلة، تطغى العوامل الجيوسياسية والسياسية بشدّة على هذا التطبيع، ولا سيّما بالنسبة إلى أنقرة، من أجل الحدّ من الرغبة الإسرائيلية في الانضمام إلى المحور المعارض لتركيا في منطقة شرق المتوسّط. ومن المرجّح أنّ تركيا ترى في التطبيع مع إسرائيل وسيلة للتواصل مع الولايات المتّحدة أيضاً. وفي الأشهر المقبلة، من المرجّح للغاية أنّ تتبادل تركيا وإسرائيل السفراء.38 وعلى نحو مماثل، تشكّل العوامل الجيوسياسة دوافع أساسية للدبلوماسية التركية-المصرية أيضاً. فبالنسبة إلى أنقرة، تحتلّ مسألة شرق المتوسّط الأولوية، فيما تحتلّ ليبيا الأولوية بالنسبة إلى مصر. بيد أنّ الروابط الاقتصادية لكلا البلدَين لم تتأثر كثيراً بفعل تباعدهما الدبلوماسي.

 

أخيراً، تأمل تركيا أيضاً أنّ إعادة ضبطها لسياستها الخارجية قد تساعدها على الحدّ من التداعيات الاقتصادية المدمّرة التي تسبّبها الحرب في أوكرانيا على البلاد. فقد استأثر الروس بنسبة 19 في المئة من عدد السياح الذين قصدوا تركيا في العام 2021 والأوكرانيون بنسبة 8,3 في المئة.39 وتشكّل هاتان النسبتان مجتمعتان قرابة ثُلث السياح الذين قصدوا تركيا في تلك السنة. ونظراً إلى أنّ الاجتياح الروسي سيؤثّر سلبياً على الأرجح في السياحة، تحتاج تركيا إلى جذب سيّاح من مناطق أخرى. ويشكّل السيّاح الخليجيون ذوو الإنفاق المرتفع بديلاً جذّاباً. فقد تكون مثلاً الزيادة في رحلات الخطوط الجوّية التركية40 من المملكة العربية السعودية وإليها واستئناف رحلات الخطوط الجوّية السعودية من تركيا وإليها41 دلالة على عهد جديد يرجّح أن يزور فيه عدد أكبر من السعوديين تركيا.

 

2.2. الاتجاه الجيوسياسي للسياسة الإقليمية التركية

 

تتأثّر سياسة التطبيع التي تنتهجها أنقرة برغبة تركيا في تخطّي عزلتها في شرق المتوسّط وبالتالي القضاء على التحالفات المناهضة لتركيا بين دولٍ مثل اليونان ومصر وإسرائيل والإمارات العربية المتّحدة. ويشكّل انفتاح تركيا على مصر وإسرائيل والإمارات العربية المتّحدة تجلّياً لهذه السياسة. فعوضاً عن مواجهة أزمة في شرق المتوسّط بين تركيا ومجموعة من الدول، تريد أنقرة أن يكتسب هذا التباعد شكل خلاف ثنائي بين تركيا واليونان/قبرص.

 

علاوة على ذلك، إنّ احتمال أن تبرم إيران اتفاقاً نووياً والشرخُ المتنامي في العلاقات بين أنقرة وطهران يحثّان تركيا على السعي إلى بناء علاقات أفضل مع الدول الخليجية وإسرائيل التي تقلقها أيضاً طموحات إيران الإقليمية. فقد شجّع الاتّفاق النووي المُبرم عام 2015 إيرانَ على انتهاج سياسة إقليمية طموحة، ولا سيّما في العراق وسوريا. ويمكن أن يحظى اتّفاق جديد بالأثر ذاته في سياسة إيران الإقليمية، بما في ذلك في اليمن ولبنان والخليج. وفي هذا السياق، تريد أنقرة أن تستفيد من خوف الدول الخليجية من إيران42 ومن خصومة إسرائيل لطهران.

 

فضلاً عن ذلك، تتوسّع الرقعة الجغرافية للخصومة التركية الإيرانية، فباتت تغطّي مناطق بعيدة تصل إلى جنوب القوقاز43 والعراق وسوريا وآسيا الوسطى، ويحتمل أن تطال أفغانستان. بين هذه المناطق، تبيّن أنّ العراق هو الأكثر تسبّباً للنزاعات. فتركيا وإيران تدعمان مجموعات متخاصمة على المستوى الوطني في العراق وأيضاً على مستوى السياسة الكردية الإقليمية. وقد نالت العملية العسكرية التركية ضدّ حزب العمّال الكردستاني والمجموعات التابعة له في العراق قسطها من الانتقادات من إيران والمجموعات الشيعية العراقية المؤيّدة لإيران. مثلاً، ردّاً على هجوم قوّات “الحشد الشعبي” المتحالفة مع إيران على معسكر بعشيقة التركي في العراق، هاجمت تركيا مباشرة أهدافاً تابعة لقوّات “الحشد الشعبي” بالمسيّرات44 في أبريل 2022. على نحو مماثل، تضع العملية الجارية لتشكيل حكومة في العراق أيضاً تركيا في مواجهة إيران. فقد دعمت أنقرة تحالف الصدر والأكراد والسُنّة الذي لم يعد قائماً والذي عارضته إيران. وقد دعمت الإمارات العربية المتّحدة والمملكة العربية السعودية هذا التحالف أيضاً. بالتالي، يمكن أن يشكّل العراق أرضية مشتركة للتعاون بين الدول الخليجية وتركيا.

 

أخيراً، قد يكون لغرق الروس في وحول الحرب في أوكرانيا تأثيرٌ سلبي على مكانة موسكو في مواقع الصراع في المنطقةـ، ولا سيّما في سوريا. لذا قد تحاول إيران ملء أي فراغ قد ينشأ عنه، ممّا سيولّد بدوره المزيد من الاحتكاكات بين أنقرة وطهران.

 

3. نظرة إلى المستقبل

 

نظراً إلى هذه الخلفية ودينامياتها وسياقها، كيف ستتبلور إعادة الضبط الإقليمية التركية في الفترة المقبلة؟ وبشكل خاص، كيف يمكن المحافظة على عملية التهدئة هذه في أرجاء المنطقة والحؤول دون تحوّلها إلى خطوة تسبق إعادة التصعيد في السياسة الإقليمية؟

 

أولاً، من المرجّح أن تعتمد تركيا سردية مؤيِّدة للمملكة العربية السعودية إزاء الصراع في اليمن ويحتمل أن تبيع المملكة مسيّرات ومعدّات عسكرية أخرى. لكن لكي يتبلور هذا السيناريو، ينبغي أن يتخطّى التقدّم في العلاقات التركية السعودية الزيارات المهمّة رمزياً. فالتقارب في العلاقات ما زال هشّاً45.

 

ثانياً، تمحورت سردية إعادة الضبط الإقليمية التركية بشدّة حول الاقتصاد. بيد أنّ هذا لا يقلّل من أهمّية الخلافات الجيوسياسة. من هذا المنطلق، سيبيّن الصراع الليبي وأزمة شرق المتوسّط مدى الصدق الذي تتّسم به عملية إعادة الضبط الإقليمية، إذ تشكّل هاتان المسألتان موضوعَي خصومة وعداوة كبيرَين بين تركيا وأخصامها الإقليميّين، ولا سيّما بين أنقرة وأبوظبي والقاهرة.

 

في ما يخصّ تركيا ومصر، بينما تعطي القاهرة الأولوية لليبيا، تركّز أنقرة على شرق المتوسّط. فالقاهرة تطلب إلغاء صفقات التعاون الأمني وترسيم الحدود البحرية التي أبرمتها تركيا مع ليبيا وانسحاب القوّات التركية وعناصر المرتزقة السوريين المؤيّدين لتركيا. وفي وسع تركيا أن تكون مرنة بشأن ليبيا، فعلى عكس سوريا، مثلاً، ليس لتركيا حدودٌ برّية مع ليبيا ولا تواجه تحديات أمنية مباشرة منها. على الرغم من ذلك، من المستبعد أن تلبّي تركيا كامل المطالب المصرية، بل ستجهد للإبقاء على اتّفاقاتها مع طرابلس وللمحافظة على مستوى من الوجود العسكري التركي هناك، إلا في حال لبّت القاهرة مطالب أنقرة في مسألة شرق المتوسّط عبر توقيع اتفاقية ثنائية معها لترسيم الحدود البحرية، وهذا أمر مستبعد في المستقبل المنظور.

 

في الظروف العادية، قد تكون أنقرة قلقة بشأن مصالحها وبشأن التداعيات المحتملة لتغيير الحكومة في طرابلس الذي يمكن أن تنتجه الانتخابات الليبية التي طال تأجيلها، إن حدثت. وفي الوقت الراهن، لتركيا علاقات متينة مع رئيس الحكومة الانتقالية الحالي عبد الحميد دبيبة ومع أبرز خصومه، فتحي باشاغا، ممّا يقلّل من تصوّرات أنقرة للخطر الذي يشكّله تغيير ممكن للحكومة.

 

وفي منطقة شرق المتوسّط، سوف تراقب أنقرة ما إذا كانت تلك الجهات الفاعلة ستبقى ملتزمة بإنشاء نظام إقليمي للأمن والطاقة مناهض لتركيا في المنطقة. وكنتيجة لذلك، إذا انحازت مصر والإمارات العربية المتّحدة وأيضاً إسرائيل بشكل واضح إلى اليونان في خلافها مع تركيا، فهذا عامل آخر سيكون له تداعيات على عملية إعادة الضبط بين تركيا وتلك الدول. ففي ذروة التوتّر في منطقة شرق المتوسّط، أجرت مصر واليونان وقبرص تدريبات عسكرية في المنطقة46 وبعثت برسالة واضحة تعارض تموضع تركيا وتدريباتها العسكرية في المنطقة47. على نحو مماثل أجرت الإمارات العربية المتّحدة والمملكة العربية السعودية واليونان ومصر مناورات عسكرية مشتركة48. وأتى هذا التعاون الوثيق بين اليونان وأخصام تركيا السابقين في الشرق الأوسط مدفوعاً بأجندة مناهضة لتركيا. من هذا المنطلق، تهدف أنقرة من خلال سياسة التطبيع التي تعتمدها أن تفصل هذه الدول الإقليمية عن اليونان وقبرص. وسوف تؤثّر النتائج التي ستسجّلها أنقرة في تحقيق هدفها في الفترة المقبلة في مستقبل سياسة إعادة الضبط التي تنتهجها تركيا إزاء هذه الدول.

 

ثالثاً، وبالإضافة إلى اليمن، الذي يمكن أن يشكّل نقطة تعاون بين تركيا والمملكة العربية السعودية وأيضاً الإمارات العربية المتّحدة، بطريقة تشابه الأسلوب المعتمد في مواجهة إيران ومواجهة الحوثيين، يُعتبر العراق سياقاً آخر قد يتيح إمكانيةً للتعاون بين أنقرة والرياض وأبوظبي، التي كانت متخاصمة في السابق، نظراً إلى أنّه يمكن التوفيق بين مصالحها. ويمكن أن تشكّل الأجندة المناهضة لإيران اللُحمة لأيّ تعاون محتمل. فالجهات الفاعلة هذه كلّها منزعجة من نفوذ إيران الضخم في العراق وتودّ أن تنشئ ثقلاً موازناً للمجموعات المؤيّدة لإيران هناك، خصوصاً للحدّ من دور الميليشيات الشيعية المؤيّدة لإيران (قوّات الحشد الشعبي). وكانعكاس لهذا الهدف الأخير، دعمت هذه الدول التحالف بين مقتدى الصدر والمجموعات السنّية والحزب الديمقراطي الكردستاني من أجل تشكيل الحكومة العراقية المقبلة. بيد أنّ هذا التحالف فشل في تشكيل حكومة جديدة ولم يعد قائماً الآن. لكن أن يبني هذا النوع من التحالف العابر للمذاهب والإثنيات بشكل غير مباشر قاعدةً تعتمد على منطق مواجهة نفوذ إيران في العراق هو أمر يروق للجهات الثلاثة كلّها. نتيجة لهذا الأمر، برزت محاولات لضمّ العراق إلى ما يُسمّى الصفّ العربي، من أجل الحدّ من النفوذ الإيراني في البلاد. وكانت الخطوة الأحدث في هذا الاتّجاه تأسيس شراكة49 بين العراق والأردن ومصر في العام 2021. في السياق نفسه، أُدرجت الزيارات التي قام بها الصدر إلى المملكة العربية السعودية50 والإمارات العربية المتّحدة51 في العام 2017 في الإطار نفسه. وعموماً، تؤيّد تركيا عملية الجذب التي تقوم بها الدول العربية لضمّ العراق إلى الصفّ العربي، إذ ترى أنقرة أنّ الكتلة المتمحورة حول إيران والممتدّة من حدود أفغانستان، مروراً بالعراق وسوريا ولبنان وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسّط، تشكّل تهديداً أكبر لمصالحها لأنّها تتشاطر حدوداً طويلة مع سوريا والعراق وإيران.

 

رابعاً، إنّ سياسة تركيا في بناء الجسور مع الأخصام السابقين تحاكي التطبيع الإقليمي الأوسع. بناءً على ذلك، تستحقّ الطريقة التي تتفاعل فيها سياسة إعادة الضبط التركية تمعّناً عن كثب. والمثل الأبرز على ذلك هو قمّة “العلا” التي حلّت الأزمة الخليجية إسمياً على الأقل وأنهت الحصار على قطر.52 بيد أنّه يبدو أنّ التقارب بين المملكة العربية السعودية وقطر أكبر منه بين الإمارات العربية المتّحدة وقطر.53 في هذا الإطار، إن تمّت المحافظة على التقارب الراهن في العلاقات السعودية التركية، سيكون من المهم مراقبة الطريقة التي ستتطوّر فيها العلاقات في المثلّث التركي القطري السعودي.

 

أخيراً، حتّى لو تغيّرت الحكومة في تركيا بعد الانتخابات المقرّرة في العام 2023، ستتابع الحكومة الجديدة بسياسة التطبيع، بما في ذلك التطبيع مع نظام الأسد في سوريا.54 بيد أنّ التطبيع مع نظام الأسد سيكون أكثر تعقيداً مما تظنّه المعارضة التركية الآن. فضلاً عن ذلك، ستتفادى حكومةٌ تركية بقيادة المعارضة الانقسامات والتكتّلات الإقليمية التي نشأت عن الانتفاضات العربية.

 

4. التوصيات

 

إدخال تركيا في منتدى غاز/طاقة شرق المتوسّط: هذه التوصية موجّهة بشكل أساسي إلى أعضاء المنتدى الحاليّين. فكما أُشير أعلاه، أحد أهم الدوافع خلف سياسة إعادة الضبط التركية هي كسر عزلة أنقرة في منطقة شرق المتوسّط. وعلاوة على عوامل أخرى، فاقمت ثلاثة عوامل خوف تركيا من أن يتمّ تحييدها عن النظام الإقليمي الناشئ في مجال الأمن والطاقة. أولاً، تركَّزَ مشروع الغاز المُخطّط له في شرق المتوسّط على تعاون ثلاثي بين اليونان وقبرص وإسرائيل، وكان من المفترض به أن ينقل الغاز من تلك المنطقة إلى أوروبا بطريقة تتفادى تركيا.55 بيد أنّ إنجاز هذا المشروع المقدّرة كلفته بمبلغ 6,2 مليار يورو يبدو صعب المنال بشكل متزايد. فقد أعرب الكثير من الجهات الفاعلة، أهمّها الولايات المتّحدة،56 عن سحب دعمها له.57 في المقابل، تقدّم تركيا لإسرائيل الآن الفرصة لضخّ الغاز إلى أوروبا عبر تركيا. ثانياً، كسِب منتدى غاز شرق المتوسّط إطاراً رسمياً له بموجب اتّفاقية أُبرِمت في يناير 2020، وهو يضمّ الدول الأعضاء التالية: مصر واليونان وقبرص وفلسطين وإسرائيل والأردن وفرنسا وإيطاليا.58 بالتالي، تركيا غائبة بوضوح عن هذا المنتدى. ثالثاً، فاقمت المناورات العسكرية بين اليونان وأخصام تركيا في البحر الأبيض المتوسّط والشرق الأوسط مخاوف تركيا من ظهور إطار أمني إقليمي مناهض لتركيا. ولا بدّ من أنّ إطلاق منتدى “فيليا”، الذي ضمّ قبرص والمملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتّحدة والبحرين وفرنسا، بقيادة اليونان59 في فبراير 2021 قد رسّخ هذه المخاوف لدى تركيا. وتماشياً مع التلطيف في العلاقات بين تركيا وأخصامها الشرق أوسطيين، من الممكن التوقّع أن تتضاءل وتيرة التدريبات العسكرية بين اليونان وأعداء تركيا السابقين.

 

لكن فيما ترمّم تركيا وأخصامها الشرق أوسطيون السابقون العلاقات، يبقى الاحتمال والإمكانية بالتصعيد بين تركيا واليونان/قبرص قائمَين. لإدارة هذا الأمر، من المهم إدخال تركيا إلى منتدى غاز شرق المتوسّط الذي بات الآن يغطّي أكثر من التعاون بشأن الغاز فحسب وأصبح اسمه يتحوّل أكثر فأكثر إلى منتدى طاقة شرق المتوسّط. فعبر إدخال تركيا في هذا المنتدى تعالج أنقرة وأثينا بعضاً من خلافاتها من خلال أطر العمل المتعدّدة الجهات. في هذا الإطار، من المهمّ أيضاً إدخال لبنان، وهي دولة متوسّطية أخرى، في المنتدى. وفي وسع الاتّحاد الأوروبي أن يؤدّي دوراً في تسهيل هذا الأمر. في السياق عينه، ينبغي على الاتّحاد الأوروبي أن يطرح سياسة أو خطّة مبتكرة،60 تعتمد ربّما على التقاطع بين التغيّر المناخي والتحوّل في الطاقة، لهذه المنطقة لكي يحاول الشركاء الإقليميون والاتّحاد الأوروبي معالجة تحدياتهم المشتركة جماعياً من خلال المنتديات المتعددة الجهات. ويمكن أن تمنح خطوات كهذه حافزاً لتركيا واليونان لكي تخفّفا من حدّة خلافاتهما.

 

تعزيز المنتديات الإقليمية المعنية بالحوار وإدارة الخلافات: ما زالت إعادة الضبط الإقليمية الجارية هشّة وقابلة للتراجع. وهي عرضة للتأثّر بالكثير من العوامل الداخلية والخارجية. على سبيل المثال، لقد شكّلت رئاسة ترامب عاملاً مهمّاً في التصعيد في السياسة الإقليمية. فقد عمّق دعمه الكامل للمعسكر المعارض لإيران ومنحه الضوء الأخضر للحصار على قطر في العام 2017 الانقسامات والشروخ الإقليمية. نتيجة لذلك، وصول رئيس شبيه بترامب في الولايات المتّحدة في العام 2024 يمكن أن يضرّ كثيراً بعملية التهدئة الجارية. في هذا الإطار، من الضروري تعزيز المنصّات الإقليمية المعنية بالحوار وإدارة الخلافات. بالتالي، لا ينبغي أن تكون مبادرات على غرار مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة،61 الذي أقيم في أغسطس 2021 بمشاركة عدد كبير من القادة الإقليميين، حدثاً فردياً،62 بل ينبغي أن تشكّل نواة منصّة للحوار بين أصحاب المصلحة المتعدّدين بشأن الأمن والتعاون الإقليميَّين في الشرق الأوسط. مثلاً ينبغي أن يتيح منتدى أنطاليا الدبلوماسي في تركيا ومنتدى الدوحة في قطر وغيرها من المنصّات الإقليمية المزيد من المساحة في أجنداتها للبحث في طرق تشجيع الآليات المتعلّقة بالحوار والتعاون وإدارة الخلافات. وينبغي أن يركّز مؤتمر بغداد هذه السنة أكثر على التحديات المشتركة، على غرار الهجرة والتغيّر المناخي وشحّ المياه والتطرّف. وهذه المواضيع مناسبة أكثر لإطلاق حوار يطال المنطقة بأسرها أكثر من بناء مكانة سياسية. بيد أنّ الأزمة الحكومية الجارية في بغداد هي واحدة من أبرز العوامل التي تعرقل إجراء مؤتمر ناجح. مع ذلك، من دون الانخراط الإقليمي بالتطبيع في الشرق الأوسط، ستبقى هذه العملية هشّة وضعيفة إزاء التغيّرات والتقلّبات الخارجية، ولا سيما تغيُّر القيادة في الولايات المتّحدة.

 

تفادي حرب باردة مع إيران: تشكّل المعارضة لإيران أرضية مشتركة بين تركيا والدول الخليجية وإسرائيل أيضاً. في هذا الشأن، ينبغي على كلّ الجهات الفاعلة، ولا سيّما تركيا والدول الخليجية، أن تتصرّف بحذر. فقد أفضت سياسة إيران التوسّعية في أرجاء المنطقة إلى نتائج مضرّة للغاية وينبغي التصدّي لها. وينبغي أن تكون هذه المعارضة مرتكزة على السياسات، ولا ينبغي أن تتحوّل إلى استراتيجية احتواء شاملة حيال إيران. ففي حال تحوّلت إلى ذلك، فسيولّد ذلك خطر إنشاء شكلٍ جديد من سياسة المحاور في المنطقة، مع ما يرافقها من ديناميات تصعيدية في أرجاء الشرق الأوسط، وسوف تكون النتائج غير مؤاتية على الإطلاق للصراعات الإقليمية والدول الهشّة مثل سوريا والعراق ولبنان واليمن. بعبارة أخرى، لا ينبغي أن تكون عملية التهدئة الجارية خطوة تسبق تصعيداً مستقبلياً بين تركيا والدول الخليجية وإسرائيل من جهة وإيران وشبكتها الإقليمية من جهة أخرى. فسيناريو كهذا سيرسّخ الانقسامات الإقليمية ويزيد من هشاشة الصراعات الإقليمية والدول التي تشهد نزاعات ويرفع حدّة التوتّر.

 


 

 

الهوامش

 

 

1رأى الكثيرون في النخب الحاكمة التركية هذا التحوّل أمراً طبيعياً لا يمكن عكسه وتأخر حدوثه. راجع:
Ahmet Davutoglu, “Principles of Turkish Foreign Policy and Regional Political Structuring,” Turkey Policy Brief Series, 2012, TEPAV, http://www.ankara.embassy.si/fileadmin/user_upload/dkp_16_van/docs/Principles_of_Turkish_Foreign_Policy_and_Regional_Political_Structuring_by_Ahmet_Davutoglu.pdf
2 Tarik M. Yousef, Omar Rahman, Noha Aboueldahab, Ranj Alaaldin, Adel Abdel Ghafar, Galip Dalay, Yasmina Abouzzohour, Robert P. Beschel Jr., and Nader Kabbani, “What Brookings experts are saying about the breakthrough in the Gulf crisis,” Brookings Institution, January 10, 2021, https://www.brookings.edu/opinions/what-brookings-experts-are-saying-about-the-breakthrough-in-the-gulf-crisis/
3 “Arab states issue 13 demands to end Qatar-Gulf crisis,” AlJazeera, July 12, 2017, https://www.aljazeera.com/news/2017/7/12/arab-states-issue-13-demands-to-end-qatar-gulf-crisis
4 Angelos Al. Athanasopoulos, “Philia Forum a ‘bridge’ between Europe, Mideast: Greek official,” Arab News, February 17, 2021, https://www.arabnews.com/node/1811096/middle-east
5 Laura Pitel and Samir Al -Atrush, “Erdogan’s embrace of Saudi crown prince signals end of dispute over Khashoggi murder,” Financial Times, April 29, 2022, https://www.ft.com/content/96ce82a0-e654-4d57-b10b-5be5ef6beab1; also see, “Timeline of the murder of journalist Jamal Khashoggi,” AlJazeera, February 26, 2021, https://www.aljazeera.com/news/2021/2/26/timeline-of-the-murder-of-journalist-jamal-khashoggi
6 Ragip Soylu, “’Secret embargo’: Saudi Arabia stops Turkish exports from entering kingdom,” Middle East Eye, July 31, 2019, https://www.middleeasteye.net/news/secret-embargo-saudi-arabia-detains-turkish-trucks-containers
7 Michele Dunne and Amr Hamzawy, “Egypt’s Political Exiles: Going Anywhere but Home,” Carnegie Endowment for International Peace, Research Paper, March 29, 2019, https://carnegieendowment.org/2019/03/29/egypt-s-political-exiles-going-anywhere-but-home-pub-78728
8 See, Mekameleen TV (@mekameleentv) “An Urgent Statement from Mekameleen Satellite Channel,” Twitter, April 29, 2022, 9: 47 P.M., https://twitter.com/mekameleentv/status/1520112634531618817.
9المرجع ذاته.
10 Galip Dalay, “Turkey-UAE Relations: Economic Cooperation against the Backdrop of Geopolitical Incompatibility,” The German Institute for International and Security Affairs (SWP), Comment, January 10, 2022, https://www.swp-berlin.org/en/publication/turkey-uae-relations-economic-cooperation-against-the-backdrop-of-geopolitical-incompatibility
11 Ibid; also see, Andrew England, Laura Pitel, and Simeon Kerr, “UAE vs Turkey: the regional rivalries pitting MBZ against Erdogan,” Financial Times, October 26, 2020, https://www.ft.com/content/990f13cf-613f-48a5-ac02-c8c73741a786
12 “Erdoğan says UAE’s slanders about Turks, Ottomans stem from its own dirty business,” Daily Sabah, December 20, 2017, https://www.dailysabah.com/diplomacy/2017/12/20/erdogan-says-uaes-slanders-about-turks-ottomans-stem-from-its-own-dirty-business
13“Erdoğan hosts MBZ as Turkey, UAE seek to repair bilateral ties,” Daily Sabah, November 24, 2021, https://www.dailysabah.com/politics/diplomacy/erdogan-hosts-mbz-as-turkey-uae-seek-to-repair-bilateral-ties
14 Erdogan visits UAE to bolster political, economic ties,” AlJazeera, February 14, 2022, https://www.aljazeera.com/news/2022/2/14/erdogan-to-visit-uae-to-bolster-political-economic-ties
15 Dalay, “Turkey-UAE Relations.”
16 “Israeli President Isaac Herzog arrives in Turkey for state visit,” I24 News, March 9, 2022, https://www.i24news.tv/en/news/middle-east/levant-turkey/1646834959-israeli-president-isaac-herzog-arrives-in-turkey-for-state-visit
17 “Egypt and Turkey hold ‘frank’ official talks, first since 2013,” AlJazeera, May 6, 2021, https://www.aljazeera.com/news/2021/5/6/egypt-and-turkey-hold-frank-official-talks-first-since-2013
18 Ali Kucukgocmen, “Turkish court halts Khashoggi trial, transfers it to Saudi Arabia,” Reuters, April 7, 2022, https://www.reuters.com/world/middle-east/turkish-court-halts-khashoggi-trial-transfers-it-saudi-arabia-2022-04-07/
19“Erdogan meets Saudi leaders in first visit since Khashoggi murder,” AlJazeera, April 28, 2022, https://www.aljazeera.com/news/2022/4/28/turkeys-erdogan-to-visit-saudi-arabia-relations-warm
20“Saudi crown prince visits Turkey as relations thaw after Khashoggi murder,” The Guardian, June 22, 2022, https://www.theguardian.com/world/2022/jun/22/turkey-mohammed-bin-salman-erdogan-state-visit
21 Galip Dalay and Tarik Yousef, “Making Sense of the Middle East’s ‘Great Reset’,” The National Interest, January 9, 2022, https://nationalinterest.org/feature/making-sense-middle-east’s-‘great-reset’-199065
22المرجع ذاته.
23 يجدر الذكر أنّ دولاً إقليمية كثيرة اتّبعت سياسات موازنة في الحرب في أوكرانيا والمواجهة بين روسيا والغرب. راجع:
See Ali Harb, “Russia-Ukraine war shows cracks in US ties to Middle East allies,” AlJazeera, March 21, 2022, https://www.aljazeera.com/news/2022/3/21/ukraine-war-exposes-cracks-us-ties-middle-east-allies.
24 Chatham House MENA (@CH_MENAP), “Erdogan’s Visit to Saudi Arabia,” Twitter, April 29, 2022, 7:20 P.M., https://twitter.com/CH_MENAP/status/1520075515113185280
25  “Israeli-Arab summit displays unity against Iran, calls for Israeli-Palestinian talks,” France 24, March 28, 2022, https://www.france24.com/en/middle-east/20220328-top-diplomats-at-israeli-arab-summit-show-unity-against-iran-call-for-israeli-palestinian-talks.
26 Dalay and Yousef, “Making Sense of the Middle East’s ‘Great Reset’.”
27المرجع ذاته.
28تأتي التهدئة الإقليمية قبل الحرب في أوكرانيا. والآن بعدما باتت أوروبا تبحث عن طرق لتنويع مصادر الطاقة لديها، يبدو أنّ لتركيا وإسرائيل إقبالاً متزايداً على البحث في طرق محتملة للتعاون بشأن الغاز. ويهمّ تركيا أن تبيّن نفسها كمسار ليس لجلب الغاز الإسرائيلي فحسب إلى أوروبا بل أيضاً الغاز العراقي والكردي والأذربيجاني. لكن من غير المعروف بعد إلى أيّ مدى يمكن تحقيق هذه الطموحات.
29 “The United States Sanctions Turkey Under CAATSA 231,” US Department of State, December 14, 2020, https://2017-2021.state.gov/the-united-states-sanctions-turkey-under-caatsa-231/index.html
30 Chatham House MENA (@CH_MENAP),”Erdogan’s Visit to Saudi Arabia.”
31 For an overview of the economic potential of Turkish-UAE relations, see Dalay, Turkey-UAE Relations.” Also, Ragip Soylu, “Turkey and UAE launch free trade deal talks,” Middle East Eye, February 14, 2022, https://www.middleeasteye.net/news/turkey-uae-free-trade-deal-talks-launched
32 في الواقع، يبدو أنّ الاستثمار الاقتصادي والترابط اللوجستي يحتلان مكانة مهمة في السياسة الجديدة التي تنتهجها الإمارات العربية المتّحدة إزاء تركيا، أقلّه في سرديّتها. راجع:
“UAE allocates $10B fund to invest in Turkey, CEO says,” Anadolu Agency, Nov 24, 2021, https://www.aa.com.tr/en/economy/uae-allocates-10b-fund-to-invest-in-turkey-ceo-says/2429653
33على الرغم من غياب أي عائق محدّد، سيخضع أيّ مسعى إماراتي لكسب حصّة في الصناعات الدفاعية التركية على الأرجح إلى الإجراءات البيروقراطية العادية وما إذا بالإمكان مناقشة تحقيق الدولتين تقدّماً في حلّ بعض من خلافاتهما الجيوسياسية.
34 “UAE allocates $10B fund to invest in Turkey, CEO says.”
35المرجع ذاته.
36 يحتاج أردوغان بشكل طارئ إلى استثمار قصير الأمد لكي يفوز بالانتخابات القادمة أكثر ممّا يحتاج إلى استثمار طويل الأمد في تركيا.
37Galip Dalay, “A turning point in Turkish-Saudi ties,” Institute for International Political Studies, May 5, 2022, https://www.ispionline.it/it/pubblicazione/turkeys-new-diplomatic-shift-34903
38 في انعكاس للجوّ الجديد في العلاقات، زار وزير الخارجية التركي إسرائيل مؤخراً. راجع:
“Turkey, Israel agree to reenergize bilateral ties in rare visit,” Daily Sabah, May 25, 2022, https://www.dailysabah.com/politics/diplomacy/turkey-israel-agree-to-reenergize-bilateral-ties-in-rare-visit.
39 Ceyda Caglayan and Can Sezer, “Russian invasion of Ukraine threatens to hit Turkey’s economy,” Reuters, February 25, 2022, https://www.reuters.com/markets/asia/russian-invasion-ukraine-threatens-knock-turkeys-economy-2022-02-25/
40 “Turkish Airlines resuming stopover service after virus break,” Daily Sabah, March 9, 2022, https://www.dailysabah.com/business/transportation/turkish-airlines-resuming-stopover-service-after-virus-break
41 Ceyda Caglayan and Can Sezer, “Russian invasion of Ukraine threatens to hit Turkey’s economy,” Reuters, February 25, 2022, https://www.reuters.com/markets/asia/russian-invasion-ukraine-threatens-knock-turkeys-economy-2022-02-25/
42على سبيل المثال، يمكن أن تزيد الهجمات التي شنّها الحوثيون على الإمارات العربية المتّحدة في الأشهر الماضية من أهمّية تركيا كقوة معارضة لإيران بالنسبة إلى الإمارات العربية المتّحدة.
43كانت الصورة الإقليمية التي برزت من الصراع الأذربيجاني الأرمني الأخير في جنوب القوقاز تناسب تركيا ولا تناسب إيران.
44“Turkish drones target PMU forces in northern Iraq: Report,” CSM Times, May 1, 2022, https://csmtimes.com/turkish-drones-target-pmu-forces-in-northern-iraq-report
45الآن بعد أن أُقفلت دعوى خاشقجي في تركيا، سوف تركّز الرياض أكثر على الدعوى القائمة في الولايات المتّحدة. وقد أفيد أنّ المملكة طلبت المساعدة من تركيا أيضاً لوقف هذه الدعوى الثانية. لكن من المستبعد أن تلبّي تركيا هذا الطلب لأن ليس لتركيا الكثير من المجال لتتمكنّ من التأثير في هذه القضية.
46 Menna A. Farouk, “Egypt conducts joint drills with Greece, Cyprus amid Turkey tensions,” Al Monitor, November 15, 2019, https://www.al-monitor.com/originals/2019/11/egypt-cyprus-greece-naval-drills-tension-turkey.html
47 Hagar Hosny, “What’s behind Egypt meeting with Greece, Cyprus at this time?,” Al Monitor, October 14, 2019, https://www.al-monitor.com/originals/2019/10/timing-egypt-greece-cyprus-meeting-to-show-political-support.html
48 “Egypt, Saudi Arabia, UAE, Greece Conduct Joint Military Drill to Confront Terrorist Elements,” Asharq Al-Awsat, September 28, 2021, https://english.aawsat.com/home/article/3214491/egypt-saudi-arabia-uae-greece-conduct-joint-military-drill-confront-terrorist
49 Neil Quilliam, “Is the new Arab alliance too good to be true?” Chatham House, May 4, 2021, https://www.chathamhouse.org/2021/05/new-arab-alliance-too-good-be-true
50 “Iraq’s Muqtada al-Sadr makes rare Saudi visit,” AlJazeera, July 31, 2017, https://www.aljazeera.com/news/2017/7/31/iraqs-muqtada-al-sadr-makes-rare-saudi-visit
51 “Iraqi Shia leader Sadr visits UAE, boosts ties with Sunni states,” Middle East Eye, August 14, 2017, https://www.middleeasteye.net/news/iraqi-shia-leader-sadr-visits-uae-boosts-ties-sunni-states
52 “‘Welcome development’: Reaction to the Qatar-GCC agreement,” AlJazeera, January 5, 2021, https://www.aljazeera.com/news/2021/1/5/qatar-blockaded-lifted-how-did-the-world-react
53 Simeon Kerr, “Trade emerges as latest flashpoint in deepening Saudi-UAE rivalry,” Financial Times, July 14, 2021, https://www.ft.com/content/0cb64e0b-fcad-4992-beed-191261caa406
54سيبقى على أيّ حكومة جديدة أن تعالج التدهور الاقتصادي التركي، ممّا يفرض تخفيفاً من التصعيد في السياسة الخارجية والأمنية، فتستفيد بالتالي من سياسة بناء الجسور الراهنة التي تعتمدها تركيا.
55 Galip Dalay, “Turkey, Europe, and the Eastern Mediterranean: Charting a way out of the current deadlock,” Brookings Institution, Policy Report, January 28, 2021, https://www.brookings.edu/research/turkey-europe-and-the-eastern-mediterranean-charting-a-way-out-of-the-current-deadlock/
56 Ahmet Gencturk, “US withdraws support from EastMed gas pipeline project,” Anadolu Agency, January 11, 2022, https://www.aa.com.tr/en/world/us-withdraws-support-from-eastmed-gas-pipeline-project/2470881
57 Lahav Harkov, “US informs Israel it no longer supports EastMed pipeline to Europe,” The Jerusalem Post, January 18, 2022, https://www.jpost.com/international/article-693866
58 لمزيد من المعلومات عن هيكلية منتدى غاز شرق المتوسّط وأعضائه وتاريخه يمكن زيارة الموقع الرسمي:,
“Members,” East Mediterranean Gas Forum, accessed June 20, 2022, https://emgf.org/about-us/members/2022
59 Athanasopoulos, “Philia Forum a ‘bridge’ between Europe, Mideast.”
60 Dalay, “Turkey, Europe, and the Eastern Mediterranean.”
61 Ali Mamouri, “Baghdad conference to establish cooperation, partnership in region,” Al Monitor, August 30, 2021, https://www.al-monitor.com/originals/2021/08/baghdad-conference-establish-cooperation-partnership-region
62 Dalay and Yousef, “Making Sense of the Middle East’s ‘Great Reset’.”