الوفيّات المفرطة وتأثير جائحة فيروس كورونا المستجدّ في مصر

ورقة تحليلية، مايو 2023
زميل غير مقيم

الخلاصة 

 

لقد بقيت البيانات المصرية حول عدد الإصابات والوفيّات المؤكّدة ضئيلة بصورةٍ ملفتة طوال فترة جائحة فيروس كورونا المستجدّ، لا سيما نظراً للمعدّلات المسجّلة في الدول المجاورة والأمراض المصاحبة لدى السكان والأدلّة على إصابة الكثير من المسافرين من مصر بالعدوى. وعلى الرغم من تأكيد الحكومة على محدودية انتشار فيروس كورونا المستجدّ، إلّا أنّ الفيروس كان متفشياً في مختلف أرجاء البلاد كما في كافة البلدان تقريباً- وأدّى إلى عددٍ غير مؤكّد من الوفيّات 

 

في ظلّ غياب التعداد الدقيق في مصر، يسمح تحليلُ الوفيّات المفرطة بإجراء تقييمٍ موثوق للوفيّات المرتبطة بجائحة فيروس كورونا المستجدّ. في هذه الورقة التحليلية، نَصِف منهجيةً ونعرض تقديرات حول الوفيّات المفرطة المرتبطة بجائحة فيروس كورونا المستجدّ على الصعيدين المحلّي والإقليمي ونولي أهميةً خاصة للفجوة بين المناطق الريفية والحضرية 

 

يشير تحليلنا لحالة مصر بأنّه في خلال عامَي 2020 و2021، ارتبطت حوالي 263 ألف حالة وفاة بالجائحة، ما يُعادل 12 مرّة العدد الرسمي للوفيّات الناجمة عن جائحة فيروس كورونا المستجدّ. ويُظهر التحليل كذلك أنّ مصر شهدت معدّلات مبكرة ومرتفعة للوفيّات المرتبطة بالجائحة في عددٍ من المناطق الريفية في حين أنّ التأثير الحضري في القاهرة بشكلٍ خاص- كان محدوداً.  

 

سعت الحكومةُ المصرية إلى التعايش مع الفيروس بهدف المحافظة على عافية الاقتصاد المصري، لكنّها فشلت في تطبيق استراتيجية الاختبار والتتبّع التي تسمح للجهود الموجّهة برصد تفشّي الفيروس والقضاء عليه. وسمح النقص في البيانات بانتشار المعلومات الخاطئة، ما نسف جهود التباعد الجسدي والتلقيح. ينبغي على مصر أن تُشدّد في استجابتها المستقبلية للأوبئة على شفافية البيانات وحملات الاختبار والتتبّع في إطار التدخّل الموجّه في مجال الصحة العامة، في الأرياف بشكلٍ خاص حيث تبرز حاجةٌ أكبر لإعادة تنشيط الجهود الآيلة إلى تحسين حصول الأرياف على رعايةٍ صحية عالية الجودة.  

 

المقدّمة

 

يواجه المسؤولون في مجال الصحة العامة في مختلف أنحاء العالم صعوبات جمّة لفهم تأثير جائحة فيروس كورونا المستجدّ فهماً دقيقاً، إن كان لجهة إجمالي الإصابات أم الوفيّات المرتبطة بالجائحة. وقد أُعزي ذلك في المراحل الأولى من الجائحة إلى حداثة المرض وكثرة الحالات من دون أعراض وارتباطه بقائمةٍ طويلة من الأمراض المصاحبة (مثل السرطان وأمراض القلب المزمنة وداء السكري). ولكن مع مرور الوقت، ارتبط غياب الدقّة في البيانات بالاختبارات المحدودة أو غير الكافية وبالقيود العامة المفروضة على قدرة الأنظمة الصحّية على فهم الأدلّة على تفشي الفيروس وتوثيقها. وصحيح أنّ غياب الدقة في عدد الإصابات المؤكّدة بفيروس كورونا المستجدّ والوفيّات المرتبطة به لا يزال يطرح مشكلةً في مختلف أنحاء العالم، إلّا أنّ هذه المشكلة تبرز بشكلٍ خاص في عدد من البلدان من ناحية الاختلاف الشاسع بين عدد الإصابات والوفيّات المسجّلة رسمياً والتأثير الحقيقي للفيروس؛1 ومصر هي إحدى هذه الدول.

 

بحلول نهاية ديسمبر 2022، كانت مصر قد سجّلت رسمياً 515,645 حالة إصابة بفيروس كورونا المستجدّ و24,802 حالة وفاة.2 مقارنةً بالأرقام العالمية، وثّقت مصر 4,646 إصابة مؤكّدة و223 حالة وفاة لكلّ مليون مصري، مقابل المتوسّط العالمي الذي وصل إلى 83,235 إصابة و841 حالة وفاة لكلّ مليون نسمة.3 وقد اعتبرت منظمة الصحة العالمية هذين الرقمين منقوصين إلى حدّ بعيد.4

 

حتى قبل أن تنشر منظمة الصحة العالمية وغيرها من المنظمات الدولية تقديراتها بشأن الأرقام المنقوصة، أعرب خبراء الصحة والصحافيون العالميون عن مخاوفهم حيال العجز الظاهر لنظام الصحة العامة المصري عن تعقّب حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجدّ والوفيّات الناجمة عنه بشكلٍ دقيق. وقد اتُّهمت الحكومة المصرية في حالات متعدّدة بإخفاء معلومات حول تفشّي الفيروس في البلاد عمداً، إمّا بهدف حماية الاقتصاد المصري من الصدمة التي شكّلتها الجائحة والحدّ من حالة الهلع العام، وإمّا لتجنيب المسؤولين التعرّض لانتقادات الرأي العام.5

 

لم تبذل السلطات المصرية جهوداً حثيثة بغية دحض هذه الروايات، لا بل أصرّت بإلحاح على دقّة الأرقام وأقدمت على توقيف عدد من المدوّنين والمختصّين في مجال الصحة العامة والصحافيين.6 وفي الوقت عينه، رفض الشعبُ المصري المخاوف المتعلّقة بالفيروس رفضاً قاطعاً ونفى الكثيرون –من نجوم إعلاميين ورجال دين- علناً مخاطر جائحة فيروس كورونا المستجدّ أو زعموا أنّ المصريين يتمتّعون بمناعةٍ طبيعية ضد أوبئةٍ مماثلة.7

 

بغضّ النظر عمّا إذا كانت السلطات متورّطة في التلاعب بالأرقام عمداً أم لا، فإنّ عجزها عن قياس تفشّي الجائحة في مصر بشكلٍ دقيق قد حدّ من قدرة أخصائيي الصحة العامة على مواجهة هذا التفشي بفعاليةٍ والتصدّي–بواسطة بيانات موثوقة- لحملات التضليل التي انتشرت في كلّ أنحاء البلاد في خلال الجائحة.8 علاوة على ذلك، سمحت الشكوك إزاء الآثار المترتّبة عن جائحة فيروس كورونا المستجدّ داخل مصر بانتشار الفيروس بشكلٍ أسرع عبر الحدود، لا بل شكّلت فرصة للطفرات بتوليد متحوّرات إضافية.9 هنا تبرز أهمية مصر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الأوسع وفي القارة الأفريقية، أكان على صعيد عدد السكان أم روابطها الثقافية والاقتصادية مع الدول المجاورة. من هذا المنطلق، إنّ عدم توثيق حالات الإصابة والوفيّات بدقّة في خلال جائحةٍ عالمية أدّى إلى انعكاسات امتدّت عبر الحدود.

 

تمثّل هذه الورقة التحليلية جهداً لتقييم تأثير جائحة فيروس كورونا المستجدّ في مصر بدقةٍ أكبر، أقلّه من حيث عدد الوفيّات المرتبطة بها. ويُسلّط التحليل الضوء على الاختلافات بين الأرقام الرسمية لعدد الوفيّات المرتبطة بالجائحة والتقديرات المتعلّقة بالوفيّات المفرطة طوال فترة الجائحة؛ وتستند هذه التقديرات إلى الفوارق بين مجموع الوفيّات في مصر على مدى عامي 2020 و2021 والإسقاطات الإحصائية المتعلّقة بهذه الفترة، المحتسبة على أساس اتجاهات الوفيّات السابقة في مصر. وتحدّد هذه الورقة كذلك الأنماط في الانتشار المكاني للوفيّات الناجمة عن فيروس كورونا المستجدّ في مختلف أرجاء مصر. ويسعى هذا التحليل في الختام إلى تحديد الدوافع وراء الأنماط المبيّنة في الوفيّات المرتبطة بالجائحة ويقترح تغييرات بغية تحسين استجابة مصر لأوبئة مستقبلية.

 

سياسة مصر المتعلّقة بالاستجابة لجائحة فيروس كورونا المستجدّ

 

عانى المسؤولون المصريون، شأنهم شأن صناّع السياسات في مختلف أرجاء العالم، في الاستجابة الأوليّة للفيروس، لتحقيق توازن بين بذل جهود لإبطاء تفشّي الجائحة من جهة والحاجة إلى تأمين الرفاه الاقتصادي في البلاد. كان المسؤولون يشعرون بالقلق لا سيما بسبب اعتماد مصر على التجارة والسياحة العالميتين وتداعيات أي إقفال تام على رفاهية العمّال المصريين، لا سيما في سوق العمل غير النظامي الشاسع، ناهيك عن أنّ مصر كانت لا تزال تكافح في المراحل الأولى من الجائحة من أجل تحقيق معافاة اقتصادية غداة الاضطرابات السياسية الناجمة عن ثورة العام 2011 والثورة المضادة اللاحقة.10

 

لقد أعلن المسؤولون عن أول إصابة رسمية بفيروس كورونا المستجدّ في 14 فبراير 2020؛ ويُعتبَر ذلك مبكراً من ناحية الانتشار العالمي للفيروس وقبل فترةٍ طويلة من إعلانه جائحةً من قبل منظمة الصحة العالمية. تم تحديد حالة الإصابة الأولى، وهي لمسافرٍ من دون أعراض، في مطار القاهرة الدولي، تلتها حالةٌ ثانية في مطلع شهر مارس.11 وفي أوائل شهر مارس، تفشّى الفيروس في صفوف الكثير من المسافرين على متن سفينةٍ سياحية في نهر النيل، في الوقت الذي بدأت فيه بلدان أخرى بالإبلاغ عن عددٍ متزايد من المصابين بالفيروس بين السيّاح العائدين من مصر.12 في حين أنّ ذلك يوحي بأنّ المرض كان متفشّياً في مصر، كان صنّاع السياسة المصريون منهمكين –أقله علناً- باستراتيجية تهدف إلى حصر فيروس كورونا المستجدّ ضمن الحدود المصرية أو احتوائه بين المسافرين.

 

وفي أعقاب تفشّي فيروس كورونا المستجدّ في قريةٍ في محافظة الدقهلية في منتصف مارس 2020، بدأت الحكومة المصرية بفرض سلسلةٍ من القيود الصارمة على التنقّل في البلاد، بما فيها تعليق الرحلات الجويّة والنقل العام، وحظر التجوّل ليلاً، وإقفال المدارس والأماكن العامة.13 وأُغلقت المكاتب الحكومية بمعظمها، وشجّع المسؤولون المؤسسات الخاصة على السماح لموظفيها بالعمل من المنزل حين أمكن. كان من المفترض أن تكون هذه القيود مؤقّتة فتسمح لمصر بالحدّ من انتقال الفيروس في غضون أسبوعين قبل إعادة فتح الاقتصاد الأوسع. كانت هذه الإستراتيجية شائعةً في المراحل الأولى من الجائحة. لكن في ظلّ ارتفاع عدد الإصابات المؤكّدة والوفيّات، مدّد المسؤولون المصريون هذه القيود، أقلّه في خلال عطلة عيدي الفصح والفطر في ربيع 2020، ليعودوا ويُخفّفوا القيود المفروضة على التنقّل بحلول منتصف شهر مايو من أجل الحدّ من انعكاسات الأزمة على الاقتصاد. وباستثناء حظر التجوّل بين الحين والآخر في خلال موجات لاحقة، سعت مصر إلى “التعايش” مع الفيروس، وذهبت إلى حدّ فتح حدودها أمام السيّاح بطريقةٍ منضبطة في خلال صيف 14.2020

 

اشترت مصر المزيد من اختبارات فيروس كورونا المستجدّ بهدف تحسين قدرتها على الاختبار والتتبّع وجعل هذا التعايش ممكناً، لكنّها فضّلت أدوات الاختبار المستضد الأرخص والأقل دقّة على تقنية اختبار تفاعل البوليمراز المتسلسل للنسخ العكسي، أو ما يُعرف بالـPCR.15 من الممكن أن يكون ذلك قد حدّ من قدرة الأطباء على تأكيد حالات الإصابة بدقّة ونسف جهود التتبّع والحجر الصحي. وقد بدأت مصر بتلقيح المواطنين في نهاية شهر يناير 2021. في هذا السياق، اعتمدت البلاد بداية على لقاح سينوفارم (Sinopharm) الذي أمنّته الصين والإمارات العربية المتحدة، علماً أنها تلقّت لاحقاً جرعات كبيرة من لقاحات أخرى من خلال مبادرة “كوفاكس”.16 وعلى الرغم من الجهود الرامية إلى دفع حملات التلقيح قدماً، لم تتمكّن مصر من تطعيم سوى نسبة 36 في المئة من السكان بشكلٍ كامل، مع حصول نسبة 48 في المئة من المواطنين على حقنة واحد على الأقل، فيما كان نظام الصحة العامة يواجه حالةً من التردّد لتلقّي اللقاح، بالإضافة إلى التحدّيات اللوجستية.17 ويمكن مقارنة الوضع في مصر بوضع عددٍ من البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تلقّى حوالي 45 في المئة من السكان جرعة واحدة من اللقاح على الأقل و39 في المئة تلقيحاً كاملاً.18 لكن في البلدان ذات الدخل المتوسط الأدنى عموماً، حصل حوالي 65 في المئة من السكان على جرعةٍ واحدة على الأقل و58 في المئة على تلقيحٍ كامل.19

 

تُظهر الإحصاءات الرسمية في مصر أنّ عدد الإصابات المؤكّدة بقي منخفضاً بعد المراحل الأولى من تحديد المرض، لكن تسارع ازدياده في صيف 2020. فشهدت البلاد موجات دورية من جائحة فيروس كورونا المستجدّ في خلال السنتين اللاحقتين، واتّبع نمطُ الإصابات المؤكّدة الاتجاهات العالمية في هذا الإطار، وإن كان ذلك على مقياس أدنى بكثير (كنسبةٍ من مجموع السكان) من بلدان أخرى أو في العالم بشكلٍ عام (الرسم البياني 1). ولوحظ نمطٌ مماثل في التعداد الرسمي للوفيّات المرتبطة بجائحة فيروس كورونا المستجدّ. تجدر الإشارة إلى أنّ العدد الرسمي للإصابات والوفيّات بدأ يتراجع بعد شهر أغسطس 2022؛ ولم يتضّح ما إذا كان ذلك يُعزى إلى تحقيق “مناعة القطيع” كما صرّح وزير الصحة آنذاك، أم إلى تقليص عدد الاختبارات.20 منذ ذلك الحين، لم يتم الإبلاغ عن أي حالة وفاة ناجمة عن فيروس كورونا المستجدّ.

 

الرسم البياني 1: الإصابات اليومية الجديدة بفيروس كورونا المستجدّ في مصر وفي العالم (لكل مليون نسمة)

المصدر: Our World in Data ، 2022.21

 

لقد كانت التقديرات الرسمية عن الحالات المؤكّدة والوفيّات مشبوهة منذ البداية. نظراً لروابط مصر مع العالم من خلال التجارة والسفر والسياحة، كان من المتوقّع أن تشهد البلاد ارتفاعاً في عدد الحالات منذ المراحل الأولى، لا سيما في المدن والأماكن التي يرتادها السيّاح. وكان متوقّعاً كذلك أن ينتشر الفيروس بسرعة نظراً للعدد الكبير من الإصابات من دون أعراض وللكثافة السكانية في مصر ولطبيعة التنقّل بين المدن والقرى عبر الممر الضيّق على طول وادي النيل حيث يقطن معظم السكان. بالإضافة إلى هذه العوامل الأساسية، تجدر الإشارة إلى المستوى العالي نسبياً من بعض المشاكل الصحية والأمراض غير المعدية –من سمنة وداء السكري وأمراض القلب- في صفوف الشعب المصري والتي اعتُبرت منذ البداية أمراض مصاحبة لفيروس كورونا المستجدّ.22

 

على الرغم من العوامل التي قد تنذر بمستويات عالية من العدوى، يبدو وكأنّ البلاغات الرسمية بشأن جائحة فيروس كورونا المستجدّ في مصر كانت توحي بالعكس. فقد رصد عدد من الحكومات الأجنبية أعداداً متزايدة من المصابين بفيروس كورونا المستجدّ في خلال مراحل مبكرة كانوا قد سافروا إلى مصر مؤخراً. وكشف فريقٌ كندي للبحوث عن نموذج يُظهر وجود ما بين 6 آلاف و19 ألف حالة في مصر منذ مطلع مارس، في الوقت الذي أُعلن فيه رسمياً عن ثلاث حالات فقط.23 ردّ المسؤولون الحكوميون ووسائل الإعلام المصرية على هذه المزاعم بشكلٍ دفاعي.24 غير أنّ وزير الصحة ووزير التعليم العالي والبحث العلمي أقرّا لاحقاً بأنّ عدد الحالات كان أعلى بكثير ممّا تمّ تأكيده عبر الاختبارات. وصرّح وزير التعليم العالي والبحث العلمي أنّ الأرقام المعلَنة لإجمالي إصابات كورونا في مصر تساوي خُمس الواقع في النماذج الافتراضية وتحليل البيانات.25

 

استمرّت البلاغات الرسمية بالتبدّل طوال مدة الجائحة، وانكبّت جهود حثيثة على إجراء تحليل علمي للأسباب المحتملة وراء اختلاف تجربة مصر مع الفيروس عن التجربة الأوروبية.26 يمكن تفهّم هذه الجهود وهذه الشكوك بشكلٍ عام نظراً لقلّة المعلومات التي كانت متوفّرة عن الفيروس في المراحل الأولى من الجائحة والانعكاسات الاقتصادية التي يمكن أن تتمخّض عن المعلومات الخاطئة على أي بلد. لكن في ضوء الدراسات اللاحقة حول الوفيّات المفرطة، يبدو أنّ فيروس كورونا المستجدّ كان متفشّياً في كلّ أرجاء مصر ولم تكن الحكومة قادرة على تعقّب انتشاره أو احتساب عدد الأرواح التي حصدها. وقد كشفت تقارير عسكرية مسرَّبة في أواخر شهر مارس 2020 عن إدراك الحكومة لانتشار الفيروس انتشاراً واسعاً في محافظات المنوفية ودمياط والإسكندرية والمنيا وقنا، ما يُشير إلى أنّ وزارة الصحة كانت تعي تماماً تفشّي الفيروس على امتداد الوطن لكنّها امتنعت عن الإبلاغ عن ذلك.27

تقدير الوفيّات المفرطة طيلة فترة الجائحة

 

يستخدم علماء الأوبئة وخبراء الصحة العامة تعبير “الوفيّات المفرطة” لتحديد عدد الوفيّات في خلال أزمة –أكانت وباء أم مجاعة أم صراع- الذي يتجاوز العدد الذي يُتوقّع تسجيله في صفوف السكان في ظروفٍ اعتيادية. ويسمح تحليلُ الوفيّات المفرطة في سياقٍ حيث يستحيل توثيق عدد الوفيّات الناجمة عن صدمةٍ مماثلة بدقّة، بنمذجة تقديرات دقيقة للوفيّات الناجمة عنها. وعلى الرغم من تطبيق الكثير من المقاربات على هذه التقديرات، إلّا أنّ المقاربة التي حازت على أعلى نسبة من التقدير مؤخراً هي التي استخدمها كارلينسكي وكوباك لدى بناء قاعدة البيانات للوفيّات العالمية المستخدمة لاحتساب التقديرات الوطنية والعالمية للوفيّات المفرطة في خلال جائحة فيروس كورونا المستجدّ، والتي استخدمتها منظمة الصحة العالمية لاحقاً.28

 

لقد استند كارلينسكي وكوباك في تحليلهما إلى بيانات دورية (أسبوعية أو شهرية) عن الوفيّات على المستوى الوطني من الفترة الممتدة بين العامين 2015 و2019 لاحتساب الوفيّات المتوقّعة لعامي 2020 و2021، واستخدما نموذج الانحدار الخطي الذي يأخذ بالحسبان الآثار الثابتة لكلّ مرحلة. تسمح هذه المقاربة بتقديم توقّعات تأخذ بعين الاعتبار التغيّرات الموسمية في الوفيّات التي يمكن أن تطرأ في خلال موجات الحرّ الشديد في الصيف أو الصقيع في الشتاء. وبدورها تُشكّل هذه التوقّعات المنمذجة تفكيراً مخالفاً لمجموع الوفيّات الفعلية المسجّلة في كلّ دولة. فالفرقُ بين عدد الوفيّات الفعلي في بلدٍ ما والعدد المتوقّع (أي التفكير المخالف للواقع) يسمح بتقدير الوفيّات المفرطة للمرحلة، أي عدد الوفيّات الذي يفوق العدد المتوقّع لو كانت الجائحة لم تحصل.29

 

لا يجب الاعتبار أنّ احتساب الوفيّات المفرطة وفقاً لمقاربة كارلينسكي وكوباك يقتصر على الوفيّات الناجمة عن فيروس كورونا المستجدّ فقط، لا بل يشمل أيضاً الوفيّات المرتبطة بالجائحة على نطاقٍ أوسع. وهي تنطوي على الوفيّات الناتجة عن فيروس كورونا المستجدّ، وحالات الوفاة الناجمة عن أمراض وحوادث والتي لم تخضع للعلاج بسبب اكتظاظ المستشفيات والقيود المفروضة على التنقّل في خلال الجائحة، بالإضافة إلى الوفيّات التي تُعزى إلى أسباب أخرى طبيعية أو غير طبيعية والمرتبطة بالأزمة بطريقةٍ أو بأخرى.30 قد يكون عددٌ من الوفيّات المشمولة مرتبطاً أيضاً بصدمات متزامنة أخرى، مثل موجات الحرّ والكوارث الطبيعية أو الصراعات. تجدر الإشارة إلى أنّه يمكن رصد زيادة سالبة للوفيّات. قد يحدث ذلك في حال أدّى الحجر والإغلاق الاقتصادي التام إلى تراجع عدد الوفيّات الناجمة عن فيروس كورونا المستجدّ وإلى تراجع العدد الطبيعي للوفيّات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق والوفيات المرتبطة بالأمراض المعدية كالإنفلونزا.

 

في هذا التحليل للوفيّات المفرطة في مصر، نُطبّق المنهجية الإحصائية التي وضعها كارلينسكي وكوباك. لكنّنا أجرينا تعديلات على البيانات بطرقٍ متعدّدة. أولاً، استخدمنا بيانات شهرية أحدث حول عدد الوفيّات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (CAPMAS)، في تحديثٍ لعددٍ من البيانات الأولية التي لجأ إليها كارلينسكي وكوباك.31 ثانياً، يستند تحليلنا إلى بيانات حول الوفيّات مفصّلة حسب كلّ محافظة وعلى أساس الإقامة في المدن أو الأرياف، حيثما توفرت، ولا يعتمد حصراً على البيانات الوطنية؛ ما يسمح باستكشاف أكثر تفصيلاً لكيفية تأثير المرض في مختلف المناطق المصرية، أقلّه في خلال السنة الأولى من الجائحة.32 وأخيراً حدّدنا نقطتين ضمن البيانات الشهرية للفترة الممتدّة بين العامين 2015 و2019 حيث لوحظ ارتفاعٌ ملحوظ في مجموع الوفيّات، ما يمثّل صدمةً وليس اتجاهاً طبيعياً في الوفيّات على مرّ الزمن. وهي تشمل عدداً من حالات الوفاة التي سُجّلَت في مصر في أغسطس 2015 بسبب موجة من الحرّ وارتفاعاً طفيفاً في عدد الوفيّات في شمال سيناء في نوفمبر 2017 بسبب تفجير مسجد. من خلال احتساب هذه الوفيّات ومراجعة عدد مجموع الوفيّات باتجاه الانخفاض، تعكس توقّعاتنا للوفيّات اتجاهاً أكثر طبيعية.33

 

الوفيّات المفرطة في مصر في خلال جائحة فيروس كورونا المستجدّ

 

وجد كارلينسكي وكوباك في تحليلهما للوفيّات المفرطة في مصر في خلال جائحة فيروس كورونا المستجدّ أنّ مجموع الوفيّات المرتبطة بفيروس كورونا المستجدّ ما بين مارس 2020 وأواخر العام 2021 كاد أن يبلغ 283 ألف. إنّ تقديراتنا الوطنية قريبة من هذا الرقم، إذ يناهز مجموع الوفيّات المفرطة بين مارس 2020 ونهاية العام 2021 263 ألف. هذان الرقمان قريبان نظراً للبيانات المنقّحة التي استخدمناها للفترة الممتدة من 2015 إلى 2019 لاحتساب التوقّعات، بالإضافة إلى مجموع الوفيّات المحدّث لعامي 2020 و2021، والتي لم تكن متاحة أمام كارلينسكي وكوباك في تحليلهما الأوليّ.34 توحي هذه الأرقام مجتمعةً بأنّ مجموع الوفيّات المرتبطة بفيروس كورونا المستجدّ في مصر في أواخر العام 2021 كان يشكّل 12 ضعفاً على الأقل العدد الرسمي للوفيّات الموثّقة، أي 21,752 حالة وفاة، في ذلك الحين.35

 

تتّبع الوفيّات المفرطة الموثّقة على الصعيد الوطني الاتجاهات الدولية المتعلّقة بموجات فيروس كورونا المستجدّ. عالمياً، شهدنا موجات دورية من متحوّرات مختلفة لفيروس كورونا المستجدّ تتنقّل عبر السكان المحليين. إنّ الموجات التي رُصدت في البيانات حول الوفيّات المفرطة في مصر تعكس هذه الاتجاهات العالمية، مسجّلة تفشياً ملحوظاً للفيروس في ربيع 2020 وشتاء 2020-2021 ومن ثمّ في ربيع 2021 وخريف 2021 (الرسم البياني 2 والرسم البياني 3). في هذا الإطار، إنّ غياب البيانات اليومية لا يساعد على فهم التفاصيل المذكورة في البيانات المتعلّقة بجائحة فيروس كورونا المستجدّ.

 

الرسم البياني 2: الوفيّات المفرطة الناجمة عن فيروس كورونا المستجدّ وعدد الوفيّات المتوقّع في مصر شهرياً في خلال فترة 2020-2021

المصدر: تستند حسابات المؤلّف إلى التقارير بعنوان “مصر بالأرقام” لفترة 2020-2021 والتقارير بعنوان “النشرة السنوية لإحصاءات الولادات والوفيّات” لفترة 2015-2020 الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء CAPMAS.36

 

الرسم البياني 3: الوفيّات المفرطة والعدد الرسمي للوفيّات الناجمة عن فيروس كورونا المستجد في مصر شهرياً بين العامين 2020 و2021 

المصدر: استندت حسابات المؤلف إلى بيانات Our World in Data، عام 2022 والتقارير بعنوان “مصر بالأرقام” لفترة 2020-2021 وبعنوان “النشرة السنوية لإحصاءات الولادات والوفيّات” لفترة 2015-2020، الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء CAPMAS. 37

 

التباينات الإقليمية في الوفيّات المفرطة في خلال الجائحة

 

قد يتوقّع المرء أن تتركّز حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد والوفاة من جرّائه في القاهرة والاسكندرية ومدن رئيسية أخرى وفي أماكن سياحية مثل البحر الأحمر والمجمعات السياحية في سيناء أو في الأقصر وأسوآن، أقلّه في المراحل الأولى من الجائحة. وقد يتوقّع أن تنتشر الحالات المؤكّدة تدريجياً لتشمل الأرياف. وبالتالي، يكون عدد الوفيّات المرتبطة بفيروس كورونا المستجدّ في المدن أعلى منه في الأرياف، أقلّه في المراحل الأولى، مع العلم أنّ الرعاية الصحية في المدن قد تكون أفضل في تقديم علاج فعّال ينقذ حياة المصابين بالفيروس. يصحّ ذلك إلى حدّ ما، أقلّه من حيث الزيادة الأولية في الوفيّات المفرطة حول الأقصر وأسوآن (الرسم البياني 4). بيد أنّ تحليلاً أوسع للوفيّات المفرطة في المناطق الحضرية والريفية يوحي بالعكس، إذ يظهر أنّ فيروس كورونا المستجدّ انتقل باكراً جداً إلى الأرياف المصرية وحصد أرواحاً بسرعة كبيرة.

 

ازدادت الوفيّات المفرطة ببطء في المدن المصرية بشكلٍ عام، لكنّها بقيت ما دون الأرقام المتوقّعة في الأشهر الثلاثة أو الأربعة الأولى من الجائحة (الرسم البياني 4). بقيت الوفيّات المفرطة في القاهرة –عاصمة مصر والمدينة الأكبر- متطابقة مع عدد الوفيّات المتوقّع في خلال مارس 2020 ثمّ انخفضت إلى ما دون عدد الوفيّات المتوقّع (أقلّ من نسبة 9 في المئة) في شهر أبريل بعد تطبيق تدابير التباعد الاجتماعي. وفي شهري مايو ويونيو، بدأ المسؤولون بتخفيف القيود المفروضة على التنقّل، وبالتالي ارتفع عدد الوفيّات بسرعة في القاهرة قبل أن يتمّ تخفيضه إلى المستويات المتوقّعة في خلال فصلي الصيف والخريف. وبلغت الوفيّات المفرطة في القاهرة عام 2020 نسبة 11,7 في المئة من الوفيّات المتوقّعة، أي أكثر بقليل من 10,800 حالة وفاة.

 

الرسم البياني 4: الوفيّات المفرطة الناجمة عن فيروس كورونا المستجدّ كنسبة من الوفيّات المتوقّعة في المدن والأرياف المصرية عام 2020

المصدر: استندت حسابات المؤلّف إلى التقارير بعنوان “مصر بالأرقام” بين العامين 2020 و2021 والتقارير بعنوان “النشرة السنوية لإحصاءات الولادات والوفيّات” للفترة الممتدّة بين العامين 2015 و2020 الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء CAPMAS.38

 

شهدت محافظات أخرى على غرار الإسكندرية والسويس وبورسعيد نمطاً مماثلاً من حيث الوفيّات المفرطة في المراحل الأولى من الجائحة، لكنّها لم تشهد كالقاهرة قفزة في الوفيّات المفرطة في مطلع الصيف. أمّا عدد الوفيّات المفرطة الذي ناهز 8,400 في المحافظات الحضرية خارج القاهرة في خلال العام 2020، فمثّل نسبة 16,3 في المئة من عدد الوفيّات المتوقّع. وفي مدن مثل الأقصر وأسوآن كما في أماكن المجمعات الساحلية كجنوب سيناء والبحر الأحمر، التي تستضيف عادةً أعداداً كبيرة من السيّاح، سجّلت الوفيّات المفرطة قفزةَ ملحوظة في شهري يناير وفبراير 2020 لكنّها سجّلت تراجعاً تدريجياً بعد ذلك.

 

شهدت الأرياف عموماً الوفيّات المفرطة بشكلٍ ملحوظ وتخطّت النسب المتوقّعة في مطلع شهر فبراير 2020 عندما كانت هذه الزيادة أعلى بنسبة 7 في المئة من النسب المتوقّعة. وسجّلت مختلف المناطق الحضرية والريفية ارتفاعاً في الوفيّات المفرطة حين اعتمدت مصر سياسة التعايش مع المرض وأعادت فتح الأماكن العامة، فاتّبعت المدن والأرياف على حدّ سواء اتجاهات مماثلة بعد ذلك. غير أنّ الوفيّات المفرطة في الأرياف بقيت أعلى من تلك في المدن حتى نهاية عام 2020، أقله كنسبةٍ من الوفيّات المتوقّعة. وفي المجموع، شهدت المناطق الحضرية المصرية في أواخر العام 2020 45 ألف حالة فقط من حيث الوفيّات المفرطة مقابل أكثر من 50 ألف في المناطق الريفية.

 

تبرز منطقتان لدى النظر في الوفيّات المفرطة في الأرياف. ففي المناطق الريفية في مصر السفلى، كانت الوفيّات المفرطة أعلى بنسبة 6 في المئة من عدد الوفيّات المتوقّع في فبراير 2020 وبنسبة 14 في المئة في مارس 2020، ما يوحي بأنّ أعداداً كبيرة من السكان القاطنين في هذه المناطق أُصيبوا بالعدوى في مرحلةٍ مبكرة من الجائحة. إنّ هذه النتائج مستقاة من الاستنتاجات بشأن الوفيّات المفرطة في محافظتي الغربية والبحيرة، حيث تخطّت الوفيّات المفرطة النسبة المتوقّعة في يناير 2020. ولوحظت نتائج مماثلة في مصر الوسطى حيث تخطّت الوفيّات المفرطة العدد المتوقّع للوفيّات بنسبة 10 في المئة في يناير 2020. تجدر الإشارة إلى أنّ الوفيّات المفرطة في محافظة أسيوط الريفية كانت أعلى من العدد المتوقّع للوفيّات بنسبة 90 في المئة تقريباً في يناير 2020، ما يُظهر أنّ الفيروس انتشر بشكلٍ مبكر في هذه المنطقة وخرج عن السيطرة. في كلّ هذه المناطق الريفية، ترافقت موجات واسعة ومبكرة من زيادة الوفيّات المبكرة مع زيادةٍ سالبة للوفيّات في المناطق الحضرية داخل هذه المحافظات.

 

الرسم البياني 5: الوفيّات المفرطة الناجمة عن فيروس كورونا المستجدّ كنسبةٍ من الوفيّات المتوقعة بحسب المناطق المصرية عام 2020

المصدر: استندت حسابات المؤلّف إلى التقارير بعنوان “مصر بالأرقام” لفترة 2020-2021 والتقارير بعنوان “النشرة السنوية لإحصاءات الولادات والوفيّات” للفترة الممتدّة بين العامية 2015 و2020 الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء CAPMAS.39

 

الكشف عن الوفيّات المحجوبة الناجمة عن فيروس كورونا المستجدّ

 

حسابات الوفيّات المفرطة مستمدةٌ جزئياً من السجّلات المصرية الرسمية لمجموع الوفيّات في خلال الفترة المذكورة (الرسم البياني 5). من هذا المنطلق، فإنّ الوفيّات الناجمة عن فيروس كورونا المستجدّ –تلك الموثّقة رسمياً على هذا الأساس وتلك المنسوبة إلى أسباب أخرى- مذكورة في السجلات الرسمية لمجموع الوفيّات. يطرح العدد المنخفض للوفيّات الرسمية الناجمة عن فيروس كورونا المستجدّ أسئلة حول كيفية تعامل الأطباء وأخصائيي الصحة العامة مع جائحة فيروس كورونا المستجدّ كسببٍ للوفاة في ظل وجود أمراض مصاحبة محتملة. في ضوء تسجيل 7,631 حالة وفاة رسمية فقط نتيجةً للفيروس في مصر عام 2020، تظهر تقديراتنا للوفيّات المفرطة حصول 105,580 حالة وفاة ناجمة في معظمها عن فيروس كورونا المستجدّ أو عن مضاعفات الفيروس على الأمراض المصاحبة.40

 

في هذا الصدد، إنّ بيانات الوفيّات المصرية حول أسباب الوفاة لعام 2020 توحي بالكثير. فبحسب سجلات الوفيّات الرسمية، تضاعفت الوفيّات المرتبطة بـ”الأمراض المعدية أو الطفيلية” تقريباً بين عامي 2019 و2020 بعد انخفاضها تدريجياً في خلال السنوات الفائتة. ربما تشمل زيادة الوفيّات بـ16,741 حالة الوفيّات الرسمية الناجمة عن فيروس كورونا المستجدّ بالإضافة إلى حالات الإصابة بالفيروس التي شُخّصت على أنّها عدوى أخرى أو غير محدّدة. ارتفع عدد الوفيّات التي لم تُذكَر أسبابها أو لم تُصنّف بنسبة 13 في المئة (7,173) على مدى هذه الفترة. وازداد عدد الوفيّات المرتبطة بـ”أمراض جهاز الدورة الدموية” بنسبة 14 في المئة (43,909) وبـ”أمراض الجهاز التنفسي” بنسبة 53 في المئة (27,744). وفيما كانت الوفيّات المنسوبة إلى هذه الأسباب تزداد في مصر في السنوات الأخيرة، لم تقترب معدّلات الزيادة الطبيعية من المعدّلات الموثّقة في خلال عام 2020. أدّت الأسباب المذكورة أعلاه مجتمعةً إلى 95,567 حالة وفاة إضافية، أو معظم الوفيّات المفرطة التي شهدها عام 41.2020

 

بشكلٍ عام، طالت الوفيّات المرتبطة بجائحة فيروس كورونا المستجدّ في مصر بمعظمها المصريين الذين يعانون أمراضاً مصاحبة مثل أمراض الرئة والقلب وداء السكري، وقام الأطباء بتحديد سبب الوفاة على أنّه المرض المصاحب عموماً وليس فيروس كورونا المستجدّ أو الالتهابات الثانوية المرتبطة مثل الالتهاب الرئوي. وبالتالي، اختار الأطباء والمسؤولون المحلّيون عن الصحة العامة توثيق حالات الوفاة هذه على أساس أنّها ناجمة عن الأمراض المصاحبة وليس عن العدوى النشطة.

 

 

فهم نتائج الوفيّات المفرطة في مصر

 

يشير تحليل الوفيّات المفرطة أعلاه إلى أنّ الوفيّات المرتبطة بجائحة فيروس كورونا المستجدّ في مصر تخطّت بأشواط الوفيّات التي ربطها مسؤولو الصحة العامة المصريون بالفيروس رسمياً. والأهم أنّ التحليل يظهر أنّ المرض كان موجوداً في مصر أبكر ممّا اعتقده أخصائيو الصحة العامة وانتشر بشكلٍ أوسع، حتى في المراحل المبكرة. وتقدّم البيانات المأخوذة من الأرياف، لا سيما من عدد من المناطق الريفية المحدّدة في مصر السفلى والوسطى، أدلّة منطقية على أنّ الفيروس تفشّى بين السكان منذ يناير 2020 وأنّ عدد الوفيّات المرتبطة بقي مرتفعاً في الأرياف طوال فترة الجائحة، أقلّه في خلال العام 2020.

 

يتعارض هذا التفشي في الأرياف مع الرواية الرسمية في مصر ومع فرضيات الكثيرين من أخصائيي الصحة العالميين. لقد أصرّت السلطات المصرية على اعتبار السيّاح الأجانب المصدر وراء ظهور حالات جديدة من الإصابة بفيروس كورونا المستجدّ وسعت إلى احتواء انتشار الفيروس من هذا المصدر إلى أماكن أخرى من البلاد. وفي الوقت نفسه، قد تكون قدرة السلطات الظاهرة على الحدّ من أسوأ آثار الجائحة في القاهرة، التي تشكّل مركز مصر الحضري، حوّلت أنظار السلطات وأنظار غالبية الشعب عن مخاطر الجائحة الناشئة. لكن في مطلع شهر مارس، كانت الإصابات بفيروس كورونا المستجدّ والوفيّات المرتبطة به متفشّية، أكانت في المناطق السياحية أم في الأرياف التي تجذب القليل من المسافرين الأجانب. وكما أشارت الوثائق العسكرية المسرّبة أعلاه، فإن المسؤولين المصريين كانوا مدركين لهذا التفشّي، وربما قرّروا أنّ حالة الذعر التي قد تسبّبها توعية الشعب ستشكّل مشكلة اقتصادية وصحية عامة أكبر من الفيروس الذي لم يكن يُعرَف عنه الكثير في تلك المرحلة المبكرة.

 

إنّ محاولة فهم الدوافع وراء التفشي الأولي للفيروس في المناطق الريفية المصرية هي بمثابة تكهنات. تشير الوفيّات المفرطة المبكرة والمستمرّة في المناطق الريفية في مصر السفلى والوسطى، وهي مناطق غير سياحية على عكس الصعيد المصري والمدن الرئيسية، بأنّ التفشّي الأولي للفيروس مرّ مرور الكرام أمام أخصائيي الصحة العامة في مصر. نظراً للوفيّات المفرطة المتدنية في المناطق الحضرية في مصر السفلى والوسطى، قد تعكس هذه الاتجاهات جهود الشعب لمغادرة المدن بغية تفادي عملية الإغلاق التام والعدوى. وتعزّز هذه النظريةَ الزيادةُ السالبة للوفيّات التي لوحظت في المناطق الحضرية المجاورة.

 

من جهةٍ أخرى، قد تعكس الحالات المبكرة في محافظات أسيوط والبحيرة والغربية وسوهاج عودة العمال المهاجرين –المتحدرين أصلاً من هذه المناطق بأعداد كبيرة.42 كان العمال المهاجرون يعودون إلى ديارهم بأعدادٍ كبيرة، حتى قبل الجائحة، بعد قيام الشركات والوكالات الحكومية في الدول الخليجية بتسريح العمال الأجانب غداة تراجع أسعار النفط العالمية منذ مطلع العام 43.2015 نظراً لحالات الإصابة المبكرة بفيروس كورونا المستجدّ الموثّقة في الدول الخليجية، من الأرجح أن يكون العمال المصريون قد عادوا إلى وطنهم وهم مصابون بالفيروس –ربّما من دون أعراض- في فترةٍ مبكرة جداً من العام 2020. ويُعتقد أنّ حوالي مليون عامل مصري عادوا من الخارج إلى مصر في ربيع العام 44.2020

 

لفهم استمرار الوفيّات المفرطة في الأرياف المصرية، يجب النظر على الأرجح في البنى التحتية الصحية في البلاد والتفاوت في الحصول على رعاية صحية عالية الجودة. فعلى الرغم من أنّ مصر تقدّم رعاية صحية مدعومة لكافة مواطنيها، تهدف إلى مساعدة الفقراء بشكلٍ خاص، واجه النظام الصحي تحديات هيكلية لفترةٍ طويلة، ما ولّد انحيازاً لصالح المناطق الحضرية في تأمين الرعاية الصحية، وترك الطبقة الفقيرة في الأرياف أمام خيارات محدودة.45 فالمستشفيات الجامعية التي تقدّم رعاية صحية مجانية موجودة في المدن. وعلى الرغم من وجود مستوصف صغير في كل قرية تقريباً، إلّا أنّ هذه المستوصفات تعاني نقصاً في التمويل وفي الطاقم الطبي وهي مكتظّة لا سيما في ظل انتشار مرض جديد تتطلب مواجهته أدوية وتجهيزات جديدة مثل أجهزة التنفس الاصطناعي.

 

في المقابل، أُتيحت لسكان المدن – في القاهرة بشكلٍ خاص- مجموعةٌ من الخيارات الصحية، بما فيها أفضل المستشفيات في البلاد – العسكرية والجامعية عموماً. حتى عندما رزحت هذه المؤسسات تحت ضغوط قاسية في أوجّ الجائحة، تمكّنت من تقديم أفضل علاج متوفّر لمرضاها في أي وقت من فترة الجائحة. وعلى نطاقٍ أوسع، أثبتت جهود مصر القصيرة الأجل للتباعد الاجتماعي جدواها في المناطق الحضرية المكتظّة أكثر منه في المناطق الريفية.

 

وكانت للقيود المفروضة على المناسبات العامة والتنقّل العام وإقفال الجامعات وإغلاق العمل في القطاع النظامي آثارٌ على شرائح واسعة من سكان المدن، أقلّه في خلال ربيع عام 2020، ما ساهم في الحدّ من انتشار الفيروس. ونظراً لتمركز الوزارات والمكاتب الحكومية في العاصمة، كان لإقفال المكاتب الحكومية المؤقت تأثيرٌ على تفشّي الفيروس في القاهرة أكثر من المدن الأخرى. وترافقت الوفيّات المفرطة في أواخر ربيع وصيف عام 2020 مع القرار باعتماد سياسة “التعايش” مع الفيروس، لا سيما أنّه استمرّ بالتفشّي وكانت تداعياته الاقتصادية مكلفة.

 

 

التداعيات والتوصيات

 

لطالما مارست الحكومة المصرية سلطتها الأبوية تجاه شعبها، وهي مقاربة تختزل حذرها من إثارة الذعر في صفوف المواطنين من جهة، والاحتراس من إظهار ضعف الدولة من جهة أخرى. فغالباً ما ترافق ذلك مع اتّخاذها موقفاً دفاعياً في وجه الانتقادات الدولية، حيث واجهت الحكومة وعامة الشعب البيانات والنصائح الخارجية بمقاومةٍ عنيدة نابعة من مخاوف مرتبطة بالسيادة والفخر القومي. فانعكس ذلك في الاستجابةُ المصرية لجائحة فيروس كورونا المستجد على نطاقٍ أوسع؛ فحتى عندما شهدت الصين وأوروبا والولايات المتحدة ارتفاعاً حاداً في عدد الإصابات والوفيّات ذات الصلة، أظهرت مصر نفسها وكأنها البلد الوحيد المقاوِم والمحصّن ضد الهجوم القادم.

 

في الوقت نفسه، يجب أن نتذكّر كم كان الوضع العالمي ملتبساً في مطلع ربيع عام 2020 أمام ضئالة المعلومات حول جائحة فيروس كورونا المستجدّ ومفاعيلها الأوسع. من هذا المنطلق، يمكن تفهم صناع القرار المصريين على محاولتهم تهدئة مخاوف الشعب إزاء الفيروس، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الفريدة التي تواجهها البلاد. ومن المهم ذكره أنّه على المدى الطويل، سُجّلت نجاحات قليلة على الصعيد العالمي في مكافحة الجائحة، وليست مصر البلد الوحيد الذي عانى في وجه تفشّي المرض والوفيّات الناجمة عنه.

 

غير أنّ هذا المنطق لا يجب أن يشكّل ذريعة لفشل السياسة التي اعتمدتها مصر في خلال فترة الجائحة أو لعدم قدرة المسؤولين على فهم تأثير الجائحة في مصر فهماً كاملاً. فقد قوّض عجزُ المسؤولين عن تقديم تقديرات دقيقة للإصابات والوفيّات قدرةَ أخصائيي الصحة العامة على مواجهة تفشّي الفيروس بفعالية، لا سيما في المجتمعات الفقيرة والريفية المهمّشة. وعلاوة على ذلك، غذّى غيابُ بيانات دقيقة حول الإصابات والوفيّات الشائعات والمعلومات المغلوطة في مختلف أرجاء مصر، ما دفع المصريين إلى المخاطرة أكثر وعدم الانصياع للجهود الأولية الآيلة إلى الحدّ من انتشار الفيروس من خلال التباعد الاجتماعي أو التلقيح حين توفّر.

 

نظراً لترابط المجتمع الدولي والآثار المتوقّعة للاحتباس الحراري على الصحة العامة، من المرجّح أن يواجه العالم عدداً متزايداً من الأمراض والأوبئة أو الجوائح في السنوات القادمة. يمكن استخلاص ثلاثة مجالات واسعة النطاق من تجربة مصر مع جائحة فيروس كورونا المستجدّ وتأثيرها في عدد الوفيّات حيث يمكن تغيير السياسات والاستعداد لمواجهة الأزمات المستقبلية وزيادة فعالية المقاربات المعتمدة في وجه أزمات مماثلة:

 

  • إصلاح الرعاية الصحية في الأرياف: كشفت جائحة فيروس كورونا المستجدّ نقاط الضعف في النظام الصحي المصري، لا سيما في ما يتعلق بفعالية الرعاية الصحية في الأرياف. لطالما شكّل إصلاح تقديم الخدمات الصحية بشكل يعزّز التكافؤ في الحصول على العناية الصحية الأوّلية أولويّة بالنسبة للحكومة المصرية (والمانحين).46 لكن لم يُحرز تقدماً يُذكَر في هذا الإطار منذ أواخر التسعينات. فبالإضافة إلى دعم تحسينات أوسع في الرعاية الصحية في الأرياف، يجب أن تتأكّد السلطات في مجال الصحة العامة من أنّ قدراتها على مراقبة انتشار الفيروسات تشمل كافة أرجاء البلاد، وأنّها تملك الوسائل اللازمة لتعزيز قدرات المستوصفات الريفية بسرعة عند رصد حالات تفشّي (كالمستشفيات المتنقّلة مثلاً). لم تُقترح هذه التوصية عبثاً: فالإصلاح والاستثمار في الرعاية الصحية عمليةٌ مكلفة ومعقّدة، خاصة في المناطق الريفية، في الوقت الذي تخضع فيه موارد مصر لضغوط مالية قاسية. بيد أنّ هذه الجهود يمكن أن تحسّن حياة ملايين المواطنين المصريين تحسيناً جذرياً الآن وفي حال حدوث جائحة مستقبلية.

 

  • الاختبار والتتبّع: على الرغم من أنّ كافة البلدان شهدت تفشيّاً واسع النطاق لفيروس كورونا المستجدّ، اتّضح أنّ الدول التي نجحت في وقف موجات الفيروس الأولية والحدّ من الوفيّات إمّا فرضت قيوداً صارمة للتباعد الاجتماعي (نيوزيلندا على سبيل المثال) وإمّا أبقت اقتصادها مفتوحاً لكنّها طبّقت في المقابل سياسة الاختبار والتتبّع بحذافيرها (مثل كوريا الجنوبية وفيتنام).47 وعلى الرغم من أنّ جهود الاختبار والتتبّع الدقيقة باهظة الثمن ومعقّدة لوجستياً، إلّا أنّها سمحت للحكومات بالمحافظة على إقفالٍ ضيّق النطاق حين دعت الحاجة والحدّ من آثار الجائحة على العمالة. في وجه أوبئة مستقبلية، يمكن تعزيز قدرة مصر على اعتماد هذه المقاربة من خلال الاستثمار في المختبرات العامة أو الخاصة وفي القدرات المحلية على تطوير اختبارات جديدة داخل مصر أو بالتعاون مع البلدان المجاورة. نظراً للتكاليف المرتبطة بتحسين القدرة على الاختبار والتتبّع، يجب أن يشكّل بناء هذه القدرات أولوية بالنسبة إلى مانحي الدعم.

 

  • شفافية البيانات: ليست مصر الدولة الوحيدة حيث امتنع المسؤولون الحكوميون عن إطلاع المواطنين على المعلومات الكاملة حول انتشار الأوبئة والوفيّات الناجمة عنها. لقد اعتمدت كوريا الجنوبية هذه الإستراتيجية على سبيل المثال في وجه متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS) عام 2015.48 لكنّ السلطات الكورية رأت في نهاية المطاف أنّ مواجهة انتشار المرض من دون شفافية في البيانات أدّى إلى انتشار معلومات مضلّلة وبالتالي إلى نسف تدابير السلامة العامة والتقيّد بقواعد التباعد الاجتماعي، ما سمح بتفشّي المرض. إنّ تطوير القدرة على تعقّب المرض وتوفير البيانات للمواطنين يساهم في بناء ثقتهم بالدولة وبالمعلومات التي تزوّدها السلطات، ويضمن تعاونهم وعملهم يداً بيد لمكافحة تفشّي الأمراض.

 

 


الهوامش

1 World Health Organization, “The True Death Toll of COVID-19: Estimating Global Excess Mortality,” accessed March 22, 2023, https://www.who.int/data/stories/the-true-death-toll-of-covid-19-estimating-global-excess-mortality.

2 إنّ الإحصاءات الرسمية المتعلّقة بالوفيّات والحالات المؤكّدة من الإصابة بجائحة فيروس كورونا المستجدّ مستمدّة من قاعدة بيانات Our World in Data (عالمنا بالبيانات)، “جائحة فيروس كورونا المستجدّ”، التي تم الاطلاع عليها في 6 فبراير 2023. https://ourworldindata.org/coronavirus

3 Ibid.

World Health Organization, “14.9 Million Excess Deaths Associated with the COVID-19 Pandemic in 2020 and 2021,” News Release, May 5, 2022, https://www.who.int/news/item/05-05-2022-14.9-million-excess-deaths-were-associated-with-the-covid-19-pandemic-in-2020-and-2021; World Health Organization, “Global excess deaths associated with COVID-19 (modelled estimates),” May 5, 2022, accessed March 22, 2023, https://www.who.int/data/sets/global-excess-deaths-associated-with-covid-19-modelled-estimates.

5 Jennifer Holleis, “Authoritarian States Obscuring COVID Death Tolls,” Deutsche Welle (DW), August 6, 2021, https://www.dw.com/en/authoritarian-states-obscuring-covid-death-tolls-study-shows/a-58771888.

6 Maged Mandour, “Repression and Coronavirus Response in Egypt,” Sada (blog), July 15, 2020, https://carnegieendowment.org/sada/82304; Michael Safi, “Egypt Forces Guardian Journalist to Leave After Coronavirus Story,” The Guardian, March 26, 2020, https://www.theguardian.com/world/2020/mar/26/egypt-forces-guardian-journalist-leave-coronavirus-story-ruth-michaelson; “Egypt Arrests Doctors, Silences Critics Over Virus Outbreak,” Associated Press, July 6, 2020, https://apnews.com/article/health-united-nations-ap-top-news-virus-outbreak-international-news-cf9528ebff1d5dd7e3b95d467d7e9418.

7 Shahira Amin, “Egypt Battles COVID-19 Amid Flood of Misinformation, Conspiracy Theories,” Al-Monitor, March 30, 2020, https://www.al-monitor.com/originals/2020/03/egyptian-superstitions-jokes-on-coronavirus.html.

8 Ibid.

9 Jennifer O’Hara, “Unchecked COVID-19 Spread Leads to Virus Variants,” Mayo Clinic News Network, January 22, 2021, https://newsnetwork.mayoclinic.org/discussion/unchecked-covid-19-spread-leads-to-virus-variants/.

10 Robert P. Beschel Jr., Policy and Institutional Responses to COVID-19 in the Middle East and North Africa: Egypt, Report (Doha, Qatar: Brookings Doha Center, January 28, 2021), https://www.brookings.edu/research/policy-and-institutional-responses-to-covid-19-in-the-middle-east-and-north-africa-egypt/.

11 Egypt Today staff. “Egypt announces first Coronavirus infection,” Egypt Today, February 14, 2020, https://www.egypttoday.com/Article/1/81641/Egypt-announces-first-Coronavirus-infection.

12 Edward Yeranian,. “Egypt Reports 55 Confirmed Coronavirus Cases and First Casualty,” Voice of America News, March 9, 2020, https://www.voanews.com/a/science-health_coronavirus-outbreak_egypt-reports-55-confirmed-coronavirus-cases-and-first-casualty/6185508.html.

13 “Egypt Quarantines 300 Families in Daqahlia in Bid to Contain Coronavirus Outbreak: Minister,” Egypt Independent, March 17, 2020, https://egyptindependent.com/egypt-quarantines-300-families-in-daqahlia-in-bid-to-contain-coronavirus-outbreak-minister; “Policy Responses to COVID-19: Egypt,” accessed on November 30, 2022, International Monetary Fund, https://www.imf.org/en/Topics/imf-and-covid19/Policy-Responses-to-COVID-19#E.

14 “Egypt Will Have to Coexist with Coronavirus Until Vaccine: Health Minister,” Egypt Independent, May 3, 2020, https://egyptindependent.com/egypt-will-have-to-learn-to-coexist-with-coronavirus-until-vaccine-health-minister/, Lewis Sanders IV and Tom Allinson, “Egypt Tries Limited Restart to Crucial Tourism,” Deutsche Welle (DW), June 20, 2020, https://www.dw.com/en/egypt-tries-to-restart-tourism-during-coronavirus-pandemic/a-53876823.

15 “Coronavirus: Why Egypt Has Faced Criticism Over Antibody Tests,” British Broadcasting Corporation (BBC), August 15, 2020, https://www.bbc.com/news/av/world-africa-53773978.

16 Lamis ElSharkawy, “Egypt’s Coronavirus Vaccination Campaign: A Timeline,” Ahram Online, February 27, 2021, https://english.ahram.org.eg/NewsContent/1/64/404860/Egypt/Politics-/Egypts-coronavirus-vaccination-campaign-A-timeline.aspx.

17 Vaccination totals from Our World in Data Database, “Coronavirus Pandemic (COVID-19);”; For quality of rollout, see Amnesty International, “Egypt: Haphazard and Flawed Covid-19 Vaccine Rollout Fails to Prioritize Most At-Risk,” Press Release, June 29, 2021, https://www.amnesty.org/en/latest/press-release/2021/06/egypt-haphazard-and-flawed-covid-19-vaccine-rollout-fails-to-prioritize-most-at-risk.

18 استناداً إلى الحسابات المرتكزة على قاعدة بيانات Our World in Data (عالمنا بالبيانات) بشأن جائحة فيروس كورونا المستجدّ، بما فيها البلدان ذات الدخل المرتفع، فإنّ المعدّلات الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عموماً تصل إلى 49 في المئة في ما يتعلق بالذين حصلوا على جرعة واحدة على الأقل مقابل 42 في المئة للذين حصلوا على تلقيحٍ كامل.

19 Our World in Data Database, “Coronavirus Pandemic (COVID-19).”

20   FaKamal Tabikha, “Egypt’s Health Minister Says Country Has Achieved Covid-19 Herd Immunity,” The National, August 1, 2022, https://www.thenationalnews.com/mena/egypt/2022/08/01/egypts-health-minister-says-country-has-achieved-covid-19-herd-immunity/.

21 Our World in Data Database, “Coronavirus Pandemic (COVID-19).”

22 “Egypt: Noncommunicable Diseases,” World Health Organization, Regional Office for the Eastern Mediterranean, accessed on December 16, 2022. https://www.emro.who.int/egy/programmes/noncommunicable-diseases.html.

23 Mohammed Abdelaziz, “The Egyptian Response to Coronavirus: Denial and Conspiracy,” Fikra Forum, Washington Institute for Near East Policy, March 27, 2020, https://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/egyptian-response-coronavirus-denial-and-conspiracy; Ashleigh Tuite, Victoria Ng, Erin Rees, David Fisman, Annelies Wilder-Smith, Kamran Khan, and Isaac Bogoch, “Estimation of the COVID-19 Burden in Egypt Through Exported Case Detection,” The Lancet Infectious Diseases 20, no. 8 (March 2020): 894, https://doi.org/10.1016/S1473-3099(20)30233-4.

24 Ashraf Amin, “A Canadian Researcher’s Groundless Assumptions,” Ahram Online, March 16, 2020, https://english.ahram.org.eg/NewsContent/1/64/365397/Egypt/Politics-/A-Canadian-researchers-groundless-assumptions.aspx; Abdelaziz, “The Egyptian Response to Coronavirus.”

25 “117,000 COVID-19 Cases in Egypt Say Estimates: Minister,” Egyptian Streets, June 1, 2020, https://egyptianstreets.com/2020/06/01/100000-covid-19-cases-in-egypt-say-estimates-minister/.

26 Mohammed Medhat and Mohamed El Kaass, “COVID-19 in Egypt: Uncovered Figures or a Different Situation?” Journal of Global Health 10, no. 1 (June 2020), https://doi.org/10.7189%2Fjogh.10.010368.

27 MEE Staff, “Coronavirus: Egypt’s Army Introduces Strict Measures to Control Spread Among Soldiers,” Middle East Eye, March 27, 2020, https://www.middleeasteye.net/news/coronavirus-egyptian-army-imposes-strict-measures-protect-soldiers-covid19; “Leaked Army Document Reveals High Number of COVID-19 Infection Rates in 5 Governorates,” Egypt Watch, March 30, 2020, https://egyptwatch.net/2020/03/30/leaked-army-document-reveals-high-number-of-covid-19-infection-rates-in-5-governorates/..

28 Karlinsky and Kobak, “Tracking Excess Mortality.”

29 Ibid.

30 Ibid.

31 يعتمد تحليلنا على مجموعة من البيانات التي تتضمن بيانات شهرية حول الوفيّات من مصر ومن كل محافظة فيها للفترة الممتدة من 2015 حتى 2021. هذه البيانات مستقاة من إصدارات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بما فيها: CAPMAS, Egypt in Figures – 2020 (Cairo: CAPMAS, March 2021), https://www.capmas.gov.eg/Pages/Publications.aspx?page_id=5104&Year=23595; CAPMAS, Egypt in Figures – 2021 (Cairo: CAPMAS, March 2022), https://www.capmas.gov.eg/Pages/Publications.aspx?page_id=5104&Year=23595; CAPMAS, Annual Bulletin of Births and Deaths Statistics2020 (Cairo: CAPMAS, December 2021), https://www.capmas.gov.eg/Pages/Publications.aspx?page_id=5104&Year=23544; CAPMAS, Annual Bulletin of Births and Deaths Statistics – 2019 (Cairo: CAPMAS, December 2020), https://www.capmas.gov.eg/Pages/Publications.aspx?page_id=5104&Year=23544; CAPMAS, Annual Bulletin of Births and Deaths Statistics – 2018 (Cairo: CAPMAS, December 2019), https://www.capmas.gov.eg/Pages/Publications.aspx?page_id=5104&Year=23544; CAPMAS, Annual Bulletin of Births and Deaths Statistics – 2017 (Cairo: CAPMAS, December 2018), https://www.capmas.gov.eg/Pages/Publications.aspx?page_id=5104&Year=23544; CAPMAS, Annual Bulletin of Births and Deaths Statistics – 2016 (Cairo: CAPMAS, December 2017), https://www.capmas.gov.eg/Pages/Publications.aspx?page_id=5104&Year=23544; CAPMAS, Annual Bulletin of Births and Deaths Statistics – 2015 (Cairo: CAPMAS, December 2016), https://www.capmas.gov.eg/Pages/Publications.aspx?page_id=5104&Year=23544.

32 كان من المتفرض أن ينشر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء CAPMAS البيانات المتعلّقة بعام 2021 في ديسمبر 2022، لكنه لم يصدرها حتى صياغة هذه الورقة.

33 في ما يتعلق بالهجوم على المسجد في سيناء في نوفمبر 2017، قمنا بطرح 305 حالة وفاة من المجموع، مع التأكّد من أنّ عدد الوفيّات الشهري يتوافق مع الظروف الطبيعية في شهر نوفمبر. أمّا بالنسبة إلى عدد الوفيّات المرتفع في خلال موجة الحرّ في أغسطس 2015، فكان الاحتساب أصعب بسبب الوفيّات الناجمة عن موجة الحرّ نفسها؛ وفي هذه الحالة، قمنا بنمذجة معدّلات الوفيّات المتوقّعة لكلّ محافظة في مصر لشهر أغسطس 2015، مستخدمين نتائج انحدار البيانات الخطي الشهري للفترة الممتدّة بين العامين 2015 و2019، بما فيها الآثار الثابتة الشهرية، بهدف توقّع الوفيّات في أغسطس 2015 لو لم تحصل موجة الحرّ.

34 من الصعب مقارنة الوفيّات المفرطة عن العدد الرسمي للوفيّات المرتبطة بجائحة فيروس كورونا المستجدّ في مصر مع الأعداد المسجّلة في بلدان مماثلة، نظراً لقلة الدول التي تزوّد بيانات دورية عن الوفيّات التي تسمح بتحليل الوفيّات المفرطة، ونظراً للرابط القائم بين تصنيف بلدٍ ما من ناحية الدخل وتوفّر المعلومات الإحصائية عن السكان. في ما يتعلق بالبلدان الـ97، يمثّل مجموع الوفيّات المفرطة للفترة الممتدّة بين العامين 2020 و2021 مرّة ونصف العدد الرسمي للوفيّات الناجمة عن فيروس كورونا المستجدّ. بالنسبة إلى البلدان المتوفرة ذات الدخل المنخفض –والمتوسط- (أي 48 دولة)، يشكّل مجموع الوفيّات المفرطة 2,7 ضعف عدد الوفيّات الرسمي. مقارنةً مع بلدان معيّنة، ما من دولة تتخطّى مصر باستثناء أوزبكستان (23 ضعفاً) وهونغ كونغ (14 ضعفاً).

35 Our World in Data Database, “Coronavirus Pandemic (COVID-19).”

36 CAPMAS, Egypt in Figures – 2020; CAPMAS, Egypt in Figures – 2021; CAPMAS, Annual Bulletin of Births and Deaths Statistics – 2020; CAPMAS, Annual Bulletin of Births and Deaths Statistics – 2019; CAPMAS, Annual Bulletin of Births and Deaths Statistics – 2018; CAPMAS, Annual Bulletin of Births and Deaths Statistics – 2017; CAPMAS, Annual Bulletin of Births and Deaths Statistics – 2016; CAPMAS, Annual Bulletin of Births and Deaths Statistics – 2015.

37 Our World in Data Database, “Coronavirus Pandemic (COVID-19);” CAPMAS, Egypt in Figures2020; CAPMAS, Egypt in Figures – 2021; CAPMAS, Annual Bulletin of Births and Deaths Statistics – 2020; CAPMAS, Annual Bulletin of Births and Deaths Statistics – 2019; CAPMAS, Annual Bulletin of Births and Deaths Statistics – 2018; CAPMAS, Annual Bulletin of Births and Deaths Statistics – 2017; CAPMAS, Annual Bulletin of Births and Deaths Statistics – 2016; CAPMAS, Annual Bulletin of Births and Deaths Statistics – 2015.

38 CAPMAS, Egypt in Figures – 2020; CAPMAS, Egypt in Figures – 2021; CAPMAS, Annual Bulletin of Births and Deaths Statistics – 2020; CAPMAS, Annual Bulletin of Births and Deaths Statistics – 2019; CAPMAS, Annual Bulletin of Births and Deaths Statistics – 2018; CAPMAS, Annual Bulletin of Births and Deaths Statistics – 2017; CAPMAS, Annual Bulletin of Births and Deaths Statistics – 2016; CAPMAS, Annual Bulletin of Births and Deaths Statistics – 2015.

39 Ibid.

40 Ibid.

41 Ibid.

42 Ibrahim Awad, “On Occasion of the Pandemic: Reflections on Egyptian Labour Migration,” International Migration 59, no. 1 (February 2021): 281–284, https://doi.org/10.1111%2Fimig.12818.

43 Hossam Rabie, “Egypt Finds Its Nationals New Job Markets Abroad,” Al-Monitor, March 5, 2019, https://www.al-monitor.com/originals/2019/03/job-nationalization-gulf-countries-affect-work-egyptians.html.

44 Amr Mostafa, “Egyptians Returning from the Gulf Face Uncertain Economic Future,” Al-Monitor, June 4, 2020, https://www.al-monitor.com/originals/2020/06/egypt-working-gulf-return-economy-coronavirus.html.

45 Ahmed Shoukry Rashad and Mesbah Fathy Sharaf, “Who Benefits from Public Healthcare Subsidies in Egypt?,” Social Sciences 4, no. 4 (November 2015): 1162–1176, https://doi.org/10.3390/socsci4041162; Soha Bayoumi, “Health and Social Justice in Egypt: Towards a Health Equity Perspective,” in World Social Sciences Report: Challenging Inequalities, Pathways to a Just World (Paris: UNESCO, 2016), https://unesdoc.unesco.org/ark:/48223/pf0000245958.

46 See, for example, World Bank, Egypt’s Health Sector Reform and Financing Review, Study, (Washington, DC: World Bank, February 2004), https://documents1.worldbank.org/curated/fr/245241468770714134/pdf/411970EG0Healt1ver0P07631901PUBLIC1.pdf; Health Systems 20/20, Preventative Health Sector Assessment: The Current Landscape of Maternal and Child Health Services in Egypt, Study, (Bethesda, Maryland: Abt Associates, June 2012), https://www.hfgproject.org/wp-content/uploads/2015/02/Preventive-Health-Sector-Assessment-the-Current-Landscape-of-Maternal-and-Child-Health-Services-In-Egypt.pdf.

47  فيتنام، كبلدٍ متوسط الدخل من الشريحة الدنيا مثل مصر، خير دليل على ذلك. فقد سعت فيتنام إلى المحافظة على اقتصاد مفتوح طوال فترة الجائحة، فعملت مع المختبرات المحلية على تطوير القدرات المحلية على إجراء اختبارات لكشف الفيروس وبنت قدرات متينة لتحقيق ذلك، فأجرت اختبارات لأكثر من 880 شخص لكلّ ألف مواطن في البلاد. سمح ذلك للسلطات بتحديد مواقع التفشي الجغرافية الضيفة كما سمح الإقفال التام الموجّه والقصير الأمد بالحدّ من انتشار الفيروس. في المقابل، لا تجري مصر اختبارات سوى لكل 55 من أصل 100 شخص، ما يُقيّد قدرة السلطات على الاختبار وتتبّع تفشي الفيروس.

48 Paul Dyer, Policy and institutional responses to COVID-19: South Korea, Report (Doha: Brookings Doha Center, June 15, 2021), https://www.brookings.edu/research/policy-and-institutional-responses-to-covid-19-south-korea/.