إيران في الشرق الأوسط:

بناء الجسور أم توسيع النفوذ؟

ملف، أبريل 2024
زميل أول غير مقيم

زميل غير مقيم

19 أبريل، 2024

المقدّمة

 

إنّ دور إيران في الشرق الأوسط تاريخي ومتغيّر، يميّزه تداخل إستراتيجي بين الدين والأيديولوجيا والسياسة والديناميات الإقليمية. ونظراً لموقعها في قلب منعطفات جيوسياسية حيوية، تترتّب على تصرّفات إيران آثارٌ بعيدة المدى يتردّد صداها في جميع أنحاء المنطقة وخارجها. يفكّك هذا الملفّ التعقيدات التي تحيط بسياسة إيران الإقليمية، والتي تشكّلت من مزيج من الموروثات التاريخية والتوجهات الأيديولوجية والمصالح الإستراتيجية والتطلّعات السياسية. 

 

وتشكّل أهمية علاقات إيران مع الدول المجاورة لها – الممتدّة من تركيا في الشمال الغربي إلى الدول الخليجية في الجنوب جانباً أساسياً من سياستها الإقليمية. ويميّز التداخل المعقّد بين التعاون والمنافسة هذه التفاعلات، مع ما يترتّب على ذلك من عواقب كبيرة على استقرار المنطقة وأمنها. لقد كانت علاقة إيران مع جوارها متقلّبة، حيث تأرجحت ما بين الخطاب العدائي والحوار ومواقفها الإستراتيجية. (…)

 

يقدّم هذا الملف نظرة شاملة عن الموضوعات ذات الصلة بسياسة إيران الخارجية، بالإضافة إلى فهم دقيق لدور إيران في الشرق الأوسط والاستجابات التي يثيرها من الجهات الفاعلة الإقليمية والخارجية. 

 

قراءة المزيد

 

 

القسم الأول: سياسة إيران الإقليميّة

 

  • الفصل الأول: سياسة الجوار الإيرانية: تقييم – مهران كمرافا

 

  • الفصل الثاني: العلاقات الإيرانية السورية وسط ديناميات إعادة الضبط الإقليميّ – حميد رضا عزيزي

 

  • الفصل الثالث: مسار العلاقات الإيرانية السعوديّة: الفرص والتحدّيات – فاطمة الصمادي

 

  • الفصل الرابع: دور إيران في حرب اليمن: الأثر الحقيقي والمكاسب الإقليمية – فوزي الغويدي

 

  • الفصل الخامس: إيران ودورها المتغيّر في الحغرافيا السياسية العراقية: من التنافس إلى التحالف – مهنّد سلوم

 

القسم الثاني: الجهات الفاعلة الدولية وسياسة إيران الخارجية

 

  • الفصل السادس: إيران والاتفاق النووي: إلى أين؟ – شهرام أكبر زاده

 

  • الفصل السابع: سياسة رئيسي الخارجية لإحياء مكانة إيران الدولية: استمرارية لأسلافه – لوتشيانو زاكارا

 

  • الفصل الثامن: صعود إيران؟ تغيّر المفاهيم والطموحات العالمية في عهد رئيسي – آزادي زاميريراد

 

 

الخاتمة

 

لقد أدّت الحرب المستمرّة على غزة وحملة الإبادة الجماعية العسكرية التي تشنّها إسرائيل إلى زيادة التوتّرات بين إيران والولايات المتحدة وإسرائيل. وتعزو واشنطن وحلفاؤها هذه التوتّرات أيضاً إلى دعم طهران المستمرّ للجهات الفاعلة الإقليمية أعضاء ما يسمى بـ “محور المقاومة“. ويتألّف المحور، بالإضافة إلى حماس وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، من الحوثيين في اليمن ونظام الأسد في سوريا، بالإضافة إلى عدد من الميليشيات الشيعية العراقية. وكما بيّنت فصول هذا الملف بالتفصيل، لقد ردّت القيادة الإيرانية في خضم الحرب على غزة مشدّدة على دورها كمحرّك لهذا المحور. ويؤكّد هذا الرّد من جديد ادّعاء طهران القديم بدعم القضية الفلسطينية، وعلى نطاق أوسع، مصالح العالم الإسلامي. وهو ما يميّز إيران عن الدول المجاورة لها من خلال تذكير المراقبين بمعارضتها المستمرّة لإسرائيل، بعد أن أُزهِقت الدماء والأموال في مقاومة الهيمنة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية. 

 

قراءة المزيد

 

 

 

يودّ المحرّران التنويه بأنّ العمل على هذا الملف اكتمل قبل الهجوم الإيراني بالطائرات المسيّرة والصواريخ على إسرائيل في 13 أبريل. وكانت الضربات أول هجوم مباشر لطهران على إسرائيل، والذي اعتُبِر كردّ انتقامي على الغارة الإسرائيلية على القنصلية الإيرانية في دمشق في 1 أبريل. يقدّم هذا الملف نظرة معمّقة على إيران ورؤيتها السياسية، ولا يعكس التحليل التطوّرات الأخيرة. 

 

إنّ الآراء الواردة في هذا الملف تخصّ المؤلّفين حصراً ولا تعكس رأي مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية.

فصول الملف

إنّ دور إيران في الشرق الأوسط تاريخي ومتغيّر، يميّزه تداخل إستراتيجي بين الدين والأيديولوجيا والسياسة والديناميات الإقليمية.
شهرام أكبر زاده، حميد رضا عزيزي
أعلن إبراهيم رئيسي بعد فترة وجيزة من انتخابه رئيساً لإيران في العام 2021، أنّ تحسين علاقات إيران مع الدول المجاورة لها يمثّل هدفاً من أهداف سياسته الخارجية الرئيسية. وفي غضون أشهر، قامت الإدارة الجديدة في طهران بصياغة "سياسة الجوار" التي نصّت على تحسين علاقات إيران مع الدول العربية المجاورة لها، وتحديداً المملكة العربية السعودية.1 إنّ الجهود الرامية إلى تحسين علاقات إيران مع الدول المجاورة لها في مرحلة ما بعد الثورة ليست جديدة، فقد برزت في خلال إدارات الرؤساء السابقين أكبر هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي وحسن روحاني. ولكنّها المرة الأولى التي تتبنّى فيها الحكومة الإيرانية رسمياً سياسة حسن الجوار كنهجٍ رسميّ.
مهران كامرافا
توطّدت العلاقة بين إيران وسوريا بشكلٍ ملحوظ منذ اندلاع الثورة الإسلامية في إيران في العام 1979. وقد ترسّخ هذا التحالف أكثر فأكثر في خلال الحرب الأهلية السورية، التي بدأت في العام 2011. وطوال تلك الفترة، برزت إيران كمؤيدٍ ثابت للرئيس السوري بشار الأسد، وقدّمت لنظامه دعماً عسكرياً ومالياً كبيراً. ولم يكن هذا الدعم المطلق دليلاً على تحالف النظامين فحسب، بل مؤشّراً على مصالح إيران الإستراتيجية في المنطقة على حدّ سواء.
حميد رضا عزيزي
في سياق المشهد الجيوسياسي المعقّد في الشرق الأوسط، تمثّل العلاقة بين إيران والعراق دراسة مقنعة للتحوّلات والمنعطفات. فقد انتقلت الدولتان عبر السنين من التنافس الشديد إلى التعاون المفاجئ. فالتجارب المروّعة لحرب الثمانينات محفورة بعمق في ذاكرتهما الجماعية.
برزت إيران في السنوات العشرة الأخيرة كلاعبٍ إقليمي رئيسي في الشأن اليمني، كما ارتبط ذكرُها بجماعة أنصار الله (الحوثيين) وبأنّها الداعم الأساسي للجماعة التي اتّهمتها أطرافٌ متعدّدة أنّها وكيلتها في اليمن ضد النفوذ السعودي. كذلك، يكثر الحديث في الدوائر السياسية والبحثية عن النفوذ الإيراني في اليمن الذي اتّخذ ثلاثة اتجاهات: الأول هو تضخيم حجم النفوذ الإيراني في اليمن واعتبار جماعة الحوثي أحد وكلائها في المنطقة. ويدعم هذا الاتجاه الحكومة المعترف بها دولياً وحلفاءها من المملكة العربية السعودية.
فوزي الغويدي
في مارس 2023، اتّفقت السعودية وإيران على استئناف العلاقات الدبلوماسية. ومع ذلك، تشير أحداث أخرى أخيرة إلى أنّ الطريق ما زال طويلاً أمام العلاقات الإيرانية السعودية. ففي يونيو 2023، طلبت المملكة العربية السعودية تغيير مكان عقد مؤتمر صحفي مشترك، إذ ظهرت في الغرفة صورة لقائد فيلق القدس الإيراني الراحل، الجنرال قاسم سليماني.
فاطمة الصمادي
أظهر الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي مهارةً في إدارة العلاقات الدولية المعقّدة على عكس توقّعات الكثيرين بأن تتّسم ولايته بالعزلة والجدالات. يشير هذا الفصل إلى أنّ رئيسي قد عزّز مكانة إيران على الساحة الدولية، لا من خلال تطوير إستراتيجية جديدة، بل من خلال البناء على الأساس الذي وضعه أسلافه.
لوتشيانو زاكارا
لقد وضع الرئيس إبراهيم رئيسي سياستي "الجوار" و"التوجه شرقاً" الإيرانيتين في قلب نهجه للعلاقات الخارجية. وفي حين تداخلت مجالات هاتين السياستين في السابق، إلّا أنّها أصبحت اليوم أكثر ترابطاً بعد حرب روسيا ضد أوكرانيا، وانخراط الصين سياسياً في منطقة الخليج، وهجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023. وقد أثّرت هذه التطورات بشكل ملحوظ في تصوّر إيران لنفسها، وحساباتها الخاصة في السياسة الخارجية: تتبنّى طهران اليوم بالكامل وجهة نظرها الشرقية، وتستعرض قوّتها بشكل أكثر حزماً، كما تسعى بنشاط إلى تحقيق هدفها الإصلاحي المتمثّل بتشكيل نظام ما بعد الغرب.
آزادي زاميريراد
لقد أدّت الحرب المستمرّة على غزة وحملة الإبادة الجماعية العسكرية التي تشنّها إسرائيل إلى زيادة التوتّرات بين إيران والولايات المتحدة وإسرائيل. وتعزو واشنطن وحلفاؤها هذه التوتّرات أيضاً إلى دعم طهران المستمرّ للجهات الفاعلة الإقليمية – أعضاء ما يسمى بـ "محور المقاومة".
شهرام أكبر زاده، حميد رضا عزيزي