بذل المتخصّصون في قطاع الصحة العامة حول العالم جهوداً جهيدة طوال مدّة تفشّي جائحة فيروس كورونا المستجدّ لإحصاء عدد حالات الإصابة بالفيروس والوفيات الناجمة عنه بشكل دقيق. وجاء هذا الإحصاء نتيجة غياب الفحوصات الدقيقة وضعف مؤسسات النظام الصحي وتباين وجهات النظر حول كيفية إحصاء عدد الوفيات ما بين الأشخاص الذين يعانون أمراضاً مصاحبة كامنة، مثل السرطان وأمراض القلب والسكّري. لكن مع استرجاع أحداث الماضي، يمكننا أن نقدّر بدقّةٍ عدد الوفيات المرتبط بجائحة فيروس كورونا المستجدّ عبر استخدام تحليل الوفيات المفرطة الذي يتيح لنا إظهار التباين بين عدد الوفيات الإجمالي في بلد معيّن وعدد متوقّع للوفيات يستند إلى نتائج سابقة متعلّقة بالوفيات: في خلال فترة الجائحة، يسمح التباين بين العدد الإجمالي للوفيات والعدد الممكن توقّعه للوفيات في الظروف الطبيعية، أي الوفيات المفرطة، بتقدير عدد الوفيات الإجمالي المرتبط بالجائحة.1
ومع تقييم البيانات المتعلّقة بالوفيات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بين العامَين 2020 و2021، نجد أنّ عدد الوفيات الرسمي المرتبط بفيروس كورونا المستجدّ كان دقيقاً نوعاً ما، لكن تخطّاه عدد الوفيات المفرطة بشكل طفيف في معظم البلدان.2 فعدد الوفيات المفرطة يتخطّى عدد الوفيات الرسمي المتربط بفيروس كورونا المستجدّ بشكل طفيف في معظم البلدان التي تمّ تقييمهاً. وفي المقابل، يشير تحليل الوفيات المفرطة إلى أنّ العدد الرسمي للوفيات من جرّاء الفيروس في الجزائر ومصر قلّل كثيراً من العدد الحقيقي للوفيات الناجمة عن الفيروس. فعلى سبيل المثال، أعلنت مصر رسمياً أنّ عدد الوفيات الناجمة عن الجائحة بلغ 752,21 حالة فحسب بين العامَين 2020 و2021، فيما بلغ عدد الوفيات المفرطة في الفترة عينها حوالى 280 ألف حالة. (راجع ورقة داير 2023 بعنوان “الوفيّات المفرطة وتأثير جائحة فيروس كورونا المستجدّ في مصر للاطّلاع على تحليل أعمق للوفيات المفرطة في مصر.)
الوفيات المفرطة مقابل الوفيات الرسمية المرتبطة بجائحة فيروس كورونا المستجدّ في بلدان معيّنة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بين العامَين 2020 و2021