كسر الحلقة المفرغة:

كيف يمكن لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا معالجة انعدام الأمن الغذائي؟

موجز قضية، فبراير 2023
باحثة مشاركة ومديرة البرامج - البحوث
باحثة مساعدة - البحوث

النقاط الرئيسية

 

خطر انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في مختلف أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: تزداد حدّة مسألة الأمن الغذائي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بسبب عددٍ من العوامل المعقّدة. ينتشر النقص في الغذاء في ظل عجز الدول عن الاستمرار في تأمين ما يكفي من الإمدادات الغذائية. 

 

مستويات الحصول على الغذاء تختلف باختلاف البلدان والفئات الاجتماعية: يرزح بعض البلدان تحت الصراعات والقيود المالية التي تقلّل من أمنها الغذائي. وتعاني المجموعات المهمّشة، لا سيما النساء والأُسَر ذات الدخل المنخفض، مستويات منخفضة أكثر من الأمن الغذائي. 

 

تغير المناخ والعوامل الهيكلية على رأس قائمة مسببات انعدام الأمن الغذائي: إنّ المسائل الهيكلية على غرار الممارسات الزراعية غير المستدامة والنقص في التنمية الريفية، بالإضافة إلى الآثار المضاعفة لتغير المناخ، تساهم في تأجيج حالة انعدام الأمن الغذائي. 

 

تطوير القدرات البحثية أساسيّ لزيادة الإنتاج الغذائي: ينبغي على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن تُركّز على زيادة قدراتها للإنتاج الغذائي المحلي وعلى استخدام مواردها بفعالية، ما يتطلّب المزيد من الاستثمار في التكنولوجيا والبحوث الزراعية التي بإمكانها مواجهة التحديات القائمة. 

 

المقدّمة

 

أصبح انعدام الأمن الغذائي1 قضيةً ملحّة في العالم أجمع. لقد أدّت تداعيات الحرب في أوكرانيا والآثار المستمرّة لجائحة فيروس كورونا المستجدّ إلى تفاقم الحالة العالمية لانعدام الأمن الغذائي في ظلّ التباطؤ الاقتصادي العالمي. فتزعزعت الأنظمة الغذائية وتركت أعداداً كبيرة من السكان دون إمكانية الحصول على تغذية كافية. وفي هذا السياق، تُقدّر منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) بأنّ 222 مليون فرد2 (أي 2,8 في المئة من سكان العالم) يعانون حالياً انعداماً حاداً في أمنهم الغذائي،3 في حين تعاني نسبة حوالي 10 في المئة من السكان نقصاً في التغذية.4 ومن المتوقّع أن يسوء الوضع إذ تقدّر الأمم المتحدة أنّه بحلول عام 2030، ستكون نسبة حوالي 8 في المئة من سكان العالم في دائرة الجوع.5

 

وفي الوقت الذي تواجه فيه بلدان العالم أجمع التحديات المعقدّة الناجمة عن انعدام الأمن الغذائي، إلّا أنّ هذه المسألة ملفتة للنظر بشكل خاص في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تعيش فيها نسبة حوالي 6 في المئة من سكان العالم؛6 لكنها تضمّ كذلك 54,3 مليون نسمة – أي 12,2 في المئة – ممن يعانون نقص التغذية في العالم.7 بالإضافة إلى التحدّيين العالميّين المتمثّلين بتغيّر المناخ وتباطؤ الاقتصاد،8 اللذين أثّرا في المنطقة تأثيراً بالغاً، لا بدّ من أن تعالج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مسائلها الداخلية مثل أنظمة استيراد الأغذية غير المستقرّة والاعتماد المفرط على الأساليب الزراعية التقليدية. إنّ تخطّي الحواجز المختلفة التي تعترض الأمن الغذائي سيتطلّب بذل جهود شاملة بغية تعزيز قدرات المنطقة من جهة وتمتين التعاون بين بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والجهات الفاعلة الإقليمية والدولية من جهةٍ ثانية.

 

حالة انعدام الأمن الغذائي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

 

تعاني منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ندرةً في المياه واقتصادات متقلّبة واعتماداً مفرطاً على استيراد الأغذية، ما يجعلها أكثر عرضةً لمستويات أعلى من انعدام الأمن الغذائي. ويؤثّر تغيّر المناخ في المنطقة بشكلٍ متزايد، إذ تتعرّض لفترات جفاف طويلة ولموجات حرّ تؤثّر مباشرة في الإنتاج الزراعي. إنّ اعتماد المنطقة المحدود للأساليب الزراعية الحديثة يجعل من هذه المسألة قضية ملّحة، في الوقت الذي تشحّ فيه الموارد وتزداد الحاجة إلى تحسين فعالية الإنتاج الغذائي. وقد أرهقت الحربُ في أوكرانيا الأمنَ الغذائي في مختلف أرجاء المنطقة والعالم.9 بالفعل، يشكّل الصراع سبباً أساسياً آخر لانعدام الأمن الغذائي في المنطقة نفسها، بحيث ثؤثّر الصراعات المستمرّة في عدد من بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكلٍ مباشر في الأمن الغذائي لشعوبها وسكان البلدان المجاورة لها.

 

تزداد هذه المسألة تعقيداً بسبب بعض العوامل السياسية والتهميش المتعمّد الممارَس بحق مجموعات معيّنة.

 

تتخبّط المنطقة في مشاكل انعدام الأمن الغذائي بمختلف أبعادها. بهدف قياس الأمن الغذائي، يعتمد البنك الدولي على أربعة أبعاد رئيسية،10 كالتالي:

 

البعد التعريف الصلة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
التوفُّر المادي للغذاء يتعلّق بجانب العرض للمواد الغذائية الموجود في أي دولة وقدرتها على تلبية حاجات السكان بشكل كاف. إنّ النقص في الأراضي الصالحة للزراعة في المنطقة يجعل من ذلك تحدياً خاصاً بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فمن دون بيئة ملائمة لاستدامة الإنتاج المحلي للمواد الغذائية، تضطر بلدان المنطقة إلى الاعتماد على الواردات للحفاظ على إمداداتها الغذائية. يربط هذا الاعتماد حالةَ الأمن الغذائي في المنطقة بالقدرة على الاستيراد المستقر. وقد أدّى النقص في الإمدادات الغذائية الكافية إلى تفاقم نقص التغذية في المنطقة؛ فازدادت نسبة نقص التغذية في الأردن من 6 في المئة في خلال الفترة الممتدة بين 2013 و2015 إلى حوالى 17 في المئة عام 2021. 11
الحصول المادي والاقتصادي على المواد الغذائية يتعلّق بمدى تمكّن السكان من الحصول على ما يكفي من المواد الغذائية. في ظل الصراعات القائمة والناشئة في المنطقة، تعاني مجموعات متعدّدة التهميش، ما يعني أنّ الحصول على المواد الغذائية لا يتم على قدم المساواة بين المجموعات كافة في البلد الواحد. إزاء نقص الغذاء في سوريا، اعتمد نظام بشار الأسد عام 2021 نظام البطاقات الذكية لتوزيع المواد الغذائية من خلال حصص الإعاشة.12 إنما يتوجب على حاملي تلك البطاقات أولاً أن يقدّموا رقم الضمان الاجتماعي، وهو غير متوفر للكثيرين منهم.13 إنّ وضع آليات لتوزيع الغذاء قائمة على شروط مسبقة ومرتبطة أحياناً بالوضعين القانوني والسياسي، يزيد من تهميش بعض المجموعات، ما ينعكس على إمكانية الحصول على المواد الغذائية بشكلٍ عام.
الاستفادة من المواد الغذائية يشدّد على القيمة الغذائية للمواد الغذائية المستهلكة على الصعيد الوطني. تسجّل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مستويات عالية من فقر الدم، خاصة لدى النساء، وتصل هذه النسبة إلى 70 في المئة في صفوف النساء في سن الإنجاب.14 إنّ انتشار فقر الدم والسمنة15 يعكس ضعف أداء المنطقة في ما يتعلق بالاستفادة من المواد الغذائية.
استقرار الأبعاد الثلاثة الأخرى بمرور الوقت يتعلق بمدى استقرار العوامل المذكورة أعلاه. تواجه المناطق دون الإقليمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قضايا مختلفة على شتى المستويات. فانعدام الاستقرار الاجتماعي والسياسي والاقتصادي في المنطقة يعقّد عملية تحقيق الأمن الغذائي ويؤجج المسائل المتعلقة بالحصول على المواد الغذائية وتوفّرها والاستفادة منها.

 

إنّ الوضع في بعض بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أسوأ من غيرها. وتتصدّر الدول الخليجية لائحة البلدان الأكثر أمناً للغذاء، على الرغم من إنتاجها لأقل كمية من المواد الغذائية، بحيث تأتي الإمارات العربية المتحدة وقطر في المرتبتين 26 و29 على التوالي على قائمة 170 دولة من حيث الأمن الغذائي.16 ويعود ذلك إلى قدرتهما المالية، المتأتية إلى حدّ بعيد من عائدات النفط والغاز، على شراء المواد الغذائية التي تحتاجها من الأسواق العالمية. وقد أبدت دول مجلس التعاون الخليجي اهتماماً متزايداً بالاستثمار في أراضٍ قابلة للزراعة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. اتفقت أوغندا والإمارات العربية المتحدة عام 2018 على التعاون لإنشاء منطقة زراعية حرّة في أوغندا.17 يؤمّن هذا الاتفاق للشركات المتواجدة في الإمارات العربية المتحدة إمكانية استخدام مساحة 2500 هكتار لأغراض زراعية مختلفة، ما يعزّز قدرة دولة الإمارات على إنتاج المواد الغذائية من خلال الأراضي الخصبة في أوغندا.18 في المقابل، احتلت سوريا واليمن المرتبتين 148 و160 على قائمة الأمن الغذائي بسبب الصراعات المستمرّة في البلدين، علماً أنّ سوريا التي تشكّل جزءاً من “الهلال الخصيب” كانت في الماضي سلّة غذاء المنطقة (راجع الخريطة والجدول أدناه).19

 

 المصدر: Deep Knowledge Analytics, 2022.

 

ملاحظة: استندت المؤلّفتان إلى مؤشر الأمن الغذائي لـ”Deep Knowledge Analytics” عند إعداد الخريطة.20

 

تُعتبر الفجوة بين الجنسين وكذلك الفجوة بين المناطق الريفية والحضرية في أرجاء المنطقة من أهم أسباب عدم مساواة الأمن الغذائي. يعكس هذان العاملان عنصر الدخل والقدرة على تحمّل تكلفة المواد الغذائية. وبحسب النساء اللواتي شاركن في استطلاع الدورة السابعة من البارومتر العربي،21 وهنّ من بلدان تعاني فجوةً بين الجنسين من حيث نتائج سوق العمل – معدلات المشاركة في القوى العاملة والتوظيف- لا سيما في العراق والأردن، فإنّ معدّل حصولهنّ على الغذاء أقلّ مقارنةً بالرجال. في الوقت نفسه، أشارت النساء اللواتي لديهنّ مصدر دخل شخصي أنهنّ في حالة أمن غذائي أكبر من اللواتي ليس لديهن مصدر دخل شخصي. أمّا الفجوة بين الرجال الذين لديهم مصدر دخل شخصي والذين من دون دخل شخصي فكانت أصغر بكثير. كما وأنّ الفجوة بين المناطق الريفية والحضرية بارزة في عدد من البلدان، مثل لبنان والمغرب وتونس، حيث سجّل سكان المناطق الريفية معدلات أعلى لانعدام الأمن الغذائي ومخاوفهم من هذا الموضوع. على الرغم من أنّ المناطق الريفية غالباً ما تشكّل حزاماً زراعياً وسلّة للإنتاج الزراعي في البلاد، إلّا أنّها تفتقر إلى الخدمات والفرص الاقتصادية وتسجّل معدّلات فقر أعلى؛ وتحدّ كلّ هذه العوامل من إمكانية الحصول على المواد الغذائية التي يمكن تحمّل تكلفتها.22

 

الدوافع البيئية والهيكلية

 

يؤثّر تغيّر المناخ والضغوط البيئية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كما يؤثّر في سائر المناطق. في خلال العقد الفائت، شهدت بلدان المنطقة طقساً أكثر تطرّفاً وارتفاعاً في درجات الحرارة ونقصاً في هطول الأمطار وفترات من الجفاف.23 يُعدّ 11 بلداً في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من بين البلدان الـ17 الأكثر معاناةً من الإجهاد المائي في العالم، وتستحوذ الزراعة على أكثر من 80 في المئة من استهلاك المياه مقابل نسبة 70 في المئة عالمياً (الرسم البياني 2).24 إنّ توجيه القسط الأكبر من المياه نحو الزراعة يحدّ كثيراً من قدرة المنطقة على تنويع استهلاك إمدادات المياه. وفي ظل تفاقم مشكلة ندرة المياه والنقص في الأراضي الصالحة للزراعة، أصبح الإنتاج المحلي في خطر. لقد خسر العراق على سبيل المثال نصف أراضيه الصالحة للزراعة نتيجةً لتملّح التربة التدريجي منذ السبعينيات.25 وقد استدعى ذلك تعاوناً بين العراق وتركيا لاستخدام نهر دجلة من خلال استراتيجية “السلام الأزرق” الشاملة.26 في الجوهر، أصبحت دول المنطقة تدرك أنّ التعاون في ما بينها أساسيّ في ظل تضاؤل الموارد.

 

المصدر: World Resources Institute, 2020. 27

 

ملاحظة: يقيس الإجهاد المائي إجمالي المسحوب السنوي من المياه كنسبة مئوية من إجمالي المياه الزرقاء المتوفرة سنوياً لعام 2020 على أساس سيناريو “العمل كالمعتاد”. تُشير المعدلات الأعلى إلى زيادة المنافسة بين المستخدمين.

 

وقد أدّت ندرة المياه أيضاً إلى نشوب صراع سياسي في المنطقة، كما في العراق ومصر.28 ووضع بناء سد النهضة الإثيوبي الكبير ضغوطاً على مصر، علماً أنّها تعاني أصلاً مستويات عالية من شح المياه. في الإجمال، تأتي نسبة 85 في المئة من مياه مصر من النيل الأزرق الذي ينبع من إثيوبيا، وقد خلق قرار إثيوبيا بإدارة ملء السدّ بصورةٍ أحادية توتّراً بين الدولتين.29 سيكون الوضع صعباً لا سيما أنّ الدولتين تواجهان تحديات في سعيهما إلى معالجة مشكلة شحّ المياه في كلّ منهما.

 

تؤثّر العوامل البيئية في الزراعة المحلية التي لا تزال تفتقر إلى مستويات الابتكار الضرورية لاستخدام الموارد الشحيحة بفعالية ومعالجة الاجهاد المناخي المتفاقم. علاوة على ذلك، تُركّزالاستراتيجيات الزراعية في معظم بلدان المنطقة على إنتاج المحاصيل النقدية وتصديرها،30 ما يستهلك كميات كبيرة من المياه والأراضي الصالحة للزراعة، بينما تلجأ إلى استيراد المواد الغذائية الأساسية. وتتفاقم هذه المشاكل بفعل عدم الثبات في السياسات والتنمية الريفية والوصمات الاجتماعية المرتبطة بالعمل الزراعي، بالإضافة إلى الأرباح المنخفضة التي يُتوقّع أن يجنيها صغار المزارعين المهمَلين. وقد ساهمت هذه العوامل مجتمعةً في تسجيل إحدى أعلى معدّلات التحضّر في العالم، مقرونة بارتفاع نسب الهجرة من الريف إلى المدن ونزوح المزارعين.31 تشهد هذه المنطقة كذلك إحدى أعلى معدلات النمو السكاني في العالم،32 ما يعني أنّ الطلب على المواد الغذائية سيستمر في الازدياد في ظل استنفاد الموارد وتضاؤل آفاق الإنتاج. ويتسبّب النقص في التنمية الريفية والاستثمار في البحوث والتكنولوجيا الزراعية في عرقلة جهود المنطقة الرامية إلى استخدام مواردها بأفضل الطرق والحدّ من الهدر والاستعداد لبناء مستقبلٍ أكثر استدامة.

 

في الوقت نفسه، تعتمد سلاسل الإمدادات الغذائية في معظم بلدان المنطقة بشكلٍ رئيسي على الأسمدة والمدخلات الزراعية المشتقة من الوقود الأحفوري وعلى استيراد السلع الأساسية العالمية والمواد الغذائية القائمة المصنّعة. ينعكس هذا الاعتماد على سلاسل الإمدادات، فتؤثّر في عملية تحضير الأرض للزراعة والإنتاج والتجهيز والتوزيع والتخزين، وتربط الصناعات الغذائيّة بأسواق الطاقة العالمية. علاوة على ذلك، صناعة الأغذية هشّةٌ أمام الصدمات الخارجية التي تؤثّر في الأسعار والأسواق العالمية، على غرار جائحة فيروس كورونا المستجدّ والحرب في أوكرانيا. كما تميل السلاسل الغذائية في المنطقة إلى أن تكون مفرطة التنظيم وخاضعة لضوابط الأسعار من خلال أنظمة دعم مالي صارمة وُضِعت لتجنّب المظالم الاجتماعية مثل “انتفاضة الخبز” في تونس مطلع الثمانينات. يستحوذ دعم المدخلات الزراعية، مثل البذور والأسمدة، ودعم المواد الغذائية بشكلٍ مباشر أو غير مباشر من خلال دعم الطاقة،33 على قسمٍ كبير من الإنفاق العام وهو غير غير مستدام. وتقوم هذه المقاربة بدفع الدين العام، لا سيما في البلدان المستوردة للنفط كمصر والأردن وتونس، وفي خلال فترات التباطؤ الاقتصادي. وفضلاً عن خلق حوافز تغيّر آليات السوق الحرة، مثل إنتاج المياه والمحاصيل كثيفة الاستهلاك للطاقة، فإنّ الدعم المالي غير الموجَّه يؤثّر في إمدادات السلع المنتَجة والمستورَدة ويخلق معدّلات أعلى من عدم المساواة بما أنّه غالباً ما يستفيد منه المزارعون والأسر ذات الدخل المرتفع.34

 

تعتمد المنطقة بشدّة على بلدان ومناطق أخرى حول العالم من أجل تلبية حاجاتها الغذائية، نظراً لضعف إنتاجها الغذائي المحلي وارتفاع معدلات النمو السكاني فيها. منطقةُ الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مستوردٌ صافٍ للغذاء؛ تستمدّ موادها الغذائية في المقام الأول من خلال الواردات أكثر من الإنتاج المحلي. إذ تستورد المنطقةُ ككل حوالي 50 في المئة من موادها الغذائية من عددٍ قليل من المستوردين الأساسيين، ويتخطى عدداً من البلدان كالجزائر والعراق ولبنان وتونس والدول الخليجية هذه النسبة.35 على سبيل المثال، استورد لبنان عام 2020 نسبة 81 في المئة و15 في المئة من حاجاته من القمح من أوكرانيا وروسيا على التوالي.36 الأمر سيان بالنسبة إلى مصر التي استوردت 80 في المئة من حاجاتها من القمح من هذين البلدين.37

 

ويزيد هذا الاعتماد المفرط، مقروناً بسلاسل الإمدادات الضعيفة والمشوّهة وغير المرنة، من هشاشة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وجه ارتفاع الأسعار العالمية والصدمات الخارجية. وقد تأثّر بشكلٍ كبير عددٌ من بلدان المنطقة مثل مصر والعراق ولبنان وتونس بأزمة الحبوب والبذور الزيتية في العام 2022، والتي تمثّل مواداً أساسية في النظام الغذائي لبلدان المنطقة، وبارتفاع أسعار الأغذية العالمية.38 وفي حين أنّ البلدان الخليجية المرتفعة الدخل غير مهدَّدَة مباشرةً، بما أنّ واردات النفط تسمح لها بالاستمرار في الاعتماد على الواردات، لا تزال  دول المنطقة الأخرى بمعظمها تجد صعوبة في مواجهة هذا التحدي.39

 

ويعاني عددٌ من بلدان المنطقة أيضاً عجزاً كبيراً في الموازنة ومعدلات مرتفعة في الدين العام. وتستمرّ الأوضاع الاقتصادية الصعبة والركود الذي يلوح في الأفق في تقليص قدرة السكان الشرائية، ما يحدّ من قدرتهم على الحصول على الطعام في مختلف أرجاء المنطقة.40 بحسب الدورة الأخيرة من البارومتر العربي، أعرب أكثر من نصف المشاركين في الاستطلاع، في 9 من أصل 10 بلدان شملها الاستطلاع، عن مخاوفهم من نقص الغذاء.41 يشهد لبنان على وجه الخصوص إحدى أسوأ أزماته الاقتصادية منذ التسعينات في ظل تدهور العملة الوطنية ومعدلات التضخم الثلاثية الرقم –بلغت معدلات تضخم أسعار الغذاء حوالى 400 في المئة مطلع عام 2022- والنقص في السلع الأساسية، بما فيها الوقود والأدوية. وقد فاقمت الأزمة الاقتصادية معدل الفقر الذي وصل إلى 74 في المئة عام 2021 ومستويات انعدام الأمن الغذائي، إذ يُقدَّر أنّ نسبة 46 في المئة من اللبنانيين و49 في المئة من اللاجئين السوريين في لبنان يعانون انعداماً في أمنهم الغذائي.42 أمّا في سوريا التي ترزح تحت الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن الصراع المستمرّ فيها منذ أكثر من عقد، فقد استمرت نسبة التضخم في الارتفاع لتبلغ بين العامين 2020 و2022 نسبة 532 في المئة.43 في هذه الأثناء، قلّص حظر صادرات الأغذية من أوكرانيا وروسيا إمدادت القمح في مصر، ما رفع معدّل تضخم أسعار المواد الغذائية إلى 30 في المئة عام 2022. 44 وقد ارتدّ الارتفاع الحاد في الأسعار سلباً على قدرة الحصول على الأغذية في مختلف أنحاء المنطقة، بينما نظرت حكومات عديدة في رفع الدعم عن المواد الغذائية الذي يشكّل دعماً أساسياً للدخل بالنسبة إلى الأسر المحدودة الموارد في دول المنطقة.45 نتيجة لذلك، باتت عائلات كثيرة عاجزة عن الاستمرار في الحصول على المواد الغذائية الأساسية.

 

أخيراً، تزيد حالة انعدام الأمن السياسي والصراعات المتكرّرة في عددٍ من بلدان المنطقة طبقةً من التعقيدات والتحديات. وتحدّ الصراعات وأعمال العنف قدرة الوصول والحصول على الأغذية وتدمّر سلاسل الإمدادات المحلية والإقليمية وتولّد انعداماً حاداً للأمن الغذائي. على وجه الخصوص، يتصدّر اليمن وسوريا القائمة العالمية للشعوب التي تعاني أشدّ مستويات انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية.46 يشهد شمال غرب سوريا –حيث تتركّز أراضي الزراعات الأساسية- اشتباكات عنيفة بين الحكومة والمجموعات المتمرّدة، ما يعطّل الزراعة والمساعدات الإنسانية والوصول إلى المواد الغذائية. وقد دفعت هذه العوامل، بالإضافة إلى الأوضاع الاقتصادية الصعبة والنقص في المواد الأساسية بسبب العقوبات، بنسبة 55 في المئة من السوريين في دائرة انعدام الأمن الغذائي حتى أواخر العام  2021. 47 أمّا في اليمن، فالوضع مزري، حيث قدّرت منظّمة الفاو بأنّ 19 مليون شخص –أي أكثر من 57 في المئة من السكان- مرّوا في أزمة أو عانوا مستويات أسوأ للأمن الغذائي في خلال النصف الثاني من العام 2022، وبأنّ أكثر من مليوني طفل دون سنّ الخامسة يعانون سوء التغذية الحاد.48

هل من حلّ؟

 

ستظلّ مسألة انعدام الأمن الغذائي قضية أساسية ذات جذور هيكلية عميقة. يحتاج الكثير من بلدان المنطقة، لا سيما تلك ذات القدرات المالية المحدودة، إلى إعادة تقييم استراتيجياتها المتعلّقة بإمدادات المواد الغذائية وإمكانية الحصول عليها. يجب أن تأخذ السياسات الزراعية بعين الاعتبار الموارد المتاحة واستدامتها والسبل الفضلى للاستفادة منها؛ ما قد يعني التركيز على الإنتاج الزراعي لأغراض الاستهلاك المحلّي والاكتفاء الذاتي عوضاً عن المحاصيل النقدية والاعتماد المفرط على مجموعةٍ ضيقة من الواردات. في الوقت عينه، يجب إعادة هيكلة نظام الدعم غير المستدام بحيث يركّز على الفئات المحتاجة عوضاً عن الشرائح الأعلى دخلاً.

 

يستحقّ الأمن الغذائي في البلدان الخاضعة للصراعات اهتماماً أكبر من قبل كافة أصحاب المصلحة المعنيين والمنظمات البارزة بغية الحؤول دون بلوغ الأزمة الإنسانية مستويات شبيهة بتلك التي يشهدها اليمن وسوريا. ففي حالة الصراع، يجب المحافظة على طرق لوصول المساعدات الإنسانية بسرعة وبدون عوائق. كما يجب إعطاء الأولوية لمعالجة الاضطرابات داخل سلاسل الإمدادات الغذائية المحلية والإقليمية في خلال فترات وقف التصعيد، وإزالة الحواجز التي تعيق وصول هذه المساعدات إلى شرائح معيّنة من السكان.

 

فضلاً عن ذلك، سيتوجب على حكومات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن تكون سريعة الاستجابة وأن تعتمد حلولاً مصمّمة خصيصاً لتعزيز القدرات الإنتاجية وزيادة الأمن الغذائي. ويجب أن يشكّل التعاون بين بلدان المنطقة جزءاً لا يتجزاً من هذه الجهود، على أن يُترجَم باتفاقات متبادلة بين البلدان المعنيّة حول استهلاك المياه وغيرها من الموارد المشتركة من أجل ضمان النفاذ العادل وتفادي الصراعات.

 

سينبغي على بلدان المنطقة أيضاً التعاون لإيجاد حلول مستدامة. تشكّل استراتيجية الأمن الغذائي التي أطلقتها الإمارات العربية المتحدة عام 2018 خير مثال على هذه الجهود، إذ تشمل مبادرات متعدّدة ترمي إلى زيادة قدرة الإمارات البحثية من خلال الشراكة مع منظمات إقليمية ودولية بغية اعتماد حلول مستدامة ومبتكرة. أقامت منظمة الفاو مثلاً شراكة مع الإمارات العربية المتحدة من أجل تطوير أنظمة شاملة آيلة إلى معالجة القضايا الخاصة بمنطقة الخليج كارتفاع حالات الجفاف.49

 

يشكّل الممرّ الغذائي بين الهند والشرق الأوسط مشروعاً طموحاً آخر للتعاون الغذائي يهدف إلى الاستثمار المشترك في المجمّعات الغذائية واستخدام التكنولوجيا النظيفة لزيادة عائدات المحاصيل إلى أقصى قدر ممكن. وينوي المشروع زيادة تجارة المواد الغذائية ثلاثة أضعاف بين دولة الإمارات والهند بحلول عام 2025، علماً أنّ هذا المشروع يستفيد منه حوالي مليوني مزارع هندي ويخلق 200 ألف وظيفة في الهند.50

 

أصبحت حكومات بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تدرك الحاجة الملّحة إلى الأمن الغذائي ومساهمته في تحقيق الاستقرار والازدهار على الأمد الطويل. تشرح رؤية مصر 2030 بإسهاب طموحها بتعزيز القطاع الزراعي الذي يوظّف زهاء 20 في المئة من إجمالي القوة العاملة من خلال زيادة الاعتماد على التكنولوجيا.51 بالتالي، تستطيع مصر الاستفادة من المنافع الواسعة النطاق لاستخدام التكنولوجيا والممارسات الحديثة، الأمر الذي من شأنه أن يزيد استخدام الموارد بفعّالية ويحدّ من الهدر والتكاليف بهدف تعزيز الأمن الغذائي وخلق الطلب على وظائف تقنية جديدة.

 

سيكون تطوير القدرات البحثية محورياً في سبيل تحقيق الأمن الغذائي، فالاستثمار في القدرات البحثية سيحسّن من استخدام المنطقة لمواردها بفعّالية. والجدير بالذكر أنّ المؤسسات البحثية تؤدّي بالفعل دوراً في تطوير الحلول الرامية إلى معالجة المسائل المتعلقة بالأمن الغذائي وتطبيقها. ففي قطر، يرتكز معهد قطر لبحوث البيئة والطاقة (QEERI) على الصلة بين البحوث والسياسات لوضع تصوّر للحلول المتعلّقة بالأمن الغذائي، ويوفّر إمكانية الحصول على التكنولوجيا المُطوَّرة محلياً، تماشياً مع رؤية قطر الوطنية 2030، ويعمل جنباً إلى جنب مع وزارة البيئة والتغير المناخي.52 يعكس ذلك آفاقاً واعدة للدور الذي يمكن أن تلعبه البحوث في تطبيق السياسات الآيلة إلى معالجة مشكلة انعدام الأمن الغذائي.

 

ويمكن للبحوث أيضاً أن تكون منصة لكي تُطوّر المنطقة التكنولوجيا من الداخل، ما من شأنه أن يزيل أحد الحواجز الرئيسية التي تعترض اعتماد الحلول الزراعية والتكنولوجية القائمة على نطاقٍ واسع، ألا وهو تكلفتها الباهظة.53 علاوة على ذلك، يمكن للبحوث سدّ الثغرات في توافر البيانات في المنطقة. فعلى الرغم من أنّ عملية جمع البيانات آخذة في الارتفاع في المنطقة، إلّا أنّ ثغرات كبيرة تعيق عملية إيجاد طرق دقيقة للتعامل مع قضية انعدام الأمن الغذائي التي تواجه دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. عندما تمّ تقييم حالة الأمن الغذائي في فلسطين، من خلال إطار المراقبة للجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، كانت معظم المؤشرات تفتقر إلى البيانات الضرورية.54 ومن دون هذه البيانات، يصعب تقييم حالة انعدام الأمن الغذائي. بالتالي، بإمكان بلدان المنطقة التي تتمتع بقدرات أعلى أن تمهّد الطريق من خلال الاضطلاع بدورٍ في عملية جمع البيانات ونشرها، وكذلك الاستثمار في البنى التحتية والموراد الضرورية لضمان تطوير القدرات في مجال جمع البيانات والبحوث المبتكرة.

 

تكتسي الجهود التي تقودها الدول أهمية حاسمة في سبيل وضع خطط شاملة تهدف إلى تزويد المنطقة بالمعرفة وبالتكنولوجيا الضروريتين لمكافحة انعدام الأمن الغذائي. بيد أنّ تمكين المبادرات الصغيرة الحجم يشكّل أمراً محورياً لتوسيع هذه الجهود، لا سيما في مجال التكنولوجيا الزراعية. وقد بدأ الكثير من رواد الأعمال في جميع أنحاء المنطقة بالفعل بتوليد حلول مبتكرة لتعزيز استدامة الممارسات الزراعية. ونذكر من بين الأمثلة مشروع “غلّتي” (Ghallaty) في المغرب الذي يقوم على الاستشعار ويسمح للمزارعين بقياس نضج محصولهم الزراعي.55 بإمكان حلول مماثلة أن تسهّل التحوّل نحو الزراعة المستدامة، ما سيُعزّز اكتفاء المنطقة الذاتي لا محالة.

 

الخاتمة

 

الطريق المؤدي إلى تعزيز الأمن الغذائي محفوفٌ بالتحديات؛ والمسألة تزداد إلحاحاً. لقد بدأ حالياً موسم الزراعة لعام 2023، فيما يسجِّل عدد من بلدان المنطقة نقصاً كبيراً في معدّلات هطول الأمطار ودرجات حرارة أعلى من المتوسّط قد يؤثّران في المحاصيل المحلية.56 تختلف إلحاحية هذه القضية بين بلد وآخر، إنّما يتوجب على حكومات المنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إيلاء أهمية خاصة لهذه المسألة وإطلاق مبادرات ترمي إلى التخفيف من حدّة الأزمة. لعلّ الاستثمار في تطوير البحوث الزراعية وتحسين إنتاج المواد الغذائية هو السبيل إلى استخدام الموارد الضئيلة المتوفّرة بشكل أفضل وتحقيق أعلى العائدات والمضي قدماً نحو مستقبل أكثر استدامةً. يُعتبر التعاون الإقليمي والأقاليمي مهماً أيضاً بما أنّ انعدام الأمن الغذائي غدا مشكلة عالمية. وقد قطعت بلدان كثيرة بالفعل أشواطاً في هذا المجال، وبالتالي يمكن أن تخطو دول المنطقة خطاها في سعيها لتحقيق أمنها الغذائي. وسيعزّز ذلك لا محالة الإمكانيات التكنولوجية والدبلوماسية بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إذ يصبح الأمن الغذائي سبيلاً لتعميق التعاون في ما بينها وتحسين أوضاع شعوبها ورفاهيتهم.

 


الهوامش

1 تشير عبارة “انعدام الأمن الغذائي” إلى حالة من عدم الاستقرار في الحصول على كميات مناسبة من الأغذية كنتيجةٍ لعدة عوامل اجتماعية واقتصادية وسياسية.

“What is Food Insecurity?,” Mckinsey & Company, August 17, 2022, https://www.mckinsey.com/featured-insights/mckinsey-explainers/what-is-food-insecurity.

2 World Food Programme (WFP) and the Food and Agriculture Organization (FAO), Hunger Hotspots: FAO-WFP early warnings on acute food insecurity: October 2022 to January 2023 outlook, Report, (Rome, Italy: WFP/FAO, 2022), September 21, 2022, vii, https://www.fao.org/3/cc2134en/cc2134en.pdf.

3 يتجلّى انعدام الأمن الغذائي الحاد حين يتسبب عجز شخص ما عن استهلاك الغذاء الكافي بتعريض حياته أو سبل معيشته لخطر مباشر. راجع:

Food and Agriculture Organization (FAO), “Global Report on Food Crises: Acute Food Insecurity Hits New Highs,” May 4, 2022, https://www.fao.org/newsroom/detail/global-report-on-food-crises-acute-food-insecurity-hits-new-highs/en#:~:text=Acute%20food%20insecurity%20is%20when,IPC)%20and%20the%20Cadre%20Harmonis%C3%A9; Food and Agriculture Organization (FAO), “In 2023, FAO will require $1.9 billion to reach 48 million people with life-saving and livelihood assistance,” December 1, 2022, https://www.fao.org/newsroom/detail/in-2023-fao-requires-1.9billion-to-reach-48-million-people-with-life-saving-and-livelihood-assistance/en

4 نقص التغذية يعني أنّ الشخص غير قادر على الحصول على ما يكفي من الغذاء لتلبية الحد الأدنى من متطلبات الطاقة الغذائية اليومية، على مدى فترة عام واحد. راجع:

Food and Agriculture Organization (FAO), “Sustainable Development Goals,” accessed February 20, 2022, https://www.fao.org/sustainable-development-goals/indicators/211/en/.

5 Food and Agriculture Organization (FAO), International Fund for Agricultural Development (IFAD), United Nations International Children’s Emergency Fund (UNICEF), World Food Program (WFP), and World Health Organization (WHO), The state of food security and nutrition in the world 2022: Repurposing food and agricultural policies to make healthy diets more affordable, (Rome, Italy: FAO, IFAD, UNICEF, WFP, and WHO, 2022), 16, https://www.fao.org/3/cc0639en/cc0639en.pdf.

6 World Bank, “Population, total – Middle East & North Africa,” The World Bank Group, accessed February 20, 2022, https://data.worldbank.org/indicator/SP.POP.TOTL?locations=ZQ.

7 Food and Agriculture Organization (FAO), Food Policy Monitoring in the Near East and North Africa region, 4th Quarter 2022 Bulletin, (Cairo, Egypt: FAO, 2022), 2, https://www.fao.org/3/cc3210en/cc3210en.pdf.

8 Zanny Minton Beddoes, “Why a Global Recession is Inevitable in 2023,” November 18, 2022, The Economist’s The World Ahead (blog), https://www.economist.com/the-world-ahead/2022/11/18/why-a-global-recession-is-inevitable-in-2023.

9 Tarek Ben Hassen and Hamid El Bilali, “Impacts of the Russia-Ukraine War on Global Food Security: Towards More Sustainable and Resilient Food Systems?,” Foods 11, no. 15 (January 2022): 2301, https://doi.org/10.3390/foods11152301.

10 “What Is Food Security?,” World Bank Group, accessed February 20, 2022, https://www.worldbank.org/en/topic/agriculture/brief/food-security-update/what-is-food-security.

11 Klaus von Grebmer, Jill Bernstein, Miriam Wiemers, Laura Reiner, Marilena Bachmeier, Asja Hanano, Olive Towey, et al., Global Hunger Index: Food Systems Transformation and Local Governance, (Bonn, Germany/Dublin, Ireland: Welthungerhilfe and Concern Worldwide, 2022), 11, https://www.globalhungerindex.org/pdf/en/2022.pdf.

12 Ishtar Al Shami, “Facing Syria’s Food Crisis,” Fikra Forum (an initiative of The Washington Institute for Near East Policy), February 14, 2022, https://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/facing-syrias-food-crisis.

13 Ibid.

14 Hala Mohsen, Yonna Sacre, Lara Hanna-Wakim, and Maha Hoteit, “Nutrition and Food Literacy in the MENA Region: A Review to Inform Nutrition Research and Policy Makers,” International Journal of Environmental Research and Public Health 19, no. 16 (August 2022): 2, https://doi.org/10.3390/ijerph191610190.

15 World Population Review Database, “Most Obese Countries 2023,” accessed January 24, 2023, https://worldpopulationreview.com/country-rankings/most-obese-countries.

16 Deep Knowledge Analytics (DKA), “Global Food Security Q2 2022: Food Security Index,” accessed February 19, 2023, https://www.dka.global/global-food-security-q2-2022.

17 Charlie Mitchell, “UAE and Uganda to Establish One of the World’s First Agricultural Free Zones,” The National, October 30, 2018, https://www.thenationalnews.com/uae/uae-and-uganda-to-establish-one-of-the-world-s-first-agricultural-free-zones-1.785734#:~:text=The%20UAE%20signed%20a%20deal,production%20and%20development%20in%20Uganda.

18 Deep Knowledge Analytics (DKA), “Global Food Security Q2 2022.”

19 Abhishek G. Bhaya, “China backs Russian plan for ‘collective security’ in Persian Gulf,” CGTN, July 26, 2019, https://news.cgtn.com/news/2019-07-26/China-backs-Russian-plan-for-collective-security-in-Persian-Gulf-IDEJRWKHLy/index.html.

20 ” الغذاء، على الحصول: أبعاد ثلاثة على أساسي بشكلٍ الضوء يسلط… الغذائي الأمن دوافع يقيس فريداً عاملاً 40 من مبني نموذج… هو المؤشرومستوى الأزمة، وقدرة تحمّل الاقتصاد والنظام الغذائي “. ويتراوح المؤشر بين نتيجة 2.97 للبلدان الأقل أمناً للغذاء وهي الصومال ونتيجة 7.9 للبلدان الأكثر أمناً للغذاء وهي الولايات المتحدة الأمريكية.

21 Salma Al-Shami, Food Insecurity and its Discontents in the Middle East and North Africa, Report, (New Jersey, U.S.A.: Arab Barometer, September 2022), https://www.arabbarometer.org/wp-content/uploads/ABVII_Food_Insecurity_Report-ENG.pdf.

22  Al-Shami, Food Insecurity and its Discontents, 12-17.

23 Christoph Duenwald, Yasser Abdih, Kerstin Gerling, Vahram Stepanyan, Abdullah Al-Hassan, Gareth Anderson, Anja Baum, et al., Feeling the Heat: Adapting to Climate Change in the Middle East and Central Asia, Departmental Paper, (Washington, D.C., U.S.A: International Monetary Fund (IMF), 2022), https://www.imf.org/en/Publications/Departmental-Papers-Policy-Papers/Issues/2022/03/25/Feeling-the-Heat-Adapting-to-Climate-Change-in-the-Middle-East-and-Central-Asia-464856.

24 “Video: MENA’s water crisis and how to fix it,” The United Nations Children’s Fund (UNICEF), March 28, 2022, accessed February 20, 2022, https://climatechampions.unfccc.int/video-menas-water-crisis-and-how-to-fix-it/#:~:text=MENA%20has%2011%20out%20of,for%20or%20lost%20in%20leakages.

25 “United Nations Economic and Social Commission for Western Asia (UN ESCWA), Arab food security monitoring framework: Country reviews, (Beirut, Lebanon: UN ESCWA, 2021) 92, https://www.unescwa.org/sites/default/files/pubs/pdf/arab-food-security-country-reviews-english.pdf

26 Maghie Ghali, “How Water Cooperation Can Provide Geopolitical Stability in MENA,” Al Jazeera, April 2, 2022, https://www.aljazeera.com/news/2022/4/2/blue-peace-how-water-access-can-provide-mena-stability.

27 Tianyi Luo, Robert Young, and Paul Reig, “Aqueduct projected water stress rankings,” Technical Note, (Washington, D.C., U.S.A.: World Resources Institute, August 2015), http://www.wri.org/publication/aqueduct-projected-water-stress-country-rankings.

28 Adel Abdel Ghafar, The Return of Egypt? Assessing Egyptian Foreign Policy under Sissi, Issue Brief, (Doha, Qatar: Middle East Council on Global Affairs, November 2022), https://mecouncil.org/publication/the-return-of-egypt-assessing-egyptian-foreign-policy-under-sissi/; Ranj Alaaldin, Iraq’s Climate Crisis: A Geopolitical Conflagration in the Making, Policy Note, (Doha, Qatar: Middle East Council on Global Affairs, June 2022), https://mecouncil.org/publication/iraqs-climate-crisis-a-geopolitical-conflagration-in-the-making/.

29 Sherif Mohy El Deen, “Egypt’s Water Policy After the Construction of the Grand Ethiopian Renaissance Dam,” Research Paper in Dossier entitled Egypt Policy Dialogues, (Paris, France: Arab Reform Initiative, March, 30 2022), https://www.arab-reform.net/publication/egypts-water-policy-after-the-construction-of-the-grand-ethiopian-renaissance-dam/.

30  .المحاصيل النقدية” أو “المحاصيل الربحية” هي المحاصيل التي تُزرَع من أجل البيع والتصدير لتحقيق الأرباح”

31 World Bank Statistical Database, “Urban population (% of total population) – Middle East & North Africa, World, Sub-Saharan Africa, South Asia,” accessed January 3, 2023, https://data.worldbank.org/indicator/SP.URB.TOTL.IN.ZS?locations=ZQ-1W-ZG-8S.

32 World Bank Statistical Database, “Population growth (annual %) – World, Middle East & North Africa,” accessed January 3, 2023, https://data.worldbank.org/indicator/SP.POP.GROW?locations=1W-ZQ.

33 كما تم تفسيره، فإنّ صناعة الأغذية والمشروبات في المنطقة تعتمد إلى حد بعيد على مدخلات المحروقات، وهي بالتالي مدعومة بشكلٍ غير مباشر من خلال الدعم للمحروقات.

34 David Fickling, “To Tackle Hunger, We Need to Fix Food Subsidies,” Bloomberg, August 15, 2022, https://www.bloomberg.com/opinion/articles/2022-08-14/to-tackle-hunger-we-need-to-fix-food-subsidies?leadSource=uverify%20wall.

35 Deep Knowledge Analytics (DKA), Global Food Security Q2 2022, (London, United Kingdom: Deep Knowledge Analytics, July 2022), 15, 53, https://analytics.dkv.global/Global_Food_Security_Report_Q2_2022/Analytical_Study.pdf.

36 Mohammed Tazrouti, “The invasion of Ukraine is supercharging food insecurity in the Middle East and North Africa,” Greenpeace, April 12, 2022, https://www.greenpeace.org/international/story/53163/russia-invasion-of-ukraine-supercharging-food-insecurity-middle-east-north-africa/.

37 Amal Kandeel, “Climate Vulnerability and Food Insecurity in Mena Should Be Priorities for US Policymakers,” Atlantic Council MENASource (blog), August 31, 2022, https://www.atlanticcouncil.org/blogs/menasource/climate-vulnerability-and-food-insecurity-in-mena-should-be-priorities-for-us-policymakers/.

38 Paul Iddon, “How the Ukraine war is driving food insecurity in the Middle East,” The New Arab, June 2, 2022, https://www.newarab.com/analysis/middle-easts-deepening-food-crisis; Khouloud Ayari, “War in Ukraine and food insecurity in Tunisia: Where is reform most needed?,” Arab Reform Initiative, August 4, 2022, https://www.arab-reform.net/publication/war-in-ukraine-and-food-insecurity-in-tunisia-where-is-reform-most-needed/.

39 Simone Borghesi and Elisa Ticci, “Climate Change in the MENA Region: Environmental Risks, Socioeconomic Effects and Policy Challenges for the Future,” European Institute of the Mediterranean (IEMed), 2019, https://www.iemed.org/publication/climate-change-in-the-mena-region-environmental-risks-socioeconomic-effects-and-policy-challenges-for-the-future/.

40 Middle East Council on Global Affairs, “MENA Outlook 2023 – Council Views,” Afkār (blog), January 5, 2023, https://mecouncil.org/blog_posts/mena-outlook-2023-council-views/.

41 Al-Shami, Food Insecurity and its Discontents, 4.

42 World Food Programme (WFP) and the Food and Agriculture Organization (FAO), Hunger Hotspots: FAO-WFP early warnings on acute food insecurity: June to September 2022 Outlook, Report, (Rome, Italy: WFP/FAO, 2022), June 6, 2022, 35.

43 European Civil Protection and Humanitarian Aid Operations (ECHO), “Syria: life in the time of food insecurity,” October 14, 2022, https://civil-protection-humanitarian-aid.ec.europa.eu/news-stories/stories/syria-life-time-food-insecurity_en#:~:text=Syria%2C%20a%20country%20that%20used,and%20the%20upward%20trend%20continues.

44 “Egypt Inflation Jumps to Five-Year High in November,” Asharq Al-Awsat, December 9, 2022, https://english.aawsat.com/home/article/4033646/egypt-inflation-jumps-five-year-high-november.

45 Tarek Amara, “Tunisia Cenbank Warns of Consequences If Inflation Rockets,” Reuters, January 4, 2023, https://www.reuters.com/world/africa/tunisias-cbank-governor-says-inflation-average-11-2023-up-83-2022-2023-01-04/.

46 Deep Knowledge Analytics, “Global Food Security Q2 2022 – Top 25 Food Insecure Countries Ranking,” accessed January 4, 2023, https://www.dka.global/global-food-security-q2-2022.

47 World Food Programme (WFP), WFP Syria Country Brief, (Rome, Italy: World Food Programme, November 2022), https://docs.wfp.org/api/documents/WFP-0000145474/download/?_ga=2.238188038.725556833.1672916770-1193575793.1672916770&_gac=1.217219684.1672916770.CjwKCAiAh9qdBhAOEiwAvxIok36EmC_v6oN-VZmF5fURO7H3ANSAmU7t8KxsuJD7oZLLg_JCjowIIBoCvNkQAvD_BwE.

48 World Food Programme (WFP) and Food Agriculture Organization (FAO), Hunger Hotspots: June to September 2022 Outlook, 39.

49 Food and Agriculture Organization, “The UAE and FAO: Partnering for Sustainable Agricultural Development and Food Security,” September 2019, https://www.fao.org/3/az580e/az580e.pdf.

50 Michaël Tanchum, The India-Middle East Food Corridor: How the UAE, Israel, and India are forging a new inter-regional supply chain, (Washington D.C., U.S.A.: Middle East Institute, July 27, 2022), https://www.mei.edu/publications/india-middle-east-food-corridor-how-uae-israel-and-india-are-forging-new-inter.

51 Saker El Nour, Agricultural and Food Policies in Egypt between 2014 and 2021: What Changed and What Didn’t, Research Paper, (Arab Reform Initiative, January 5, 2023), 5, https://www.arab-reform.net/publication/agricultural-and-food-policies-in-egypt-between-2014-and-2021-what-changed-and-what-didnt/.

52 Annamaria Mazzoni, “Why Qatar’s Food Security Efforts are Paying Dividends,” Qatar Environment & Energy Research Institute (QEERI), January 10, 2022, https://www.hbku.edu.qa/en/news/QEERI-SUST-WQFSEAPD.

53 Salim Ghazaly, Roger Rabbat, Makram Debbas, Aya Hallak, “How the Middle East can Promote Agritech,” PricewaterhouseCoopers (PWC) Strategy& (blog), November, 2022, https://www.strategyand.pwc.com/m1/en/strategic-foresight/sector-strategies/consumer-retail-industry/promoteagritech.html.

54 United Nations Economic and Social Commission for Western Asia (UN ESCWA), Arab food security, 261.

55 Souad Anouar, “Ghallaty: Morocco’s Award-Winning, Agri-Tech Solution for Farmers,” Morocco World News, May 26, 2022, https://www.moroccoworldnews.com/2022/05/349297/moroccans-develop-award-winning-agri-tech-solution-ghallaty.

56 Food and Agriculture Organization (FAO), Crop Prospects and Food Situation, Quarterly Global Report No. 4, (Rome, Italy: FAO, December 2022), 13, https://reliefweb.int/report/world/crop-prospects-and-food-situation-quarterly-global-report-no4-december-2022.