الأبعاد الجيوسياسية لاحتياطات الغاز في كردستان العراق: التحديّات والآفاق

موجز قضية، أبريل 2023

النقاط الرئيسية

 

الاستفادة من مقدّرات قطاع الطاقة في كردستان العراق: يمكن لاحتياطات الغاز في كردستان العراق أن تحدث تحوّلاً جيوسياسياً مهمّاً، إلّا أنّ الانقسامات والنزاعات السياسية قد عرقلت المساعي الرامية للاستفادة من القطاع. 

 

التوصّل إلى حلّ من خلال المفاوضات: عوّلت بغداد تقليدياً على سيطرتها على قطاع الطاقة الذي يعدّ ضرورة وجوديّة لحكومة إقليم كردستان حتى تكسب تنازلات سياسيّة من الجانب الكردي. إلّا أنّ كلّاً من إيران والعراق يدركان أنّ إمدادات الغاز الإيرانية لا تكفي لتلبية احتياجات العراق من الطاقة، ما يزيد من أهميّة احتياطات الغاز الكردية، وبالتالي يزيد ذلك من احتمال التوصّل إلى حلّ وسط. إذاً، على الحزبين الحاكمين في كردستان كذلك رصّ صفوفهما من أجل التوصّل إلى تسوية من خلال مفاوضات تتيح استغلال حكومة إقليم كردستان لاحتياطاتها من الغاز. 

 

الحوار الإقليمي ضروري لإدارة التوترات الجيوسياسية: على كردستان العمل مع تركيا والدول الخليجية على خلق ظروف جيوسياسية مؤاتية. إذ يمكن للحوار الإقليمي ومبادرات التهدئة أن تساعد على التخفيف من العدائية الإيرانية تجاه صادرات الغاز الكردية. 

 

الوساطة الغربية يمكن أن تحسّن أفق صادرات الغاز الكردية: يمكن للولايات المتحدة التي تعدّ لاعباً فاعلاً في قطاع الغاز في كردستان أن تسهم إلى جانب أوروبا في التوسّط بين الأطراف العراقية من خلال دعم حوار إقليمي حول صادرات الغاز الكردية. فذلك سيعزز من إمكانية تأمين موارد طاقة بديلة، بالأخص الغاز الكردي، في ظلّ الحرب في أوكرانيا.  

 

 

المقدّمة 

سجّلت العلاقات الاستراتيجية بين تركيا وحكومة إقليم كردستان تطوّراً لافتاً على مرّ العقدين الماضيين، تخلّلها قرار تاريخي في العام 2013 يقضي ببناء خطّ أنابيب نفط وغاز يربط مباشرةً بينهما من دون أخذ موافقة الحكومة الفدرالية في بغداد.1 وقد مهّدت هذه العلاقة إلى إقامة شراكة ذات تبعات محليّة وجيوسياسيّة بالغة الأهمية. فعلى الصعيد المحلّي، تخوض حكومة إقليم كردستان نزاعاً قانونياً مزمناً مع الحكومة الفدرالية، ما عرقل قدرتها على تطوير قطاع الطاقة الخاص بها. أمّا على الصعيد الجيوسياسي، فقد رفع العراق قضية تحكيم ضد تركيا، وفاز بها جزئياً، على خلفيّة خطّ الأنابيب الذي يتيح تصدير النفط الكردي2 على نحو مستقلّ. على أي حال، توصّلت تركيا منذ وقت طويل إلى خلاصة مفادها بأنّها لا تستطيع الاستمرار في تجاهل امتلاك كردستان لحوالي 25 تريليون قدم مكعب من احتياطات الغاز المؤكّدة، وما يصل إلى 198 تريليون قدم مكعب من الاحتياطات المحتملة.3 وكانت تركيا أيضاً قد استفادت من علاقتها الجيّدة مع حكومة إقليم كردستان لتعزيز نفوذها في العراق واستخدمت هذه العلاقة على المستوى الجيوسياسي كحاجز ردع في وجه إيران، وكوسيلة لزيادة نفوذها في ميادين أخرى، مثل الصراع في سوريا. وبالتالي، كثيرةٌ هي العوامل التي من شأنها أن تعزّز العلاقات بين الطرفين في قطاع الطاقة أو أن تعرقلها.

 

أُضيف في السنوات الماضية بُعدٌ جديدٌ إلى العلاقة بين أنقرة وأربيل في مجال الطاقة، تمثّل بتعزيز حكومة إقليم كردستان انفتاحها على الدول الخليجية، طامحة لاستقطاب الدعم السياسي والتمويل الخليجيين لاحتياطات الغاز ولتوسيع دائرة نفوذها داخل العراق وفي المنطقة. وقد تماشى ذلك مع طموحات أنقرة لتصبح مركزاً حيوياً للطاقة، حيث تشكّل احتياطات الغاز الكردية ركيزة أساسية لتحقيق هذا الهدف نظراً للكمية الهائلة من الاحتياطات التي تملكها حكومة إقليم كردستان، إلى جانب استثمار تركيا في علاقاتها مع حكومة إقليم كردستان وشركائها في العراق.4 في هذا الإطار، يمكن أن تسهم الدول الخليجية في حشد الدعم الإقليمي والدولي لأربيل في ظلّ الإقبال الغربي على موارد الغاز البديلة مع استمرار الحرب في أوكرانيا.5 مع ذلك، تبرز تحديات لا يُستهان بها، من بينها الانقسامات السياسية الداخلية الكردية، ومعارضة بغداد لتصدير موارد الطاقة الكردية والمخاوف من تصعيد إيراني ضدّ حكومة إقليم كردستان ودول مجلس التعاون الخليجي.

 

يتناول موجز القضيّة هذا التحدّيات القائمة ويخلص إلى دعوة حكومة إقليم كردستان لالتزام رباطة الجأش فيما تطوّر بنيتها التحتية من الغاز، وهو ما يتطلب توافقاً بين أربيل وبغداد ومعالجة الانقسامات السياسية الداخلية. إلى ذلك، لا بدّ من أن تبذل تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي وإيران والدول الغربية جهداً جماعياً من أجل تأطير الصادرات الكردية من الغاز ضمن حوار إقليمي ومحادثات التهدئة. ومن شأن ذلك التخفيف من المخاوف الإيرانية وتأمين إمدادات الغاز التي تُعدّ حاجة ماسة للاستهلاك المحلّي العراقي.

 

السياق

التقى رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة بداية فبراير 2022 لبحث سبل تعزيز العلاقات في مجال الطاقة بين الطرفين.6 ثمّ في الشهر نفسه، أعلنت كردستان عزمها توسيع شبكتها من أنابيب الغاز نحو الحدود التركية من خلال خطّ أنابيب يمتد على طول 180 كيلومتراً يتيح الاستفادة من كميات هائلة من احتياطات الغاز وتعزيز السعة التصديرية الكردية وتحويل تركيا إلى مركز ضخم لإمدادات الغاز، بالأخص إلى الأسواق الأوروبية.7 وبعد أسبوعين على زيارة الرئيس بارزاني إلى أنقرة، بحث رئيس الوزراء الكردستاني مسرور بارزاني مقدّرات قطاع الغاز في إقليم كردستان العراق مع المسؤولين في كلّ من قطر والإمارات العربية المتحدة.8 وعلى الرغم من أنّ هذه اللقاءات والمحادثات لا تزال في مراحلها الأولى، إلّا أنّها تهدف لبناء شراكات جيواقتصادية تقوم على مصالح مشتركة على صعيديّ الأمن والطاقة. وكانت حكومة إقليم كردستان قد تحدثت عن احتمال إقامة مثلّث أربيل-أنقرة-دول مجلس التعاون الخليجي الذي قد يحدث تحوّلاً جيوسياسياً وجيواقتصادياً في المنطقة، بالأخص عقب تحسّن العلاقات بين تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي.9

 

تأتي هذه التطورات في ظلّ المساعي الكردية للتقريب بين تركيا والإمارات العربية المتحدة، حيث أشارت تقارير إلى دور بارز أدّته القيادة الكردية في تسهيل المحادثات المباشرة التي عُقدت بين أبوظبي وأنقرة.10 وفي حين يصعب تقدير حجم المساهمة الكردية في هذا التقارب، إلّا أنّ التقارير التي تحدثت عن دور كردي غير مسبوقة وتؤشر بالفعل إلى انخراط كردي إلى حدّ ما. بالفعل، لقد أظهرت العلاقة بين تركيا وحكومة إقليم كردستان في خلال العقد الماضي أنّ تعزيز شراكة أنقرة مع الأكراد في العراق قد يساعد على ميل الدفة الإقليمية لصالحها ويُكسبها نفوذاً أوسع. ففي العراق، فتحت حكومة إقليم كردستان الأبواب لتركيا حتى تضطلع بتأثير أكبر على القرار السياسي في بغداد.11 وعلى الصعيد الجيوسياسي، لقد اعتمدت تركيا على حكومة إقليم كردستان من أجل احتواء النفوذ الإيراني وحزب العمّال الكردستاني في سوريا.

 

لقد مرّت السياسات التركية تجاه إقليم كردستان بتحولّات جذرية في خلال العقدين الماضيين. فقد رفضت أنقرة منطقة الحكم الذاتي الكردية في التسعينات وعارضت بشدّة غزو العراق في العام 2003 خشية انفصال الأكراد في العراق، ما قد يقوّي موقف الأكراد في تركيا ويفاقم الاضطرابات داخل أراضيها.12 أسهم عاملان رئيسيان في تغيير وجهة النظر التركية، تمثّل الأول بالحروب الأهلية التي اندلعت في العراق وما نجم عنها من تنام لنفوذ إيران ووكلائها، فباتت تعتبر إقليم كردستان الرادع عن حالة اللااستقرار وعدائية وكلاء إيران. أمّا العامل الثاني، فيتعلّق بالجهود المدروسة التي بذلها الأكراد في اتجاهات متعدّدة من أجل بناء علاقات متوازنة مع مختلف الفرقاء الإقليميين ومع الولايات المتحدة، مشرّعين أبواب كردستان أمام المستثمرين الأتراك، حيث ارتفع حجم التجارة بين الطرفين بشكل هائل.13

 

وفي العام 2013، أبرمت أنقرة اتفاقاً تاريخياً لمدة 50 عاماً مع حكومة إقليم كردستان يقضي بفتح خطّ أنابيب، ويضمن لشركة الطاقة التركية حقّ التنقيب في 12 بلوكاً في كردستان.14 وفي حين لم ينتج عن هذه البلوكات إمدادات ضخمة، إلّا أنّ بناء خطّ الأنابيب كان حاسماً بما أنّه مكّن إقليم كردستان من الالتفاف على الجزء العراقي من خطّ الأنابيب الممتدّ من كركوك إلى ميناء جيهان التركي، ما أتاح لأربيل تصدير النفط بشكل مستقلّ.15 وشمل الاتفاق أيضاً بناء خطّ أنابيب من حقليّ ميران وبينا باوي إلى الحدود التركية، إلّا أنّ تنفيذ هذا الجزء قد تعرقل منذ قضية التحكيم التي رفعها العراق ضدّ تركيا وفاز بها وسط للحفاظ على تدفق النفط الكردي، بضغط من محادثات مع أربيل للتوصل إلى حلّالآن في صدد إجراء هو ، واًجزئي تركيا والولايات المتحدة.16 وكان قد بدأ العمل بخطّ الأنابيب الذي ينقل النفط الكردي إلى ميناء جيهان التركي في العام 2014 .17

 

لقد عوّلت أنقرة تاريخياً على قدرة حكومة إقليم كردستان على خوض غمار التحديات السياسية في العراق وعلى تمكّن أربيل من تسخير نفوذها السياسي لهذا الغرض، بما يشمل التعامل مع تبعات القرار الأخير الصادر عن المحكمة العليا الذي اعتبر صادرات النفط الكردية غير شرعية.18 في هذا السياق، من المعلوم أن ثمّة حدود للمستوى الذي يمكن أن تنحدر إليه العلاقات بين أربيل وبغداد، وأيضاً بين أربيل وحلفاء إيران ووكلائها في العاصمة العراقية. فالعلاقة بين أطراف الطبقة الحاكمة في بغداد متوترة بقدر علاقتهم مع الأكراد. بالتالي، يمكن لحكومة إقليم كردستان أن تستغلّ هذه الانقسامات من أجل تعزيز تحالفاتها والاستفادة من الأوضاع السياسية المتقلبة.

 

علاوة على ذلك، في حين توجد فصائل متشدّدة تابعة لإيران، منها عصائب أهل الحق، التي تعارض أيدلوجياً صادرات الطاقة الكردية، هناك أيضاً جهات معتدلة تابعة لإيران، مثل فيلق بدر، تربطها علاقات تاريخية مع الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني الحاكمين في إقليم كردستان العراق. وغالباً ما يتدخل فيلق بدر لرأب الصدع بين أربيل وبغداد، كما حصل بعد الاستفتاء على انفصال كردستان في العام 2017، ومؤخّراً عقب الانتخابات العراقية الأخيرة.19 في المقابل، عوّلت هذه الجهات في الكثير من الأحيان على الوساطة الكردية لمعالجة الخلافات الكبيرة والعنيفة أحياناً التي دبّت بين الأحزاب الشيعية.20

 

والجدير بالذكر أنّ الحزبين الكرديين الحاكمين يشاركان في الحكومة الائتلافية، إذ يضمن انخراطهما في النظام السياسي الحفاظ على توازن القوى في بغداد، بحيث لا تميل الكفة كثيراً لصالح حلفاء إيران أو العكس، وهو توازنٌ يحرص خصوم إيران في بغداد على المحافظة عليه. وفي حين تُطرح علامات استفهام حول مدى أهمية الدور الكردي في الحفاظ على تفوّق الطبقة الحاكمة الشيعية وشرعيتها، تواجه الطبقة السياسية الكثير من المخاوف والمتغيّرات، ما يحافظ على مركزيّة الأكراد في النظام السياسي في بغداد.

 

هذا واقعٌ قد أدركته تركيا واستغلّته، فالتعاون التركي الكردي في مجال الطاقة استمرّ بعد الحكم الأخير الصادر عن المحكمة العليا الذي أمر بوقف تصدير النفط عبر خطّ الأنابيب، وإخضاع قطاع النفط والغاز في إقليم كردستان لسيطرة بغداد.21 فالواقع على الأرض يجعل مثل هذا الحكم غير قابل للتنفيذ وغير واقعي، كما تُثار حوله الشكوك بما أنّه صدر وسط عملية تشكيل الحكومة،22 ونظراً لانصياع المحكمة العليا في السابق إلى ضغوطات القوى المنضوية تحت عباءة إيران.23 يعني ذلك أنّ تركيا وحكومة إقليم كردستان ستستمرّان في تبنّي استراتيجية مزدوجة ترتكز إلى مواصلة التعاون في مجال الطاقة من جهة والتوصّل إلى استراتيجية سياسية قابلة للتطبيق في بغداد يمكن أن تحدّ من التحديات الدستورية التي تواجهها صادرات النفط الكردية من جهة أخرى. ويعدّ قطاع الطاقة شريان الحياة الاقتصادي الوحيد لأربيل ويؤدّي دوراً أساسياً في تلبية احتياجاتها الوجودية. بيد أنّ بغداد قد سعت تاريخياً لاستغلال نقاط ضعف أربيل من أجل كسب تنازلات كردية في نزاعات أخرى ذات صلة. بالتالي، ستبرز فرصة أمام حكومة إقليم كردستان لتقديم تنازلات وأمام الطرفين للتوصل إلى اتفاق أوسع، لاسيما وأنّ قرار التحكيم صدر لصالح بغداد ونظراً لأنّ هناك قضايا معلّقة متعدّدة، من بينها مسألة الأراضي المتنازع عليها أو ترتيبات جديدة لإعادة توزيع الإيرادات.

 

نقاط الضعف السياسية لدى الأكراد

تكمن قوّة الأكراد الأساسية في وحدتهم، إلّا أنّ العلاقة بين الحزبين الحاكمين، الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، قد شابها الكثير من التوترات. ويعود ذلك بجزء منه إلى الخلاف الداخلي ضمن الاتحاد الوطني الكردستاني حول كيفية التعامل مع الحزب الديمقراطي ومع بغداد، وبجزء آخر إلى توجيه الاتحاد الوطني انتقادات للحزب الديمقراطي واتهامه باحتكار السلطة.24

 

وقد قوّض ذلك بشدّة قدرة حكومة إقليم كردستان على إدارة خلافاتها مع بغداد. إلى ذلك، زعزع الحزبان وضعيتهما السياسية في مرحلة ما بعد الانتخابات بسبب نزاعهما على موقع الرئاسة، حيث تودّدا إلى الأحزاب المتخاصمة في بغداد وفاقما الانقسام السياسي الكردي. وقد تجلّى ذلك في الأزمة الأخيرة المتعلّقة بالانقسامات داخل الاتحاد الوطني الكردستاني، واغتيال قائد استخباراتي ينتمي إلى الاتحاد الوطني في أربيل.25

 

وفي بغداد، انهار التحالف الذي أقامته أربيل في مرحلة ما بعد الانتخابات مع مقتدى الصدر كما شراكتها التقليدية مع الأطراف العربية السنية الرئيسية، بينهم محمد الحلبوسي وخميس الخنجر (التحالف الثلاثي)، بعد الفشل في تأليف حكومة ائتلافية.26 أدى انهيار التحالف إلى تضعضع الموقف التفاوضي الكردي، وفي نهاية المطاف لم يحصل الأكراد إلّا على موقع الرئاسة ووزارة واحدة.

 

فيما ستستمرّ الإختلافات بين حزب الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي، لا ينبغي أن يحدّ ذلك من قدرتهما على رصّ الصفوف في مواجهة بغداد، بما أنّ هذه الوحدة تشكّل ركيزة أساسيّة لمثلّث أنقرة-أربيل- دول مجلس التعاون الخليجي. وعلى الرغم من الصعوبات المتوقّعة نظراً إلى الانقسامات داخل الاتحاد الوطني الكردستاني، إلّا أنّ الطريق ليس مسدوداً. على سبيل المثال، تمّت معالجة الخلاف حول الرئاسة عبر اختيار عبد اللطيف رشيد، المنتمي إلى حزب الاتحاد الوطني الكردستاني لهذا المنصب بمباركة الحزبين.27 وربما يجري المزيد من المفاوضات التي قد تتناول أيضاً قطاع الطاقة. ففيما يمتلك الحزب الديمقراطي الكردستاني الموارد السياسية والمالية لتحريك عجلة قطاع الطاقة، من خلال تولّيه منصب رئاسة الوزراء، إلّا أنّ احتياطات الغاز في إقليم كردستان تقع بشكل رئيسي في المناطق الخاضعة لسيطرة حزب الاتحاد الوطني.28 بالتالي، على الطرفين التوصّل إلى تسوية تتيح استغلال هذه الموارد. فبالنسبة لهما، حال الخلاف مع بغداد دون انتعاش اقتصاد كردستان العراق، الأمر الذي أدّى إلى مظالم اجتماعية واقتصادية أضرّت بشعبية الحزبين وشرعيّتهما، وأكّدت على ضرورة رصّ صفوفهما.

 

ما الذي يدفع الدول الخليجية إلى الانخراط؟

من وجهة النظر هذه، لا تبدو حكومة إقليم كردستان واحتياطاتها من الغاز جذّابة لدول مجلس التعاون الخليجي. إذ إنّ خطّ الأنابيب الذي خطّطت له حكومة إقليم كردستان على امتداد 180 كيلومتراً بين كردستان العراق وتركيا يحتاج إلى التمويل29 وإلى تأييد بغداد. وكانت الجهات الفاعلة في المحور الإيراني قد طعنت بصادرات أربيل من النفط والغاز أمام المحاكم المحليّة والدولية، ويمكن معاداة هذه الجهات من خلال مساعي الدول الخليجية لدعم البنية التحتية للطاقة في كردستان.30 إلى ذلك، يمكن للجهات الفاعلة في المحور الإيراني أن تنسف كلّ الجهود المبذولة في قطاع الطاقة سواء عبر اللجوء إلى القوّة أو قانونياً، ما يعني أنّ المشروع يعتريه الكثير من التداعيات السياسية والأمنية.

 

مع ذلك، قد يسهم عدد من المتغيرات والتفاعلات المهمّة في التخفيف من بعض هذه المخاوف، إلى حدّ ما. صحيح أنّ التوترات بين أربيل وبغداد قوّضت جنيّ ثمار علاقة أربيل وأنقرة، إلّا أنّ النظام الدولي قد شهد تحوّلات جذريّة في أعقاب الحرب في أوكرانيا. فقد سلّطت هذه الحرب الضوء على أهمية تأمين مصادر طاقة بديلة، فيما يتخبط الغرب لتلبية الطلب على الغاز. وسيتبيّن مع الوقت ما إذا سينجم عن هذا التحوّل والنقص في الإمدادات زخماً دولياً أو بالأحرى غربياً لدعم المقدّرات العراقية من أجل سدّ فجوة إمدادات الطاقة ومعالجة كافة المشاكل العالقة بين أربيل وبغداد.

 

لا بدّ من أن يحظى هذا المسعى بحدّ ذاته بالأولية لدى الدول الخليجية. فاستناداً إلى الاجتماعات التي عُقدت والتغيير في سياسة دول مجلس التعاون الخليجي إزاء العراق في الآونة الأخيرة، يبدو أنّ الدول الخليجية باتت أكثر حماسةً للانخراط في الساحة العراقية والاستفادة أكثر من علاقاتها القائمة مع بعض الأطراف هناك.31 يشمل ذلك علاقة قطر والإمارات العربية المتحدة القديمة مع محمد الحلبوسي وخميس الخنجر الذين تربطهما تحالفات وثيقة مع حكومة إقليم كردستان.32 وبالإضافة إلى مساهمة شركة دانه غاز في تطوير قطاع الغاز في كردستان،33 دخل السعوديون على الخطّ في البلاد من خلال استثماراتهم في الأنبار،34 فيما أفيد أنّ حصة قطر في مشاريع شركة توتال إنرجيز في العراق تتراوح بين 20 إلى 25 في المئة.35 بالتالي، فإنّ أقوى الدول الخليجية بدأت بالفعل تهيئ موطئ قدم لها في المنطقة، ما قد يشكّل انطلاقة للعمل مع بغداد وإيران في المستقبل.

 

إلى جانب مساعي الدول الخليجية لتعزيز علاقتها مع العراق، يمكن أيضاً لأربيل الاستفادة من ديناميكيات أخرى لصالحها. فتركيا والدول العربية، منها السعودية وقطر والأردن والإمارات العربية المتحدة، تعلّق أهمية كبرى على إنشاء منطقة نفوذ لها في المحافظات السنيّة في شمال العراق لردع الهجمات الصاروخية والهجمات بالطائرات بدون طيّار التي تنطلق من العراق وتستهدف منشآت النفط السعودية.36 لطالما سُوّقت المنطقة السنيّة في الشمال كموطئ قدم لتركيا والدول العربية لبسط نفوذها على أجزاء أوسع من العراق. لا شكّ في أنّ إنشاء إقليم سنّي سيواجه معارضة شديدة من إيران وأتباعها، ولكن في حين يُستبعد إنشاء كيان ذي حكم ذاتي في المستقبل القريب، يمكن للدول الخليجية أن تنطلق من مبدأ ورؤية مثل هذا الإقليم من أجل حشد حلفائها لإقامة جبهة سياسية جامعة يمكن أن تضيّق الخناق على وكلاء إيران.

 

يتنافس خنجر، زعيم تحالف عزم، والحلبوسي، زعيم حزب التقدم، على الهيمنة على المكوّن العربي السنّي في العراق.37 وتحدّثت مصادر عن تخوّف أردوغان من انهيار التحالف بين الطرفين في حال لم يحظَ بدعم من طرف ثالث بما يضمن عدم استقطاب الخصمين أو اضعافهما أو التلاعب بهما من قبل إيران ووكلائها.38 يمكن أن تتبلوّر السياسة الخليجية تجاه العراق على هذا الصعيد، حيث يسهم الدعم الكردي في زيادة حجم التكتّل السياسي العربي السنّي، بما يؤدّي إلى إنشاء محور سياسي ضخم يخلق فرصاً للتبادل التجاري بين الدول الخليجية وشمال العراق (بما فيه إقليم كردستان والمحافظات العربية السنيّة) ويمهّد الطريق لشراكة في مجال الطاقة، يتولّد عنها مشروع الغاز الخليجي- الكردستاني- التركي. في هذا الإطار، يمكن للدول الخليجية أن تنخرط بالشأن العراقي بما تقتضيه الحاجة أو بحسب القضية، بدل أن تكون تتبنّى مقاربة استباقية، أو أن تتدخل بقوّة وتبدأ التفكير باستراتيجية أوسع تجعل منها قوّة سياسية كبرى على الساحة العراقية تضاهي إيران.

 

خطّة العمل: مواجهة التحدّي الإيراني

من خلال تضافر الجهود بين إقليم كردستان وتركيا والدول الخليجية يمكن التوصّل إلى خطّة عمل تهدف إلى تحصين مشروع الغاز سياسياً وخلق الظروف السياسية المؤاتية. وفيما لا يمتلك أي من الفرقاء الذين يشكّلون هذا المحور القدرة على مواجهة إيران عسكرياً لحماية مشروع الغاز أو الرغبة في ذلك، فإنّ قدرة إيران نفسها على استخدام القوّة هي في الواقع نتيجة الانقسام السياسي بين الأطراف العراقية المعنية بالمشروع. الأهم من ذلك هو أنّ العراق وشركاء إيران يدركون أنّ الطلب على الغاز في العراق سيزداد بشكل كبير. كما تدرك إيران أيضاً أنّ إمداداتها من الغاز لا تكفي لتلبية حاجات العراق، فعليها أن تلبّي حاجاتها الداخلية أوّلاً، بالأخص في فترات ذروة الطلب. بالتالي، قد يفسح ذلك المجال للتوصّل إلى تسوية ترتكز إلى رؤية مشتركة حيال البنية والقوانين التي تحكم قطاع الطاقة في البلاد، تحفظ في الوقت عينه قدرة حكومة إقليم كردستان على تصدير النفط والغاز بشكل مستقلّ، ولكن بطريقة تمنح بغداد القدرة على ممارسة نوع من الرقابة كشريك تجاري رئيسي.

 

قد تقبل إيران بهذا الحلّ لعدّة أسباب، فهو أوّلاً يؤمّن المصالح الاقتصادية لوكلائها في البلاد، ويحافظ على شعبيتهم وشرعيتهم، هذا إذا لم يزدها. إذ يعتمد حفاظ إيران على نفوذها ونفوذ وكلائها على قدرتهم على تلبية الطلب المتنامي على الغاز في السنوات المقبلة. ثانياً، من شأن تأطير مشروع الطاقة ضمن حوار إقليمي وعملية التهدئة أن يحدّ من المخاوف الإيرانية مع مواصلة العمل لحلّ المشكلات الشائكة بين أربيل وبغداد وبين الحزبين الكرديين الحاكمين.

 

يمكن للولايات المتحدة وأوروبا أن تسهما في التوسّط في مثل هذه النزاعات نظراً لتجاربهما السابقة في خفض منسوب التوتر بين الأطراف السياسية البارزة في العراق.39 وكانت الولايات المتحدة بدأت بالفعل بمساعدة حكومة إقليم كردستان على تطوير قطاع الغاز، وشمل ذلك مساهمات مالية في حقل خور مور الغازي.40 في حال شملت عملية التهدئة ومبادرات الوساطة مشروع الغاز، فإنّ ذلك سيساعد على تدعيم قطاع الطاقة وتلبية حاجات العراق الملحّة لإمدادات الغاز البديلة، ولكن لن يُكتب لهذا المسعى النجاح إلّا إذا اقتنعت به إيران سياسياً واقتصادياً.

 

وكانت إيران قد أظهرت استعدادها لتوجيه ضربات مباشرة لأهداف أمريكية وأخرى تابعة لحكومة إقليم كردستان.41 إلّا أنّ تلك الهجمات لم تكن بالضرورة على صلة بقطاع الطاقة بل حدثت في سياق اضطرابات سياسية. على سبيل المثال، تزامنت الهجمات الأخيرة على أربيل مع احتدام عملية تشكيل الحكومة، بالأخص بعد أن أعلن الحزب الديمقراطي الكردستاني بعد الانتخابات تأييده لمقتدى الصدر على حساب وكلاء إيران.42 زدّ على ذلك، تعارض إيران الحملة العسكرية التركية ضدّ حزب العمّال الكردستاني في العراق، كما ثمّة نزاعات بين بغداد وتركيا على المياه.43 يؤكّد ذلك على الطابع الجيوسياسي للتوترات ويؤشر إلى أنّ صادرات الغاز الكردية ما هي إلّا جزء بسيط من التحديات الراهنة.

 

لا ترفض إيران مبدأ الصادرات الكردية بحدّ ذاته، ولكنها تتخوّف من مغبّة تهديد هذه الصادرات للنفوذ الإيراني في مراحل الضعف التي تعيشها البلاد. فإيران كانت قادرة بالفعل على تقويض صادرات الطاقة الكردية بالقوّة منذ بداية إنشاء تركيا لخطّ الأنابيب عام 2013، حين كانت طهران تمتلك نفوذاً كبيراً في العراق من خلال نوري المالكي. كما أنّ إيران لم تقمّ بأيّ ردّة فعل قويّة أو عنفية ضدّ حقول الغاز التي تشغّلها شركة دانه غاز التي تمدّ حالياً السوق الكردية المحلية بالغاز. بالفعل، يُعدّ حقل خور مور أكبر عملية تنقيب عن الغاز في المرحلة العليا يتولاها القطاع الخاص في العراق وستبلغ سعة إنتاجه بحلول عام 2024 حوالي مليار قدم مكعّب في اليوم.44

 

ثالثاً، كلّما زاد عدد الدول التي تدعم مباشرةً أو ضمنياً مثلّث مجلس التعاون الخليجي–أربيل-أنقرة، يصبح أصعب على إيران نسف مثل هذه الشراكة. ومع اكتساب المشروع المزيد من التأييد الإقليمي، يمكن للغرب أن يسهم هو الآخر في تفعيل هذه الشراكة. أبرمت شركتا نفط الهلال ودانه غاز الإماراتيان اتفاقية تعود لعام 2007 لتطوير حقليّ خور مور وجمجال، كما أنّ للإمارات تواجد تجاري قديم وعلاقات سياسية راسخة مع كردستان لا تضاهيها أي دولة خليجية أخرى.45 من جانبهما، سجّلت كلّ من قطر والسعودية تقدّماً ملحوظاً في علاقتهما مع كردستان، حيث يمكن لقطر أن تؤدّي دوراً رائداً نظراً لخبراتها في مجال الغاز الطبيعي المسال وقدرتها على تمويل المشروع.

 

في نهاية المطاف، قد يتوقف الأمر برمّته على فعالية الدبلوماسية الكردية وقدرتها على استقطاب الدوحة والدول الخليجية بشكل عام. في غضون ذلك، قد تتبنّى قطر سياسة ترقّب لتقييم مدى جدوى المشروع ومتابعة التطورات السياسية في بغداد وأربيل. على أي حال، إذا انخرطت قطر في مشروع الغاز الكردي، فإنّ الإمارات ستبقى السبّاقة، ما قد يحدّ من النفوذ القطري. إلّا أنّ السباق القطري الإماراتي في السياق الكردستاني ينتفي بفعل الدور التركي بما أنّ أنقرة هي الشريك الأقوى واللاعب الخارجي الأكثر نفوذاً على الساحة الكردية. فستتعامل كلّ من قطر والإمارات مع كردستان انطلاقاً من أطر ومعايير تحددها تركيا.

 

على الرغم من الحرب في أوكرانيا، فإنّ الموقف التفاوضي للأكراد ونفوذهم الإقليمي يستفيد من كون روسيا مستثمراً فاعلاً في قطاع الطاقة. ففي العام 2017، زادت شركة النفط الروسية روسنفت استثماراتها في خطّ الأنابيب الرئيسي في كردستان إلى 3,5 مليار دولار لتحصل على حصة مهيمنة. بالتالي، أصبحت روسنفت تمتلك 60 في المئة من خطّ الأنابيب، فيما تملك مجموعة كار 40 في المئة.46 وكانت روسنفت قد تعهّدت سابقاً بتمويل شبكة أنابيب غاز طبيعي (بما يصل إلى مليار دولار47) ولكن لم يتّضح بعد كيف سيتجلّى ذلك في ضوء الاتفاق الأخير مع تركيا. فقد تبقى روسيا إحدى الجهات المموّلة، ولكن لم يتم الإفصاح بعد عن أسماء المموّلين المحتملين وإذا ما كانت روسنفت من بنيهم. إلى ذلك، يُستبعد أن تنطلق حكومة إقليم كردستان في مثل هذا المشروع الواسع بدون أن تكون روسيا جزءاً منه. وفي حين قد ينفّر الانخراط الروسي في قطاع الغاز بعض المستثمرين بسبب الحرب في أوكرانيا، من غير الواضح ما إذا كان ذلك سيردع مشاركة دول مجلس التعاون الخليجي بما أنّ المجلس قد اتخذ موقفاً محايداً من الحرب وحافظ على علاقات متينة مع موسكو.

 

الخاتمة

سلّط هذا الموجز الضوء على التحديات التي تعترض قطاع الطاقة في كردستان وآفاقه المستقبلية. كما تناول قدرة صادرات الغاز الكردية على تلبية طموحات تركيا كي تصبح مركزاً للطاقة ومساعي دول مجلس التعاون الخليجي لتعزيز تواجدها في العراق، إلى جانب الآمال الغربية بتأمين إمدادات بديلة للطاقة مع استمرار الحرب في أوكرانيا.

 

تعترض هذا المشروع تحديات لا يُستهان بها، بما فيه الانقسامات السياسية الداخلية الكردية والنزاعات المزمنة مع بغداد والعدائية من جانب إيران. وعلى الرغم من أنّ حكومة إقليم كردستان ستستمرّ في التأثير بقوّة في المجريات السياسية في العاصمة بغداد، إلّا أنّ الانقسامات داخل الصفّ الكردي قد أضرّت بقدرتها على مواجهة هيمنة الأطراف المدعومة من إيران الذين يعارضون توسيع الاستقلالية الكردية في قطاع الطاقة. في ظلّ الوضع الراهن، لا تبدو أفق الاستثمار في احتياطات الغاز الكردية جذّابة للدول الخليجية، مع ذلك توجد مجموعة من العوامل والأحداث التي من شأنها أن تبدد المخاوف الجيوسياسية والأمنية، بالأخص في ظلّ الأوضاع العالمية التي نجم عنها طلب ملحّ على إمدادات طاقة بديلة.

 

توسيع التواجد الخليجي في العراق ضرورة استراتيجية لدول مجلس التعاون من أجل التصدّي لتهديدات المجموعات المؤيّدة لإيران ولاحتواء النفوذ الإيراني في بغداد. إلّا أنّ ذلك قد يثير العدائية الإيرانية إلّا في حال بادرت أربيل لإصلاح علاقاتها مع بغداد بالتوافق مع إيران. وفي نهاية المطاف، لا يمكن للعراق أن يعتمد حصراً على الغاز الإيراني لتلبية حاجات السوق المحلية، وقد أدركت الجهات المؤيدة لإيران في العراق بأن الإخفاق في تلبية الطلب المحلّي على الغاز قد يكون له تبعات سياسية وجودية عليها وعلى وكلائها في الوقت الذي تواجه فيه طهران انتفاضة شعبية تاريخية.

 

من شأن إطلاق حوار إقليمي يجمع بين إقليم كردستان وتركيا ودول مجلس التعاون الخليجي وإيران والغرب أن يعبّر عن حسن النيّة ويحدّد المبادئ الأساسية لإنشاء إطار تُعالج من خلاله النزاعات السياسية الأوسع، ما يُسهم في التخفيف من مخاوف طهران حيال احتمال تراجع نفوذها في العراق، وفي الوقت نفسه معالجة الانقسامات بين أربيل وبغداد بهدف التوصل إلى رؤية مشتركة وخارطة طريق لقطاع الطاقة في البلاد. بالتالي، فإنّ مشروع الغاز يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالوضع السياسي في العراق.

 


الهوامش

1 Humeyra Pamuk and Orhan Coskun, “Exclusive – Turkey, Iraqi Kurdistan Ink Landmark Energy Contracts,” Reuters, November 29, 2013, https://www.reuters.com/article/uk-turkey-iraq-oil-idUKBRE9AS0EU20131129.

2 Ragip Soylu, “’Hollow Victory’: Iraq is Not Really a Winner in the Turkey Oil Arbitration Case,” Middle East Eye, March 28, 2023, https://www.middleeasteye.net/news/turkey-iraq-oil-arbitration-win-hollow-victory; Ben Van Heuvelen et al., “Turkey Halts Iraq’s Northern Exports After Landmark Arbitration Ruling,” Iraq Oil Report, March 25, 2023, https://www.iraqoilreport.com/news/turkey-halts-iraqs-northern-exports-after-landmark-arbitration-ruling-45601/; see also John M. Roberts, “Türkiye and the Kurdistan Region of Iraq: Strained Relations,” TPQ 17, no. 3 (November 2018), http://turkishpolicy.com/article/937/turkey-and-the-kurdistan-region-of-iraq-strained-energy-relations; Fehim Tastekin, “Erdogan Not Giving Up on Gas from Iraqi Kurdistan,” Al-Monitor, February 22, 2022, https://www.al-monitor.com/originals/2022/02/erdogan-not-giving-gas-iraqi-kurdistan.

3 Amatzia Baram, Iraq at a Crossroads: Kurdish Energy Competition with Iran, Analysis Paper, (Schaan, Liechtenstein: Geopolitical Intelligence Services, June 14, 2022), https://www.gisreportsonline.com/r/kurdish-energy-competition-iran/.

4 KRG and Turkish officials, interview by author, Erbil, Iraq, July 2022; Gareth Winrow, Realization of Turkey’s Energy Aspirations: Pipe Dreams or Real Projects?, Türkiye Project Policy Paper Series, (Washington, DC: Brookings Institution, April 28, 2014), https://www.brookings.edu/research/realization-of-turkeys-energy-aspirations-pipe-dreams-or-real-projects/.

5 “Germany in Talks with Iraq for Gas Imports,” Middle East Eye, January 13, 2023, https://www.middleeasteye.net/news/germany-talks-iraq-gas-imports.

6 Karwan Faidhi Dri, “Erdogan Receives President Barzani in Ankara,” Rudaw, February 2, 2022, https://www.rudaw.net/english/middleeast/syria/02022022.

7“KRG Extends Gas Pipeline Network, Raising Potential for Exports,” Iraq Oil Report, February 3, 2022, https://www.iraqoilreport.com/news/krg-extends-gas-pipeline-network-raising-potential-for-exports-44418/; Tastekin,“Erdogan Not Giving Up on Gas from Iraqi Kurdistan.”

8 Julian Bechocha, “PM Barzani Visits UAE, Partakes in Energy Forum,” Rudaw, March 25, 2022, https://www.rudaw.net/english/middleeast/25032022.

9 Amberin Zaman, “Iraqi Kurdish Leader Helps Ease Turkey-UAE Tensions,” Al-Monitor, August 31, 2021, https://www.al-monitor.com/originals/2021/08/iraqi-kurdish-leader-helps-ease-turkey-uae-tensions.

10 Zaman, “Iraqi Kurdish Leader Helps Ease Turkey-UAE Tensions.”

11International Crisis Group, Türkiye and Iraqi Kurds: Conflict or Cooperation, Report, (Brussels, Belgium: International Crisis Group, May 31, 2022), https://www.crisisgroup.org/middle-east-north-africa/gulf-and-arabian-peninsula/iraq/turkey-and-iraqi-kurds-conflict-or-cooperation.

12 International Crisis Group, “Türkiye and Iraqi Kurds.”

13 International Crisis Group, “Türkiye and Iraqi Kurds.”

14 Anadolu Agency, “Turkey, Iraqi Kurdistan Agree on ‘50-Year Energy Accord’,” Hurriet Daily News, June 5, 2014, https://www.hurriyetdailynews.com/turkey-iraqi-kurdistan-agree-on-50-year-energy-accord-67428; Shadow Governance Intel, “Türkiye Expands Influence in Kurdish Energy Sector,” Oil Price, August 16, 2017, https://oilprice.com/Energy/Oil-Prices/Turkey-Expands-Influence-In-Kurdish-Energy-Sector.html

15 Tastekin, “Erdogan Not Giving Up on Gas from Iraqi Kurdistan.”

16 Soylu, “Iraq is Not Really a Winner in the Turkey Oil Arbitration Case”; Van Heulen et al., “Turkey Halts Iraq’s Northern Exports After Landmark Arbitration Ruling”; Karwan Faidhi Dri, “US Urges Turkey, Iraq to Resume KRG’s Oil Export,” Rudaw, March 28, 2023, https://www.rudaw.net/english/kurdistan/270320233;  Tastekin, “Erdogan Not Giving Up on Gas from Iraqi Kurdistan.”

17 Shadow Governance Intel, “Türkiye Expands Influence in Kurdish Energy Sector.”

18 Tastekin, “Erdogan Not Giving Up on Gas from Iraqi Kurdistan.”

19 Iraqi officials, interview by author, Baghdad, Iraq, August 2022.

20 Shafaq News, “Al-Ameri Asked Barzani to Mediate Between the Coordination Framework and the Sadrist Movement,” Shafaq, August 14, 2022, https://shafaq.com/en/Iraq-News/Al-Ameri-asked-Barzani-to-mediate-between-the-Coordination-Framework-and-the-Sadrist-movement.

21 Tastekin, “Erdogan Not Giving Up on Gas from Iraqi Kurdistan.”

22 Ranj Alaaldin, Iraq’s Next War: Implications for the Region, Issue Brief, (Doha, Qatar: Middle East Council on Global Affairs, October 2022), https://mecouncil.org/wp-content/uploads/2022/10/MECGA_Issue-Brief-9_-Alaaldin_Final-Web.pdf.

23 Bilal Wahab, The Death of Oil Federalism? Implications of a New Iraqi Court Ruling, Policy Analysis, (Washington, DC: The Washington Institute for Near East Policy, February  18, 2022), https://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/death-oil-federalism-implications-new-iraqi-court-ruling

24Amberin Zaman, “Family Feuds Among Iraq’s Kurdish Leaders Embolden Iran,” Al-Monitor, December 9, 2022, https://www.al-monitor.com/originals/2022/12/family-feuds-among-iraqs-kurdish-leaders-embolden-iran#ixzz7tROqGoFg.

25 Zaman, “Family Feuds Embolden Iran;” Alaaldin, “Iraq’s Next War.”

26 “Tripartite Alliance Members Threatened Again: Sadr,” Rudaw, February 18, 2022, https://www.rudaw.net/english/middleeast/iraq/180220228.

27 Celine Alkhaldi, Mohammed Tawfeeq, and Aqeel Najim, “Iraq Names New President and Prime Minister, Ending a Year of Political Deadlock,” CNN, October 13, 2022, https://edition.cnn.com/2022/10/13/middleeast/iraq-new-leaders-intl/index.html.

28 Chalak, “PUK Will Obstruct KRG Plans.”

29 Tastekin, “Erdogan Not Giving Up on Gas from Iraqi Kurdistan.”

30 Fehim Tastekin, “Will Renewed Interest in Iraqi Kurdish Gas Fuel Turkey-Iran Rivalry?,” Al-Monitor, November 28, 2022, https://www.al-monitor.com/originals/2022/04/will-renewed-interest-iraqi-kurdish-gas-fuel-turkey-iran-rivalry#ixzz7lvtfGO4W.

31 Layal Niazy, Tumultuous Yet Promising: The Evolution of GCC-Iraq Relations, Research Report, (Jeddah, Saudi Arabia: Gulf Research Center, June 2022), https://www.grc.net/documents/62a9917b71502GCCIRAQLAYAL.pdf; Iraqi Foreign Ministry officials, interview by author, Baghdad, Iraq, August 2022; Saudi Foreign Ministry officials, interview by author, London, United Kingdom, October 2022.

32 Nizay, “The Evolution of GCC-Iraq Relations;” Iraqi Foreign Ministry officials, interview; Saudi Foreign Ministry officials, interview.

33 Kate Dourian and Ben Van Heuvelen, “Khor Mor Expansion Gets $250 Million Boost from U.S.,” Iraq Oil Report, September 8, 2021, https://www.iraqoilreport.com/news/khor-mor-expansion-gets-250-million-boost-from-u-s-44060

34 Verity Ratcliffe, “Iraq in Talks with Halliburton, Saudi Aramco to Develop Oil, Gas in Western Desert,” Bloomberg UK, February 22, 2022, https://www.bloomberg.com/news/articles/2022-02-22/iraq-in-talks-with-iocs-to-develop-oil-gas-in-western-desert?leadSource=uverify%20wall.

35 Aref Mohammed and Amina Ismail, “Basra Oil Company Head Expects Qatar to Take 20-25% Stake in TotalEnergies’ Iraq Project,” Zawya, February 2, 2023, https://www.zawya.com/en/business/energy/basra-oil-company-head-expects-qatar-to-take-20-25-stake-in-totalenergies-iraq-project-t7ub08r1.

36 Suadad al-Salhy, “US Seeking to Carve Out Sunni State as its Influence in Iraq Wanes,” Middle East Eye, January 23, 2020, https://www.middleeasteye.net/news/us-seeking-carve-out-sunni-state-its-influence-iraq-wanes.

37 Shafaq News, “Al-Halboosi Seals an Agreement with Al-Khanjar, Members of Al-Azm Are Unsatisfied,” Shafaq, December 26, 2021, https://shafaq.com/en/Iraq-News/Al-Halboosi-seals-an-agreement-with-al-Khanjar-members-of-al-Azm-are-unsatisfied.

38 Turkish officials, interview by author, Baghdad, Iraq, August 2022.

39 Rowena Edwards, “Oil Firms Seek U.S. Mediation to Defuse Iraq-Kurdistan Tensions,” Reuters, September 1, 2022, https://www.reuters.com/business/energy/oil-firms-seek-us-mediation-defuse-iraq-kurdistan-tensions-2022-09-01/.

40 Dourian and Van Heuvelen, “Khor Mor expansion gets $250 million boost from U.S.”

41 “Iranian Guards Claim Ballistic Missile Attacks in Erbil,” Al Jazeera English, March 13, 2022, https://www.aljazeera.com/news/2022/3/13/missiles-hit-iraqs-kurdish-capital-no-casualties-officials.

42 Amberin Zaman, “Iran Missile Attack on Erbil goes Beyond Retaliation for IRGC Deaths,” Al-Monitor, March 13, 2022, https://www.al-monitor.com/originals/2022/03/iran-missile-attack-erbil-goes-beyond-retaliation-irgc-deaths#ixzz7tRVMdUVG.

43 Ranj Alaaldin, Iraq’s Climate Crisis: A Geopolitical Conflagration in the Making, Policy Note, (Doha, Qatar: Middle East Council on Global Affairs, June 2022), https://mecouncil.org/publication/iraqs-climate-crisis-a-geopolitical-conflagration-in-the-making/.

44 Dourian and Van Heuvelen, “Khor Mor expansion gets $250 million boost from U.S.”; “Khor Mor Gas Field Expansion, Kurdistan Region, Iraq,” Hydrocarbons Technology, https://www.hydrocarbons-technology.com/projects/khor-mor-gas-field-expansion/.

45 Simon Webb, “Crescent, Dana Start Gas Supply in Iraq’s Kurdistan,” Reuters, October 3, 2008, https://www.reuters.com/article/us-iraq-crescent-gas-idUSTRE4930KM20081004.

46 Dmitry Zhdannikov and Vladimir Soldatkin, “Russia’s Rosneft to Take Control of Iraqi Kurdish Pipeline Amid Crisis,” Reuters, October 20, 2017,  https://www.reuters.com/article/us-mideast-crisis-iraq-kurds-rosneft-idUSKBN1CP16L.

47 Dmitry Zhdannikov, “Russia’s Rosneft Clinches Gas Pipeline Deal with Iraq’s Kurdistan,” Reuters, September 18, 2017, https://www.reuters.com/article/us-kurdistan-rosneft-idUSKCN1BT0MQ.