شراكةٌ إستراتيجية: بنت الجزائر وتركيا شراكةً إستراتيجيّة قائمة على مواقف مشتركة من القضايا الدوليّة والمصالح المتبادلة. وتمثّل الجزائر بوابةً إستراتيجيّة لتركيا نحو منطقة الساحل وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. من جهتها، تُقدِّم تركيا نموذجاً إنمائياً جذّاباً للجزائر.
روابط اقتصاديّة أقوى: تُعَدّ الجزائر أحد شركاء تركيا الرئيسيّين في أفريقيا. في ضوء تكثيف العلاقات الاقتصاديّة في خلال العقد الفائت، تتطلّع تركيا إلى زيادة حجم التجارة الثنائية ثلاث مرات بحيث يرتفع من 3 مليار دولار إلى 10 مليار دولار. وتُعتبَر الاستثمارات التركيّة في الجزائر، التي تخطّت الاستثمارات الصينيّة، مهمّةً في عددٍ من القطاعات المختلفة.
علاقات متنامية بين الشعبين: تعزّزت العلاقات بين الشعبَين التركي والجزائري إلى حدٍّ بعيد. لقد خفّفت تركيا شروط الحصول على تأشيرة دخول للجزائريّين، ما سهّل نموّ السياحة. وقد ساهم التراث والتاريخ المشتركان في زيادة اهتمام الجزائريّين بتركيا، كما فعلت القوة الناعمة الثقافيّة لتركيا عن طريق المسلسلات التلفزيونيّة التركيّة.
التوازن سيكون محوري في تمتين العلاقات: تربط تركيا علاقاتٌ جيّدة مع كلّ من الجزائر والمغرب، ما يستدعي المحافظة على توازن بين الخصمَين، لا سيّما في ما يتعلّق بمسألة الصحراء الغربيّة. سيتوجّب على تركيا كذلك إرساء توازن بين تثبيت قدمها الاقتصادية في الخارج ومعالجة أزمتها الاقتصاديّة في الداخل.
بين الجزائر وتركيا تاريخٌ سياسي وثقافي مشترك يعود إلى حقبة الحكم العثماني. بفعل الحاجة إلى مقاومة القوى الأوروبيّة في زمن انهيار السلالات الحاكِمة الإقليميّة، بدأ الوجودُ العثماني في الجزائر مع الإخوة “بربروس” عام 1516 واستمرّ حتى العام 1830. وبعد انهيار الإمبراطوريّة العثمانيّة وقيام الجمهوريّة التركيّة عام 1923، تخلّت الدولةُ الكمالية عن دائرة نفوذها في منطقة المغرب العربي. غير أنّ هذا الموقف تغيّر بشكلٍ جذريّ منذ أوائل الألفيّة الثانيّة في عهد رجب طيب أردوغان كرئيسٍ للوزراء ومن ثمّ رئيس للجمهوريّة.
في ظل حكم أردوغان، سعت تركيّا إلى تفعيل سياسة عثمانية جديدة بشكلٍ واضح، بدأت في عهد تورغوت أوزال في أواخر الثمانينات،1 وأجندة تميل نحو الإسلام السياسي، مؤكِّدةً دورها في منطقة البحر المتوسّط والمقاطعات العربيّة السابقة من الإمبراطوريّة العثمانيّة.2 وقد سعت السياسةُ الخارجيّة التركيّة إلى تعزيز تعاونها المتعدّد الأوجه مع الدول العربيّة والتزامها تجاهها في مناخٍ مستقرّ وآمن. بصورةٍ عامة، يُعزى اهتمامها بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنطقة المغرب العربيّ إلى ضرورات جغرافيّة واقتصاديّة3 وإلى عوامل جيوسياسيّة وثقافيّة.
بنت الحكومةُ التركيّة الميّالة إلى التشدّد الإسلامي على نجاحات الحركات الإسلاميّة في أعقاب الثورات العربية، بهدف تشجيع التحالفات السياسيّة جنوب البحر الأبيض المتوسّط. وبسطت أنقرة نفوذها في المنطقة من خلال نسج علاقات جيوستراتيجيّة وجيوقتصاديّة وتعزيزها.4 قد يُعزى تحرّك تركيا باتّجاه المنطقة العربية إلى نبذها من قِبَل الاتّحاد الأوروبيّ، ولا سيّما فرنسا.5 وقد رحّبت الدول العربيّة بهذا التحرّك كونه قدّم فرصةً لتنويع العلاقات والحدّ من الاعتماد على الولايات المتّحدة والاتّحاد الأوروبي. بالتالي، تطوّرت العلاقات الجزائريّة التركيّة على هذه الخلفيّة.
على الرغم من أنّ الروابط الجزائريّة التركيّة قد تعزّزت، إلّا أنّ العلاقة بين البلدين شهدت تصدّعات عبر السنين. ينبع حذر الجزائر تجاه تركيا من ثلاثة عوامل رئيسيّة. يتعلّق العامل الأول بدور تركيا في خلال الحرب الباردة عندما عارضت استقلال الجزائر عن فرنسا. فقد صوّتت تركيا ضدّ استقلال الجزائر في الجمعية العامة للأمم المتّحدة عام 1955، وامتنعت عن التصويت عامي 1957 و1958 ومن ثم عام 1959.6 اعتبرت الحركةُ الاستقلاليّة في زمن الحرب امتناعَ تركيا عن التصويت بمثابة دعمٍ لفرنسا،7 على الرغم من أنّ موقف تركيا ناجمٌ عن حاجتها إلى الوقوف إلى جانب حلفائها في منظمة حلف شمال الأطلسي. لكن عام 1960 بعد تغيير حكومتها، عادت وصوّتت تركيا لصالح استقلال الجزائر. وحتى قبل دعمها الرسمي للجزائر عام 1960، قدّمت تركيا الدعم للقوميّين الجزائريّين.8 وفي العام 1985، اعتذر رئيس الوزراء التركي آنذاك تورغوت أوزال عن انحياز تركيا لصالح فرنسا في الخمسينات.9
ثانياً، أدّت علاقة تركيا مع إسرائيل إلى تعقيد روابطها مع الجزائر. نظراً للدعم القوي من الدولة والمجتمع في الجزائر للقضيّة الفلسطينيّة، شكّلت روابط تركيا مع إسرائيل مصدر خلاف. فشدّدت السلطات التركيّة على مساندتها لفلسطين، مؤكّدة على أنّ العلاقة مع إسرائيل لن تقوّض دعم تركيا للشعب الفلسطيني.10
ثالثاً، ولّدت المعركة بين المقاتلين الإسلاميّين والقوى الأمنيّة في الجزائر التي دامت عقداً من الزمن في التسعينات شعوراً بالمرارة في صفوف القيادة والمجتمع، لا سيما لدى العلمانيّين، حيال توثيق الروابط مع حزب العدالة والتنمية التركي. وأدّى دعم تركيا لتسلّم الإخوان المسلمين مقاليد السلطة في تونس وليبيا والمغرب ومصر إلى تأجيج امتعاض العلمانيّين الجزائريّين.
على سبيل المثال، اتّهم التجمّع الوطني الديمقراطي، وهو حزبٌ قومي موالٍ للحكومة، حركة مجتمع السلم (أو حماس) “بالانصياع في استراتيجيّتها لجدول أعمال تُمليه القوى الأجنبية”، ما تم تأوليه على أنّه إشارة إلى الروابط الظاهرة بين حركة مجتمع السلم ونظريها التركي حزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان.11 فقد شجّعت الحركات الإسلاميّة في مختلف أرجاء المنطقة حركة مجتمع السلم على محاولة فرض نفسها كحزبٍ إسلامي إصلاحي وعصري، قادر على تسلّم الحكم مثل حزب العدالة والتنمية التركي.12 واعتقدت قيادة حركة مجتمع السلم أنّ الحزبَ قادرٌ على تحقيق انتصار كاسح في الانتخابات المحليّة عام 2012 – كما حصل في تونس والمغرب ومصر حيث تبوأ الإسلاميّون الحكم.13 إلّا أنّ هذه التطلّعات باءت بالفشل.
على الرغم من المسائل الآنفة الذكر، استؤنفت العلاقة بين البلدين بشكلٍ تدريجي. فقد رسّخ وجود الإمبراطوريّة العثمانيّة الذي دام ثلاثة قرون الشعور بمشاطرة ماضٍ تاريخي وثقافي لدى الدولة والمجتمع في الجزائر. فشقّت العلاقات الجزائريّة التركيّة الآن مساراً جديداً اتّسم بتمتين الروابط الثنائية على مختلف المستويات.
على الرغم من أنّ روابط تركيا مع المغرب العربي وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى قائمة على مصالح جغرافية اقتصادية بشكلٍ أساسي، إلّا أنّ البعد السياسي يُعتبَر جوهرياً كذلك. فقد دلّ تدهور العلاقات مع مصر على أنّ تركيا كانت بحاجة إلى شريكٍ موثوق ومستقرّ في شمال أفريقيا. فبرزت الجزائر كشريكٍ جذّاب نظراً للجهود التي بذلتها تركيا والجزائر لمواجهة نفوذ فرنسا في منطقة الساحل وفي ليبيا. واتّخذ البلدان موقفاً مماثلاً بشأن ليبيا، فدعما الحكومة في طرابلس الغرب في وجه الإمارات العربيّة المتّحدة وفرنسا ومصر.
تتشارك الجزائر وتركيا بعض المبادئ في سياستهما الخارجيّة، لا سيّما حول السيادة واحترام وحدة أراضي الدول الأخرى وعدم التدخّل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى،14 والاستقلال السياسي. هذه المبادئ المترابطة منصوص عليها في معاهدة الصداقة والتعاون لعام 2006 15 (التي سيُشار إليها بـ”المعاهدة”) وترسي قواعد تطوّر العلاقة بين الجزائر وتركيا.
تُمثّل تركيا لاعباً أساسيّاً في منطقة المغرب العربي؛ إلّا أنّها قد واجهت تحدّيات سياسيّة واقتصاديّة.16 غير أنّ قدرتها على “التوفيق بين الديمقراطيّة والإسلام والتنمية الاقتصاديّة جعلتها نموذجاً جذّاباً”،17 خلافاً للغرب الذي شوّهت صورتَه تدخّلاتُه وضعوطُه لإحلال الديمقراطيّة في المنطقة. وعلى الرغم من انتقاد الليبراليين الجزائريين نظام أردوغان السلطوي،18 اعتُبرت جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية التركية “درساً حقيقياً في الديمقراطية للعالم بأسره، وخاصة للدول العربية والإسلامية”.19
من جهتها، تُعتبر الجزائر قوةً متوسّطة إقليميّة مهمّة، وهي صفة تشاطرها مع تركيا، وتحتلّ مكانةً جيوسياسيّة محوريّة في منطقة البحر الأبيض المتوسّط. فيُؤمّن حجمها وموقعها الإستراتيجي بوابةً مثاليّة نحو باقي القارة الأفريقية حيث سعت تركيا إلى توسيع وجودها الاقتصادي وتنافست على السيطرة في منطقة نفوذ فرنسا سابقاً.20 وكانت الجزائر جهّةً فاعلة أساسيّة في الحرب على الإرهاب، فتوسّطت بين الأطراف المتناحرة في منطقة الساحل والقرن الأفريقي، وعملت على تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة؛ وهي أدوار أقرّ بها الرئيس رجب طيب أردوغان.21
الجزائر عضو مهمّ في الاتّحاد الأفريقي وحركة عدم الانحياز، ولديها بعض القواسم المشتركة مع سياسات تركيا التي تكرّس مبدأ التوازن.22 بطبيعة الحال، يخدم تمتين العلاقة مع الجزائر مصالح تركيا ونفوذها في المغرب العربي والساحل وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ما غذّى اهتمام أردوغان المستمرّ بالجزائر. في يونيو 2013، أجرى أردوغان، الذي كان رئيس وزراء آنذاك، جولةً في منطقة المغرب العربي. كانت العلاقات التركيّة المصريّة حينها قد تدهورت إلى حدّ بعيد بعد إزاحة محمد مرسي عن السلطة؛ وبالتالي برزت الجزائر تدريجياً كشريك تركيا الرئيسي في شمال أفريقيا.
كانت لأردوغان أولويّتان في ما يتعلّق بالجزائر: التعاون الأمني والتنمية الاجتماعيّة والاقتصاديّة.23 في نوفمبر 2014، زار أردوغان الجزائر بصفته رئيساً للجمهوريّة بغية تعزيز العلاقات، وفي فبراير 2018، كانت الجزائر المحطّة الأولى في جولته الأفريقيّة التي أدّت إلى توقيع سبعة اتفاقات شراكة في مجالات الطاقة والسياحة والثقافة والزراعة والدبلوماسيّة.24 قبل زيارته، أراد أردوغان إلغاء تأشيرات الدخول بشكلٍ متبادل، بيد أنّ الجزائريّين رفضوا ذلك خوفاً من استخدام تركيا كـ”ترانزيت… للجهاديين للدخول إلى سوريا والعراق وليبيا، ما قد يضرّ بالجزائر التي تواجه خطر الإرهاب على حدودها”.25
أُحرز تقدّم سياسي ملحوظ انطلاقاً من العام 2020. ففي خلال مؤتمر برلين حول ليبيا،26 التقى أردوغان بالرئيس الجزائري المنتخَب حديثاً عبد المجيد تبون. وبعدها بقليل، قام أردوغان بزيارة دولة إلى الجزائر توّجت بتوقيع إعلانٍ مشترك لإنشاء مجلس رفيع المستوى للتعاون الثنائي، ما سلّط الضوء على العلاقة الشاملة الناشئة بين الجزائر وتركيا.27
شدّد أردوغان على التزام تركيا التي “لا تعتبر الجزائر سوقاً لبيع سلعنا، لكننا نتطلّع أيضاً إلى تحقيق استثمارات مهمة” وبالطبع لتطوير حوارات سياسيّة رئيسيّة واتفاقات مع الجزائر.28 وتزامنت هذه الزيارة مع التقارب المتزايد في وجهات النظر بين الجزائر وتركيا حول الوضع في ليبيا، حيث دعم البلدان حكومة الوفاق الوطني ضد المشير خليفة حفتر الذي حظي بمساندة فرنسا والمملكة العربيّة السعوديّة ومصر والإمارات العربيّة المتّحدة. وعلاوة على ذلك، أحبطت الجزائر محاولة مصر إدانة تركيا في جامعة الدول العربيّة، بسبب استياء القاهرة من تدخّل تركيا الواضح في الشؤون السياسيّة الإقليميّة. وسعت مصر إلى الانتقام من دعم تركيا لمحمد مرسي وأنصاره.29
ساهم دعم تركيا والجزائر لحكومة الوفاق الوطني في تعزيز التعاون بينهما. بهدف حماية مصالحها الاقتصادية30 في ليبيا، عارضت تركيا تدخّل الغرب في بداية الأمر.31 وعلى نحوٍ مشابه، اعترضت الجزائر بشدّة على تدخّل حلف شمال الأطلسي، وفضّلت تسويق حلولها الخاصّة للحرب الأهلية في ليبيا32 ضمن إطار الأمم المتّحدة والاتّحاد الأفريقي. وحثّت الجزائر على إجراء حوار بين الفصائل الليبيّة (باستثناء تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام وتنظيم القاعدة)، مشدّدة على ضرورة إيجاد حلول سلمية ورفض التدخّلات الأجنبية.
إلّا أنّه في نهاية المطاف، دعمت أنقرة التدخّل عندما أصبح أمراً مفروغاً منه وعندما بدا أنّ العملية الانتقالية ستتكلّل بالنجاح.33 في البدء، كانت الجزائر قلقةً حيال نشر القوات التركية في ليبيا، اقتناعاً منها بأنّ ذلك قد يؤجّج انعدام الاستقرار. فهي كانت تخشى أن يؤدّي وجود عسكري إلى زيادة تداول الأسلحة وانتشار المجموعات المسلّحة على طول حدودها مع ليبيا البالغة ألف كيلومتر.
وشعرت الجزائر بالقلق أيضاً إزاء احتمال اندلاع الصراع، لا سيّما أنّه يورّط جهات فاعلة أجنبيّة متعدّدة، وأنّه قد يؤدّي إلى تدخلّ مصر العسكري.34 فاعتمدت الجزائر شيئاً فشيئاً أسلوباً سياسياً متفهّماً ودقيقاً لتدخّل تركيا، ما أجهض تقدّم قوى حفتر نحو طرابلس الغرب. اعتبر الجزائريّون محاولة حفتر الاستيلاء على طرابلس “خطّاً أحمر”،35 بالإضافة إلى تهديداته بالهجوم على الجزائر،36 وخطراً على الأمن القومي، في إشارةٍ إلى استعداد الجزائر للتدخّل عسكريّاً من أجل إيقافه.
ارتبط تدخّل تركيا في ليبيا بأهدافها الواسعة النطاق في شرق البحر المتوسّط الذي يزخر بموارد هيدروكربونية هائلة وبعقود بمليارات الدولارات في قطاع البناء وفي قطاعات أخرى.37 عرّض الصراع مصالح الجزائر الاقتصاديّة للخطر؛ فعلّقت شركة “سوناطراك” (Sonatrach) الجزائريّة للمواد الهيدروكربونية عام 2011 أنشطتها في ليبيا حيث كانت لديها استثمارات هامة.38 اتّفقت الجزائر وتركيا على أن حلّاً سياسيّاً تفاوضيّاً هو السبيل الأمثل لإحلال السلام والمصالحة –وفي حين أنّ هذا الموقف يتوافق مع نتائج مؤتمر برلين،39 إلّا أنّه يتعارض مع موقف مصر التي رفضت إشراك الإسلاميّين رفضاً قاطعاً.40
ترسّخت أكثر الروابط السياسيّة بين تركيا والجزائر عندما وافقت تركيا على طلب الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون تسليم الضابط الفار قرميط بونويرة، الذي شغل منصب مساعد رئيس الأركان السابق أحمد قايد صالح. وكان بونويرة قد فرّ إلى تركيا حيث حاول الحصول على جنسية مقابل تبادل معلومات سريّة عن الجيش الوطني الشعبي في الجزائر.41 وقد دعمت الجزائر تركيا في قمعها لما سمّته “منظمة فتح الله غولن الإرهابية”.42 إثر محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016، طردت الجزائر الشركات التركيّة ورجال الأعمال الأتراك المرتبطين بغولن. وأقفلت الحكومة مدرسة غولن في الجزائر العاصمة.43 علاوة على ذلك، سلّمت الجزائر أنقرة معارضاً سياسيّاً تركيّاً يُشتبَه في صلته بـ”منظمة فتح الله غولن الإرهابية”.44
في خلال زيارة دولة قام بها تبون إلى تركيا في مايو 2022، سلّط أردوغان الضوء على المواقف المشتركة45 بين البلدين حول المسائل السياسيّة مثل ليبيا وفلسطين46 ومنطقة الساحل47 والحرب بين روسيا وأوكرانيا. وشدّد أردوغان على أنّ المحادثات مع تبون تركّزت على الخطوات المشتركة التي يجب اتّخاذها على الساحة الدوليّة في ما يتعلق بالمسائل المذكورة آنفاً وألمح إلى تطوير التعاون الدبلوماسي من خلال اجتماعات مجلس التعاون المشترك،48 على أن تنعقد الاجتماعات بتيسير وزيري خارجية الدولتين وبإشراف رئيسي البلدين.
وفي ما يخصّ الصحراء الغربيّة، اعتمدت تركيا موقفاً محايداً نظراً لأهمية هذه القضيّة بالنسبة لكلّ من الجزائر والمغرب. في الواقع، بين تركيا والمغرب علاقات واسعة تشمل مجالات مختلفة بما فيها التعاون الاقتصادي والدفاع.49 وقد وقّع البلدان على اتفاقيّة تجارة حرّة دخلت حيّز التنفيذ عام 2006؛50 إلّا أنّ الاتّفاقيّة واجهت بعض المشاكل.51
لذا ردّ المتحدّث باسم وزارة الخارجية التركيّة تانجو بيلجيك على سؤال عن الاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء الغربيّة، قائلاً إنّ “تركيا تدعو إلى حلّ سياسي لمسألة الصحراء الغربيّة في إطار قرارات الأمم المتّحدة ذات الصلة… وإلى الحوار”، مشدّداً على الدعم التركي لـ”سلامة أراضي كافة البلدان وسيادتها…ضمن حدودها المُعترف بها دوليّاً”.52 يُسلّط ذلك الضوء على موقف تركيا المحايد المرتكز على الأُطر القانونيّة الدوليّة.
تُبدي كلّ من الجزائر وتركيا بعض التشابه في الموقف من الحرب بين روسيا وأوكرانيا، على الرغم من بعض الفوارق كون تركيا عضواً في حلف شمال الأطلسي. لقد حافظت الجزائر على موقف حيادي بينما اعتمدت تركيا، التي تزوّد أوكرانيا بالأسلحة، سياسة التوازن فامتنعت عن فرض عقوبات على روسيا بغية حماية مصالحها الجيوسياسيّة.53 انتهجت الدولتان سياسات متوازنة بدافع مصالحهما (المتعلّقة بالغاز والتسلّح والقمح). فالجزائر تقيم علاقات عريقة مع روسيا وأوكرانيا، وقد دعت إلى حلّ تفاوضي،54 وأدّت تركيا من جهتها دور الوسيط.55
بصورةٍ عامة، ترسّخت العلاقات السياسيّة بين الجزائر وتركيا وتوسّعت. ولعلّ تصريح الرئيس تبون أنّ للبلدين “رؤية مشتركة” في عددٍ من الملفّات في خلال زيارته إلى تركيا في مايو 2022، خير دليل على متانة الروابط الجزائريّة التركيّة.56
نمت المشاركة الاقتصاديّة بين تركيا والجزائر بشكلٍ ملحوظ؛ إلّا أنّ اختلافات رئيسيّة عديدة ما زالت قائمة بين الاقتصادَيْن. يكمن الاختلاف الأكبر في أنّ الجزائر اقتصادٌ ريعي – يعتمد على الإيرادات الهيدروكربونية57– في حين أنّ تركيا سوقٌ ناشئة ذات اقتصاد متنوّع. في ما يتعلّق بإجمالي الناتج المحلّي، يحتلّ الاقتصاد التركي المرتبة العشرين على قائمة أكبر اقتصادات العالم،58 بينما تحتل الجزائر المرتبة 56.59 يُضاف إلى ذلك أنّ حجم الاقتصاد التركي، من حيث حجم السكّان، أكبر بكثير من الاقتصاد الجزائري. ففيما تتباهى الجزائر بسوقها المربحة المستخدمة من قبل 45 مليون نسمة، يبلغ حجم السكان في تركيا ضعف هذا الرقم.
وعلى الرغم من أنّ العلاقة الاقتصاديّة بين تركيا والجزائر انطلقت في أوائل الألفية الثانيّة، إلّا أنّ الخسائر الاقتصاديّة التي تكبّدتها الدولتان بسبب الصراع الليبي ساهمت في تسريع تنامي الروابط الاقتصاديّة بينهما على غرار تعزيز العلاقات مع الصين أو روسيا، يسمح توسيع الروابط مع تركيا للجزائر بتخفيف اعتمادها الاقتصادي والسياسي على قوى مثل الولايات المتّحدة أو فرنسا.60 وتشمل الروابط الاقتصاديّة مجالات عدّة –مثل الاستثمارات والطاقة وبناء المساكن وأشغال البنى التحتيّة- وهي كلّها أساسيّة لتنمية الجزائر.
يحمل الاقتصاد الجزائري أوجه شبه لافتة مع الاقتصاد التركي قبل إصلاحه، لجهة انفتاح الاقتصاد وتحديث نظامه المالي في أواخر الثمانينات والتسعينات وفي الألفيّة الجديدة. بالتالي، يمكن أن تستلهم الجزائر من النموذج الإنمائي التركي.61 ويمكن أن تُسهّل تركيا انتقال الجزائر نحو تطبيق الإصلاحات الهيكليّة والاقتصاديّة الضروريّة، بما فيها تحديث نظامها المالي بحيث يستقطب الاستثمارات الأجنبيّة. تعكس قدرةُ الجزائر على جذب مستوى عالٍ من الاستثمارات التركيّة مدى المصالح المشتركة بين البلدين.
تزامن تحرّك تركيا باتّجاه الجزائر مع الاهتمام التركي المتزايد بأفريقيا حيث رسّخت أنقرة وجودها الاقتصادي الواسع النطاق. في مطلع القرن الواحد والعشرين، اعتمدت تركيا سياسةً خارجيّة متعدّدة الأقاليم؛ ونما اهتمامها بأفريقيا بشكلٍ ملحوظ. فلقّبت تركيا عام 2005 بـ”عام أفريقيا”.62 والتقت مصالح الجزائر مع نيّة تركيا تنويع تحالفاتها، ما يُفسّر استعداد رئيسي البلدين لتطوير شراكة عالميّة شاملة.
إنّ إطار الشراكة بين الجزائر وتركيا منصوص عليه في معاهدة 2006، التي التزم الطرفان بموجبها بـ”تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية لشعبيهما وإنشاء مشاريع وبرامج محدّدة في مختلف القطاعات”.63 برز وجود تركيا في الاقتصاد الجزائري حيث تنافست مع الشركات المحليّة في صناعات مثل البناء والطاقة والتصنيع والأنسجة.
وتُعزى مقاربة تركيا إلى مصالحها الجيوقتصاديّة إلى حدّ بعيد، مع التركيز على التجارة والاستثمارات والتصنيع.64</sup< وقد أدّى القطاع الخاص دوراً ناشطاً في ضمان هذه المصالح. زار رئيس الوزراء أردوغان الجزائر عام 2013 على رأس وفد ضمّ 200 رجل أعمال.65
أشرك أردوغان مجتمع الأعمال عام 2014 من خلال منتدى الأعمال الجزائري التركي ومدّد عقداً للغاز الطبيعي مُدّته عشرة سنوات، الذي يُنقل بموجبه الغاز من الجزائر إلى تركيا، لعشر أعوام إضافية، في خلال زيارته الأولى إلى الجزائر بصفته رئيساً.66 وقد وعد أردوغان أيضاً بزيادة حجم التجارة الثنائيّة من حوالي 3 مليار دولار إلى 10 مليار دولار في المستقبل.67 وتعزّزت الروابط بين الدولتين إبّان زيارة أردوغان في فبراير 2018، التي توجّت بتوقيع سبعة اتّفاقات شراكة في عدة قطاعات.68
رسّخت زيارة أردوغان في يناير 2020 وزيارة الدولة لتبون إلى تركيا عام 2022 الروابط المتنامية وعكست “التقارب الإستراتيجي”69 الذي سعى إليه الطرفان. وكشف أردوغان، في خلال زيارته عام 2020، عن وجود 377 مشروع استثمار تركي في مختلف أرجاء الجزائر، مسلّطاً الضوء على حجم الاستثمارات التركيّة في الجزائر التي قُدّرت قيمتها بأكثر من 3,5 مليار دولار والتي سهّلت خلق 30 ألف وظيفة.70 تعكس مكانة الجزائر كثالث أكبر بلد مقرّ عالميّاً للشركات التركيّة، حجمَ الاستثمارات الاقتصاديّة التركيّة في الجزائر.71 وفي خلال هذه الجولة، زار أيضاً مصنعاً تركيّاً72 جديداً للفولاذ.73
في ما يخصّ التجارة (راجع الرسمين البيانين 1 و2)، كانت تركيا سادس أكبر مزوّد للجزائر عام 2019 بينما كانت الجزائر خامس أكبر شارٍ للسلع التركية.74
الرسم البياني 1: التجارة بين الجزائر وتركيا في الفترة الممتدّة بين 2013 و75.2020
أ. الصادرات من الجزائر إلى تركيا 2013-2020 (بملايين الدولارات)
ب. الواردات من تركيا إلى الجزائر 2013–2020 (بملايين الدولارات)
تتلزم الدولتان بتعزيز الروابط الاقتصاديّة واستكشاف فرص الشراكة في الأعمال في قطاعات التصنيع والبناء والبتروكيماويات والأنسجة والسيّارات والأغذية، وفي المجالَين الثقافي والاجتماعي. وبحلول يونيو 2022، كانت تركيا قد حقّقت هدفها للاستثمار في الجزائر بقيمة 5 مليار دولار وبلغ عدد الشركات التركيّة في الجزائر 1,400 شركة.76
واتّسع نطاق الاستثمارات ليشمل الزراعة وإنتاج الحليب والقطن والقمح.77 وتوجّت زيارة تبون في مايو 2022 بتوقيع 15 اتّفاقاً،78 شمل عددٌ منها قطاع الطاقة، ما يُعتبَر مهماً جداً للعلاقات الجزائريّة التركيّة.79 (راجع الرسم البياني 2).80
الرسم البياني 2: واردات تركيا من الغاز الطبيعي بحسب البلد المصدر لعام 2021 (بالنسبة المئويّة).
أنشأت شركتا سوناطراك (Sonatrach) والبترول التركيّة (Turkish Petroleum) في نوفمبر 2022 شركة مشتركة للتنقيب عن النفط والغاز الطبيعي لتعمل في مختلف أنحاء المنطقة.81 وفي أواخر عام 2022، صرّح وزير الطاقة التركي فاتح دونماز أنّ تركيا ملتزمة بمضاعفة استثماراتها لتبلغ 10 مليار دولار في خلال السنوات القليلة القادمة،82 مشدّداً على ضرورة تعزيز التعاون في مجال الدفاع، ما أكّده وزير الخارجيّة مولود جاويش أوغلو.83 وبالتالي، أصبحت الجزائر الآن أحد “أبرز شركاء تركيا التجاريّين في أفريقيا” لأسباب تاريخيّة وثقافيّة واقتصاديّة وجيوسياسيّة.84
على خلفيّة تنامي الإرهاب غداة هجمات 11 سبتمبر، وقّع المسؤولون في الجيش الوطني الشعبي في الجزائر اتّفاق تعاون مع نظرائهم الأتراك عام 85.2003 أثار ذلك شكوكاً لا أساس لها في أنّ الجزائر كانت تقيم تحالفاً مع الولايات المتّحدة86 أو تدعم تحالفاً تركيّاً أمريكيّاً يسمح لتركيا بأن تؤدّي دوراً محوريّاً في شرق البحر المتوسط وتضطلع الجزائر بدورٍ مماثل غرب المتوسّط.87 غير أنّ الجزائر لم تكن مستعدّة للتخلّي عن سياستها الخارجيّة المستقلّة والمحايدة.88 كان اتفاق التعاون لعام 2003 نابعاً من رغبةٍ تركيّة في الاستفادة من خبرة الجزائر الواسعة في مكافحة التطرّف المسلّح، مقابل تمكين الجيش الوطني الشعبي الجزائري من الوصول إلى التكنولوجيا العسكريّة التركيّة في المجالين الجوي والبحري.
في ديسمبر 2022، طالب وزير الخارجيّة التركي مولود جاويش أوغلو بزيادة التعاون بين الطرفين بغية إحلال السلام والاستقرار في المنطقة، ما عكس اهتماماً بالتعاون الأمني.89 قد يُعزى اهتمام تركيا الحديث بتكثيف التعاون العسكري إلى عوامل كثيرة، لا سيّما تحقيق هدفها المتمثّل بترسيخ وجودها في السياسة الإقليميّة والسعي وراء مصالحها الاقتصاديّة.90 ويتعلّق العامل الثاني بمبيعات الأسلحة. لقد أصبحت الجزائر الشاري الدولي الأوّل للطائرات بدون طيّار من إنتاج الشركة التركيّة تاي أكسونغور (TAI Aksungur) عام 91.2022 من المرجّح أن يتوسّع التعاون في الصناعات العسكريّة والدفاعيّة؛ بيد أنّ مبيعات الأسلحة التركيّة للمغرب التي بلغت قيمتها 78,6 مليون دولار في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2021 مقابل 402,000 دولار عام 92,2020 تثير قلق الجزائر. على الرغم من تنامي الروابط بين الجزائر وتركيا في مجال الدفاع، ما زالت روسيا والصين وإيطاليا وألمانيا شركاء الجزائر الأساسيّين في قطاع الدفاع.93
ساهمت جهود تركيا الشاملة الآيلة إلى نشر ثقافتها في تقريب الشعبين الجزائري والتركي. وازداد تعلّق الجزائريّين بالمسلسلات التلفزيونيّة التركيّة؛ فخلافاً للبرامج العربيّة أو الأمريكيّة، نجحت المسلسلات التركيّة في “جذب السيّاح إلى تركيا وتركت انطباعاً إيجابيّاً عن تركيا لدى المشاهدين”.94
وتطوّرت العلاقات بين الشعبين كذلك، إذ ارتفع عدد السيّاح الجزائريّين في تركيا من حوالي 34 ألف عام 2000 إلى زهاء 300 ألف عام 2019 (الرسم البياني 3).95 لقد ساهم قيام تركيا بتسهيل شروط الحصول على تأشيرة دخول للمواطنين الجزائريّين96 في نموّ السياحة، بالإضافة إلى تأمين الخطوط الجويّة التركيّة أكثر من 35 رحلة في الأسبوع إلى مدن جزائريّة كثيرة،97 ما سهّل سفر السيّاح ورجال الأعمال.
.الرسم البياني 3: عدد السيّاح الجزائريّين القادمين إلى تركيا
أثارت الروابط العائلية والتراثية المشتركة اهتمام الجزائريّين بأصلهم التركي. فلدى الكثير من الجزائريين أسلاف أتراك، وعدد كبير من الأسماء الجزائريّة هي من أصل تركي (ستامبولي، تركي، كارا، درادجي، ازميرلي، ديمردجي، بشطارزي، خزندجي، بابا علي، إلخ). 98 وغالباً ما تطرّق أردوغان إلى الأعوام الـ500 من الأواصر التاريخيّة التي تربط بين البلدين،99 وهي إشارة تردّد صداها في الجزائر.
تستمرّ العلاقات الجزائريّة التركيّة في النمو بشكلٍ كبير في كلّ المجالات. وفي رسالة وجّهها الرئيس تبون للرئيس أردوغان ليهنّئه بإعادة انتخابه في 28 مايو 2023، قال: “أشيد بالعلاقات الثنائية المتميّزة القائمة بين بلدينا ولأعرب لكم عن إرادتنا القوية للعمل سويا من أجل التعزيز المستمرّ للتنسيق والتشاور للدفع بالعلاقات الثنائية إلى أعلى المراتب، بما يستجيب لطموحات وتطلعات شعبينا الشقيقين، على ضوء مخرجات الاجتماع عضوية تركيا ومما لا شكّ فيه أنّ 100“.2022الأول للمجلس الأعلى للتعاون الذي انعقد بأنقرة في ماي والجزائر المرتقبة في البريكس ستضيف بعداً آخر لهذه العلاقات. وقد مثّلت العلاقات بين الشعبين أيضاً عاملاً في أعقاب 101خير دليل على ذلك مسارعة الحكومة الجزائريّة إلى مساعدة تركيا،وأساسيّاً لترسيخ الروابط. الزلزال المدمّر الذي وقع في فبراير 2023، وقيام المجتمع الجزائري بجمع تعبيراً عن تضامنه مع الشعب 102.التركي
من المرجّح أن يستمرّ نمو التعاون التركي الجزائري، لا سيما في ما يتعلّق بالتجارة والاستثمارات. ستستثمر تركيا في قطاعات التصنيع، الفولاذ والطاقة بشكلٍ رئيسي، وفي الأنسجة والزراعة. في حين أنّ جزءاً من الإنتاج التركيّ سيخدم السوق المحليّة، ستستخدم تركيا الجزء الآخر لتوريد السلع والمنتجات إلى أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. غير أنّها ستواجه لا محالة منافسةً شرسة من الصين والاتّحاد الأوروبي وروسيا. لذا لا تزال هناك تساؤلات كثيرة حول قدرة تركيا على منافسة هذه القوى التي تُسيطر على السوق الجزائريّة.
تواجه تركيا أيضاً مشكلة نوعيّة البناء الذي تتولاه الشركات التركيّة في الجزائر، إذ يُثير انهيار الأبنية الهائل جرّاء الزلازل في تركيا تساؤلات لدى المسؤولين والمهندسين الجزائريّين.103 أمّا سياسياً، فيكمن السؤال الرئيسي في ما إذا كانت تركيا قادرة على البقاء على الحياد في مسألة الصحراء الغربيّة والمحافظة على التوازن بين الجزائر والمغرب، علماً أنّ البلدين يحتلّان مكانةً هامة بالنسبة إليها. إنَّ أي ميل لصالح موقف الجزائر سيكون بمثابة علامة صداقة حقيقيّة.