انحسار الربيع التونسي:

قمع الإعلام وتراجع الديمقراطية

موجز قضية، نوفمبر 2024
زميلة أولى غير مقيمة

النقاط الرئيسية

تراجع المسار الديمقراطي: تونس التي كانت يوماً نموذجاً للتحوّل الديمقراطي، انزلقت نحو الحكم السلطوي منذ العام 2021. وقد فاز الرئيس قيس سعيد بولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية التي جرت في أكتوبر 2024 في ظلّ رقابة مشدّدة، مُحكماً بذلك قبضته أكثر على السلطة.

 

قمع وسائل الإعلام: ألقى تراجع الديمقراطية في تونس بثقله على حرية الصحافة، في ظلّ تشديد القيود القانونية والسياسية على وسائل الإعلام، ما أسفر عن تقلّص مساحة حرية التعبير.

 

مقاومة المجتمع المدني: يواصل الصحفيون والعاملون في الفضاء الإعلامي التونسي مقاومة القيود المفروضة على حرية الصحافة والدفاع عنها، ولكنّهم لا يحظون بالدعم الكافي على الصعيدين المحلي والدولي.

 

المواجهة المستقبلية: من المرجّح أن تستمرّ المواجهات بين الحكومة التونسية والصحفيين، على أن تُحسم نتائجها وفقاً للتطوّرات السياسية

 

تصاعد السلطوية في تونس: السياق والتداعيات

 

أُعيد انتخاب الرئيس التونسي قيس سعيد لولاية ثانية في 6 أكتوبر 2024، بنسبة أصوات فاقت 90 في المئة، رغم مشاركة ضعيفة بلغت 29 في المئة فقط.1 وجاءت هذه الانتخابات في سياق حملة اعتقالات استهدفت معارضي الرئيس وتضييق متزايد على الأصوات المنتقدة لحكومته، وذلك بعد أن كان قد اتّخذ سلسلة إجراءات ترمي إلى توسيع نطاق صلاحياته في السنوات الماضية.

 

تونس التي كانت يوماً شعلة أمل للتحوّل الديمقراطي في العالم العربي، تعيش تراجعاً واضحاً للديمقراطية منذ إحكام سعيد قبضته على السلطة في العام 2021، مع ما ترافق ذلك من ضرب للمؤسسات والتعدّدية السياسية وحرية التعبير.

 

ركّزت حملة سعيد على الصحافة في الدرجة الأولى. في السادس من يوليو، حُكم على المحامية التونسية البارزة والمعارضة للنظام سونيا الدهماني بالسجن لمدّة سنة بتهمة “نشر أخبار كاذبة”، بعد أن انتقدت سعيد وسياساته في مقابلة تلفزيونية. وما ذلك إلّا غيض من فيض الاعتقالات التي استهدفت معارضي سعيد السياسيين ومنتقديه، والتي تصاعدت بشكل ملحوظ عشية الانتخابات في أكتوبر.2

 

تولّى سعيد سدّة الرئاسة في العام 2019 في ظلّ أزمة اقتصادية فاقمتها جائحة فيروس كورونا المستجدّ، وسط خيبة أمل التونسيين من النظام السياسي الذي نشأ عقب ثورة العام 2011 المنادية بالديمقراطية. وقد ألقى كثيرون باللوم على سنوات من الإحباط الاجتماعي والاقتصادي باعتبارها عاملاً رئيسياً دفع الشباب التونسي نحو التطرف والعنف.3

 

فاز سعيد، أستاذ القانون المتقاعد غير المتحزّب المعروف بانتقاده للنظام السياسي الذي نشأ عقب مرحلة 2011، في جولة الإعادة بالانتخابات الرئاسية عام 2019، بحصوله على 73 في المئة من الأصوات.4 ويعزو المفكّر التونسي رضوان المصمودي نجاح سعيد إلى “استياء الشعب التونسي من الفساد والصراعات المستمرّة بين السياسيين والأحزاب في البلاد، ورغبتهم في انتخاب شخصية من خارج المنظومة السياسية”.5

 

لكن بعد مرور عامين، في 25 يوليو 2021، أعلن سعيد بشكل مفاجئ تفرّده بالسلطتين القضائية والتشريعية، ما أتاح له الحكم من خلال إصدار المراسيم، وتحصين نفسه من المساءلة.6 وقد استند في ذلك إلى البند 80 من دستور العام 2014، الذي زعم أنّه يمنحه الحقّ في اتخاذ إجراءات استثنائية مثل عزل رئيس الوزراء وتعليق عمل البرلمان وحلّه وتجريد أعضائه من الحصانة.7 وبذلك، قضى سعيد على النظام السياسي التعدّدي في تونس القائم على تقاسم السلطة بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس البرلمان.

 

بعد إضعاف السلطة التشريعية، وجّه سعيد سهامه نحو القضاء، فأعاد هيكلة المجلس الأعلى للقضاء، مانحاً نفسه سلطة كبيرة في التعيينات والترقيات القضائية. وفي يونيو 2022، أصدر مرسوماً يعطيه الحقّ في فصل القضاة، وسرعان ما عزل 57 قاضياً.8

 

أدّى خنق الحريات في تونس إلى تقليص مساحة التنوّع والتعدّدية والمعارضة في الفضاء العام. وتجلّى ذلك في تنامي انتهاكات حقوق الإنسان، بما فيها التحقيقات والاعتقالات التي استهدفت مجموعة واسعة من منتقدي النظام ومعارضيه البارزين.9

 

قمع الصحافة

 

كان لقمع سعيد لمعارضيه تداعيات خطيرة على الصحفيين التونسيين وحرية الصحافة في البلاد. فقد فُرضت عليهم مجموعة من القيود التي حالت دون قدرتهم على أداء واجبهم الصحفي أو القيام بتغطيات نزيهة، ناهيك عن ممارستهم الصحافة الاستقصائية التي تهدف إلى كشف أخطاء الحكومة. على سبيل المثال، بعد يوم واحد على إعلان الرئيس عن “إجراءاته الاستثنائية”، داهمت الشرطة مقرّ قناة الجزيرة في تونس العاصمة وأجبرت الموظفين على مغادرته.10

 

لم تكن تلك المرة الأولى التي تُتخذ فيها إجراءات صارمة ضدّ الصحافة النقدية في عهد سعيد. فقبل عام، في بداية الجائحة” حوكم مدوّنان بتهم جنائية تشمل “إهانة مسؤولين حكوميين” والتشهير على خلفية انتقادهما الاستجابة الحكومية للجائحة.11

 

مع إحكام سعيد قبضته على السلطة، شُدّدت الإجراءات القانونية والعقابية ضدّ الصحفيين، حيث تم تجريم التغطية النقدية لمسؤولين لحكوميين أو سياسات الحكومة تحت ذريعة مكافحة المعلومات الخاطئة والمضلّلة. وأفاد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في مايو 2022 أنّه منذ اتخاذ الرئيس سعيد “إجراءاته الاستثنائية”، صعّدت الحكومة تدريجياً حملتها القمعية ضدّ الصحفيين ووسائل الإعلام التونسية، من خلال “الاعتقالات والتضييق والمحاكمات وفرض القيود”.12 شملت هذه التدابير إغلاق مقرّ قناة العربي وقتاة الزيتونة المحلية، واعتقال عدد من الصحفيين والاعتداء على آخرين في خلال تغطياتهم للتظاهرات المناوئة لسعيد.13 ونظراً لحملة القمع هذه، خلص التقرير إلى أنّ “الصحفيين الذي يتناولون الأزمة السياسية في تونس يتعرّضون لمضايقات ومحاكمات عسكرية وحملات تشهير عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حتى أنّهم أحياناً يتعرّضون للتحريض الرسمي من الرئيس شخصياً”. 14

 

غالباً ما يلوم سعيد في خطاباته الشعبوية قوى أجنبية و”عملائها” الداخليين على المشاكل التي ترزح تحتها البلاد. وكانت منظّمات المجتمع المدني قد حذّرت في مارس من أنّ أحد القوانين الجديدة، الذي قيل إنّه يهدف إلى مكافحة غسل الأموال، يسعى في الحقيقة إلى تجفيف مصادر تمويل هذه المنظمات.15 في غضون ذلك، لا شيء يوحي أنّ الرئيس يعتزم تغيير نهجه بعد إعادة انتخابه، إذ قال في مقابلة مع التلفزيون الوطني “سنبني ونشيد ونطهر البلاد من الفاسدين والخونة والمتآمرين”.16

 

وحذّر مكتب المفوّض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في يونيو 2023 من مغبّة استخدام تشريعات “غامضة” من أجل تجريم الصحافة المستقلّة وقمع الانتقادات الموجّهة للسلطات.17 وأفاد أنّه على مدى الأشهر الثلاثة التي سبقت البيان “استخدمت السلطات التونسية تشريعات في مجال حفظ الأمن ومكافحة الإرهاب، إلى جانب المرسوم الرئاسي بشأن الجرائم الإلكترونية بهدف استجواب ستة صحفيين واعتقالهم وإدانتهم بتهم نشر أخبار ومعلومات خاطئة وإشاعات”.18 وأفاد أيضاً عن “21 حالة انتهاك مزعوم لحقوق الإنسان ضد الصحفيين في تونس، بما في ذلك الملاحقات القضائية أمام المحاكم المدنية والعسكرية. وهناك أسباب تدعو إلى الاعتقاد بأنّ هذه المحاكمات قد بدأت بهدف التصدي للانتقادات العلنية الموجهة السلطات”، وذلك منذ أن بدأ سعيد إجراءاته في يوليو 2021.

 

في 28 ديسمبر 2023، اعتقلت الشرطة الصحفي التونسي المستقلّ الباز زياد الهاني بعد استدعائه للتحقيق بتهمة “إهانة الآخرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي” على خلفية انتقاداته لوزير التجارة التونسي في إحدى حلقات برنامجه.19 وبعد أيام، أي في الثالث من يناير 2024، داهمت الشرطة التونسية منزل مراسل الجزيرة سمير ساسي وألقت القبض عليه وصادرت “جهاز الكمبيوتر الخاص به وهاتفه وهواتف زوجته وأولاده”.20

 

لم تقتصر حملة سعيد ضد الإعلام على الصحفيين وحدهم. فقد أطلقت الحكومة في يوليو 2021 معركة قانونية في وجه هيئات إعلامية مستقلّة، مثل “الهيئة العليا المستقلّة للاتصال السمعي البصري” (HAICA، المعروفة بهايكا حسب اختصار الاسم باللغة الفرنسية) المولجة بتنظيم قطاع البثّ في البلاد.21 وقد اتّخذ الهجوم على الهيئة أشكالاً متعدّدة، تراوحت بين تغييبها عن دستور العام 2022، وبالتالي تقويض سلطاتها القانونية

 

والتنظيمية،22 وفرض عقوبات على موظفيها إلى حدّ تجميد رواتبهم.23 هذه التغييرات التي طرأت على الإطار التنظيمي للعمل الإعلامي في تونس ضيّقت أكثر من هامش الحريّة الإعلامية في البلاد.

 

علاوة على ذلك، ميّزت الحكومة بين الصحافيين أنفسهم، فمنحت معاملة تفضيلية لمن تراه مؤيّداً النظام من حيث تسهيل حصولهم على المعلومات، فيما حدّت قدرة من تراهم معارضين على التحقّق والاستقصاء. وتأتي هذه الإجراءات القمعية بحق الإعلام التونسي في إطار حملة أوسع تهدف إلى إسكات الأصوات المعارضة التي توجّه أقل انتقاد للحكومة وسياساتها وأفعالها وأجندتها. مع ذلك، كانت هذه الحملة القمعية شرارة لانطلاق المقاومة في صفوف معارضي النظام بمن فيهم كثير من الصحافيين.

 

مقاومة الصحافيين للقمع

 

رغم تعهّد قيس سعيد بتوسيع هامش حرية الإعلام، فإنّ ممارساته على الأرض ترسم صورة مغايرة، ما دفع الصحفيين للتحذير من تدهور أوضاع حقوق الإنسان عامةً في تونس، بالأخص حرية الصحافة.24 وقد تحرّك الكثير من الصحفيين للتصدّي لهذا النهج الاستبدادي الجديد، رافضين الخضوع لمحاولات النظام لقمعهم وتهميشهم وإسكاتهم.

 

وأفادت إحدى المنظّمات الحقوقية أنّ “أعضاءً من الصحافة التونسية انتقلوا من مرحلة تطوير آليات تتيح لهم التمتّع بالحقوق إلى مرحلة إعادة التأكيد على وجودهم والدفاع عنه”.25 بعبارة أخرى، في حين كان يُفترض أن يحظى الإعلاميون بهامش أوسع من حرية الصحافة بعد 2011، يجدون أنفسهم اليوم في معركة لاستعادة حقّهم الأساسي في الوصول إلى المعلومات ونشرها.

 

تصاعدت الانتهاكات ضدّ الصحفيين لتشمل المحاكمات العسكرية والاعتداءات الجسدية واللفظية والاعتقال التعسّفي، ما دفع النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين إلى الاحتجاج علناً.26 ورغم دور النقابة، فإنّ عبء المقاومة يقع بشكل رئيسي على كاهل الصحفيين التونسيين أنفسهم، إذ إنّ محاولات التصدي لحملة التضييق على الصحافة جاءت بمعظمها فردية، لا جماعية أو تنظيمية، في ظل مناخ متزايد من الخوف والترهيب. نتيجة ذلك، اختار بعض الصحفيين ممارسة رقابة ذاتية، متجنبين تناول القضايا الحسّاسة أو المثيرة للجدل، لضمان سلامتهم وتجنّب أي ردود فعل انتقامية من طرف الحكومة.

 

هذه المعضلة لا تقتصر على تونس، بل تمتدّ إلى دول الربيع العربي كافة التي ترزح تحت ظروف متردّية في ظلّ تنامي النزعات السلطوية في خلال السنوات الماضية وتراجع الحماسة الشعبية للتظاهر والاحتجاج. يضاف ذلك إلى ضعف التضامن والدعم الدوليين، ربما بسبب انشغال العالم بحرب إسرائيل على غزة وتداعياتها الإقليمية. وعلى الرغم من إعلان بعض منظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية، مثل “لجنة حماية الصحفيين” و”هيومن رايتس ووتش”، عن دعمها للصحفيين التونسيين، يبقى هذا الدعم محدوداً ونادراً.

 

ولا يقتصر هذا الواقع على تونس فحسب، بل يعمّ شعور واسع في العالم العربي، ولا سيما في الدول التي شهدت انتفاضات شعبية، بأنّ الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة، لا يبدي اهتماماً يذكر بدعم الديمقراطية في المنطقة، ما يمنح الحكام السلطويين الضوء الأخضر لتصعيد إجراءاتهم القمعية بعيداً عن أي مساءلة دولية.

 

لم يتوانَ الصحفيون التونسيون عن التعبير عن مقاومتهم للإجراءات الحكومية القمعية التي تستهدف حرية الصحافة، فوقّعوا العرائض ورفعوا الدعاوى القضائية وخرجوا في تظاهرات شعبية.27 وقد سعت هذه التظاهرات المنظّمة لتحقيق هدفين: التعبير عن رفض القمع ومقاومته من جهة، وإثبات الوجود وحشد المزيد من التضامن والدعم من جهة أخرى. إلى ذلك، فإنّ إصرار الصحفيين على مواصلة كشف انتهاكات النظام لحقوق الإنسان هو أحد الأدوات المهمّة الأخرى للمقاومة حتى لو عرّضهم ذلك للاعتقال والمضايقات. وهذا بالفعل ما واجهه عدد من الصحفيين التونسيين،28 ما يؤكّد على استمرارية نضالهم لاستعادة الحريات التي كانوا قد انتزعوها سابقاً.

 

الطريق إلى الأمام: شدّ حبال مستمرّ

 

مع أنّ الصحفيين العرب – بمن فيهم الصحفيون التونسيون- بعيدون كلّ البعد عن التمتع بحرية العمل، فمن الثابت أيضاً أنّهم ما زالوا يناضلون لانتزاع هذه الحقوق والحريات والدفاع عنها.

 

ومن المرجّح أن تشهد السنوات القادمة استمراراً لشدّ الحبال القائم بين النظام التونسي ومنتقديه العلنيين، بمن فيهم الصحفيون الذين يرفضون أن تتم استمالتهم أو إسكاتهم. وعلى المنوال نفسه، ستستمرّ حلقات الأخذ والردّ بين الاستبداد والمقاومة، سواء عبر الإنترنت أو على الأرض، في الوطن وفي الشتات.

 

بالتالي، سيحتاج الصحفيون في تونس إلى مزيد من الدعم إذا ما أرادوا مواصلة نضالهم ضدّ الاستبداد والقمع. ويمكن أن يقدَّم هذا الدعم من خلال مدّ جسور التآزر والتعاون التي تربط الصحفيين التونسيين مع نظرائهم حول العالم، ليتردّد صدى صوتهم ويستقطبوا الانتباه العالمي لنضالهم المستمرّ. ونجحت الجهود الشعبية والتعاون الفردي في السابق في تمهيد الطريق للثورات العربية وفي حشد الدعم الدولي الذي يحتاجون إليه أشدّ احتياج.

 

وفي حين يمكن أن تضمن هذه الجهود حضوراً دولياً للصحفيين التونسيين، فهي لا تخلو من المخاطر. إذ نظراً إلى القيود المفروضة على الحريات السياسية والإعلامية في تونس، قد يهدّد التواصل مع الفاعلين الدوليين بوضع الصحفيين في دائرة خطر الاتهام بالتآمر ضد الدولة.

 

صعّد النظام قبل الانتخابات أعماله القمعية،29 ومن ضمنها الاستخدام السياسي لتهم “مكافحة الفساد” من أجل شنّ حملة اعتقالات طالت عدداً من المرشحين الرئاسيين المحتملين الذين مُنِعوا من الترشّح للانتخابات بذريعة اتهامات مشكوك في صحتها، منها اتهامات بشراء الأصوات.30

 

وكانت النتيجة تزايد شعور الناخبين، وخصوصاً الشباب منهم، بفقدان الثقة في قدرة سعيد على قيادة البلاد في اتّجاه أفضل على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وهو ما يعكس التوتّرات الكامنة بين رغبة التونسيين في بناء مستقبل أفضل لبلادهم، بعيداً عن الديكتاتورية والاستبداد والقمع، في مقابل جهود النظام الحاكم للحفاظ على الوضع القائم.

 

ويعكس النضال من أجل حرية الصحافة في تونس الكفاح الأوسع نحو الديمقراطية. ويمكن أن يعود نضال الصحفيين الشجعان المناوئين للاستبداد بالنفع على كلّ الشعب التونسي الذي أشعل في ما مضى شرارة الربيع العربي، حتى ينهض ويطالب مجدّداً بحقوقه ويستعيد الديمقراطية. صحيح أنّ الشعب التونسي قد حقق مكاسب حقيقية في سعيه إلى الحرية والديمقراطية، لكن لا بدّ من الاعتراف بأنّ عقبات كبيرة تعرقل مساره نحو الديمقراطية. وهذا ما جعل الانتخابات الرئاسية في أكتوبر محمّلة بالتبعات، فشكّلت اختباراً أساسياً لمسار الديمقراطية التونسية، لكن النتائج جاءت غير مشجّعة.

 


الهوامش
1 “Tunisian President Saied Secures a Second Term with More Than 90% of Vote,” Reuters, October 7, 2024, https://www.reuters.com/world/africa/tunisian-president-saied-secures-second-term-with-more-than-90-vote-2024-10-07/.
2 “Tunisian Commentator Sonia Dahmani Sentenced to 1 year,” The Committee to Protect Journalists, July 9, 2024, https://cpj.org/2024/07/tunisian-commentator-sonia-dahmani-sentenced-to-1-year/.
3 Georges Fahmi, “Why Democracy Couldn’t Prevent Radicalization in Tunisia,” Strategic Europe (blog), Carnegie Europe, October 22, 2019,https://carnegieeurope.eu/strategiceurope/80137.
4 “Tunisia Election: Kais Saied to Become President,” BBC, October 14, 2019, https://www.bbc.com/news/world-africa-50032460.
5 Radwan Masmoudi (Tunisian intellectual and president of the U.S.-based Center for the Study of Islam and Democracy (CSID)), author interview, May 31, 2024.
6 Zaid Al-Ali, “Tunisia’s President Just Gave Himself Unprecedented Powers. He Says He’ll Rule by Decree,” The Washington Post, September 24, 2021,https://www.washingtonpost.com/politics/2021/09/24/tunisias-president-just-gave-himself-unprecedented-powers-he-says-hell-rule-by-decree/.
7 Sharan Grewal, “Kais Saied’s Power Grab in Tunisia,” Brookings, July 26, 2021,https://www.brookings.edu/articles/kais-saieds-power-grab-in-tunisia/#:~:text=Those%20trends%20fueled%20the%20rise,his%20authority%20to%20the%20parliament
8 Sarah Yerkes and Maha Alhomoud, “One Year Later, Tunisia’s President Has Reversed Nearly a Decade of Democratic Gains,” Carnegie Endowment for International Peace, July 22, 2022, https://carnegieendowment.org/posts/2022/07/one-year-later-tunisias-president-has-reversed-nearly-a-decade-of-democratic-gains?lang=en
9 Amnesty International, Human Rights Under Assault Two Years After President Saied’s Power Grab, (London: Amnesty International, July 24, 2023),https://www.amnesty.org/en/latest/campaigns/2023/07/human-rights-under-assault-two-years-after-president-saieds-power-grab/.
10 Human Rights Watch, Tunisia: President’s Seizure of Powers Threatens Rights, (New York: Human Rights Watch, July 27, 2021),https://www.hrw.org/news/2021/07/27/tunisia-presidents-seizure-powers-threatens-rights.
11 Amnesty International, Tunisia: End Prosecution of Bloggers for Criticizing Government’s Response to COVID-19, (London: Amnesty International, April 21, 2020), https://www.amnesty.org/en/latest/press-release/2020/04/tunisia-end-prosecution-of-bloggers-for-criticizing-governments-response-to-covid19/
12 EuroMed Human Rights Monitor, ‘Reporting Under the Weight of Fear’: Restrictions on the media in Tunisia under the president’s exceptional measures (25 July 2021 – 15 April 2022), Report, (Tunis: EuroMed Human Rights Monitor, May 17, 2022), https://euromedmonitor.org/en/article/5121/%27Reporting-Under-the-Weight-of-Fear%27:-Restrictions-on-the-media-in-Tunisia-under-the-president%27s-exceptional-measures-%2825-July-2021-%E2%80%93-15-April-2022%29
13 Ibid
14 Ibid
15 Youcef Bounab and Francoise Kadri, “Tunisian Civil Society Fears Plan to Limit Foreign Funding,” Al-Monitor, March 3, 2024,https://www.al-monitor.com/originals/2024/03/tunisian-civil-society-fears-plan-limit-foreign-funding
16 Simon Speakman Cordall, “Saied’s Low Turnout Win in Tunisia Election Sparks Repression Concerns,” Al-Jazeera, October 7, 2024, https://www.aljazeera.com/news/2024/10/7/saieds-low-turnout-win-in-tunisia-election-sparks-repression-concerns.
17 “Tunisia Must ‘Change Course’ amid Media Crackdown: UN Rights Chief,” UN News, June 23, 2023, https://news.un.org/en/story/2023/06/1138037
18 Ibid
19 “Tunisian Journalist Zied El-Heni Arrested After Criticizing Commerce Minister,” The Committee to Protect Journalists, January 2, 2024,
20 “Al Jazeera Journalist Arrested in Tunisia amid Crackdown on Freedom of Press,” The Guardian, January 4, 2024, https://www.theguardian.com/world/2024/jan/04/al-jazeera-journalist-samir-sassi-arrested-in-tunisia-amid-crackdown-on-freedom-of-press.
21 “Tunisia: A Sustainable Regulatory Authority Will Support a Free Media,” Article 19, February 9, 2023 https://www.article19.org/resources/tunisia-sustainable-regulatory-authority-free-media/
22 Hivos, Freedom of expression in Tunisia: Legal Mapping, Report, (Hague, Netherlands: Hivos, December 2023), https://hivos.org/assets/2024/01/Report-FoE-in-Tunisia.pdf.
23 Noureddine Hlaoui, “Après la suspension des salaires de tous ses membres : La Haica vivrait-elle ses dernières heures? [After the suspension of salaries of all its members: Is HAICA living its last hours?],” La Presse, January 2, 2024, https://lapresse.tn/2024/01/02/apres-la-suspension-des-salaires-de-tous-ses-membres-la-haica-vivrait-elle-ses-dernieres-heures/.
24 Tarek Amara, “Tunisian Journalists Fear Erosion of Press Freedom,” Reuters, October 6, 2022,https://www.reuters.com/world/africa/tunisian-journalists-fear-erosion-press-freedom-2022-10-06/
25 EuroMed Human Rights Monitor, Reporting
26 Ibid
27 “Tunisia: Journalists protest in Tunis over press freedom,” Africa News, May 2022, https://www.africanews.com/2023/05/22/tunisian-journalists-protest-in-tunis-over-press-freedom/.
28 Ghaya Ben Mbarek, “Concerns over Press Freedom as Journalists Harrassed, Detained,” Nawaat, August 2, 2021, https://nawaat.org/2021/08/02/concerns-over-press-freedom-as-journalists-harassed-detained/.
29 Kresten Knipp and Tarak Guizani, “Fear Reigns in Tunisia as Prelection Repression Intensifies,” DW, July 14, 2024,https://www.dw.com/en/fear-reigns-in-tunisia-as-preelection-repression-intensifies/a-69644890
30 Nejla Ben Mimoune and Oumeyma Chelbi, “How Tunisia’s Anti-Corruption Campaign Is Putting Its Next Election into Question,” Afkār, August 21, 2024,https://mecouncil.org/blog_posts/tunisias-upcoming-elections-how-anti-corruption-campaign-is-putting-the-election-in-question/