الصين في المغرب العربي:

نحو عصر جديد من النفوذ الجيوسياسي

موجز قضية، أكتوبر 2025
زميل أوّل غير مقيم

20 أكتوبر، 2025

الصين توسّع حضورها في المغرب العربي: تُواصل الصين توسيع شراكاتها الاقتصادية مع كلّ من الجزائر وليبيا والمغرب وتونس، مستفيدةً من مشاريع البنية التحتية، ونموّ التبادل التجاري، والاستثمارات الموجّهة، ومبادرة الحزام والطريق. ويُعزّز ذلك حضورَ بكين في أسواق شمال أفريقيا، ومكانتها كجهة فاعلة اقتصادية محورية في منطقة البحر الأبيض المتوسّط ​​وأفريقيا وأوروبا.

 

بكين تتجنّب التورّط في الصراعات الإقليمية: بفعل حياد الصين الإستراتيجي في القضايا الخلافية، لا سيما في قضية الصحراء الغربية، تمكّنت من المحافظة على علاقات جيدة مع كل من المغرب والجزائر، الدولتين المتنافستين. وقد عزّز ذلك قوة الصين الناعمة، وساعدها على تجنّب التورّط في التنافس الجيوسياسي المحلي.

 

الجزائر تشكّل ركيزة أساسية للصين في منطقة المغرب العربي: تعدّ الجزائر من أبرز شركاء الصين في المغرب العربي، لما يجمع البلدين من علاقات تاريخية راسخة، وتعاون وثيق في مجال البنية التحتية، وتنسيق أمني ​​متنامي. كما أنّ “الشراكة الإستراتيجية الشاملة” بينهما، التي كانت الأولى من نوعها بين الصين ودولة عربية، تُسلّط الضوء على دور الجزائر المركزي في إستراتيجية الصين الإقليمية الأوسع.

 

الصين تتيح خيارات بديلة للمغرب العربي: يسمح انخراط الصين لدول المغرب العربي بتنويع شراكاتها الدولية بعيداً عن الغرب، ما يمنحها هامشاً أوسع للمناورة ويُشجّعها على اعتماد نهج أكثر تنوّعاً في سياساتها الخارجية، لا سيّما أنها تسعى إلى تحقيق توازن بين القوى الغربية والصين وروسيا وغيرها من الجهات الفاعلة الرئيسية.

 

 

المقدّمة

يُجسّد انخراط الصين الإستراتيجي في المغرب العربي سعيها الأوسع إلى نظام متعدّد الأقطاب إقليمياً ودولياً. فهي تهدف، من خلال تعميق حضورها تدريجياً، إلى رسم المسارات الاقتصادية والتحالفات الدبلوماسية لدول المنطقة، في إطار أهدافها الرئيسية المتمثّلة بتأمين الموارد وتنويع طرق التجارة وبسط النفوذ. وعلى الرغم من الزخم اللافت الذي تشهده العلاقات بين الصين والمغرب العربي، فإنّها تواجه عقبات جسيمة، تُعزى إلى الهشاشة الداخلية في دول المغرب العربي وفي ما بينها (من صراعات وعدم استقرار وضعف المؤسّسات وقيود اقتصادية)، وإلى تدخّل منافسي الصين (كالاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والجهات الفاعلة الإقليمية)، فضلاً عن اختلال التوازن في التأثير التجاري والثقافي. ويعكس تراجع قدرة بكين على الإقراض في المغرب العربي تعديلاً إستراتيجياً في سياساتها وتحولاً في استعدادها للمجازفة.1

فتركيز الصين البراغماتي على البنية التحتية، وتمسّكها بمبدأي عدم التدخّل وعدم الانحياز، واعتمادها على القوة الناعمة، كلّها عوامل ضمنت لها شراكات متينة في المغرب العربي. وفي ظلّ تصاعد أهميّة المنطقة الإستراتيجية، يتناول موجز القضية هذا علاقات بكين مع كلّ من الجزائر وليبيا والمغرب وتونس، استناداً إلى إستراتيجيتها لأمن الموارد وسعيها إلى إرساء نظام عالمي متعدّد الأقطاب.

 

يجمع نهج الصين في المغرب العربي2 بين الانخراط الاقتصادي واستعراض القوة الناعمة. وعلى الرغم من التباين في التوجّهات السياسية والعلاقات الخارجية والهياكل الاقتصادية لهذه الدول، فأنّها تتشارك موقعاً إستراتيجياً يربط بين أفريقيا وأوروبا والشرق الأوسط، ما يجعل من المغرب العربي منطقةً محوريّةً بالنسبة إلى طموحات الصين العالمية على نطاقٍ أوسع. ويعود تاريخ انخراط الصين في المغرب العربي إلى منتصف القرن العشرين، تزامناً مع جهود الرامية إلى إنهاء الاستعمار في شتّى أنحاء القارة الأفريقية.

 

وقد أثّر دعم الصين للحركات المناهضة للاستعمار إلى حدّ كبير في علاقاتها الدبلوماسية في مراحلها الأولى، لا سيما مع الجزائر التي عكس نضالها من أجل الاستقلال عن فرنسا مبادئ بكين الثورية. فاعترفت الصين بالحكومة الجزائرية المؤقتة في العام 1958، وأقامت علاقات دبلوماسية رسمية معها عقب نيل البلاد الاستقلال في العام 1962، لتتوطّد هذه العلاقات في ما بعد. أمّا دولتا المغرب وتونس، اللتان نالتا استقلالهما في العام 1956، فقد أقامتا علاقات مع الصين في العامين 1958 و1964 على التوالي، لتحذو ليبيا حذوهما في العام 1978. وعلى الرغم من أنّ هذه العلاقات كانت رمزيّة في البداية، فإنها توطّدت في أعقاب الإصلاحات الاقتصادية التي شهدتها الصين في أواخر السبعينات. وقد تمكّنت الصين من المحافظة على روابط متوازنة مع كلٍ من المغرب والجزائر بفضل حيادها في قضية الصحراء الغربية.3

لطالما تميّز انفتاح الصين على أفريقيا، ولا سيما على منطقة المغرب العربي، بمزيج براغماتي من الدبلوماسية الاقتصادية والانخراط السياسي والاستثمار في البنى التحتية. وفي إطار العلاقات بين الصين والمغرب العربي، حدّدت الصين دورها وأدوار شركائها من خلال آليات ثنائية ومتعدّدة الأطراف، مع تركيز واضح على مبدأ عدم التدخّل. كما أنّ تعريف الصين لنفسها كقوة مناهضة للاستعمار وللهيمنة يتماشى مع تاريخ المغرب العربي المناهض للاستعمار، ما يساهم في تعزيز الروابط بين الجانبين.

 

فبالنسبة إلى الصين، تُمثّل الجزائر شريكاً رئيسياً في مجالات الطاقة والبنية التحتية والدفاع، بينما يحتضن المغرب مجموعة واسعة من الاستثمارات ومشاريع الترابط. ومن جهتها، تشكّل تونس منصةً للقوة الناعمة. أمّا في ليبيا فقد بقي دور الصين محدوداً منذ تصاعد حالة عدم الاستقرار في أعقاب الإطاحة بنظام معمر القذافي في العام 2011، ما يعكس موقف بكين في تجنّب التورّط في الصراعات.4 وقد وسّعت الصين دورها في تطوير البنى التحتية في شتى أنحاء المغرب العربي من خلال القروض وأعمال البناء ونقل التكنولوجيا.

 

وشهد انخراط الصين الاقتصادي في منطقة المغرب العربي تسارعاً ملحوظاً بعد إطلاق مبادرة “الحزام والطريق” في العام 2013. فبحلول العام 2024، بلغ حجم التبادل التجاري بين الجانبين نحو 31,5 مليار دولار أمريكي، معظمه مع الجزائر. كما بلغت قيمة الاستثمارات والعقود الصينية في الفترة بين عامَي 2020 و2024 8,56 مليار دولار، حيث استحوذت الجزائر على الحصة الأكبر منها بقيمة 6,04 مليار دولار.5وانضمّت الدول الأربعة في المغرب العربي إلى مبادرة الحزام والطريق والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وباتت جميعها تقيم شراكات إستراتيجية مع الصين.

 

 

 

المصدر: UN Comtrade, “Trade Data.”6 

 

 

 

العلاقات الثنائية بين الصين ودول المغرب العربي

على الرغم من انخراط الصين في المغرب العربي، فإنّها لا تعتمد نهجاً موحّداً تجاه هذه الدول ككتلة واحدة. لذا، يتناول هذا القسم علاقات الصين مع كل دولة من دول المغرب العربي على حدة.

 

الجزائر: شريك الصين الرئيسي

تُعدّ الجزائر واحدة من أبرز شركاء الصين في المغرب العربي. فقد تطوّرت العلاقات العريقة بينهما، المتجذّرة في تاريخٍ مشتركٍ من مناهضة الاستعمار، إلى شراكة إستراتيجية شاملة. تعزّز دور الجزائر المحوري بفضل ثروتها الطاقية وموقعها الإستراتيجي واستقرارها السياسي، فأصبح حيوياً بالنسبة إلى طموحات الصين في شمال أفريقيا وغرب آسيا. وعلى الرغم من أنّ الصين لا تتبنّى دائماً موقف الجزائر في ما يتعلّق بمصالحها الرئيسية، ولا سيما في قضية الصحراء الغربية، فإنّ علاقاتهما السياسية تبقى متينة.

 

في العام 1971، حشدت الجزائر الدول الأفريقية للاعتراف بجمهورية الصين الشعبية كممثّلها الشرعي الوحيد لدى الأمم المتحدة، ما أدّى إلى أقصاء جمهورية الصين المتمركزة في تايوان من مقعد الصين.7 ثم اضطلعت الجزائر بدور جوهري في تعميق العلاقات بين الصين وأفريقيا، حيث تعاونت تعاوناً وثيقاً مع بكين لدعم حركات التحرّر في شتى أنحاء أفريقيا، لا سيما من خلال تسهيل نقل الأسلحة الصينية إلى مجموعات التحرير.8

 

وقد شهدت العلاقات بين الصين والجزائر تطوّراً ملحوظاً مع إرساء الشراكة الإستراتيجية في العام 2004، التي تحوّلت بعد عقد إلى شراكة إستراتيجية شاملة،9 لتصبح الجزائر بذلك الدولة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تُبرم شراكة مماثلة مع الصين.10 وفي العام 2022، وقّع البلدان الخطة الخماسية الثانية للتعاون الإستراتيجي الشامل للفترة بين عامي 2022 و2026.11 ويشمل التعاون بين الجزائر والصين مجالات التجارة والطاقة والزراعة والتكنولوجيا، بالإضافة إلى دعم جهود التنويع الاقتصادي والتحديث. كما ينطوي هذا التعاون على إجراء بحوث مشتركة في مجالات العلوم والفضاء والصحة، إلى جانب التبادلات الثقافية والتعليمية، ما يعكس عمق هذه الشراكة واتساع نطاقها.

 

سلّطت زيارة الرئيس عبد المجيد تبون إلى الصين في يوليو 2023 الضوء على نمو هذه العلاقات وتطوّرها. فقد أعرب تبون عن دعم الجزائر للمبادرات الثلاثة الكبرى التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ: مبادرة الأمن العالمي، ومبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الحضارة العالمية.12 كما دعمت كلّ من الصين وروسيا مساعي الجزائر للانضمام إلى مجموعة البريكس في العام 2022؛ إلا أنّ الجزائر لم تتلقَّ بعد دعوة رسمية للانضمام إلى المجموعة.13 وفي مايو 2024، تقدّمت الجزائر رسمياً بطلب للانضمام إلى منظمة شنغهاي للتعاون كشريك حوار، في إشارة إلى اهتمامها بترسيخ انخراطها في الأُطر السياسية والأمنية الأوراسية.

 

وخلال زيارة تبون، وقّعت الجزائر وبكين 19 اتفاقية ومذكّرة تفاهم تغطي مختلف جوانب التعاون الثنائي. وتعّهدت الصين باستثمارات تفوق قيمتها 36 مليار دولار في الجزائر، مع التركيز على قطاعات التصنيع والتكنولوجيا والنقل والزراعة.14 ومنذ العام 2013، تجاوزت الصين فرنسا لتصبح الشريك التجاري الأول للجزائر، حيث بلغ حجم التجارة الثنائية نحو 12,5 مليار دولار في العام 2024 .15

 

تؤدّي الشركات الصينية دوراً رئيسياً في مشاريع البنية التحتية والترابط في الجزائر، حيث تولّت بناء نحو نصف “الطريق السيّار شرق غرب” الذي يمتدّ على مسافة 1200 كيلومتر، وساهمت في توسيع شبكة الطرق في البلاد.16 كما تساهم الصين في بناء خط جديد وضخم للسكة الحديدية في الجزائر، بتمويل من الميزانية الوطنية الجزائرية بقيمةٍ تفوق 3,2 مليار دولار، إلى جانب قروض خارجية (من بينها 3 مليارات دولار من البنك الإسلامي للتنمية).17 ويمتدّ هذا الخط على طول 575 كيلومتراً ليربط بين منجم غار جبيلات، أحد أكبر مناجم الحديد في العالم قرب تندوف، بمدينة بشار جنوب غرب البلاد، لغرض المعالجة والتصدير.18 وقد كُلّفت شركة بناء السكك الحديدية الصينية (CRCC) والشركة الحكومية الجزائرية “كوسيدار” (COSIDER) بتنفيذ المشروع الذي من المتوقّع إنجازه بنهاية العام 2026، ما سيساهم بشكل كبير في تعزيز صناعة الصلب في الجزائر.19

 

كما استثمرت الصين بنشاط في البنية التحتية لقطاع الطاقة في الجزائر، بما في ذلك المفاعلات النووية، دعماً لجهود البلاد الآيلة إلى تنويع اقتصادها. وفي يونيو 2025، فازت شركتا ZPEC Group و”سينوبك” (Sinopec) الصينيّتان بتراخيص للتنقيب عن النفط والغاز، ما عزّز توجّه الصين الإستراتيجي نحو تحقيق أمن الطاقة.20

 

وفي العام 2022، أقرّت الجزائر قانون استثمار جديد يهدف إلى جذب رؤوس الأموال الأجنبية من خلال حوافز وتنظيمات أكثر وضوحاً. وقد شجّع هذا القانون الاستثمارات الصينية في مشاريع كبرى مثل مشروع منجم الفوسفات العملاق في بلاد الحدبة، الذي تبلغ تكلفته 7 مليارات دولار، والذي أُطلق في العام 2024 بالتعاون مع شركتي “ووهوان” (Wuhuan) و”تيانان” (Tian’an) الصينيتين. ويركّز هذا المشروع على التعدين وإنتاج الأسمدة، ويهدف إلى خلق أكثر من 12 ألف فرصة عمل وتعزيز قدرات الجزائر الصناعية.21 كما عزّزت الجزائر والصين تعاونهما في قطاع صناعة السيارات. ومن أبرز الأمثلة على ذلك مصنع “جيتور” (Jetour) للسيارات في ولاية باتنة بتكلفة 105 مليون دولار أمريكي، وهو مشروع مشترك بين شركة “فوندال” (Fondal) الجزائرية وشركة جيتور الصينية، وقد شارف على الاكتمال. ويهدف هذا المشروع إلى إنتاج 270 ألف مركبة خلال خمس سنوات، ما سيخلق نحو ألف فرصة عمل.22

 

بالإضافة إلى هذه المشاريع، وُقّعت أكثر من اثنتي عشرة اتفاقية بين أبريل ومايو 2025 بهدف ترسيخ التعاون في مجالات الطاقة والتصنيع والزراعة والبنية التحتية. كما أُبرمت ثماني اتفاقيات إضافية خلال منتدى الأعمال الجزائري الصيني الذي انعقد في أبريل 2025، وتركّزت على الاستثمارات الصناعية والزراعية.23

 

وشهد التعاون بين الصين والجزائر تطوّراً ملحوظاً في مجال الطاقة الشمسية في السنوات الخمسة الماضية، من خلال مشاريع واسعة النطاق لنشر الطاقة الكهروضوئية والشراكات الإستراتيجية والتكامل التكنولوجي. ويرتكز هذا الجهد على المناقصة التي أطلقتها شركة “سونلغاز” (Sonelgaz) في العام 2023 لإنتاج 2 غيغاواط من الطاقة الكهروضوئية عبر إنجاز 15 مشروعاً للطاقة الشمسية الكهروضوئية. وقد فازت الصين بتسعة من أصل خمسة عشر مشروعاً،24 إذ وقّع تحالفٌ صيني عقوداً لتنفيذ خمس محطات للطاقة الشمسية من أصل تسعة، بقدرة إجمالية تبلغ 780 ميغاواط. كما فازت شركات صينية أخرى، من بينها “مجموعة شانشي للتركيبات” (Shanxi Installation Group)، و”باور تشاينا جونغنان” (PowerChina Zhongnan) وشركة “باور تشاينا” (PowerChina)، بعقود لتنفيذ مشاريع كبرى.25 ومن المتوقّع أن يؤدي هذا المشروع إلى زيادة القدرة الشمسية في الجزائر بنحو سبعة أضعاف بحيث تتجاوز 3400 ميغاواط، ما يساهم في تنويع مصادر الطاقة وتحفيز الاقتصاد، ويُبرز دور الصين المحوري في جهود الجزائر للتحوّل في مجال الطاقة.

 

من جهة ثانية، ترسّخت العلاقات الأمنية بين الدولتين. خلال العقد الماضي، لا سيما منذ العام 2020، برزت الصين كمورّد أسلحة مهم للجزائر، رغم أنّ روسيا لا تزال المورد الرئيسي بفارق كبير.26 وتعكس صفقات الأسلحة هذه جهودَ الجزائر الرامية إلى تنويع شركائها الإستراتيجيين، بالإضافة إلى توسّع حضور الصين الأمني في شمال أفريقيا الذي أثار قلق القوى الغربية العظمى، ولا سيما الولايات المتحدة وفرنسا، من تغيّر موازين القوى في المغرب العربي ومكانتهما في أسواق السلاح الجزائرية.27 بالتالي، تؤثّر العلاقات العسكرية المتنامية بين الصين والجزائر في ديناميّات الأمن الإقليمي الأوسع وفي العلاقات داخل منطقة المغرب العربي.

 

من ناحيتها، تَعتبر الولايات المتحدة عمليات نقل الصين للأسلحة إلى أفريقيا جزءاً من إستراتيجية أوسع تهدف إلى تعزيز نفوذها الجيوسياسي من خلال الدبلوماسية العسكرية، بينما ترى فرنسا أنّ اعتماد الجزائر المتزايد على الأنظمة الصينية يشير إلى تراجع نفوذها العسكري التقليدي في شمال أفريقيا. كما يزداد القلق من إمكانية نقل التكنولوجيا ومبادرات الإنتاج المشترك بين الصين والجزائر التي من شأنها تعزيز الصناعة الدفاعية المحلية الجزائرية.28 وتشكّل مبيعات الأسلحة الصينية المرنة والميسّرة والخالية من شروط الاستخدام الصارمة التي يفرضها منافسوها الغربيون، تحدياً لنفوذ الجهات الفاعلة التقليدية في شمال أفريقيا. أمّا الجزائر، التي تنتهج سياسة خارجية مستقلة، فمن غير المرجّح أن تغيّر مسارها في ظلّ التوترات الإقليمية، لا سيما بين إيران وإسرائيل، وتنامي علاقات تل أبيب مع المغرب.

 

وقد استوردت الجزائر أسلحة صينية متطوّرة، من بينها طائرات مسيّرة من طراز Wing Loong II وWJ-700 ومنظومة الصواريخ SY-400، بالإضافة إلى تعاونها في بناء طرادات من طراز 056.29 وتزوّد الصين الجزائر أيضاً بمنظومة الدفاع الجوي المتطوّرة HQ-9 وتقنيات الرادار مثل منظومة المراقبة الجوية JY-11B، ما يعزّز قدرات الدفاعات الجوية الجزائرية.30 وبالتالي، ترى الجزائر في بكين شريكاً موثوقاً يساعدها على تنويع مصادر تسليحها، من خلال التدريب المشترك والإنتاج المرخّص للأسلحة وشراكة أمنية أوسع تشمل التبادلات الرفيعة المستوى والمناورات المشتركة وصفقات الأسلحة. وتساهم القدرات الصينية في تعزيز دور الجزائر في أمن منطقة الساحل ومكافحة الإرهاب. ومن جانبها، تنظر بكين إلى الجزائر كبوابة إستراتيجية نحو أوروبا وأفريقيا، تدعم من خلالها طموحاتها الإقليمية.

 

 

المغرب: التنويع والترابط

عزّزت الصين أيضاً علاقاتها السياسية والاقتصادية مع المغرب، لا سيما منذ انضمام المملكة إلى مبادرة الحزام والطريق. وتبقى العلاقات بين الرباط وبكين اقتصادية ودبلوماسية في المقام الأول. وعلى الرغم من أنّ التعاون العسكري الثنائي محدود، فإنّه يشهد تطوراً تدريجياً. أمّا على الصعيد السياسي فقد توطّدت العلاقات الصينية المغربية باطراد بفضل تعزيز التبادلات الرفيعة المستوى. وقد بلغت هذه العلاقات نقطة مفصلية في العام 2016 عندما وقّع الملك محمد السادس والرئيس شي جين بينغ اتفاقية الشراكة الإستراتيجية التي أكّدت التزامهما المشترك بدفع التعاون الثنائي قدماً في مجالات التنمية الاقتصادية والثقافة والأمن الإقليمي.

 

في الوقت الذي يسعى فيه المغرب إلى تمتين علاقاته مع الصين، يعمل أيضاً على تحقيق توازن بين حلفائه الغربيين التقليديين (لا سيما الولايات المتحدة وفرنسا) وبين القوى الصاعدة. وتدعم الرباط “سياسة الصين الواحدة” التي تنتهجها بكين، ممتنعةً عن إقامة علاقات رسمية مع تايوان، وقد أبدت تفهّماً لمواقف الصين بشأن قضايا مثل هونغ كونغ وشينجيانغ.31

 

أمّا الصين فقد حافظت على سياسة الحياد تجاه القضايا الخلافية المتعلقة بالمغرب، وتحديداً الصحراء الغربية.32 لا تدعم بكين صراحةً مطالب المغرب بالسيادة على المنطقة، لكنها في المقابل تمتنع عن الاعتراف بجبهة البوليساريو أو بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية.33 تُقدّر الصين موقع المغرب الإستراتيجي وعلاقاته مع الدول الخليجية وأفريقيا جنوب الصحراء والاتحاد الأوروبي. ويرتبط المغرب والاتحاد الأوروبي باتفاقية تجارة حرة، كما أنّ الولايات المتحدة تُصنّف المغرب حليفاً رئيسياً من خارج حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وقد اعترفت في العام 2020 بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، في خطوة شكّلت تحولاً عن عقود من السياسة الأمريكية السابقة تجاه هذه القضية.

 

إلا أنّ التعاون الاقتصادي يشكّل حجر الأساس في العلاقات بين الصين والمغرب. فقد مثّل توقيع مذكرة التفاهم بشأن مبادرة الحزام والطريق في العام 2017 نقطة تحوّل، إذ أتاح تدفّق استثمارات صينية واسعة النطاق في مجالات البنية التحتية والخدمات اللوجستية والطاقة المتجدّدة في المغرب. ويُعدّ مشروع مدينة محمد السادس طنجة تيك من أبرز المشاريع في هذا الإطار، وهو مركز صناعي وتكنولوجي طوّرته مجموعة من الشركات الصينية. وبعد سلسلة من التأخيرات والمفاوضات، استؤنفت أعمال البناء رسمياً في العام 2023، كما يُتوقّع توسّع دور الصين في قطاعي السيارات والطيران.34

 

وشهد التبادل التجاري بين البلدين نمواً ملحوظاً. فقد تضاعف حجم التجارة الثنائية منذ العام 2019،35 ليصل إلى 9 مليارات دولار في العام 2024.36 وفي النصف الأول من العام 2025، بلغ إجمالي الصادرات المغربية إلى الصين نحو 350,39 مليون دولار.37 وتشمل الصادرات المغربية بشكل رئيسي المواد الخام والفوسفات، في حين تهيمن الإلكترونيات والآلات والسلع المصنّعة على الواردات من الصين.

 

ويشمل انخراط الصين في البنية التحتية المغربية إبرام عقود بملايين الدولارات لتوسيع خطّ القطار الفائق السرعة من القنيطرة إلى أغادير.38 وإلى جانب مشاريع البنية التحتية، تشارك الشركات الصينية أيضاً في قطاعي السيارات والطاقة، وخاصة الطاقة المتجدّدة.

 

وعلى الرغم من أنّ التعاون العسكري والأمني بين الصين والمغرب محدود، فإنه يشهد نمواً متزايداً. ويسعى المغرب تدريجياً إلى تنويع مصادر مشترياته، ومن أبرزها اقتناء طائرات Wing Loong II المسيّرة الصينية.39 ويندرج شراء التكنولوجيا العسكرية الصينية في إطار المساعي الآيلة إلى الحدّ من الاعتماد على المعدّات العسكرية الغربية والشركاء الغربيين، وبناء منظومة دفاعية أكثر استقلالية ومرونة. وقد أدخلت القوات المسلحة الملكية المغربية عدداً من المنظومات الدفاعية الصينية إلى ترسانتها العسكرية، ما يعكس تحوّلاً إستراتيجياً نحو الصين كمورد موثوق للتكنولوجيا العسكرية المتطوّرة، فضلاً عن تعميق العلاقات العسكرية الثنائية بشكل عام.

 

بصورة عامة، يتماشى تطوّر العلاقة بين المغرب والصين مع إستراتيجية المغرب الجيوسياسية الأوسع، المتمثّلة في تحقيق توازن بين تحالفاته الدفاعية وبناء شراكات مع القوى العالمية الصاعدة، ما يساهم في تعزيز استقلاليته الإستراتيجية وقدراته في مجال الأمن القومي. ومع ذلك، تؤدي الأسلحة الصينية دوراً تكميلياً، لا أساسياً، في إستراتيجية المغرب الدفاعية.

 

 

تونس: تطوّر العلاقات بحذر

رسّخت الصين وتونس علاقاتهما خلال السنوات الأخيرة، وتُوّجت بتوقيع شراكة إستراتيجية خلال زيارة الرئيس التونسي قيس سعيد إلى بكين في مايو 2024، ومشاركته في منتدى التعاون الصيني العربي في دورته العاشرة. وانطلاقاً من سياسة الصين القائمة على عدم التدخّل، تواصل بكين انخراطها الدبلوماسي مع تونس بصرف النظر عن التحولات السياسية الداخلية أو السياسات المحلية غير الشعبية، على غرار دول الاتحاد الأوروبي.40

 

فبين عامي 2022 و2024، ارتفع حجم التجارة بين الصين وتونس من 2,1 مليار دولار سنوياً إلى نحو 2,88 مليار دولار، حيث بلغت قيمة الصادرات الصينية 2,38 مليار دولار،  والصادرات التونسية 500 مليون دولار.41 وعلى الرغم من هذا الارتفاع، لا تزال الاستثمارات الصينية المباشرة في تونس محدودة. ومع ذلك، يجري تنفيذ عدد من مشاريع البنية التحتية في إطار مبادرة الحزام والطريق، من بينها الأكاديمية الدبلوماسية الدولية والمستشفى الجامعي في مدينة صفاقس الساحلية.42 كما يجري العمل على خطط لإنشاء موانئ المياه العميقة ومشاريع للطاقة الشمسية.43

 

أمّا في القطاع الرقمي فقد دعمت شركة هواوي وغيرها من الشركات الصينية تطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تونس من خلال مبادرات الحوسبة السحابية. وعُقدت مناقشات حول شبكات الجيل الخامس وخدمات نظام “بيدو” (Beidou) للملاحة عبر الأقمار الصناعية، إلا أنّ التقدّم لا يزال محدوداً، ويعود ذلك جزئياً إلى تفضيل تونس للتقنيات الأوروبية في عدد من المجالات.44

 

ويمتدّ التعاون الثنائي بين الصين وتونس ليشمل التجارة والزراعة والبنية التحتية ومبادرات الاقتصاد الرقمي. كما سعت تونس إلى ترسيخ مكانتها كمنصة تصدير إقليمية إلى كلّ من أفريقيا والاتحاد الأوروبي، من خلال مشاركتها في المعرض الاقتصادي والتجاري الصيني الأفريقي في تشانغشا في يونيو 2025، حيث أعادت تأكيد التزامها بتعزيز التعاون التجاري.45 وعلى الرغم من هذه التوجّهات الإيجابية، فإنّ التحديات لا تزال قائمة. تستمرّ الأزمة المالية في تونس والغموض القانوني وحدود حماية المستثمرين في تقييد حماس القطاع الخاص الصيني، ما يشير إلى أنّ العلاقة، رغم أهميتها الرمزية، تبقى محدودة مقارنة بعلاقات الصين مع جيران تونس في المغرب العربي.

 

اعتمدت تونس على الانخراط البراغماتي في علاقاتها الأمنية مع الصين، بدلاً من التحالف الرسمي. وقد أدّت بكين دوراً أساسياً في جهود تونس لتنويع مصادر الأسلحة، إلاّ أنّ التعاون العسكري بين تونس والصين يظلّ حذراً ومحدوداً. ويتجلّى انخراط الصين مع تونس في مجال التكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج، بما في ذلك الأمن الرقمي والتعاون في مجال الفضاء. كما تستضيف تونس مركزبيدو” للأقمار الصناعية، ما يدلّ على تعاون في مجال تحديد المواقع عبر الأقمار الصناعية وربما في التقنيات المرتبطة بالمجال العسكري.46

 

واضطلعت الصين أيضاً بدورٍ محدودٍ في اقتناءات تونس الدفاعية، التي تعتمد بشكل رئيسي على المعدات الغربية والمحلية. بصورة عامة، تنسجم السياسات التونسية مع الإستراتيجيات الغربية، وتحافظ في الوقت نفسه على علاقاتها مع الصين. وتركّز هذه الأخيرة على أدوات الأمن الناعمة بدلاً من القوة الصلبة، تجنّباً لزعزعة شراكات تونس الأمنية القائمة.

 

 

ليبيا: فرص واعدة في ظلّ حالة عدم الاستقرار

منذ سقوط نظام القذافي في العام 2011، تعاني ليبيا حالة من عدم الاستقرار السياسي. وعلى الرغم من ذلك، جدّدت الصين انخراطها تدريجياً، مرتكزةً على مبادئ عدم التدخل والبراغماتية الاقتصادية ومصالحها الطويلة الأمد المستندة إلى مبادرة الحزام والطريق. وفي الفترة بين عامي 2020 و2025، توطّدت العلاقات الصينية الليبية في المجالات الدبلوماسية والاقتصادية والأمنية، على الرغم من إغلاق السفارة الصينية في طرابلس طيلة تسع سنوات بسبب حالة عدم الاستقرار الداخلي.47

 

ومنذ العام 2020، عادت بكين إلى الانخراط الحذر مع الطرفين السياسيين الرئيسيين في ليبيا، أي “حكومة الوحدة الوطنية” المعترف بها دولياً في طرابلس، و”الجيش الوطني الليبي” في الشرق بقيادة خليفة حفتر.48 ويعكس هذا النهج الدبلوماسي المزدوج إستراتيجية التحوّط الصينية، التي تهدف إلى حماية المصالح الطويلة الأمد.

 

وفي سبتمبر 2024، وقّع البلدان شراكة إستراتيجية خلال زيارة محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، إلى بكين، حيث شارك في منتدى التعاون الصيني الأفريقي.49 وفي العام ذاته، بلغ حجم التجارة بين البلدين نحو 5 مليارات دولار، معظمها من صادرات النفط الخام الليبي، إلى جانب مبيعات صينية من الآلات والإلكترونيات والسلع الاستهلاكية.50 يوضع انخراط الصين في ليبيا بشكل متزايد في إطار مبادرة الحزام والطريق، لا سيما في ظلّ سعي بكين إلى تقديم عملية إعادة الإعمار كفرصة واعدة لإرساء شراكة طويلة الأمد.

 

يمكن لعودة الاستقرار إلى ليبيا أن تُحيي عدداً من العقود المعلّقة الخاصة بالشركات الصينية المملوكة من الدولة، ومن بينها مشاريع السكك الحديدية والاتصالات. في العام 2024، دعت ليبيا الشركات الصينية إلى تقديم عروض لإعادة بناء مطار طرابلس وإنشاء طريق سريع ساحلي، ولا تزال المحادثات جارية بهذا الشأن. بفضل موقع ليبيا الإستراتيجي ومواردها من الطاقة، فإنّها مرشّحة لتصبح مركزاً لمبادرة الحزام والطريق في مرحلة ما بعد الصراع، إذ تبدي الصين اهتماماً بتنويع مصادر الطاقة والاستثمار في قطاع النفط. ويجمع النهج الصيني في ليبيا بين الحياد الإستراتيجي والدعم الدبلوماسي للحلول التي تقودها الأمم المتحدة من جهة، وبين حضور اقتصادي قوي يركّز على النفط والبنية التحتية من جهة أخرى. كما قامت الصين بتوسيع انخراطها الأمني بحذر، ويقال إنها زوّدت قوات حفتر بطائرات مسيّرة،51 في الوقت الذي عملت فيه على إضفاء الطابع الرسمي على شراكة إستراتيجية تربط ليبيا بشبكة مبادرة الحزام والطريق الصينية.

 

 

الخاتمة

يُسلّط تطوّر انخراط الصين في منطقة المغرب العربي الضوء على التحوّل الإستراتيجي في سياستها الأوسع تجاه أفريقيا ومنطقة البحر الأبيض المتوسط. فبينما تُركّز الصين على البنى التحتية وأمن الموارد والدبلوماسية البراغماتية، تمكّنت من بناء شراكات متينة مع الجهات الفاعلة الرئيسية الإقليمية، على الرغم من حالات عدم الاستقرار السياسي والتوترات الإقليمية ومنافسة القوى الغربية. وبفضل موقع المنطقة الجغرافي الإستراتيجي، ووفرة مواردها الطبيعية وتنامي أسواقها، فقد أصبحت جزءاً أساسياً من رؤية الصين البعيدة المدى الهادفة إلى توسيع نفوذها العالمي وتنويع مسارات التجارة وضمان الوصول إلى الموارد.

 

في المستقبل، من شأن تركيز بكين على مبادئ السيادة وعدم التدخّل والتعاون القائم على المنفعة المتبادلة أن يمكّنها من ترسيخ حضورها في منطقة المغرب العربي، بما يساهم في رسم المسارات الاقتصادية والتحالفات الدبلوماسية للمنطقة. غير أنّ انخراط الصين المستدام يعتمد على تعاملها مع التعقيدات الإقليمية ومعالجة الشكوك التي تساور الجهات الفاعلة المحلية والدولية، بحيث يبقى حضورها مؤثّراً ويعود بالفائدة على الطرفين. وفيما تواصل بكين توسيع حضورها، قد يبرز المغرب العربي كمحور رئيسي في إستراتيجيات الصين الآيلة إلى تعزيز الترابط العالمي وتنويع مصادر الموارد.

 


الهوامش
1 Anniek Bao, “Chinese lenders have a massive challenge: They can’t lend enough,” CNBC, January 9, 2025, https://www.cnbc.com/2025/01/10/chinese-commercial-banks-have-a-challenge-they-cant-lend-enough-and-.html?utm.
2 يركّز موجز القضية هذا تحديداً على كلّ من الجزائر وليبيا والمغرب وتونس، وبالتالي يستثني موريتانيا، وهي العضو الخامس في اتحاد المغرب العربي الذي تأسّس في العام 1989.
3 Hang Zhou, “China’s Balancing Act in the Western Sahara Conflict,” in Africana Studia, no.29 (2018), https://ojs.letras.up.pt/index.php/AfricanaStudia/article/view/7635.
4  أدّى الربيع العربي إلى زعزعة العلاقات الاقتصادية بين الصين وشمال أفريقيا. فقبل الانتفاضة التي شهدتها ليبيا في العام 2011، كانت الصين تستورد نحو 150 ألف برميل من النفط يومياً من ليبيا، أي ما يعادل 10 في المئة من صادرات البلاد النفطية و3 في المئة من احتياجاتها النفطية. وعلى الرغم من أنّ الصراع الذي أعقب الإطاحة بالقذافي أوقف هذا التبادل التجاري،   انتعشت صادرات ليبيا النفطية السنوية إلى الصين بحلول العام 2018 لتصل إلى 3,8 مليار دولار. أنظر:
Frederic Wehrey and San  Alkoutami, “China’s Balancing Act in Libya,” Lawfare (blog), May 10, 2020, https://www.lawfaremedia.org/article/chinas-balancing-act-libya.
5 تمّ احتساب ذلك استناداً إلى بياناتAEI/China Global Investment Tracker ، “Chinese Investments & Contracts in Algeria (2005 – 2025),” accessed September 2, 2025, https://www.aei.org/china-global-investment-tracker/.
6 UN Comtrade, “Trade Data,” accessed September 16, 2025, https://comtradeplus.un.org/.
7 United Nations, “Questions relating to Asia and the Far East,” Yearbook of the United Nations (New York: United Nations, 1971), Ch. 8, pp. 129-130, https://cdn.un.org/unyearbook/yun/chapter_pdf/1971YUN/1971_P1_SEC1_CH8.pdf.
8  دبلوماسي جزائري متقاعد رفيع المستوى، مقابلة أجراها المؤلف، الجزائر العاصمة، الجزائر، في 2 سبتمبر 2020؛ لي ليان خه [سفير الصين السابق لدى الجزائر]، “ (الصين والجزائر تعملان جنباً إلى جنب لتحقيق أحلامها) La Chine et l’Algérie œuvrent la main dans la main pour réaliser leurs rêves , Le Jeune indépendant, September 30, 2021,
https://www.jeune-independant.net/la-chine-et-lalgerie-oeuvrent-la-main-dans-la-main-pour-realiser-leurs-reves.
9 Degang Sun, “China’s Partnership Diplomacy in the Middle East,” The Asia Dialogue, March 24, 2020, https://theasiadialogue.com/2020/03/24/chinas-partnership-diplomacy-in-the-middle-east/.
10  Yang Sheng, “China, Algeria to inherit, promote traditional friendship for ‘better global governance,” Global Times, July 17, 2023, https://www.globaltimes.cn/page/202307/1294528.shtml.
11  Algerian Ministry of Foreign Affairs, “Algeria, China sign 2nd five-year comprehensive strategic cooperation plan 2022-2026,” press release, November 8, 2022, https://www.mfa.gov.dz/press-and-information/news-and-press-releases/algeria-china-sign-2nd-five-year-comprehensive-strategic-cooperation-plan-2022-2026.
12  “Algeria supports three Chinese initiatives, eager to join BRICS: President Tebboune,” CGTN, July 23, 2023, https://news.cgtn.com/news/2023-07-23/Algeria-supports-three-Chinese-initiatives-eager-to-join-BRICS-1lFhmKHqAGA/index.html.
13  Yahia H. Zoubir and Xuanrong Wu, “Algeria at the BRICS’ Doorstep: A Journey of Aspirations and Opportunities,” Afkār (blog), December 17, 2023, https://mecouncil.org/blog_posts/algeria-at-the-brics-doorstep-a-journey-of-aspirations-and-opportunities/.
14 Chinedu Okafor, “China is set to invest $36 billion in some of Algeria’s key economic sectors,” Business Insider, July 21, 2023, https://africa.businessinsider.com/local/markets/china-is-set-to-invest-dollar36-billion-in-some-of-algerias-key-economic-sectors/l4l8p5k.
15 “China Algeria trade hits USD 4.5B as Partnership Deepens,” Waya, April 16, 2025, https://waya.media/china-algeria-trade-hits-usd-4-5b-as-partnership-deepens/; Rabia Abdul Salam, “Algeria and France unravel their last remaining trade links,” Al Majalla, March 3, 2025, https://en.majalla.com/node/324567/business-economy/algeria-and-france-unravel-their-last-remaining-trade-links.
16  CITIC Construction, Global Market Infrastructure (Beijing: CITIC Construction, March 2025), p. 61, https://www.construction.citic/uploads/2025-03-03/58705a1b-0566-45e6-8d8f-e58997960a881740962894226.pdf?utm; “Expansion of the highway network to reshape land transport,” in The Report: Algeria 2014 (Oxford, UK:  Oxford Business Group, 2014), https://oxfordbusinessgroup.com/reports/algeria/2014-report/economy/expansion-of-the-highway-network-to-reshape-land-transport?utm.
17  “Islamic development bank to lend Algeria $3 billion for projects over next 3 years,” Reuters, May 19, 2025, https://www.reuters.com/world/africa/islamic-development-bank-lend-algeria-3-billion-projects-over-next-3-years-2025-05-19.
18 Rafik Tadjer, “Algérie: plongée dans un chantier ferroviaire hors normes en plein désert”, (الجزائر: زيارة لموقع بناء سكة حديد استثنائي في قلب الصحراء)، TSA, July 2, 2025, https://www.tsa-algerie.com/algerie-plongee-dans-un-chantier-ferroviaire-hors-normes-en-plein-desert/; Florian Guénet. “Maghreb: la Chine a un projet pharaonique dans ce pays” (المغرب العربي: للصين مشروع ضخم في هذا البلد)، La Nouvelle Tribune, January 5, 2025 https://lanouvelletribune.info/2024/01/maghreb-la-chine-a-un-projet-pharaonique-dans-ce-pays/
19  Ibrahima Diallo, “Government mobilizes $3,2 billion for construction of new railways,” Africa Supply Chain, January 17, 2024, https://africasupplychainmag.com/en/Algeria-government-mobilizes-32-billion-for-the-construction-of-new-railways.
20 وقّعت الدولتان اتفاقيات مهمة في مجال الطاقة في مايو 2022 (عقد بقيمة 490 مليون دولار لإنتاج النفط المشترك)، وفي فبراير 2025 (عقد بقيمة 850 مليون دولار مع “سينوبك”).  Ali Idir, “Total, Sinopec…: l’Algérie attribue 5 permis d’exploration d’hydrocarbures”، (توتال وسينوبك…: الجزائر تمنح 5 تراخيص لاستكشاف الهيدروكربونات)، TSA, June 17, 2025, https://www.tsa-algerie.com/total-sinopec-lalgerie-attribue-5-permis-dexploration-dhydrocarbures/.
21 “One of the largest in the world: The Bled El Hadba phosphate mine comes on stream,” Algeria Invest, November 17, 2024, https://www.algeriainvest.com/premium-news/cest-lune-des-plus-grandes-au-monde-la-mine-de-phosphate-de-bled-el-hadba-entre-en-exploitation.
22  Hana Saada, “Algeria, China Forge Strategic Investment Alliance with Eight Major Agreements,” Dzair Tube, April 15, 2025, https://www.dzair-tube.dz/en/algeria-china-forge-strategic-investment-alliance-with-eight-major-agreements/?utm; “Partnership between Iris and Chery to Manufacture cars in Algeria,” Motor Beats, April 15, 2025, https://motorbeats.com/en/car-news/partnership-between-iris-and-chery-to-manufacture-cars-in-algeria/.
23 Cherif Lahdiri, “Le partenariat sino-algérien en pleine ascension”(الشراكة الصينية الجزائرية المتنامية بسرعة)، El Watan, April 17, 2025, https://elwatan-dz.com/le-partenariat-sino-algerien-en-pleine-ascension.
24 “Algeria unveils winners of its 2 GW solar auction, Chinese firms dominate,” Enerdata, November 7, 2023, https://www.enerdata.net/publications/daily-energy-news/algeria-unveils-winners-its-2-gw-solar-auction-chinese-firms-dominate.html?.
25 Ibid.
26 Yahia H. Zoubir, “Algeria’s Balancing Act between Historical Partnership with Russia and Independence,” ISPI, September 4, 2024, https://www.ispionline.it/en/publication/algerias-balancing-act-between-historical-partnership-with-russia-and-independence-182969.
27 Yahia H. Zoubir, Algeria-Russia Ties: Beyond Military Cooperation?, Issue Brief, (Doha, Qatar: Middle East Council on Global Affairs, January, 2024), https://mecouncil.org/publication/algerian-russian-relations-military-cooperation/.
28 “Algeria, China: Mediterranean expansion for military agreements?” Tactical Report, June 9, 2022, https://www.tacticalreport.com/daily/59749; U.S. Department of Defense, “Military and Security Developments Involving the People’s Republic of China,” 2023 Annual Report to Congress (Washington, D.C., Department of Defense, 2023), p. 171, https://media.defense.gov/2023/Oct/19/2003323409/-1/-1/1/2023-MILITARY-AND-SECURITY-DEVELOPMENTS-INVOLVING-THE-PEOPLES-REPUBLIC-OF-CHINA.PDF.
29 Darek Liam, “Algeria to build Chinese corvettes locally,” Military Africa, January 4, 2025, https://www.military.africa/2025/01/algeria-to-build-chinese-corvettes-locally/.
30 Farid L,  “Algérie – Chine : l’armée veut acquérir le lanceur de missiles SY-400” [Algeria – China: Army wants to acquire SY-400 missile launcher], Algerie360, December 1, 2022, https://www.algerie360.com/algerie-chine-larmee-veut-acquerir-le-lanceur-de-missiles-sy-400/; “Hong Qi 9 (HQ-9): Chinese Air Defense Missile System,” MilitaryView, accessed September 3, 2025, https://militaryview.com/hong-qi-9-hq-9-chinese-air-defence-missile-system/.
31 Eleanor Albert, “Which countries support the new Hong Kong National Security Law,” The Diplomat, July 6, 2020, https://thediplomat.com/2020/07/which-countries-support-the-new-hong-kong-national-security-law/? ; Catherine Putz, “2020 edition: Which countries are for or against China’s Xinjiang policies,” The Diplomat, October 9, 2020, https://thediplomat.com/2020/10/2020-edition-which-countries-are-for-or-against-chinas-xinjiang-policies/.
32 Wu Wanjun and Pedro Sobral, “China’s Non-interference Policy towards Western Sahara Conflict,” Africana Studia no. 29 (2018), pp. 131-143, https://repositorio.ulisboa.pt/bitstream/10400.5/28742/1/China%E2%80%99s%20Non-interference%20policy%20towards%20the%20Western%20Sahara.pdf.
33 Ahmed Obeidat (former prime minister and senator), interview by author(s),
Amman, Jordan, September 4, 2014.
34 Yassine Madjdi, “From Mirage to Reality: The Real Story of the Tanger Tech,” TelQuel, January 8, 2025, https://telquel.ma/2025/01/08/from-mirage-to-reality-the-real-story-of-tanger-tech_1912054.
35 United Nations Comtrade Database, “Trade Statistics,” accessed September 3, 2025, https://comtrade.un.org/Data/.
36 Ministry of Foreign Affairs, People’s Republic of China, “China and Morocco,” https://www.fmprc.gov.cn/eng/gjhdq_665435/2913_665441/2858_663706/.
37 Trading Economics , “Morocco Exports to China,” https://tradingeconomics.com/morocco/exports/china.
38 “Business relations between Morocco and China: a rapidly expanding partnership,” GIDE, March 18, 2025, https://www.gide.com/en/news-insights/business-relations-between-morocco-and-china-a-rapidly-expanding-partnership/.
39 “As Western Ties Shift, Morocco Turns to China for Advanced Military Drones,” Defense Security Asia, March 9, 2025, https://defencesecurityasia.com/en/as-western-ties-shift-morocco-turns-to-china-for-advanced-military-drones/.
40 Louis Dugit-Gros, Sabina Henneberg, “China’s Presence in Tunisia: How Far Has It Come, and Where Is It Headed?” Policy Watch 3728, The Washington Institute for Near East Policy, April 6, 2023, https://www.washingtoninstitute.org/policy-analysis/chinas-presence-tunisia-how-far-has-it-come-and-where-it-headed?.
41 Ministry of Foreign Affairs People’s Republic of China, “China and Tunisia,” https://www.fmprc.gov.cn/eng/gjhdq_665435/2913_665441/2893_663786/#:~:text=Bilateral%20trade%20has%20grown%20steadily,textiles%2C%20apparel%20and%20other%20products.
42 Yin Yeping, “BRI paves the way for expanded China-Tunisia cooperation in infrastructure, agriculture, trade, and more: envoy,” Global Times, November 26, 2024, https://www.globaltimes.cn/page/202411/1323817.shtml.
43 “Tunisia & China Plan for Enhanced Partnerships,” The World Monitor, January 13, 2024, https://www.theworldmonitor.com/tunisia-china-plan-for-enhanced-partnerships/.
44 Dugit-Gros and Henneberg, “China’s Presence in Tunisia.”
45 “Tunisia Strengthens Its Presence in the Chinese Market,” Tunisie Numérique, May 31, 2025, https://news-tunisia.tunisienumerique.com/tunisia-strengthens-its-presence-in-the-chinese-market/.
46 Ellie Young and Oumayma Ben Abdallah, “Beijing’s Global Media Influence 2022: Tunisia,” Freedom House, 2022, https://freedomhouse.org/ar/country/tunisia/beijings-global-media-influence/2022.
47 السفارة أغلقت في العام 2016 بسبب انعدام الأمن، وأعيد فتحها في العام 2025. أنظر: ” China to Reopen Embassy in Libyan Capital,” Libya Review, April 29, 2025, https://libyareview.com/55230/china-to-reopen-embassy-in-libyan-capital.”
48 Bilal Abdullah, “Calculations and Future of China’s Role in Libya,” Emirates Policy Center, December 13, 2024, https://epc.ae/en/details/scenario/calculations-and-future-of-china-s-role-in-libya.
49 State Council of the People’s Republic of China, “China, Libya establish strategic partnership as leaders meet in Beijing,” press release (Beijing: State Council of the People’s Republic of China / Xinhua, September 4, 2024), https://english.www.gov.cn/news/202409/04/content_WS66d861d0c6d0868f4e8ea9ad.html.
50 The Observatory of Economic Complexity (OEC), “China / Libya,” accessed May 2025, https://oec.world/en/profile/bilateral-country/chn/partner/lby.
51 “Italy seizes Chinese-made military drones destined for Libya,” Reuters, July 2, 2024, https://www.reuters.com/world/italy-seizes-chinese-made-military-drones-destined-libya-2024-07-02/.