في العام 2015، أقرّ اتفاق باريس، الذي اعتُمد في مؤتمر الأطراف الحادي والعشرين (COP21) التابع لاتفاقيّة الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ (UNFCC)، بالخطر الوجودي الذي يُمثّله تغيّر المناخ على البشرية وكوكب الأرض. وقد حدّد الاتّفاق هدفاً طموحاً يقضي بحصر ارتفاع متوسّط درجات الحرارة العالمية عند أقل من 1,5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية. غير أنّ الانبعاثات العالمية لا تزال في ارتفاع مستمرّ، ما يجعل تجاوز هذا السقف أمراً حتميّاً،i ويدفع العالم نحو أزمات بيئية متفاقمة وظواهر مناخيّة متطرّفة. بالفعل، كان العام 2024 الأكثر احتراراً على الإطلاق، حيث ارتفع متوسّط درجات الحرارة العالمية بمقدار 1,55 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
لا بدّ من تضافر الجهود العالمية وتنسيقها للحدّ من التأثيرات السلبية المحتملة لتغيّر المناخ، وهو تحدّ يستدعي استجابات طموحة وفاعلة. وفي هذا السياق، تملك قطر مقوّمات تمكّنها من تأدية دور قيادي في العمل المناخي. فمنذ تسعينات القرن الماضي، كانت قطر سبّاقة في إنتاج الغاز الطبيعي المسال وتصديره، والذي يُعدّ وقوداً انتقالياً أنظف من الفحم والنفط من حيث انبعاثات الاستخدام النهائي. وقد أثمر هذا للتوجّه، إذ حلّ الغازُ الطبيعي بديلاً للفحم الأكثر تلويثاً في الكثير من الدول حول العالم، ما أسهم في الحدّ من الانبعاثات العالمية، وأتاح لقطر تحقيق ازدهار اقتصادي جعلها من بين أغنى دول العالم. واليوم، تجد قطر نفسها في موقع فريد يمكّنها من الإسهام في دفع الجهود الدولية الرامية إلى خفض الانبعاثات ومواجهة تحدّيات المناخ.
[…]
استناداً إلى ثروة الخبرات المحلّية، نظّم مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدوليّة و”إرثنا” ورشة عمل لاستكشاف سياسات عمليّة تهدف إلى خفض انبعاثات الكربون والحدّ من تداعياتها، بما يتماشى مع رؤية قطر الوطنية 2030 والسياق الاجتماعي والاقتصادي، ويتوافق مع الاعتبارات البيئية. وقد ضمّت ورشة العمل مجموعة متنوّعة من الباحثين المتخصّصين في دراسة إستراتيجيات إزالة وخفض الانبعاثات في قطر، ناقشوا تأثير بحوثهم على مستوى السياسات. وشاركت في المناقشات مجموعةٌ من الخبراء المتخصّصين والمستشارين من وزارة البيئة والتغيّر المناخي و”مؤسّسة قطر” و”مؤسّسة العطية”، وغيرها من الجهات المعنية.
في ختام ورشة العمل، اتّفق عددٌ من المشاركين على التعاون لإعداد ملف شامل يرتكز على إستراتيجيات فعّالة لخفض انبعاثات الكربون في قطر. وقد انضمّ إلى هذا الجهد عشرون خبيراً متخصّصاً، ليقدّموا مجموعةً من عشر موجزات السياسات تندرج ضمن أربعة أقسام رئيسية، بما يساهم في تشكيل إطار عمل مبتكر وملموس لتحقيق أهداف الاستدامة البيئية في الدولة.
المقدّمة : فهم مقاربة قطر للحدّ من تداعيات انبعاثات الكربون وتغيّر المناخ – نادر القبّاني ومعزّ علي
القسم الأول: الاقتصاد القطري والنقاش حول خفض انبعاثات الكربون
الفصل 1 : تعويض الانبعاثات عبر صادرات الغاز الطبيعي المسال: الاتّجاهات الماضية والمستقبليّة – معزّ علي، عبد الفتاح حامد علي، غونزالو كاسترو دي لا ماتا، أليكس أماتو
الفصل 2 : قطر وصادرات الطاقة والتكنولوجيا المنخفضة الكربون -ظبية المهندي وبيفرلي ميلتون-إدواردز
الفصل 3 : إزالة الكربون والتنويع الاقتصادي في قطر: التحدّيات والفرص – مارسيلو كونتستابيلي، كارلوس منديز، بانكاج كومار، مروة بن لحرش
القسم الثاني: بدائل الكربون والتقنيّات المنخفضة الكربون في قطر
الفصل 4 : عملاق الغاز الطبيعي المسال وحلم الطاقة الشمسيّة: مستقبل الطاقة في قطر- جاستين دارغين
الفصل 5 : رؤية قطر للسياسات بشأن دور الطاقة النووية في إزالة الكربون -دويغـو سـيفر
الفصل 6 : الهيدروجين كمحفّز لخفض الانبعاثات في قطر -عائشة السريحي
الفصل 7 : تحلية المياه في قطر لخفض انبعاثات الكربون – ديما المصري، محمد أبو هواش
القسم الثالث: أسواق الكربون في قطر ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
الفصل 8 : دور أسواق الكربون في اتفاق باريس: التداعيات والفرص بالنسبة إلى قطر- ألكسندرا سويزر
الفصل 9 : أسواق الكربون وإستراتيجيّات خفض الانبعاثات لتحقيق صافي الإنبعاثات الصفرية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا -ﻧﻴﺸﺎد ﺷﺎﻓﻲ
الفصل 10 : أسواق الكربون كمسارٍ إستراتيجي لخفض الكربون في قطر- عمر آقجا، أحمد أيسان
الخاتمة – نادر القبّاني ومعزّ علي