المقدّمة

الخلفية والسياق

على مدى العقدين الماضيين، عزّزت القوى الآسيوية الأربعة الكبرى – اليابان والصين والهند وكوريا الجنوبية – انخراطها في الشرق الأوسط، وتحديداً مع دول مجلس التعاون الخليجي. وتعدّدت أوجه التعاون بين هذه القوى ودول المجلس، لتشمل أبعاداً اجتماعيّة واقتصاديّة وسياسيّة وأمنيّة. ويظهر بوضوح تنامي بصمة القوى الآسيويّة الكبرى في شتّى أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي؛ من مشاريع البناء الكورية الجنوبيّة ومبادرة الحزام والطريق الصينيّة إلى البنية التحتية والاستثمارات التكنولوجية اليابانية والقوى العاملة الهندية المستفيضة. وكلّها تشير إلى أنّ هذه الشراكات لن تنمو إلّا مع تحوّل مركز الثقل الاقتصادي الدولي نحو آسيا.

وفي الوقت الذي تشهد فيه دول مجلس التعاون الخليجي تحوّلاً اجتماعياً واقتصادياً تاريخياً، ستصبح هذه الشراكات أكثر أهميّة. فعائدات الهيدروكربونات المتقلّبة، والضغوط الديموغرافية، والبطالة بين أوساط الشباب الخليجي، والافتقار إلى التنويع الاقتصادي، قد تسبّبت جميعها بضغطٍ هائلٍ على الموارد العامة. وقد شكّلت هذه العوامل مجتمعة دافعاً رئيسيّاً للإصلاح الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي. وبالإضافة إلى التحديات الاجتماعية والاقتصادية، من المحتمل أن تشعر دول مجلس التعاون الخليجي بالتأثير المتزايد لتغير المناخ على مدى العقود القادمة. وستؤدّي القوى الآسيوية دوراً هاماً في الوقت الذي تتصدّى فيه دول مجلس التعاون الخليجي لهذه التحديات المعقّدة ومتعدّدة المستويات.

إنّ انخراط القوى الآسيوية على نحوٍ متزايد في دول مجلس التعاون الخليجي سيتلازم مع التحدّي المتمثّل بضرورة التعامل مع مشهد جيوسياسي معقّد للغاية. فاحتدام المنافسة بين الولايات المتحدة والصين، فضلاً عن الحروب الأهليّة المستمرّة والاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط الأوسع، والاختلافات بين دول مجلس التعاون الخليجي، والتوتّرات إزاء البرنامج النووي الإيراني، من شأنها أن تؤكّد على أنّه لا يمكن للقوى الآسيويّة الأربعة الكبرى أن تبقي انخراطها محدوداً ضمن المجال الاقتصادي وقد يتعيّن عليها المساهمة في بنية المنطقة الأمنيّة.

لدراسة الروابط الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية المتعدّدة الأوجه والواسعة بين دول مجلس التعاون الخليجي وآسيا، أطلق مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدوليّة وكرسي دولة قطر لدراسات المنطقة الإسلامية في جامعة واسيدا، مشروعاً بحثياً لمدة عامين يجمع كبار الخبراء لتقديم تحليل متعمّق تشتدّ الحاجة إليه لعدد من هذه المسائل. تمّ تنظيم ورشتي عمل، الأولى في الدوحة في العام 2022 والثانية في طوكيو في العام 2023، حيث دُعي المشاركون للمساهمة في كتابة فصول تطلعيّة وموجّهة نحو السياسات تندرج ضمن هذا الملف الذي يركّز على القضايا والاتجاهات الرئيسيّة التي تشكّل العلاقات ما بين آسيا ودول مجلس التعاون الخليجي.

قائمة المحتويات

المقدّمة: دول مجلس التعاون الخليجي في القرن الآسيوي: الفرص والتحديات والمسارات المستقبليّة – عبدالله باعبود وعادل عبدالغفار

الجزء الأوّل: السياسة والأمن

الفصل الأول: البيئة الأمنية المتغيّرة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ وانعكاساتها على دول مجلس التعاون الخليجي – ماثيو جراي

الفصل الثاني: القوى الآسيوية في المجال البحري لمنطقة الخليج: من منظور الدول الخليجية  – روري ميلر

الفصل الثالث: مجموعة التعاون الاقتصادي الحكومي الدولي بين الهند وإسرائيل والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة(I2U2) : وصول المبادرات المصغّرة إلى الشرق الأوسط – جوناثان فولتون

الفصل الرابع: نحو بنية أمنيّة في غرب آسيا مدعومة من الولايات المتّحدة – محمد سليمان

الفصل الخامس: ديناميات الطاقة بين روسيا ودول مجلس التعاون الخليجي والدول الآسيويّة الكبرى: هل ستغير حرب أوكرانيا قواعد اللعبة؟ – لي تشن سيم

الفصل السادس: التنافس بين دول شرق آسيا في منطقتي الخليج والمحيط الهندي والهادئ: حالة اليابان والصين – كازوتو ماتسودا

الفصل السابع: الصين والدول الخليجيّة: من علاقات اقتصادية إلى تعاون إستراتيجي؟ – محجوب الزويري وفرح القواسمي

الجزء الثاني: الاقتصاد الاجتماعي

الفصل الثامن: واردات دول مجلس التعاون الخليجي من الطاقة إلى القوى الآسيوية: التعامل مع سوق الطاقة العالميّة والتحديات الجيوسياسيّة – ستيفن رايت

الفصل التاسع: انعكاسات التحوّل في مجال الطاقة على القوى الآسيويّة ودول مجلس التعاون الخليجي: من وجهة نظر اليابان والمملكة العربية السعودية – شيجيتو كوندو

الفصل العاشر: العلاقات المتمحورة حول الطاقة بين دول مجلس التعاون الخليجي والصين في حقبة ما بعد إتفاق باريس – عائشة السريحي

الفصل الحادي عشر: سياسة “التطلّع غرباً” الهندية تتوافق مع سياسة “التطلّع إلى الشرق” الخليجية – نارايانابا جاناردان

الفصل الثاني عشر: العمّال الوافدون الهنود في الدول الخليجية – نادر القباني

الفصل الثالث عشر: علاقة نفطيّة أم أكثر؟ علاقات الصين الاقتصادية مع دول مجلس التعاون الخليجي – تينغيي وانغ

الفصل الرابع عشر: كوريا الجنوبية في منطقة الخليج ما بعد الجائحة: تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية مع دول مجلس التعاون الخليجي وسط الصراع التكنولوجي بين الولايات المتحدة والصين – جون بارك

الفصل الخامس عشر: الطاقة أولاً والأعمال ثانياً: دبلوماسية اليابان الاقتصادية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي – كوجي هورينويك

الفصل السادس عشر: دور صناديق الثروة السيادية في دول مجلس التعاون الخليجي في آسيا – فهد المرّي

الخاتمة: عادل عبدالغفار وعبدالله باعبود