إستراتيجيات خفض انبعاثات الكربون في قطر

ملف، يناير 2025
زميل أوّل ومدير البحوث

مساعد بحوث سياسات الاستدامة في مؤسسة "إرثنا" التابعة لمؤسسة قطر
16 يناير، 2025

المقدّمة

 

يتصدّر تغيّر المناخ أجندة معظم الدول في شتّى أنحاء العالم. لكن حتى الآن، تعثّرت الجهود الرامية إلى الحدّ من ارتفاع متوسّط درجات الحرارة العالمية إلى أقل من 1,5 درجة مئوية، أي الحدّ الأعلى الذي يقول العلماء إنّه يمكن أن يخفّف تداعيات تغيّر المناخ الأكثر خطورة. لقد ركّزت مؤتمرات الأمم المتحدة المعنيّة بتغيّر المناخ التي عُقدت مؤخراً على استشكاف سُبُل خفض انبعاثات الكربون بشكلٍ ملموس وتعزيز التمويل المخصّص للحدّ من هذه الانبعاثات.

 

تؤدّي قطر دوراً مهمّاً في كلا المجالَين. فقد وضعت التنمية المستدامة والقضايا البيئية في صلب رؤيتها الوطنية 2030. بالفعل، حدّدت الحكومة هدفاً طموحاً يتمثّل في خفض انعباثات غازات الدفيئة بنسبة 25 في المئة بحلول العام 2030. وقد أحرزت قطر تقدّماً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، لا سيما إذا أخذنا في الاعتبار دور الغاز الطبيعي المسال، باعتباره وقوداً تحوّلياً، في تحقيق أهداف الحدّ من الانبعاثات العالمية. ومع ذلك، ستحتاج قطر إلى تحديد إستراتيجيات أخرى للحدّ من آثار الانبعاثات لمواصلة تحقيق المزيد من التقدّم على الصعيد المحلّي والدولي.

 

في إطار أسبوع قطر للاستدامة 2024، نظّم مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدوليّة و”إرثنا مركز لمستقبل مستدام” ورشة عمل لاستكشاف سياسات بديلة لخفض انبعاثات غازات الدفيئة، بما يتماشى مع رؤية قطر الوطنية 2030 والسياق الاجتماعي والاقتصادي، ويتوافق مع الاعتبارات البيئية. ضمّت ورشة العمل مجموعة متنوّعة من الباحثين المعنيين بدراسة إستراتيجيات إزالة وخفض الانبعاثات في قطر، الذين ناقشوا تأثير بحوثهم على مستوى السياسات مع عددٍ مسؤولين حكوميين وخبراء متخصّصين في هذا المجال في قطر. هذا الملف هو أحد المخرجات الرئيسية لهذه الورشة وقد تمّ تحريره ونشره بالتعاون مع مركز إرثنا.

 

من بين مخرجات ورشة العمل، هذا الملف بعنوان “إستراتيجيات خفض انبعاثات الكربون في قطر”، الذي تجمع فصوله الـ12 خلاصة البحوث والمعارف التي ناقشها الخبراء المشاركون في هذه الورشة حول جهود قطر للحدّ من انبعاثات غازات الدفيئة بما يتماشى مع أهداف رؤيتها الوطنية ودورها المحوري في الجهود الدولية لخفض انبعاثات الكربون. وتندرج هذه الفصول ضمن أربعة مواضيع رئيسية: (1) الغاز الطبيعي المسال وإزالة الكربون؛ (2) بدائل الكربون؛ (3) المسارات الإستراتيجية لعمليّة إزالة الكربون؛ (4) أسواق الكربون.

 

قائمة المحتويات 

 

المقدّمة: نادر القباني ومعز علي

الفصل 1: إزالة الكربون والتنويع الاقتصادي في قطر: التحدّيات والفرص – مارسيلو كونتستابيلي، كارلوس منديز، بانكاج كومار، مروة بن لحرش

الفصل 2: عملاق الغاز الطبيعي المسال وحلم الطاقة الشمسيّة: مستقبل الطاقة في قطر- جاستين دارغين

الفصل 3: دور أسواق الكربون في اتفاق باريس: التداعيات والفرص بالنسبة إلى قطر- ألكسندرا سويزر

الفصل 4: رؤية قطر للسياسات بشأن دور الطاقة النووية في إزالة الكربون -دويغـو سـيفر

الفصل 5: قطر وصادرات الطاقة والتكنولوجيا المنخفضة الكربون -ظبية المهندي وبيفرلي ميلتون-إدواردز

الفصل 6: أسواق الكربون وإستراتيجيّات خفض الانبعاثات لتحقيق صافي الإنبعاثات الصفرية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا -ﻧﻴﺸﺎد ﺷﺎﻓﻲ

فصول الملف

قطر هي دولة ذات دخلٍ مرتفع وغنيّة بالموارد، ويرتكز اقتصادها على احتياطها الهائل من الوقود الأحفوري والغاز الطبيعي بالذّات. ونتيجةً لتطوّر قطاع الغاز الطبيعي المسال وغيره من القطاعات الكثيفة الاستهلاك للوقود الأحفوري الذي بدأ في التسعينات، ارتفع الناتج المحلّي الإجمالي القطري من 18 مليار دولار إلى 236 مليار دولار (بالدولار الأمريكي في العام 2024) بين عامَي 2000 و2022 (أي أكثر من عشرة أضعاف) .
مارسيلو كونتستابيلي، كارلوس منديز، بانكاج كومار، مروة بن لحرش
يُعزى صعود قطر الاقتصادي السريع إلى استغلالها حقل الشمال، وهو أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم، ما جعلها أحد أبرز مصدّري الغاز الطبيعي المسال. في مشهد الطاقة المتوتّر الذي ساد في أوائل العقد 2020، والذي أجّجته الاضطرابات الجيوسياسيّة في أعقاب اجتياح روسيا لأوكرانيا وبؤر التصعيد الإقليميّة الأخرى، ارتفعت عائدات قطر من تصدير الغاز إلى 132 مليار دولار.
جاستين دارغين
يشجّع اتفاق باريس التعاونَ الطوعي بين الأطراف في تنفيذ مساهماتها المحدّدة وطنيّاً "لإتاحة مستوى أعلى من الطموح في إجراءاتها المتعلّقة بالتخفيف والتكيّف وتعزيز التنمية المستدامة والسلامة البيئيّة". وقد أدّى هذا الالتزام إلى خلق أسواق كربون جديدة بموجب المادة 6 من اتفاق باريس.
ألكسندرا سويزر
ظبية المهندي أستاذة مساعدة، بيفرلي ميلتون-إدواردز
بقي أمام العالم نحو عقد من الزمن لتفادي آثار تغيّر المناخ التي لا رجعة عنها، وهذا بحسب الهيئة الحكومية الدولية المعنيّة بتغيّر المناخ (IPCC). سيتطلّب تحقيق مستقبل أكثر استدامةً تمويلاً كبيراً واستثمارات موجَّهة وتعاوناً عالمياً لخفض انبعاثات غازات الدفيئة. ويمكن أن تؤدّي أسواق الكربون دوراً في تحقيق هذه الأهداف، لكن عليها أولاً أن تصبح أكثر متانةً ومصداقية. وعلى الرغم من التطوّر السريع الذي شهدته سوق الكربون العالمية على مدى الأعوام الخمسة الأخيرة،2 لا تزال السوق مجزّأة بين أُطر ومقاربات مختلفة، ما يُعيق تسريع عمليّة إزالة الكربون على نطاقٍ واسع.
ﻧﻴﺸﺎد ﺷﺎﻓﻲ