هيئات مكافحة الفساد وفعّالية الحوكمة

في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

ورقة تحليلية، ديسمبر 2024
زميل أوّل غير مقيم

زميلة زائرة مبتدئة

D.E. Shaw، مستثمر

يكمن القلق بشأن الفساد في صلب الاستياء الشعبي العارم حيال جودة الحوكمة في كثير من الدول العربية. وكان الغضب من الإهمال البيروقراطي وسوء الإدارة من أبرز الأسباب التي أطلقت شرارة انتفاضات الربيع العربي في عاميّ 2010 و2011. كما كان للفساد دور محوري في تأجيج الاحتجاجات في لبنان والعراق والسودان في العام 2019. وتُظهر استطلاعات الباروميتر العربي لعام 2021 أنّ غالبية عظمى من المواطنين العرب، تتراوح نسبهم بين 61 في المئة في المغرب و89 في المئة في تونس ولبنان، يعتقدون أنّ الفساد متفشٍّ في مؤسّسات الدولة بدرجات تتفاوت بين كبيرة ومتوسّطة.1 في المقابل، يرى قليل من المواطنين أنّ حكومات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تبذل جهوداً فعّالة لمكافحة الفساد، وهي نسبة تتضاءل باستمرار.2

 

استلهاماً من التجارب الناجحة في شرق آسيا، حيث تمكّنت حكومات مثل هونغ كونغ وسنغافورة من تحقيق تقدّم ملموس في مكافحة الفساد على مدى العقود الماضية، بادر عدد من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى إنشاء هيئات متخصّصة لمكافحة الفساد. وقد دعمت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد المبرمة عام 2003 هذا التوجّه، حيث أكّد البند السادس على أهمية تأسيس هيئات متخصّصة تتمتّع بالاستقلالية اللازمة لضمان أداء مهامها بفعالية.3 في العام 2004، أسّست سلطة الائتلاف المؤقتة هيئة النزاهة العراقية ثمّ أقرّها الدستور العراقي عام 2005. كما أنشأ كلّ من فلسطين والأردن هيئات عليا لمكافحة الفساد في 2005 و2006 على التوالي. وفي أعقاب تظاهرات الربيع العربي، سعت حكومات متعدّدة لمعالجة المخاوف الشعبية بشأن الفساد، سواء من خلال إنشاء هيئات جديدة معنية بقضايا الفساد أو تعزيز دور المؤسّسات القائمة، منها مثلاً هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية التي غيّرت اسمها في 2011، وهيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة) في السعودية في نفس العام، والهيئة العامة لمكافحة الفساد في الكويت التي تأسّست عام 2016، واللجنة الوطنية لمكافحة الفساد في المغرب التي أنشئت عام 2017. في المقابل، تعتمد دول أخرى على مؤسّسات تقليدية في مكافحة الفساد، مثل هيئة الرقابة الإدارية في مصر، وجهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة في سلطنة عمان.

 

تستعرض هذه الورقة أداء هيئات مكافحة الفساد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتقارن بينها وبين الهيئات التي تحقّق أداءً عالياً في دول مثل هونغ كونغ ولاتفيا ورومانيا وسنغافورة. وتشمل المقارنة أيضاً دولاً ذات دخل متوسط أعلى مثل ماليزيا، وأخرى ذات دخل متوسط أدنى مثل إندونيسيا وسريلانكا. ورغم التفاوت الكبير في التجارب من دولة إلى أخرى، خلصت الورقة إلى أنّ الهيئات الجديدة في المنطقة حقّقت تقدّماً ملموساً، وإن كان تدريجياً، على مدى العقد الماضي، ما اكسبها ثقة المواطنين وأتاح تحسين عملياتها بشكل متواصل. ورغم أنّ كثير من هيئات مكافحة الفساد تعاني بسبب محدودية الموارد، وضعف الأداء أحياناً ما يؤدي إلى تراكم الأعمال غير المنجزة، فإنّ عدداً من الدول العربية نجح في إعداد أطر متينة يمكن للإصلاحيين البناء عليها وتحسينها.

 

دور الهيئات العليا لمكافحة الفساد ووظائفها

 

تماشياً مع الممارسات العالمية، يضطلع الكثير من هيئات مكافحة الفساد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمجموعة من المهام التي يمكن تصنيفها بشكل عام تحت ثلاثة عناوين: التحقيق والوقاية والتوعية العامة. ومن أهم وظائفها النظر في مزاعم الفساد التي تتراوح بين الرشوة والاختلاس، وصولاً إلى المحسوبيات وسوء الإدارة. وتتولّى هذه الهيئات مسؤولية تلقّي الشكاوى والتحقّق منها، وتوصي بإحالة بعض القضايا إلى القضاء أو طلب فرض عقوبات إدارية عند الضرورة. وتمارس هذه الهيئات دوراً وقائياً أيضاً، حيث تراجع اللوائح والنظم والإجراءات الحكومية وتتقدّم بالتوصيات من أجل الحدّ من مخاطر الفساد ومعالجة مكامن الضعف. كما تسهم في إعداد مدوّنات سلوك، وتراقب كشوفات الدخل والأصول، وتعمل على رفع وعي المواطنين عبر حملات توعوية لتعريفهم بمفهوم الفساد وتشجيعهم على الإبلاغ عنه. إلى ذلك، تؤدّي هذه الهيئات دوراً فعّالاً في استرداد الأصول ومكافحة غسيل الأموال، والتعاون مع الجهود الدولية لمحاربة الجرائم المالية.

 

كما يظهر من تاريخ هيئة النزاهة ومكافحة الفساد في الأردن، فإنّ هذه الهيئات لم تنشأ غالباً من العدم تماماً، بل تطوّرت مهامها وتشريعاتها التأسيسية على مرّ الزمن، ولا تزال في بعض الحالات قيد التطوير. وقّع الأردن على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد عام 2005، وأسّس هيئة مستقلّة عام  4.2006 وقد عُدّل القانون المنظّم لهذه الهيئة في عاميّ 2012 و2014. وفي عام 2016، تم دمج هيئة مكافحة الفساد وديوان المظالم لتشكيل هيئة النزاهة ومكافحة الفساد الحالية.5 ثمّ في العام 2019، وُسّعت صلاحيات الهيئة لتعزيز استقلاليتها وتمكينها من مصادرة الأصول غير المشروعة.6

 

لا تعمل هذه الهيئات بمعزل عن غيرها، بل هي جزء من مجموعة واسعة من الجهات الناشطة في مجال مكافحة الفساد التي قد تشمل وحدات الشرطة والتحقيقات الجنائية التقليدية والهيئات العليا للرقابة المالية ومكاتب التدقيق الداخلي ومكاتب المفتشين العموميين. في بعض الأحيان، قد يكون عدد هذه المؤسسات كبيراً جدّاً، ما يعقّد التنسيق فيما بينها. على سبيل المثال، في العراق، عملت هيئة النزاهة جنباً إلى جنب مع مكاتب المفتشين العموميين في كلّ وزارة لمدة 15 سنة بين 2004 و7.2019 يتولّى ديوان الرقابة المالية مسؤوليّة حماية الأموال العامة ومنع الهدر وسوء الاستخدام، في حين تشرف لجنة النزاهة النيابية على عمليات مكافحة الفساد وإعداد التشريعات ذات الصلة. فضلاً عن ذلك، أنشأ رئيس مجلس الوزراء المجلس الأعلى لمكافحة الفساد المكلّف بوضع إستراتيجيّة شاملة للتصدّي للفساد.

 

شكّك بعض الباحثين بجدوى هيئات مكافحة الفساد. فقد أشار دويغ وريكاناتيني إلى أنّه بعد ما يقرب عقدين على اعتماد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، لا تزال هذه الهيئات “تواجه صعوبة في إثبات تأثيرها الواضح والمهمّ على صعيد مكافحة الفساد، ولا يُنظر إليها عادةً على أنّها الأدوات الأمثل لتطبيق السياسات”.8 وعلى الرغم من أنّ هذا الانتقاد يبدو مبالغاً فيه، إلّا أنّه يسلّط الضوء على حقيقة مهمّة: هيئات مكافحة الفساد نادراً ما تكون حلاً سحرياً. فهي عرضة للتجاهل أو التهميش أو الضغوط أو نقص الموارد. كما قد تواجه صعوبة في التعامل مع الأشكال المعقّدة من الفساد الممارسة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مثل القوانين المصمّمة على قياس بعض المتنفّذين والشركات المرتبطة بهم، أو الضغوط لتعيين شركاء صامتين في مجالس الإدارة أو المشاريع التجارية، أو الاعتماد على الواسطة في التوظيف في القطاع العام.

 

كما أنّ هذه الهيئات جزء من إطار مؤسّسي أوسع. فمكافحة الفساد الفعّالة تستدعي اليقظة على امتداد القطاع العام. إذ يقع على عاتق الوزارات المسؤولة عن الإنفاق مراجعة إجراءات الشراء بدقّة لكشف أيّ عمليات احتيال في المشتريات. كما يتعيّن على الهيئات الناظمة ضمان أن تكون إجراءاتها مبسّطة وشفّافة، والتأكّد من عدم تلقّي موظّفيها رشاوي لتقديم معاملة تفضيلية لأيّ طرف. أمّا الهيئات المعنيّة بالإيرادات، فعليها ضمان فرض الضرائب والرسوم بانتظام وتحصيلها بالكامل. وأخيراً، يتوجّب على الجهات الرقابية، مثل الهيئات العليا للرقابة المالية، أداء مهامها بدقّة عالية.

تعمل هذه الهيئات، إلى جانب دورها الحكومي، ضمن بيئة سياسية وثقافية أوسع قد تسهم سواء في تسهيل مهمّتها أو تعقيدها. ويتّضح هذا الأمر بشكل خاص في الدول الهشّة والمُتأثّرة بالصراعات. فثمّة ارتباط وثيق بين الهشاشة والفساد على امتداد دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. إذ إن جميع الدول التي تحتلّ المراتب الأدنى على مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمّة الشفافية الدولية – وهي لبنان، العراق، ليبيا، اليمن، وسوريا – هي نفسها التي واجهت أكبر التحدّيات المتعلّقة بالصراعات وعدم الاستقرار.

 

صحيح أنّ هيئات مكافحة الفساد ليست حلاً سحرياً، ولكن ذلك لا ينتقص من أهميتها. إذ تتمتّع هيئات كثيرة بسلطات واسعة وقدر كبير من الاستقلالية. فهي تتصدّر جهود مكافحة الفساد في بلدانها وتتمتّع بصلاحية القيام بمجموعة من المهام الحيوية. حالياً، يُخصّص المزيد من الاهتمام الأكاديمي لتحليل فعّالية هذه الهيئات رغم أنّ هذا العمل لا يزال في مراحله الأولى. وكانت الأكاديمية الدولية لمكافحة الفساد أشارت في العام 2023 إلى أنّه رغم استثمار الكثير من الدول في إنشاء هيئات مكافحة الفساد في السنوات الماضية، “فإنّ الأدلّة العلمية حول مدى فعّاليتها أو الظروف التي تكون فعّالة فيها ما زالت قليلة”.9 تهدف هذه الورقة البحثية إلى سدّ هذه الفجوة في البحوث، مع التركيز بشكل خاص على كيفية تعزيز دور هذه الهيئات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

 

المنهجية وأسلوب التحليل

 

يركّز هذا التحليل على دراسة سبع هيئات أو إدارات معنيّة بمكافحة الفساد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في الأردن، والعراق، والكويت، والمغرب، وعُمان، وفلسطين، والمملكة العربية السعودية. وقد جاء اختيار هذه الدول بشكل أساسي نظراً لشفافيتها في نشر بيانات تتعلّق بميزانياتها وموظفيها وعملياتها. تمثّل هذه الدول مزيجاً جغرافياً متنوعاً يضمّ دولاً ذات دخل مرتفع ومتوسّط من مناطق المغرب والمشرق والخليج، تختلف في ما بينها من حيث التاريخ والتقاليد السياسية والإدارية. وكما يوضح الجدول الأول، فإنّ خمساً من هذه الدول تحقّق أداءً أفضل من المتوسّط الإقليمي على مؤشّر السيطرة على الفساد، وهو أحد مؤشّرات الحوكمة العالمية الصادرة عن البنك الدولي، ويعتمد على مقياس مركّب يستند إلى تصوّرات متعدّدة وتقييمات الخبراء لحجم الفساد.10 في المقابل، جاءت نتائج فلسطين والعراق أدنى من المتوسّط الإقليمي.

 

تعدّ مسألة الشفافية في الإبلاغ عن البيانات من أبرز التحدّيات التي تواجهها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو ما سنتناوله بمزيد من التفصيل لاحقاً. وقد استُبعدت دول متعدّدة من الدراسة، ليس بسبب ضعف جهودها في مكافحة الفساد أو فشلها في ذلك، بل بسبب شحّ المعلومات التي تتيحها للجمهور. وقد أظهر المرفق 1 أنّ تسع دول من أصل ست عشرة دولة في المنطقة لا تنشر بيانات عن مكافحة الفساد بشكل منتظم سنوياً. ومن أبرز الأمثلة على ذلك هيئة الرقابة الإدارية في مصر، ذات النفوذ الكبير التي تعمل مباشرة تحت إشراف الرئيس عبد الفتاح السيسي. في المقابل، أحرزت دول أخرى، مثل العراق والأردن، تقدّماً ملموساً في إصدار تقارير سنوية شاملة توضح تفاصيل عملياتها بدقّة. وقد استند هذا التحليل بجزء كبير منه على البيانات الواردة في تلك التقارير.

 

الجدول 1: منطقة الشرق الأوسط ومجموعة دول مختارة على سبيل المقارنة

مقياس السيطرة على الفساد التابع لمؤشرات الحوكمة العالمية (2022)

 

الدولة الترتيب المئوي لمؤشر السيطرة على الفساد

سنغافورة  98.60
هونغ كونغ  92.50
الإمارات  83.49
قطر  79.25
لاتفيا  75.50
المملكة العربية السعودية  63.68
ماليزيا  62.30
البحرين  59.43
الكويت  58.96
الأردن  58.02
عمان  57.55
رومانيا  55.70
تونس  47.64
المغرب  41.51
سريلانكا  40.10
المتوسط الإقليمي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا  39.91

 

إندونيسيا  37.70
الجزائر  28.30
مصر  26.42
فلسطين  25.00
لبنان  13.68
العراق  10.85
ليبيا  3.77
اليمن  1.42
سوريا  0.94
المصدر: استند المؤلّفون في حساباتهم إلى بيانات من مؤشرات الحوكمة العالمية.11

 

تمّ قياس أداء هذه الدول من خلال مقارنتها مع سبعة نماذج مرجعية متنوّعة من أوروبا وشرق آسيا وجنوب آسيا. ومن بين هذه النماذج، يُعتبر مكتب التحقيق في ممارسات الفساد في سنغافورة (CPIB) واللجنة المستقلّة لمكافحة الفساد في هونغ كونغ(ICAC) من أكثر الهيئات كفاءة وفعالية عالمياً في مجال مكافحة الفساد. كذلك، تحتل لاتفيا موقعاً متقدّماً على المؤشرات العالمية المتعلّقة بمكافحة الفساد، ويتسّم مكتب منع الفساد ومكافحته فيها (KNAB) بالشفافية ووفرة الموارد، ويُنظر إليه على أنّه فعّال بشكل عام. أمّا ماليزيا ورومانيا، فتسجّلان مستوًى متوسطاً من حيث فعّالية جهود مكافحة الفساد، بينما تقع كلّ من سريلانكا وإندونيسيا في أسفل التصنيف. وتجدر الإشارة إلى أنّ أربعاً من هذه الدول المرجعية تُصنّف كدول ذات دخل مرتفع (سنغافورة، هونغ كونغ، لاتفيا، رومانيا)، في حين تُعد ماليزيا من الدول ذات الدخل المتوسط الأعلى، بينما تصنّف إندونيسيا وسريلانكا كدول ذات دخل متوسط أدنى.

 

هذه العيّنات من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والعيّنات المقارن بها قد لا تمثّل بما يكفي الدول التي تواجه تحدّيات في مكافحة الفساد. فباستثناء العراق وفلسطين، غالباً ما تمتنع مثل هذه الدول عن نشر معلومات دورية حول جهودها في مجال مكافحة الفساد، ما يعيق تحليل فعالية عملياتها أو مقارنتها بغيرها. بالتالي، تجري أغلب المقارنات مع الهيئات ذات الأداء الأفضل. ومع ذلك، يمكن لهذه العيّنات دعم الجهود الرامية لاكتشاف الممارسات الأفضل انطلاقاً من هذه المقارنة.

 

الإيجابيات: المجالات التي تشهد تقدّماً

 

يكشف تحليلنا عن مجالات متعدّدة حقّقت فيها دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تقدّماً ثابتاً ولو بطيئاً في مجال مكافحة الفساد. فالأطر القانونية الأساسية التي أنشأتها هذه الدول للتصدّي للفساد مناسبة بشكل عام. ويبدو أنّ هيئات مكافحة الفساد بدأت تكتسب المزيد من الثقة بين المواطنين وتساعد على نشر الوعي المجتمعي، كما أرست برامج فعّالة للتواصل مع المواطنين وتشارك المعلومات. وقد حقّقت هيئات متعدّدة نجاحات على صعيد استرداد الأصول. وفي كثير من الحالات، شهدت تحقيقاتها وما تقوم به من ملاحقات قضائية تحسّناً ثابتاً ولو تدريجياً.

 

التشريعات الأساسية لمكافحة الفساد

 

باستثناء سوريا، كلّ دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي أطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.12 وعليه، فهي تخضع لآلية مراجعة تنفيذ بنود الاتفاقية، وهي عملية خاضعة لمراجعة الأقران تهدف، وفقاً لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، إلى “مساعدة الدول الأطراف على تنفيذ الاتفاقية بفعالية”.13 وتخضع عملية المراجعة عادة إلى إشراف دولتين نظيرتين، بما في ذلك واحدة من نفس المجموعة الإقليمية. بدأت الدورة الأولى من المراجعة في العام 2010، وركّزت على القسمين 2 و4 من الاتفاقية المتعلّقين بالتجريم وإنفاذ القانون والتعاون الدولي. وانطلقت الدورة الثانية عام 2015، مركّزة على التدابير الوقائية واسترداد الأصول.

 

بشكل عام، لا يعاني الإطار القانوني الأساسي لمكافحة الفساد في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تناولناها في هذا التحليل من مكامن ضعف صارخة.14 فقد سعت الدول بمعظمها إلى ضمان توافق تشريعاتها الوطنية مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والمعايير الدولية ذات الصلة، فيما خصّ تقديم الرشاوى وقبولها، والاختلاس، والإثراء غير المشروع، وسوء الإدارة، واستغلال النفوذ، وإساءة استخدام المناصب، وغسل الأموال. مع ذلك، ربما هناك مجال لتحسين بعض جوانب هذه الأطر القانونية، مثل تدعيم النصوص المتعلّقة بمكافحة رشوة المسؤولين الأجانب أو تعزيز حماية الشهود. مع ذلك، وباستثناء بعض الحالات المحدودة، فإنّ الأطر القانونية الأساسية كافية لدعم جهود مكافحة الفساد في هذه الدول.

 

تنامي الوعي الاجتماعي والثقة بهيئات مكافحة الفساد

 

وفق ما يظهره الرسم 1 أدناه، تشير الاستطلاعات التي أجراها الباروميتر العربي إلى أنّ القلق من الفساد يشكّل أبرز التحدّيات التي تواجه دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فهو الهمّ الأول في الجزائر والعراق، ومن بين أهمّ ثلاث قضايا في الأردن ولبنان وليبيا وموريتانيا وفلسطين والسودان وتونس.

 

الرسم 1: أهمّ التحديات التي تواجهها البلاد  بين 2021 و2022

15.المصدر: بيانات الرأي العام الصادرة عن الباروميتر العرب

 

يشتكي الرأي العام في هذه الدول من تفشي الفساد، حيث يرى أكثر من 90 في المئة من العراقيين أنّ الفساد منتشر في المؤسسات والهيئات الحكومية، في حين يرى ثلثهم فقط أنّ الحكومة تعمل على مكافحته.16 وتسجّل نسب مشابهة في دول أخرى مثل الأردن (88 في المئة) وفلسطين (86 في المئة)، والكويت (90 في المئة)، رغم أنّ أداءها أفضل بكثير على مؤشرات الفساد العالمية، مثل مؤشر مدركات الفساد لمنظمة الشفافية الدولية ومقياس السيطرة على الفساد الذي يشكّل جزءاً من مؤشرات الحوكمة العالمية.17

 

لكن إذا ما اعتُبر استعداد المواطنين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتقديم شكاوى حول قضايا الفساد مؤشّراً على توجهاتهم الفعلية، فإنّ الصورة ستبدو أكثر إيجابية. يُظهر الرسم 2 أدناه عدد الشكاوى المرتبطة بالفساد لكلّ 100 ألف نسمة. وباستثناء عُمان والمغرب، حيث بقيت معدّلات الشكاوى مستقرّة نسبياً خلال السنوات الماضية، تُظهر البيانات في الكثير من الدول تقدّماً تدريجياً وثابتاً في تقديم الشكاوى مع مرور الوقت.

 

الرسم 2:الشكاوى من الفساد لكلّ 100 ألف نسمة بين 2016 و2022

 

المصدر: استند المؤلّفون في حساباتهم إلى البيانات المستخلصة من تقارير كلّ دولة.18

 

عند التعمّق في الحالة الفلسطينية، يكشف الشكلان 3 و4 عن تناقض واضح بين الرغبات المعلنة والمشاعر الفعلية على صعيد مكافحة الفساد. يبيّن الرسم 3 عدد الشكاوى المرتبطة بالفساد التي تلقّتها هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية لكل 100 ألف نسمة، فيظهر اتّجاه تصاعدي ثابت مع بعض التذبذب السنوي، إذ ارتفع العدد من 3,1 شكوى عند إعادة هيكلة الهيئة في العام 2011 إلى 27,6 في العام 2022. ورغم هذا الارتفاع الذي طرأ على استعداد المواطنين للإبلاغ عن حالات الفساد، فإنّ الثقة العامة في جدّية السلطة الفلسطينية في مكافحته سجّلت تراجعاً مستمرّاً. وتشير البيانات الاستطلاعية إلى قلق كبير ومتنامٍ بشأن تفشي الفساد.19

 

وصفت نسبة 19 في المئة من الفلسطينيين الفساد على أنّه ثاني أكبر تهديد تواجهه بلادهم اليوم، بارتفاع بنسبة 8 في المئة مقارنةً بالفترة بين عاميّ 2012 و20.2014 ويرى نحو 86 في المئة منهم أنّ الفساد منتشر في السلطة الفلسطينية بنسبة متوسّطة إلى كبيرة، فيما قالت نسبة 58 في المئة إنّ جميع أو أقلّه معظم المسؤولين في السلطة الفلسطينية فاسدون.21 وبحسب ما يظهره الرسم 4، فإنّ نسبة الفلسطينيين الذي يعتقدون أنّ السلطة الفلسطينية تكافح الفساد تراجعت بشكل مستمرّ مع الوقت.

 

الرسم3 : عدد الشكاوى في فلسطين لكلّ 100 ألف نسمة بين 2011 و2022

المصدر: استند المؤلّفون في حساباتهم إلى البيانات التقارير السنوية الصادرة عن هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية.22

 

الرسم 3: نسبة الفلسطينيين الذين يرون أنّ السلطة الفلسطينية تعمل على مكافحة الفساد بين 2006 و2023

المصدر: حسابات المؤلفين استناداً إلى بيانات الباروميتر العربي.23

 

سجّلت دول أخرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نزعة مشابهة على صعيد الارتفاع في عدد الشكاوى المرتبطة بالفساد. بين عاميّ 2016 و2022، ارتفع عدد الشكاوى التي تلقّتها الهيئة العليا لمكافحة الفساد في الأردن بأكثر من الضعفين، فيما ارتفعت خمسة أضعاف في الكويت بين عاميّ 2019 و24.2022 ولكن الكثير من هذه الهيئات كان قد انطلق أصلاً من أساس متواضع، ويبدو أنّ هذه الزيادات توقّفت عند مستوى معيّن. مع ذلك، تقدّم هذه البيانات بشكل عام صورة إيجابية تعكس تجاوب الجمهور واستعداده للإبلاغ عن قضايا الفساد.

 

إلى ذلك، لا يبدو أنّ نسبة الشكاوى المقدّمة في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تختلف كثيراً عن النسب المسجّلة في الدول الأخرى. ويبيّن الرسم (5) تفاوت أعداد الشكاوى لكل 100 ألف نسمة بشكل لافت حتى بين الهيئات المرموقة التي تنشط في بيئات يُعتبر الفساد فيها محدوداً نسبياً. فعلى سبيل المثال، سجّلت هونغ كونغ متوسّط 29 شكوى لكل 100 ألف نسمة في خلال هذه الفترة، في حين لم يتجاوز متوسّط الشكاوى في سنغافورة الخمسة فقط.

 

بلغ متوسّط عدد الشكاوى في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ضمن هذه العينة نحو 32,9 شكوى لكل 100 ألف نسمة، حيث سجّل المغرب25 المعدّل الأقل مع 0,2 شكوى، في حين تصدّرت السعودية القائمة مع 117 شكوى. يتأثّر استعداد المواطنين للإبلاغ عن الفساد بعوامل عديدة لا تنحصر بمجرّد الثقة بالهيئة المعنية بمكافحة الفساد، بل تمتد إلى مستوى تفشّي الفساد في القطاع العام، وإدراك المواطنين لدور الهيئة وصلاحياتها، وسهولة تقديم الشكاوى. على أي حال، لا شيء يشير إلى أنّ دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تواجه معوّقات تختلف عن غيرها من الدول على هذا الصعيد، حتى أنّ هيئات كثيرة معنية بمكافحة الفساد نجحت في كسب نوع من القبول الضمني من المواطنين مع الوقت.

 

الرسم 5: متوسّط عدد الشكاوى السنوية لكلّ 100 ألف نسمة بين 2019 و2021

المصدر: استند المؤلّفون في حساباتهم إلى البيانات المستخلصة من تقارير كلّ دولة.26

 

سجّلت المملكة العربية السعودية تطوّراً لافتاً في حجم الشكاوى المتعلّقة بالفساد خلال السنوات الماضية، حيث تعاظم عدد هذه الشكاوى عقب احتجاز عدد من كبار المسؤولين ورجال الأعمال في فندق الريتز كارلتون بالرياض في نوفمبر 2017. إذ ارتفع عدد الشكاوى من 30,4 لكل 100 ألف نسمة في ذلك العام إلى 187,7 في العام 2021، قبل أن ينخفض العدد قليلاً في العام 2022. ورغم الانتقادات التي وُجّهت لهذه الخطوة خارج المملكة، إلا أنها لاقت استحساناً واسعاً داخل المجتمع السعودي وأسهمت في تشجيع مختلف شرائح المواطنين على التقدّم بشكاوى ضدّ الفساد.27 (أسهمت التعديلات القانونية أيضاً في هذه الزيادة، إذ كانت المملكة قد عدّلت قانون مكافحة الفساد عام 2019، ثمّ مجدّداً في العام 2021 بهدف توسيع أحكامه. واللافت أنّ هذه الزيادة في عدد الشكاوى لم تقتصر على النخب أو المدن الكبرى فحسب، بل شملت أيضاً جميع المناطق، بما في ذلك المحافظات الريفية الصغيرة، كما المدن الكبرى (انظر الرسم 6).

 

الرسم 6: عدد السكان في المناطق السعودية والشكاوى من الفساد لكلّ 100 ألف نسمة، 2022

المصدر: حسابات المؤلفين استناداً إلى البيانات الصادرة عن هيئة الرقابة ومكافحة الفساد السعودية (نزاهة) وهيئة الإحصاء السعودية.28

 

تعزيز الوعي المجتمعي

 

اقتداءً بتجارب ناجحة في مجال مكافحة الفساد، منها اللجنة المستقلّة لمكافحة الفساد في هونغ كونغ، بدأت هيئات مكافحة الفساد كثيرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تولي أهمية خاصة لنشر الوعي المجتمعي. فأصبحت جهود التوعية والتعليم جزءاً لا يتجزأ من نشاط هذه الهيئات، حيث تُنظّم محاضرات وورش عمل تستهدف مختلف الأطراف ذات الصلة (مثل القطاع العام وقوات الأمن ومنظمات المجتمع المدني). وتتناول هذه الأنشطة موضوعات متعددة مثل النزاهة، والمحسوبية، والاحتيال، والتوعية المالية، وتضارب المصالح، والحفاظ على المال العام. تستخدم هذه الهيئات وسائل التواصل الاجتماعي، إلى جانب وسائل الإعلام التقليدية مثل الصحف والتلفزيون والراديو من أجل التواصل مع شرائح متنوّعة من المجتمع. فتوصل بذلك رسائلها التثقيفية وعروضها البصرية من أجل توعية المواطنين، واطلاعهم على أحدث عملياتها وتعرّفهم على الخيارات المتوفرة للإبلاغ عن الفساد.

 

بدأت هذه الجهود التوعوية تؤتي ثمارها في تعزيز مكانة هيئات مكافحة الفساد وزيادة حضورها في أذهان الجمهور، ما يسهم في بناء الثقة وتشجيع المواطنين على الإبلاغ عن حالات الفساد. فعلى سبيل المثال، تمكّنت هيئة النزاهة ومكافحة الفساد في الأردن من تحقيق حضور بارز، حيث شهد موقعها الإلكتروني زيادة في عدد الزوّار تجاوزت 1,1 مليون في العام 2022، كما ارتفع عدد متابعيها على منصة فيسبوك إلى أكثر من 116 ألف. (انظر الجدول 2 أدناه). وبالمقارنة، استقبل موقع اللجنة المستقلّة لمكافحة الفساد في هونغ كونغ خلال العام نفسه نحو 5,1 مليون زائر.29

 

 

الجدول 2: إستراتيجية الأردن للوقاية من الفساد والتوعية30

 

من خلال مديرية النزاهة ووحدة الإعلام والتواصل والعلاقات العامة، عبّرت هيئة النزاهة ومكافحة الفساد عن التزام لافت بالخطوات الوقائية ورفع مستوى التوعية لدى الجمهور. في العام 2022، نظّمت الهيئة 122 محاضرة توعوية موجّهة إلى مجموعات مختلفة من أصحاب المصلحة. فقد توجهت 53 محاضرة منها إلى مؤسسات عامة، و8 للبلديات، و4 للمؤسسات الصحية، فيما استهدفت 22 محاضرة المؤسسات التعليمية (المدارس والجامعات)، و5 توجهت لمنظمات المجتمع المدني. وقد اعتمدت الهيئة في عملية نشر المحتوى على عددٍ من المنصات الإعلامية المختلفة ومنها وسائل التواصل الاجتماعي والرسائل القصيرة سعياً إلى التواصل مع مجموعات عمرية مختلفة. كما نشرت الهيئة 167 تحديثاً للأخبار على حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي، و87 منشوراً تثقيفياً على صفحتها على الفيسبوك، و99 خبراً سريعاً على موقعها الرسمي فضلاً عن إنتاج 28 فيديو توعوي تثقيفي في خلال العام 2022.

 

زيادة مشاركة المجتمع المدني

 

من الإيجابيات الأخرى التي تحقّقت كان نموّ منظمات المجتمع المدني الناشطة في مجال الحوكمة الرشيدة، وتضمّنت على سبيل المثال مراكز البحوث والفروع المحلّية لمنظمة الشفافية الدولية واتحاد المجتمع المدني التابع لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد. إذ تتتبّع هذه المنظّمات عادةً تقدّم الجهود الوطنية لمكافحة الفساد. وقد قدّمت تحليلات وتوصيات معمّقة حول كيفية تحسين عمل هيئات مكافحة الفساد.

 

قدّم معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط تقييماً استشرافياً لمواطن الضعف في تشريعات مكافحة الفساد في الأردن وسلّط الضوء على أهمّ مشكلات التطبيق، مثل نقص الموظفين وعجز الميزانية31 وعلى المنوال نفسه، عملت منظمة المجتمع المدني “أمان” في فلسطين مع هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية ودعمت عدداً من المبادرات الهامة المتعلّقة بالحوكمة الرشيدة.32 وفي اليمن، لاحظ تحالف منظمات المجتمع المدني المنضوية تحت مظلّة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد أنّ زيادة الاستقلالية وتفعيل هيئات مكافحة الفساد ضروريان لتحسين تنفيذ تشريعات مكافحة الفساد وتشديدها.33 وفي الكويت، تعاونت جمعية الشفافية الكويتية مع هيئة “النزاهة” لمتابعة أداء الحكومة في التعامل مع تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجدّ.34 يمكن لهذه الكيانات أن تكون حليفة قيّمة في مكافحة الفساد من خلال دعم هذه الهيئات ومحاسبتها على أدائها.

 

الانجازات على مستوى استرداد الأصول

 

يمكن ربط التدفّقات المالية غير المشروعة بمجموعة من الجرائم، بما فيها الجريمة المنظّمة والإرهاب وغسل الأموال والفساد. ومع أنّ حجم هذه التدفّقات الحقيقي غير معروف، فقد قدّرته مجموعة من الهيئات مثل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والمنتدى الاقتصادي العالمي، وغيرها بنسبة تتراوح بين 2,5 إلى 5,0 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وهو ما عادل أكثر من 2,2 تريليون دولار في العام 35.2023 وعلى الرغم من أنّ تحليل هذه التدفقات لا يزال في مراحله الأولى، فمن الواضح أنّ جزءاً صغراً منها فحسب يُستردّ. على سبيل المثال، قدّر تحليل صادر عن الاتحاد الأوروبي أنّ نحو 2,2 في المئة فقط من العائدات الإجرامية قد ضُبطت وجُمّدت، ونحو 1,1 في المئة فقط تمت مصادرتها.36

 

في أعقاب الربيع العربي، بذلت مصر وليبيا وتونس واليمن جهوداً لاسترداد أصولها، حيث كانت المبالغ المعنية ضخمة. فقد قدّرت منظمة الشفافية الدولية، مثلاً، في تحليل أجرته عام 2014 أنّ التدفقات المالية غير المشروعة من نظام معمر القذافي في ليبيا تتراوح بين 61 مليار دولار وقد تصل إلى 120 مليار دولار.37 ولم تنجح كلّ هذه الجهود، فقد تمكّنت تونس مثلاً من استرداد أصول بقيمة 28,8 مليون دولار من حساب مصرفي في لبنان يخصّ زوجة الرئيس السابق زين العابدين بن علي.38 ولكن معظم هذه الجهود لم يرقَ إلى مستوى التوقّعات

 

تتصف مثل هذه الجهود بالتعقيد على المستوى التقني، وتتطلب خبرة محاسبية وقانونية ومصرفية متقدّمة غالباً ما تكون نادرة. كما أن متابعتها والبت فيها قد يستغرقان وقتاً طويلاً. وأشار تحليل لمبادرات من هذا النوع جرت في الفترة التي تلت الربيع العربي إلى أنها واجهت مجموعة متنوعة من التحديات، بما في ذلك صعوبة في تعقّب الأصول وتحديد ملكيتها النفعية، فضلاً عن صعوبات في ربط أصول معيّنة بالجرائم المالية، وفي إقناع الدول التي تتواجد فيها هذه الأصول بالتعاون.39

 

تناقش الأدبيات المتعلّقة بمكافحة الفساد مدى قدرة الاستثمار في مصادرة الأصول المرتبطة بالممارسات الفاسدة وغير المشروعة على توليد عائد إيجابي على الاستثمار.40 تعتمد الإجابة على مجموعة متنوعة من العوامل، بما فيها المعدّل الإجمالي للجرائم في البلاد، وكفاءة هيئة التحقيق وقدراتها. ولكن الدلائل تشير إلى أنّ الاستثمار في برنامج فعّال لاسترداد الأصول سيحقّق لدول متعدّدة، مع الوقت، مكاسب قد تتجاوز بكثير ميزانيات هيئات الإنفاذ المكلفة بالتحصيل.41 يشير تحليلنا إلى وجود تفاوت كبير في استرداد الأصول بين دول المنطقة (انظر الرسم 7). لجهة النجاحات، تمكّن عدد من الدول، بما في ذلك الأردن وعمان والعراق والمغرب، من استرداد أصول تفوق بكثير الميزانيات السنوية لهيئاتها.42 وقد حقّقت عُمان نجاحاً ملفتاً في استرداد الأصول، حيث جمعت 97,8 مليون ريال عماني في العام 2023 (نحو 254 مليون دولار).43 حقّقت هيئة النزاهة ومكافحة الفساد في الأردن متوسط استرداد للأصول بلغ نحو 36,5 مليون دولار، وهو ما يفوق بكثير ميزانية الهيئة السنوية التي تبلغ نحو 5,6 مليون دولار. على المقلب الآخر، تمكّنت لجنة مكافحة الفساد الفلسطينية من استرداد مبالغ متواضعة نسبياً ليس إلّا.

 

الرسم 7: متوسط ​​استرداد الأصول كنسبة مئوية من متوسط ​​الإنفاق على مكافحة الفساد، بين 2020 و2022

المصدر: استند المؤلّفون في حساباتهم إلى البيانات المستخلصة من تقارير كلّ دولة.44

 

الخبر السار بالنسبة إلى كثير من دول المنطقة هو أنّ القيام باستثمار كبير في استرداد الأصول قد يحقّق إيرادات جيّدة ويوّلد عائداً إيجابياً على الاستثمار. والجدير بالذكر أنّ دول متعدّدة في المنطقة بدأت بالفعل باسترداد مبالغ كبيرة كانت ستضيع على حكوماتها.

 

تحسينات أداء تدريجية

أخيراً، تشير الأدلة إلى أنّ عدداً من هيئات مكافحة الفساد يحقّق تحسّناً تدريجياً في أدائه مع مرور الوقت، حيث يعتمد هذا الأداء على عناصر كمية ونوعية. إذ يعكس إنهاء التحقيقات وتقليل تراكم الأعمال غير المنجزة أبعاداً مرتبطة بالمخزون والتدفق معاً. ووفقاً للرسمين 8 و9، شهد عدد القضايا التي خضعت للتحقيق في كل من الأردن والعراق ارتفاعاً معتدلاً بمرور الوقت. وعلى الرغم من التقلّبات السنوية، فإنّ الاتجاه العام بقي تصاعدياً.

 

الرسم 8: مجموع التحقيقات في الأردن بين 2016 و2022

المصدر: استند المؤلّفون في حساباتهم إلى بيانات هيئة النزاهة ومكافحة الفساد الأردنية.45

 

الرسم 9: مجموع التحقيقات في العراق بين 2016 و2022

المصدر: استند المؤلّفون في حساباتهم إلى بيانات هيئة النزاهة الاتحادية. 46

 

تكشف البيانات الواردة من المملكة العربية السعودية عن اتجاه أكثر تبايناً (انظر الرسم 10). فقد ارتفع كثيراً عدد زيارات الرقابة أو التفتيش التقليدية، من 39238 في العام 2021 إلى 44871 بحلول عام 2022، قبل أن ينخفض ​​بشكل كبير في العام 2023. كما انخفضت التحقيقات والاعتقالات خلال هذه الفترة.

 

الرسم 10: عمليات هيئة النزاهة بين 2021 و2023

المصدر: استند المؤلّفون في حساباتهم إلى بيانات هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة).47

 

لكن تقييم التحسينات النوعية في الأداء ليس بهذه البساطة، وقد يستند إلى بعض المقاييس منها حجم تحسّن معدّل الإدانات نسبةً للتحقيقات. ذلك على افتراض أنّ هيئات مكافحة الفساد التي تحسّن قدرتها على التحقيق وإعداد القضايا، ستحقّق نجاحات أكبر أمام المحاكم. (يمكن أن يستند مقياس آخر إلى عدد الإدانات التي تمّ نقضها بالاستئناف). على سبيل المثال، حقّق مكتب التحقيق في ممارسات الفساد في سنغافورة نسبة إدانات تتراوح بين بين 97 و99 في المئة في الفترة الممتدّة من 2018 إلى 2022. ومع ذلك، يجب الالتفات إلى أنّ هذا المعدّل العالي للإدانة يعود إلى واقع أنّ سنغافورة تعتمد عملية فرز قوية من البداية، وتحقق في نحو ثلث التقارير التي تتلقاها ليس إلّا.48 بالإضافة إلى ذلك، يسجّل مكتب التحقيق في ممارسات الفساد في سنغافورة معدّلاً مدهشاً للفصل في القضايا يصل إلى نحو 85 في المئة من التحقيقات التي يجريها في كلّ سنة.

 

للأسف، يصعب جمع مثل هذه المعلومات في المنطقة، ويظهر تباين كبير في دقّة وشمولية البيانات المتعلقة بعمليات مكافحة الفساد في التقارير المقدّمة بين دولة عربية وأخرى. تشير التحليلات الأولية إلى أنّ عدداً قليلاً من دول المنطقة يحقّق معدّلات الإدانة العالية التي تحقّقها سنغافورة. إذ يبلغ متوسّط معدل الإدانة في العراق نحو 28 في المئة من القضايا التي تُحال إلى المحكمة، بينما تسجّل بقية دول المنطقة أرقاماً أدنى. وتسجّل الكويت معدل إدانة بنسبة 16 في المئة، وهو الأدنى في عينتنا.49

 

تُعتبر هذه المعلومات إرشادية فقط، ما يبرز الحاجة إلى بيانات أكثر تفصيلاً وشمولية. ورغم غياب أي ضمان لتحقيق تقدّم مستدام، يبدو الاتجاه العام، على الأقل من الناحية الكمّية، متّسقاً مع التوقّعات على المدى الطويل. حيث تواصل هذه الهيئات تحسين عملياتها تدريجياً، وتعزّز أداءها في المهام الرئيسية الموكلة إليها، رغم أنّ المجال لا يزال واسعاً لتحقيق المزيد من التحسينات.

 

التحدّيات المستمرّة ومجالات النموّ

 

استقلالية هيئات مكافحة الفساد

 

يتفق الباحثون والخبراء في مجال مكافحة الفساد على ضرورة أن تتمتّع هيئات مكافحة الفساد الفعّالة بالاستقلالية القانونية والعملانية.50 فحفاظها على مصداقيتها يتطلّب القدرة على متابعة الأدلّة وإجراء التحقيقات وتوجيه الاتهامات بدون خوف من المضايقات أو الانتقام، وخصوصاً عندما تتعلّق هذه التحقيقات بأصحاب السلطة أو النفوذ. فمن دون هذه الاستقلالية، يمكن أن يُنظر إلى هذه الهيئات على أنّها تتبع سياسة الكيل بمكيالين، ما يعرّضها لخطر فقدان ثقة الناس بها. والأسوأ من ذلك، هو أن يُنظر إليها كأدوات لاضطهاد الخصوم السياسيين.

 

ينطوي مفهوم الاستقلالية على مجموعة من الأبعاد. هل هذه الهيئات كيانات قانونية منفصلة ومتمايزة تتمتّع بالقدرة على تحديد مسارها بنفسها وإبرام العقود بشكل مستقل، أم أنّها تابعة لوزارة حكومية أوسع؟ هل يُعيّن رئيسها (أو رئيستها) لمدّة محدّدة بموجب إجراءات معتمدة؟ وهل ثمة معايير واضحة للإقالة، أم أنّ بقاء الرئيس مرهون برضا الحاكم؟ هل توظّف فريقها الخاص، أم تعتمد على موظفين بالإعارة؟ هل تتمتّع هذه الهيئات باستقلالية كاملة في اتخاذ القرار للتحقيق في الأشخاص والقضايا بدون ضوابط أو قيود خارجية؟ وهل ميزانياتها مضمونة بحيث لا تتعرّض للاقتطاع إذا استاء كبار المسؤولين من سير التحقيق؟

 

يقدّم المرفق 2 جدولاً بالترتيبات القانونية والتنظيمية لعددٍ من هيئات مكافحة الفساد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. تختلف الممارسات بشكلٍ كبير بين دول المنطقة. فكثير من هيئات مكافحة الفساد حديثة العهد، كما في العراق والأردن والمغرب وفلسطين، تتمتّع بحماية قانونية رسمية تمنحها استقلالية كبيرة بحكم القانون. فتعتبر هذه السلطات أو اللجان كيانات قانونية منفصلة لها مجالسها الخاصة، وتؤكّد تشريعاتها الناظمة على استقلاليتها، حيث يخضع رؤساؤها لمعايير واضحة للصرف كما أنّهم مخوّلون بتعيين موظفيهم الخاصين. صحيح أنّ ميزانياتها تخضع لمراجعة وزارة المالية وديوان المحاسبة، إلّا أنّها لا تبدو عرضة للتلاعب.

 

على المقلب الآخر، في الكثير من الدول، ومنها الجزائر ومصر ولبنان وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، تخضع هيئة مكافحة الفساد العليا لإشراف رأس الدولة. قد تكون هذه الهيئات متنفّذة جداً، مثل هيئة النزاهة في المملكة العربية السعودية وهيئة الرقابة الإدارية في مصر، وقادرةً على ممارسة قدر كبير من السلطة الإدارية والتقديرية على الوزارات المعنيّة (مع أنّها تبقى دائماً تحت مراقبة الأمير أو الرئيس). على المقلب الآخر، يمكن ألّا تحظى هذه الهيئات إلّا بهامش ضيّق من الاستقلالية، حيث تخضع قراراتها الإدارية المهمّة للمراجعة الخارجية (كما هو الحال في قطر)، ويأتي موظفوها من أجهزة حكومية أخرى على أساس التناوب (كما في الجزائر وتونس). في العام 2022، أكدّت مراجعة لمكافحة الفساد في اليمن من قبل التحالف المدني لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد على الحاجة إلى مزيد من الاستقلالية، مع الإشارة إلى أنّ استقلالها القانوني بموجب القانون كان كافياً بشكلٍ عام، لكن استقلاليتها العملانية الفعلية كانت ضعيفة.51

 

التطبيق غير المتساوي لحكم القانون

 

تواجه دول المنطقة مجموعتين من المشكلات التي تعيق محاسبة الفاسدين. أوّل هذه التحديات لا يقتصر على المنطقة، وهو يتعلّق بالتمكّن من إدانة الأثرياء وأصحاب النفوذ السياسي جزائياً. وتبرز في هذا الإطار حالات قليلة مثل قضية وزير المالية القطري السابق علي شريف العمادي الذي اعتُقل في مايو 2021 وحُكم عليه في يناير 2024 بالسجن 20 عاماً بتهمة غسيل الأموال.52 ولكن هذه الحالات هي الاستثناء لا القاعدة. إذ إنّ حالات الفساد أو سوء سلوك المسؤولين الرسميين رفيعي المستوى بمعظمها تُعالج بهدوء بعيداً عن الأضواء. وعادة ما يعمد المسؤولون المتورّطون إلى الاستقالة أو ترك مناصبهم فجأة بعيداً عن الأضواء. تسري الشائعات، ولكن نادراً ما يتمّ تأكيدها، كما من النادر أن تؤدّي التحقيقات إلى محاكمات أو غرامات أو أحكام بالسجن. على سبيل المثال، شهدت الكويت عدداً من مزاعم الفساد البارزة التي دفعت رئيس الوزراء إلى ترك منصبه في العام 2011 والحكومة إلى الاستقالة الجماعية في العام 2019، من دون أن تتبعها أي محاكمات. وفي الإمارات العربية المتحدة، أدّت تحقيقات في الفساد عام 2008 إلى إقالة وزير الدولة للشؤون المالية الراحل محمد خلفان بن خرباش من منصبه واتهامه بالاختلاس في العام 2009. ومع ذلك، فقد دفع ببراءته ولم يتم تحويل القضية للمحاكمة

 

المشكلة الثانية في بعض الدول تتلخّص في أنّ كبار المسؤولين الحكوميين يتمتّعون بحصانات تدخل في صلب الإطار القانوني لمناصبهم وتحول دون محاكمتهم. ففي الأردن على سبيل المثال، تحظّر المادة 86 من الدستور اعتقال أو محاكمة عضو في مجلس الأعيان أو مجلس النواب ما لم يُضبَط متلبساً بالجريمة وبشرط موافقة الأكثرية على السماح بالملاحقة القضائية. كما يتمتّع الوزراء بالحصانة من الإجراءات القضائية المتعارف عليها ولا يمكن رفع الحصانة إلّا بأغلبية أصوات البرلمان. وتشكّل هذه الشروط عائقاً كبيراً لدرجة أنّ التقديرات تشير إلى أنّ الحصانة رُفِعت في حالتين ليس إلّا.53

 

الشفافية، أو بالأحرى غيابها

أحد أبرز جوانب التباين بين دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يتعلّق بالشفافية في إعداد التقارير. توصي الممارسات الدولية الفضلى عادةً بإعداد تقرير سنوي مفصّل عن عمليات هيئة مكافحة الفساد. وتتناول هذه التقارير مهمّة الهيئة واختصاصاتها ومجالات نشاطاتها الرئيسية، وتقدّم معلوماتٍ مفصّلة حول الموارد البشرية والمالية المتاحة، وتسلّط الضوء على الإنجازات والتطورات الرئيسية المحقّقة خلال العام. لكن الجانب الأهم هو مناقشة التقدّم المحرز في مختلف جوانب مهمة الهيئة ومجالات عملها، والتي تتضمّن عادةً التحقيق والوقاية والتوعية العامة. ويمكن لمثل هذه التقارير أن توفّر ثروة من المعلومات حول مَواطن النجاح أو الفشل في عمل هيئة مكافحة الفساد، كما يمكنها أن تؤدّي دوراً أساسياً في تعزيز المساءلة بين الهيئة والمواطنين.

 

يبرز تناقض غريب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقياً، ذلك أنّ جودة التقارير الصادرة عن عددٍ من الدول التي يُنظَر إليها عادةً على أنّها تنازع من أجل السيطرة على الفساد، مثل العراق وفلسطين، جيدة للغاية. إذ تقدّم هيئة النزاهة الاتحادية في العراق تقارير سنوية مفصّلة منذ أكثر من عقد من الزمن، تستعرض أداءها نسبةً إلى مجموعة من المقاييس. وتُصدر دول أخرى، مثل الأردن والكويت والمغرب وعمان والمملكة العربية السعودية، تقارير عامة بدرجات متفاوتة من الشمولية. فتحوي التقارير فجوات غريبة من حيث المعلومات المقدّمة، وهي قابلة للتحسين سواء على صعيد التكامل أو طريقة عرض البيانات (التي ينبغي توحيدها لتسهيل المقارنة بين البلدان). مع ذلك، هي لا تختلف كثيراً من حيث التغطية أو الجودة، عن التقارير المقدّمة من هيئات مكافحة الفساد في مناطق أخرى. كما أنّها تمثّل جهداً مهماً وتعبيراً عن حسن نيّة الهيئات في الإبلاغ عن أنشطتها بشفافية لمواطنيها، فضلاً عن كونها أساساً متيناً يمكن البناء عليه.

 

من جهة أخرى، يكتفي عدد من الدول التي تسجّل أداءً جيداً وفقاً لمقاييس مكافحة الفساد العالمية، مثل الإمارات العربية المتحدة وقطر، بتقديم معلومات محدودة حول سير جهود مكافحة الفساد فيها. أمّا الدول الأخرى حيث الإبلاغ ضعيف أو غير متوفّر فتتضمن الجزائر والبحرين ومصر وتونس. في الواقع، وكما يوضح المرفق 1، فإنّ أكثر من نصف دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الستة عشر التي استعرضها هذا التقرير تصدر تقارير عامة محدودة، مع العلم أنّ الإبلاغ الشفّاف أمر يسير وبمتناول اليد. بالتالي، ينبغي الإسراع في إحراز تقدّم على هذا الصعيد، لاسيما في دول مثل الإمارات العربية المتحدة التي تطمح إلى تصدّر المشهد العالمي في مجال الحوكمة.

 

تعزيز التنسيق مع الكيانات المعنية الأخرى

 

تميل الوزارات والهيئات الحكومية في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على اختلافها، إلى العمل بمعزل عن بعضها البعض وتفتقر إلى الشبكات الكثيفة من مجموعات العمل المشتركة بين الهيئات المختلفة وإلى بروتوكولات التعاون الموجودة بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية(OECD) . وغالباً ما يتّخذ تدفّق المعلومات الشكل العمودي، فتتدفّق إلى رأس المنظمة حيث يمكن أن تتم مشاركتها (أو لا) مع أجهزة حكومية أخرى. ولذلك ليس مستغرباً أن تصطدم جهود مكافحة الفساد، وخصوصاً تلك التي تطال عدداً من الهيئات أو تتضمّن إجراءات تتخطّى الحدود الإدارية، بالصعوبات. وقد أضاءت مراجعات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد على ضعف التنسيق بين الهيئات ووصفته بالإشكالي، مشيرةً إلى محدودية الخبرة في تبادل المعلومات وإنشاء فرق تحقيق مشتركة.54

 

تجلّت إشكالية ضعف التنسيق بين الهيئات في المحاولات الرامية لاسترداد الأصول وإعادتها إلى الوطن. وقد أظهر تحليل أجرته منظمة الشفافية الدولية حول المشكلات التي اعترضت استرداد الأصول في أعقاب الربيع العربي أنّ الافتقار إلى سياسة متكاملة أو آليات تنسيق فعّالة بين عدد من الهيئات سبّب مشكلة كبيرة لمصر وليبيا.55 وقد أنشأت تونس لجنة خاصة لاسترداد الأصول حققت نجاحاً أكبر نسبياً.

 

الافتقار إلى الموارد المالية والبشرية

 

تفتقر جهود مكافحة الفساد في دول المنطقة إلى الموارد المالية والبشرية اللازمة مقارنةً مع هيئات مكافحة الفساد المرموقة حول العالم. ويقدّم الرسم 11 تفصيلاً للتمويل لكلّ فرد في عدد من هذه الدول بالمقارنة مع غيرها من الدول، مع التركيز على متوسّط التمويل في آخر ثلاث سنوات تتوفّر بيانات عنها. لكن الاستثمار في مكافحة الفساد يمكن أن يأخذ أشكالاً متنوّعة، نظراً لدور الكيانات الأخرى مثل الشرطة ووزارة الداخلية وهيئات التدقيق العليا. ومع ذلك، تبقى الهيئات المخصّصة لمكافحة الفساد رأس حربة الجهود الحكومية لمكافحة هذه الظاهرة، ولذلك يمكن النظر إلى تمويلها كدليلٍ على جدية الحكومة في الاستثمار الأوسع في محاربة الفساد

 

بلغ متوسّط الإنفاق في دول المنطقة الممثّلة في هذه العيّنة على هيئاتها المتخصصة في مكافحة الفساد 2,08 دولاراً للفرد، في حين أنّ عيّنة الدول غير المنتمية للمنطقة تنفق ما معدّله 6,23$ للفرد أي ثلاثة أضعاف هذا المبلغ تقريباً. ولا يُستثنى من هذه القاعدة إلّا الكويت التي تنفق نحو 7,15 دولاراً للفرد.56 وإذا ما أزلنا الدولة الأكثر إنفاقاً في كلّ عيّنة، الكويت وهونغ كونغ، يتّضح أنّ بقية دول المنطقة تنفق نحو 1,07 دولاراً للفرد، وهو رقم يبقى أقل من نصف متوسط إنفاق الدول الأخرى بدون هونغ كونغ.

 

الرسم 11: متوسط ​​الإنفاق على مكافحة الفساد للفرد (بالدولار الأمريكي)، بين 2017 و2022

المصدر: استند المؤلّفون في حساباتهم إلى البيانات المستخلصة من تقارير كلّ دولة.57

 

ليس مفاجئاً أن تكون الدول الأغنى أقدر على الإنفاق على مكافحة الفساد مقارنة بالدول الأفقر. إذ يرتبط الإنفاق للفرد على مكافحة الفساد في الدول التي درسناها بنصيب الفرد من الناتج المحلّي الإجمالي. وتظهر هذه العلاقة في الرسم رقم 12 أدناه، الذي يتضمّن نقاط بيانات تقارن بين نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من جهة والإنفاق للفرد على الهيئات العليا لمكافحة الفساد، إلى جانب خط انحدار يمثّل ذلك. ويتبيّن أنّ ثمة اختلاف مهم في الإنفاق حتى بين الدول التي حقّقت نتائج جيّدة على صعيد عدد من مقاييس مكافحة الفساد. فهونغ كونغ تنفق بسخاء على جهود مكافحة الفساد بينما تنفق سنغافورة أقلّ من المتوقع بالنظر إلى ارتفاع ناتجها المحلي الإجمالي. ولكن حتى بعد تعديل البيانات لمراعاة الفروق بنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، فإنّ دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمعظمها تنفق على مكافحة الفساد أقلّ مما هو متوقّع بالمقارنة مع معدّلات دخلها. ولا يسلم من هذا الأمر إلّا دولة الكويت الغنية بالنفط والتي ذكرنا أعلاه أنّها تنفق أكثر من خط الانحدار بقليل.

 

الرسم 12: متوسّط نصيب الفرد من ​​الناتج المحلي الإجمالي مقابل متوسط ​​الإنفاق على مكافحة الفساد للفرد (بالدولار الأمريكي) بين 2017 و2022

المصدر: استند المؤلّفون في حساباتهم إلى البيانات المستخلصة من تقارير كلّ دولة ومؤشرات التنمية العالمية.58

 

بالعودة إلى مسألة التوظيف، يعرض الرسم 13 تقييماً إجمالياً لعدد الموظفين المخصّصين لهيئات مكافحة الفساد العليا بالمقارنة مع عدد الموظفين الحكوميين. فكلّما ارتفع عدد الموظفين الحكوميين لكلّ موظف مخصّص لمكافحة الفساد، زاد احتمال أن يصعب على الوكالة ممارسة مهمتها على أكمل وجه. وكما يشير الرسم 13، غالباً ما تتفوّق هيئات مكافحة الفساد في أماكن أخرى من العالم على نظيراتها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ففي هونغ كونغ، يوجد موظف واحد في اللجنة المستقلّة لمكافحة الفساد لكلّ 122 موظفاً حكومياً؛ في ماليزيا يوجد موظف واحد لكل 590 موظفاً حكومياً؛ وفي سنغافورة يوجد موظف واحد في مكتب التحقيق في ممارسات الفساد لكلّ 834 موظفاً حكومياً. في المقابل، يوجد في هيئة مكافحة الفساد في الأردن موظف واحد لكل 1,170 موظفاً حكومياً؛ في العراق يوجد موظف واحد لكل 1,943 موظفاً؛ وفي المغرب يوجد موظف واحد لكل 12,261 موظفاً حكومياً. وفي عموم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لا يوجد أي دولة لديها أكثر من موظف واحد مخصّص لمكافحة الفساد لكلّ ألف موظف حكومي، بينما في العيّنة التي درسناها من الدول خارج المنطقة، سجّل ثلاث دول من أصل سبع هذا المعدّل.

 

الرسم 13: متوسّط ​​عدد الموظفين المخصصين لمكافحة الفساد بالمقارنة مع عدد الموظفين الحكوميين بين 2018 و2023

المصدر: استند المؤلّفون في حساباتهم إلى البيانات المستخلصة من تقارير كلّ دولة.59

 

غالباً ما تعكس أعداد الموظفين الإجمالية جانباً واحداً من الواقع، وذلك لأسباب متعدّدة. إذ يصعب في التقارير السنوية التمييز بين الأفراد المكلّفين بالعمل مع الهيئة وعدد الموظفين الفعلي. فبينما يؤدي بعض هيئات مكافحة الفساد مهام محدّدة، مثل الادعاء، عبر وحدات داخلية، تعتمد هيئات أخرى على وزارة العدل لتنفيذ هذه الوظيفة، ما يجعل المقارنات صعبة نظراً لاختلاف أساليب العمل. بالإضافة إلى ذلك، من المستبعد أن ينمو عدد الموظفين بوتيرة ثابتة على مدار الوقت، حيث تحتاج هذه الهيئات إلى نواة فريق أساسي يمكّنها من أداء مهامها الرئيسية بكفاءة. ولكن إذا تجاوز العدد حدّاً معيّناً، تنخفض القيمة المضافة لكلّ موظف زائد عن الحاجة.

 

ولعلّ ما يهم أكثر من عدد الموظفين الإجمالي هو نوع الموظفين ومزيج مهاراتهم، ولا سيما نسبة موظفي التحقيق في الخطوط الأمامية إلى الموظفين المساعدين والداعمين. هل تضمّ هذه الهيئات موظفين مدرّبين على المهارات المطلوبة لتعقّب الجرائم المعقّدة، بما فيها المحاسبة الجنائية، وغسيل الأموال والجرائم السيبرانية؟ للأسف، قليلة هي هيئات مكافحة الفساد التي تقدّم تفصيلاً لتركيبة موظفيها في المستندات التي توفّرها للعامة، ما يصعّب تقييم قدرات الموظفين وتحديد الفجوات في مهاراتهم.60مع ذلك، وكتقدير أولي، من الواضح أنّ هيئات مكافحة الفساد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تفتقر إلى مستوى الموظفين الذي تتمتّع به الهيئات الأفضل أداءً في العالم. ولا شكّ أنّها ستستفيد إذا ما وسّعت قاعدة موظفيها، وخصوصاً موظفي التحقيق في الخطوط الأمامية والموظفين ذوي الخبرة في المجالات التقنية المذكورة أعلاه.

 

لقد نظرنا إلى بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والدول الأخرى في هذه العيّنة، وأجرينا تحليل انحدار لفهم الوزن النسبي لهذه المتغيّرات وأهميتها، واستكشاف العلاقة بين الإنفاق والتوظيف وتقييم مؤشّر السيطرة على الفساد ضمن مؤشرات الحوكمة العالمية.61 يحتلّ الإنفاق أهمية كبيرة، ما يشير إلى أن زيادة الاستثمار في هيئات مكافحة الفساد يرتبط إيجاباً بتحقيق درجات أعلى على مقياس السيطرة على الفساد الذي يدخل ضمن مؤشّرات الحوكمة العالمية. وفي حين أنّ هذا الأمر لا يثبت وجود علاقة سببية، فهو يطرح احتمال أن تجني دول المنطقة المكاسب من خلال زيادة الاستثمار في جهود مكافحة الفساد وهو استنتاج منطقي بالنظر إلى النقص التاريخي في التمويل الذي يعانيه الكثير من هيئات مكافحة الفساد في المنطقة مقارنةً بمثيلاتها في أنحاء أخرى من العالم. أمّا على مستوى التوظيف، فإنّ الارتباطات أقلّ قوة.

 

الخلاصة: ما مدى فعّالية هذه الهيئات؟

 

قد يكون من السهل التقليل من أهمية فعّالية مختلف مبادرات مكافحة الفساد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فالكثير من المواطنين في بعض هذه الدول لا يعلّقون آمالهم كثيراً على الجهود الوطنية لمكافحة الفساد. وقد أشارت منظمة الشفافية الدولية في تقييمها لمؤشر مدركات الفساد لعام 2020 إلى أنّ المنطقة “ما زالت تعتبر غارقة في الفساد، مع إحراز تقدّم ضئيل باتجاه السيطرة عليه”.62 وكما يظهر في الرسم 14، لم تشهد أية دولة في عينتنا تغييراً جذرياً في السنوات العشرين الأخيرة على مقياس السيطرة على الفساد ضمن مؤشرات الحوكمة العالمية، مع أنّ دولاً (مثل المملكة العربية السعودية) تشهد اتّجاهاً تصاعديا تدريجياً. وللإنصاف، فإنّ استقرار هذه التصنيفات الإجمالية وثباتها مع مرور الوقت هو ظاهرة عالمية لا تقتصر على الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وهو ما اعتبره نقّاد مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية إشكالياً.63

 

الرسم 14: مؤشر السيطرة على الفساد التابع لمؤشرات الحوكمة العالمية، بين 2000 و2022

المصدر: استند المؤلّفون في حساباتهم إلى بيانات مؤشرات الحوكمة العالمية.64

 

ضمن هذا السياق الأوسع، يمكن لهيئات مكافحة الفساد في المنطقة أن تؤدّي دوراً محورياً على المدى الطويل. فخبرتها المتراكمة على مدى العقد الماضي توفّر أساساً لتفاؤل حذر، حيث يُحرز التقدّم رغم التحدّيات والعقبات. وتشهد الأطر القانونية في هذه البلدان تحسينات مستمرّة لتتماشى مع المعايير الدولية، كما أنّ ازدياد عدد الشكاوى يُعدّ دليل على اكتساب هذه الهيئات مصداقية أكبر وثقة المواطنين. وقد تمكّن الكثير من هذه الهيئات من استرداد أصول مفقودة بمعدّلات جيّدة كما أنّ عملياتها تتحسّن تدريجياً على الرغم من التقلّبات في الأداء.

 

قد يستغرق تحقيق تقدّم ملموس في مكافحة الفساد عقوداً طويلة. فعلى سبيل المثال، أُنشئ مكتب التحقيق في ممارسات الفساد في سنغافورة عام 1952، واللجنة المستقلّة لمكافحة الفساد في هونغ كونغ عام 1974. أمّا هيئات مكافحة الفساد في دول الشرق الأوسط المشمولة في هذه العينة فهي حديثة العهد نسبياً. رغم ذلك، تُشكّل هذه الهيئات قاعدة يمكن البناء عليها لتعزيز مكافحة الفساد في المستقبل، بل إنّ بعضها يؤدي هذا الدور بالفعل حالياً. ومع توافر الاستقلالية الكافية والموارد الضرورية، يُرجح أن تواصل هذه الهيئات تحسين عملياتها مع الوقت، ما يساهم في تعزيز نزاهة القطاع العام على المدى الطويل.

 

في الجزء التالي، يحدّد تحليلنا عدداً من الأولويات قصيرة الأمد التي ستساعد في تعزيز جهود مكافحة الفساد وتسريع التقدّم.

 

1. زيادة الشفافية والمساءلة في تقارير هيئات مكافحة الفساد

يختلف مستوى توافر المعلومات المتاحة للعامة بين دول المنطقة. فبينما يقدّم بعض الدول، مثل العراق والأردن وفلسطين، بيانات مفصّلة، تبذل دول أخرى، مثل المملكة العربية السعودية، جهوداً واضحة لكنها ما زالت تفتقر إلى بعض العناصر الأساسية في بياناتها. في المقابل، دول لا تقدّم إلّا القليل من المعلومات أو لا توفّر أي بيانات على الإطلاق، مثل مصر وقطر والإمارات العربية المتحدة، وهي قادرة بالطبع على تحسين أدائها على هذا الصعيد. ينصّ بيان جاكرتا بشأن مبادئ هيئات مكافحة الفساد على وجوب أن تقدّم هذه الهيئات تقارير عن أنشطتها، أقلّه بشكل سنوي.65 وينبغي بذل الجهود من خلال المنظمات الدولية، مثل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، فضلاً عن المنظمات الإقليمية، مثل مؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، لضمان تقديم جميع الدول الإقليمية تقارير سنوية عن أداء هيئاتها المعنية بمجال الفساد. وهذه خطوات سهلة وغير معقّدة. كما ينبغي أن تتوفر هذه التقارير بالشكلين الرقمي والمطبوع، وأن توزَّع على نطاق واسع في قطاع الأعمال والأوساط الأكاديمية والمجتمع المدني.

 

والأفضل أن تُنشر هذه التقارير كجزء من إستراتيجية تواصل أوسع تستهدف مختلف الشرائح الديموغرافية، على غرار إستراتيجية التواصل المعتمدة في هيئة النزاهة ومكافحة الفساد في الأردن. في غضون ذلك، يسود تشاؤم واضح بين الناس في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فدعاوى الفساد بنظرهم لا تُعتبر دليلاً على قيام هيئات مكافحة الفساد بوظائفها، بل تأكيداً على الفساد المتأصّل في النظام. وسيتطلب تغيير هذه النظرة برنامجاً دقيقاً للتواصل والاتصال المستهدف طويل الأمد.

 

2. تعزيز توحيد جمع البيانات

في سياقٍ متّصل، تبرز الحاجة إلى توحيد معايير جمع البيانات بين البلدان التي تقدّم تقارير عن جهودها في مكافحة الفساد. وسيكون من المفيد تضمين معلومات مفصّلة حول موظفي التحقيق والخبراء الفنيين والموظفين الإداريين، على سبيل المثال. كما سيكون من المفيد معرفة التحقيقات قيد النظر وتلك المنجزة كلّ سنة. فسيصبح بالإمكان رسم صورة أوضح عمّا يجري عند معرفة عدد التحقيقات التي تنتهي بتوجيه اتهامات أو فرض عقوبات إدارية أو بالإدانة. والأمر سيّان بالنسبة للكشف عن أنواع الجرائم الأكثر انتشاراً، إذ سيساعد ذلك على تعزيز الشفافية. لكن المعيار الذهبي سيتمثّل في تأسيس فهم واضح للعواقب التي يواجهها الموظفون الحكوميون عند انخراطهم في أنواع مختلفة من السلوك الفاسد. ولكن غالباً ما تكون عملية جمع البيانات الحالية مجزّأة أو تفتقر إلى التماسك، ما يصعّب تكوين صورة شاملة أو مقارنة مجموعات البيانات المختلفة مع بعضها البعض.

 

لا بدّ من إيجاد توازن واضح لتحقيق هذا الهدف. فالمتطلّبات الشاقة أو التي تستغرق وقتاً طويلاًحقيقها أو التي تولّد بيانات غير مفيدة عملانياً ستؤدّي إلى إثقال كاهل الهيئات لا غير. كما لا ينبغي إدراج جميع البيانات التي تُجمَع لأغراض عملانية ضمن الإطار المشترك للتقارير.

 

3. تأمين موارد أكبر

 

أحد الخلاصات الرئيسية التي توصّل إليها هذا التحليل هو أنّ ثمّة نقص نسبي في تمويل كثير من هيئات مكافحة الفساد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ولا شكّ أنّ محدودية الموارد المالية تقيّد عمل الهيئات في عدد من الدول، لا سيما الدول غير الخليجية. وتشير تحليلات الانحدار المطبّقة على عينتنا من دول المنطقة وخارجها إلى وجود ترابط قوي بين تحقيق درجات مرتفعة على مؤشرات الحوكمة العالمية في مجال السيطرة على الفساد وزيادة الإنفاق للفرد الواحد على هيئات مكافحة الفساد العليا. وعدا عن بعض الاستثناءات، فإنّ بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمعظمها ستستفيد من وضع خطط دقيقة ومحدّدة زمنياً لتحقيق زيادة مهمة في الموارد المخصّصة لعملها في مكافحة الفساد.

 

تبدو الحاجة إلى زيادة عدد الموظفين أقل وضوحاً، وتتطلّب تحليلاً مفصّلاً أكثر تفصيلاً وأدقّ. ورغم المؤشرات التي تدعم فكرة أنّ الكثير من هيئات مكافحة الفساد في المنطقة تعاني نقصاً في عدد الموظفين، كما أشرنا سابقاً، إلّا أنّ العلاقة بين زيادة التوظيف وتحسّن مؤشرات الحوكمة العالمية في السيطرة على الفساد تبقى أقل وضوحاً. مع ذلك، فإنّ نوعية الموظفين أكثر أهمية من العدد الإجمالي. ولا شك أنّ تعزيز الكوادر المتخصّصة، مثل المحقّقين والمدّعين العامين والمحاسبين الجنائيين وخبراء غسل الأموال والجرائم الإلكترونية، سيحقّق تأثيراً ملموساً. في المقابل، من المرجّح أن يكون تأثير توظيف الإداريين وموظّفي الدعم المكتبي أقل أهمية.

 

4. تحسين الاستثمار في استرداد الأصول

 

تحرز دولٌ في المنطقة، مثل الأردن وعُمان، تقدّماً ملحوظاً في مجال استرداد الأصول، حيث نجحت في تحقيق إيرادات تتجاوز بكثير ميزانياتها التشغيلية السنوية. ولكن الأمر لا ينطبق على دولٍ أخرى. يمكن أن يسهم إطلاق مبادرة إقليمية واسعة النطاق، بدعم من كيانات مثل مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة أو مبادرة البنك الدولي لاسترداد الأصول المسروقة (STAR)، في تعزيز التعاون الإقليمي وتبادل المعلومات ومساعدة الدول المتأخّرة على تحسين أدائها. وقد تتوفر فرص التعلم من الأقران، ربما بدعم من كيانات مثل مؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، حيث يمكن للدول العربية الفاعلة في هذا المجال أن تتعاون مع الدول الأقل فعّالية.

 

5. مراجعة أطر العمل القانونية لتسهيل محاكمة الموظفين رفيعي المستوى بتهم الفساد

 

كما ذُكِر أعلاه، فرضت دولٌ، مثل الأردن، شروطاً صعبةً لمحاكمة كبار المسؤولين الحكوميين، بحيث يتطلّب الأمر تصويت مجلس النواب بالأكثرية لمحاكمة الوزراء، مثلاً. ويفترض أن تتم إزالة هذه الثغرات القانونية أو تخفيضها.

 

المرفق 1: التقارير السنوية للهيئات العليا لمكافحة الفساد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (حتى سبتمبر 2024)

 

الدولة

هيئة مكافحة الفساد التقرير السنوي (عدد سنوات)  

رابط الموقع الإلكتروني

الجزائر الديوان المركزي لقمع الفساد غير متوفر https://www.ocrc.gov.dz/en
البحرين الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني غير متوفر https://www.acees.gov.bh/
مصر هيئة الرقابة الإدارية غير متوفر https://aca.gov.eg/
العراق هيئة النزاهة الاتحادية 2006-2023 https://nazaha.iq/en_default.asp
الأردن هيئة النزاهة ومكافحة الفساد 2013-2022 https://www.jiacc.gov.jo/
الكويت الهيئة العامة لمكافحة الفساد 2016/2017-2023/2024 https://nazaha.gov.kw/nazaha/
لبنان الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد غير متوفر
ليبيا ديوان المحاسبة الليبي 2011-2022 https://www.audit.gov.ly/
المغرب اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد 2019-2022 https://www.inpplc.ma/
عمان جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة 2020-2022 https://www.sai.gov.om/
فلسطين هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية 2011-2023 https://www.pacc.ps/
قطر هيئة الرقابة الإدارية والشفافية غير متوفر https://www.acta.gov.qa/
المملكة العربية السعودية هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة) 2016-2022 https://nazaha.gov.sa/Index
الإمارات العربية المتحدة جهاز الإمارات للمحاسبة غير متوفّر https://uaeaa.gov.ae/
اليمن الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد غير متوفّر https://www.snaccye.org/

 

المرفق 2: العلاقات الإدارية لهيئات مكافحة الفساد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

 

الدولة البيانات حول العمليات البيانات حول الميزانيات البيانات حول الموارد البشرية
الشكاوى التحقيقات المقاضاة الإدانات استعادة الأصول
الأردن X 2017-2019
الكويت X
المغرب 2021 2022
السعودية X X X X X
فلسطين X X
عمان (أمثلة عادلة عن الإدانات الصادرة) X X
العراق

 

الدولة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الهيكل التنظيمي والترتيبات القانونية
الجزائر الديوان المركزي لقمع الفساد مدير عام66
مصر هيئة الرقابة الإدارية يُعيَّن الرئيس بمرسوم رئاسي بناءً على ترشيح رئيس المجلس التنفيذي.67
الأردن هيئة النزاهة ومكافحة الفساد رئيس ومجلس إدارة (يتألف من الرئيس وأربعة أعضاء آخرين) يُوصي بهم رئيس الوزراء ويتم تعيينهم بموجب مرسوم ملكي.68
العراق هيئة النزاهة الاتحادية المفوض، يُكلّف بتصويت الأغلبية المطلقة من مجلس النواب، ويعيّن من بين ثلاثة مرشحين تختارهم من لجنة النزاهة النيابية.69
الكويت الهيئة العامة لمكافحة الفساد (نزاهة) مجلس الأمناء (مكوّن من سبعة أعضاء بما في ذلك الرئيس) يُرشَّحون من قبل وزير العدل ويُعيَّنون بموجب مرسوم.70

 

الدولة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الهيكل التنظيمي والترتيبات القانونية

 

المغرب اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد رئيس ومجلس إدارة (يتألّف من اثني عشر عضواً بالإضافة إلى الرئيس) يُعيَّنون بموجب مرسوم.71
عمان جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة رئيس ونائبان يُعيَّنون بموجب مرسوم سلطاني.72
فلسطين هيئة مكافحة الفساد الفلسطينية

 

رئيس يُعيَّن بمرسوم من رئيس الدولة بناءً على توصية مجلس الوزراء.73
قطر هيئة الرقابة الإدارية والشفافية رئيس يُعيَّن بموجب مرسوم أميري.74
المملكة العربية السعودية هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة) رئيس يُعيَّن بموجب مرسوم ملكي.75
الإمارات العربية المتحدة جهاز الإمارات للمحاسبة رئيس يُعيَّن بموجب مرسوم اتحادي.76

 

 


الهوامش
1 Abdul-Wahab Kayyali, Arab Public Opinion on Domestic Conditions, Findings from the Sixth Wave of Arab Barometer, (Princeton, New Jersey, Arab Barometer: 2021), 28, https://www.arabbarometer.org/wp-content/uploads/AB_Domestic_Conditions_MEI_FINAL.pdf.
2 Kayyali, Arab Public Opinion, 29
3 United Nations Office on Drugs and Crime, United Nations Convention Against Corruption, (New York, United Nations: 2004), https://www.unodc.org/documents/brussels/UN_Convention_Against_Corruption.pdf.
4 “About the Commission,” Hashemite Kingdom of Jordan Integrity and Anti-Corruption Commission (JIACC), accessed September 22, 2024, https://www.jiacc.gov.jo/En/Pages/About_the_Authority.
5 Hashemite Kingdom of Jordan Integrity and Anti-Corruption Commission, Integrity and Anti-Corruption Law No. (13) of 2016, (Amman, Jordan: Jordan Integrity and Anti-Corruption Commission, 2004), https://www.jiacc.gov.jo/EBV4.0/Root_Storage/EN/EB_Blog/integrity_and_anti_corruption_law_of_2016.pdf.
6 “Lower House Endorses Draft Anti-Corruption Law,” Jordan Times, August 6, 2019, https://www.jordantimes.com/news/local/lower-house-endorses-draft-anti-corruption-law.
7 حُلّت مكاتب المفتّشين العوميين الوزاريين من قبل البرلمان العراقي بموجب القانون رقم 24 لعام 2019. كان من المفترض أن تهدف هذه التشريعات إلى تبسيط الرقابة الحكومية من خلال الحدّ من المناصب المكرّرة ودمج وظائف مكافحة الفساد والتدقيق تحت ديوان الرقابة المالية الاتحادي وهيئة النزاهة. مع ذلك، أثار هذا القرار الجدل وعارضه عدد من العراقيين الذين شعروا أنّه لم يكن كافياً وقد يؤدّي في نهاية المطاف إلى إضعاف المساءلة. انظر:
 “The Case for Maintaining Inspectors General Offices in Iraq,” 1001 Iraqi Thoughts, April 08, 2019 https://1001iraqithoughts.com/2019/04/08/the-case-for-maintaining-inspectors-general-offices-in-iraq/.
8 Alan Doig and Francesca Recanatini, “Anticorruption Agencies: Are They Effective for Reducing Corruption Risks?” World Bank Blogs, May 4, 2021, https://blogs.worldbank.org/en/governance/anticorruption-agencies-are-they-effective-reducing-corruption-risks.
9 Sofie Schütte, Juan Camilo Ceballos, and Elizabeth David-Barrett, Measuring Effectiveness of Anti-Corruption Agencies, (Laxenburg: International Anti-Corruption Agency, 2023), 3, https://www.iaca.int/measuring-corruption/measuring-the-capacity-and-effectiveness-of-anti-corruption-agencies-acas/
10 For a description of the WGI, see the metric on Worldwide Governance Indicators, Control of Corruption, World Bank Group, accessed October 12, 2024, https://www.worldbank.org/content/dam/sites/govindicators/doc/cc.pdf.
11 Daniel Kaufmann and Aart Kraay, Worldwide Governance Indicators, 2023 Update, accessed October 12, 2024, www.govindicators.org.
12 وقّعت سوريا على معاهدة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في العام 2003، لكنّها لم تصادق عليها بعد.
13 “Implementation Review Mechanism,” United Nations Office on Drugs and Crime, accessed October 12, 2024, https://www.unodc.org/corruption/en/uncac/implementation-review-mechanism.html.
14 للاطلاع على دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي خضعت إلى مراجعات بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، انظر: “UNCAC Review Status Tracker,” UNCAC Civil Society Coalition
آخر زيارة في 22 سبتمبر 2024، https://uncaccoalition.org/uncacreviewstatustracker/
أتمّت دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جميعها الدورة الأولى من المراجعة، فيما أتمّت الجزائر والبحرين والمغرب وعمان وفلسطين والسعودية الدورة الثانية. وتجري حالياً دورات المراجعة الثانية في العراق والأردن والكويت ولبنان وليبيا وتونس والإمارات واليمن.
15 Arab Barometer, Arab Barometer VII, Iraq Report, (Princeton, New Jersey: Arab Barometer, 2022), 4, https://www.arabbarometer.org/wp-content/uploads/ABVII_Iraq_Country_Report-ENG.pdf.
16 Arab Barometer, Arab Barometer VII, Iraq Report, 5.
17 Arab Barometer, Arab Barometer VII Jordan Report, (Princeton, New Jersey: Arab Barometer, 2022), 25, https://www.arabbarometer.org/wp-content/uploads/ABVII_Jordan_Report-EN.pdf; Khalil Shikaki, Arab Barometer VII Palestine Report, (Princeton, New Jersey: Arab Barometer, 2023), 31, https://www.arabbarometer.org/wp-content/uploads/Arab-Barometer-VII_Palestine-Report-2021-2022.pdf;
Ghanim Alnajjar, Arab Barometer VII Kuwait Country Report, (Princeton, New Jersey: Arab Barometer, 2023), 14, https://www.arabbarometer.org/wp-content/uploads/ABVII_Kuwait_Report-ENG.pdf.
18 جُمعت البيانات حول الشكاوى في هذا الرسم البياني من التقارير السنوية والتقارير الدورية الأخرى التي نشرتها الوكالات الوطنية لمكافحة الفساد في البلدان التالية بين عاميّ 2026 و2022 (الأردن، فلسطين، السعودية)، وبين 2016 و2018 و2022 (المغرب)، وبين 2018 و2022 (الكويت، العراق)، وبين 2020 و2022 (عمان). يمكن الوصول إليها من الصفحات الإلكترونية التالية: “Al-Taqarir” [Reports], Hashemite Kingdom of Jordan Integrity and Anti-Corruption Commission (JIACC), accessed August 31, 2024, https://jiacc.gov.jo/Ar/List/التقارير_السنوية; “Annual Reports,” Republic of Iraq Federal Commission of Integrity (FCOI), accessed August 31, 2024, https://nazaha.iq/en_news2.asp?page_namper=e9; “Al-Taqarir” [Reports], State of Kuwait Anti-Corruption Authority (Kuwait Nazaha), accessed August 31, 2024, https://www.nazaha.gov.kw/nazaha/reports/; “Al-Taqarir Al-Sanawiyya” [Annual Reports], Kingdom of Morocco National Commission for Integrity, Preventing and Combating Bribery (INPPLC), accessed August 31, 2024, https://www.inpplc.ma/ar/altqaryr-alsnwyt; “Al-Taqrir Al-Sanawi” [Annual Report], Sultanate of Oman State Audit Institution (SAI), accessed August 31, 2024, https://www.sai.gov.om/annual_report; “Taqarir Al-Hay’a” [Commission Reports], State of Palestine Anti-Corruption Commission (PACC), accessed August 31, 2024, https://www.pacc.ps/Library/index/6; “Statistics Reports,” Kingdom of Saudi Arabia Oversight and Anti-Corruption Authority (Saudi Nazaha), accessed August 31, 2024, https://nazaha.gov.sa/PageDetails/?q=jC1GK1E8G177v///ptw2Lw==. Population data for Jordan, Iraq, Kuwait, Oman, Saudi Arabia, and Morocco was obtained from: “Population, total,” World Bank World Development Indicators, accessed August 31, 2024, https://data.worldbank.org/indicator/SP.POP.TOTL. Population data for Palestine was obtained from: “Estimated Population in the Palestine Mid-Year by Governorate,1997-2026,” State of Palestine Palestinian Central Bureau of Statistics (PCBS), accessed August 31, 2024, https://www.pcbs.gov.ps/statisticsIndicatorsTables.aspx?lang=en&table_id=676.
19 Khalil Shikaki, Arab Barometer VII Palestine Country Report 2022, Survey Report, (Princeton, New Jersey: Arab Barometer, 2023), 31, https://www.arabbarometer.org/wp-content/uploads/Arab-Barometer-VII_Palestine-Report-2021-2022.pdf.
20 Shikaki, Arab Barometer VII Palestine, 14.
21 Shikaki, Arab Barometer VII Palestine, 31-32.
22 PACC, “Taqarir Al-Hay’a” [Commission Reports]; PCBS, “Estimated Population in the Palestine Mid-Year by Governorate,1997-2026”.
23 Khalil Shikaki, Arab Barometer Palestine Country Report 2021-2022, (Princeton: New Jersey: Arab Barometer, 2023), https://www.arabbarometer.org/wp-content/uploads/Arab-Barometer-VII_Palestine-Report-2021-2022.pdf, page 31; Khalil Shikaki, Palestinian Perception of Governance, (Princeton: New Jersey: Arab Barometer, 2024), https://www.arabbarometer.org/wp-content/uploads/AB8-Palestine-Report-3-English.pdf, page 20.
24 JIACC, “Al-Taqarir” [Reports]; Kuwait Nazaha, “Al-Taqarir” [Reports].
25 من المحتمل أن يكون العدد المنخفض نسبياً للشكاوى في المغرب ناتجاً عن أنّ هيئة مكافحة الفساد ليست الجهة الرئيسية التي يتوجّه إليها المواطنون لتقديم شكاوى الفساد، إذ قد يُحال الكثير من هذه الشكاوى إلى مكتب المدعي العام بدلاً من ذلك.
26 Complaints data in this graph was sources from the annual reports and press releases published by the following national anti-corruption agencies during the years 2019-2021: JIACC, “Al-Taqarir” [Reports]; FCOI, “Annual Reports”; Kuwait Nazaha, “Al-Taqarir” [Reports]; INPPLC, “Al-Taqarir Al-Sanawiyya” [Annual Reports]; SAI, “Al-Taqrir Al-Sanawi” [Annual Report]; PACC, “Taqarir Al-Hay’a” [Commission Reports]; Saudi Nazaha, “Statistics Reports”; “ICAC Annual Reports,” Hong Kong Independent Commission Against Corruption (ICAC), accessed August 28, 2024, https://www.icac.org.hk/en/about/report/annual/index.html; “Laporan Tahunan” [Annual Reports], Indonesia Corruption Eradication Commission (KPK), accessed August 28, 2024, https://www.kpk.go.id/id/publikasi-data/laporan; “Annual Reports,” Latvia Corruption Prevention and Combating Bureau (KNAB), accessed August 28, 2024, https://www.knab.gov.lv/en/annual-reports; “Laporan Tahunan,” [Annual Reports], Malaysia Anti-Corruption Commission (SPRM), accessed August 28, 2024, https://www.sprm.gov.my/index.php?page_id=79&type=EBREPORT&language=my; “Activity Reports,” Romania National Anti-Corruption Directorate (DNA), accessed August 28, 2024, https://www.pna.ro/results.xhtml; “Corruption Situation in Singapore Remains Firmly Under Control,” Singapore Corrupt Practices Investigation Bureau (CPIB), accessed August 28, 2024, https://www.cpib.gov.sg/press-room/press-releases/280423-public-vigilance-critical-in-fighting-corruption/; “Annual Performance Reports,” Sri Lanka Commission to Investigate Allegations of Bribery or Corruption (CIABOC), accessed August 28, 2024, https://ciaboc.gov.lk/media-centre/resources/reports. Population data was obtained from: World Bank World Development Indicators, “Population, total”; PCBS, “Estimated Population in the Palestine Mid-Year by Governorate,1997-2026.”
27 For a critical account of the Ritz Carlton incident in November 2017, see Martin Chulov, “Night of The Beating: Details Emerge of Riyadh Ritz-Carlton Purge,” The Guardian, November 19, 2020, https://www.theguardian.com/world/2020/nov/19/saudi-accounts-emerge-of-ritz-carlton-night-of-the-beating.
28 Saudi Arabia Oversight and Anti-Corruption Authority, Statistics of Reports Submitted to the Oversight and Anti-Corruption Authority in 2022; “Al Sukan 2010-2022,” [Population 2010-2020], Saudi Census, accessed August 29, 2024, https://portal.saudicensus.sa/portal/public/1/15/101462?type=TABLE.
29 See GovHK, Hong Kong: The Facts ICAC, (Hong Kong: GovHK, 2024), https://www.gov.hk/en/about/abouthk/factsheets/docs/icac.pdf.
30 See Hashemite Kingdom of Jordan Integrity and Anti-Corruption Commission, Annual Report 2022, 33-43.
31 Karim Merhej, “Promises and Pitfalls of Jordan’s Anti-Corruption Legal Framework,” The Tahrir Institute for Middle East Policy, July 20, 2022, https://timep.org/2022/07/20/promises-and-pitfalls-of-jordans-anti-corruption-legal-framework/.
32 “About Aman,” Aman Transparency Palestine, accessed September 22, 2024, https://www.aman-palestine.org/en/about-aman/5.html.
33 “New Civil Society Report on Yemen: Stronger Independence and Operationalization of Oversight and Anti-Corruption Bodies Needed to Better Implement and Enforce Legislation,” UNCAC Civil Society Coalition, accessed September 22, 2022, https://uncaccoalition.org/civil-society-report-uncac-implementation-yemen/.
34 “Kuwait Transparency Society,” UNCAC Civil Society Coalition, accessed September 22, 2024, https://uncaccoalition.org/kuwait-transparency-society/.
35 U4 Helpdesk Answer, The Financial Returns from Anti-Corruption and Anti-Money Laundering Initiatives, (Norway: U4 Anti-Corruption Research Center, March 11, 2024), https://www.u4.no/publications/the-financial-returns-from-anti-corruption-and-anti-money-laundering-initiatives; See also Stephen Johnson, “Corruption Is Costing the Global Economy $3.6 Trillion Dollars Every Year,” World Economic Forum, December 13, 2018, https://www.weforum.org/agenda/2018/12/the-global-economy-loses-3-6-trillion-to-corruption-each-year-says-u-n/.
36 See Europol European Law Enforcement Agency, Does Crime Still Pay? Criminal Asset Recovery in the EU Survey of Statistical Information 2010-2014, (The Hague: Europol European Law Enforcement Agency, 2016), criminal_asset_recovery_in_the_eu_web_version_0.pdf (europa.eu).
37 Transparency International, Lost Billions: Recovering Public Money in Egypt, Libya, Tunisia and Yemen, (Berlin: Transparency International, 2014), 7, https://images.transparencycdn.org/images/2016_LostBillions_RecoveringPublicMoney_EN.pdf.
38 Reuters, “Tunisia Recovers $29 Million from Ben Ali’s Wife’s Account,” Reuters, April 11, 2013, https://www.reuters.com/article/world/tunisia-recovers-29-million-from-ben-ali-s-wife-s-account-idUSBRE93A0CX/.
39 Maíra Martini, Lessons Learnt in Recovering Assets from Egypt, Libya and Tunisia, (Transparency International, 2014), https://knowledgehub.transparency.org/assets/uploads/helpdesk/Lessons_Learnt_in_recovering_assets_from_Egypt_Libya_and_Tunisia_2014.pdf.
40  For an example, see Caitlin Maslen, The Financial Returns from Anticorruption and Anti Money Laundering Initiatives, (U4 Anti-Corruption Resource Center, 2024), https://www.u4.no/publications/the-financial-returns-from-anti-corruption-and-anti-money-laundering-initiatives.pdf.
41 على سبيل المثال، تحقّق تقرير صادر عن “مؤسسة راند- أوروبا” عام 2012 في الجدوى المحتملة لعمليات استرداد الأصول في 27 دولة أوروبية. وتوصّل التقرير إلى أنّ هذه العمليات قد تكون مربحة للغاية في تسع دول، حيث يمكن أن تصل العوائد إلى 350 في المئة في جمهورية التشيك و263 في المئة في ليتوانيا. وإذا تم “العمل على ذلك بجهد حثيث”، فستوفر عوائد إيجابية في 12 دولة أخرى. أمّا في ست دول متطورة ذات مستويات منخفضة من الجريمة المنظمة، مثل السويد وفنلندا والدنمارك، فبدت هذه الجهود غير مرجحة لتحقيق عوائد إيجابية على الاستثمار. انظر:
Assessment on a Proposal for a New Legal Framework on the Confiscation and Recovery of Criminal Assets, (Cambridge, UK, RAND Corporation, 2012), https://home-affairs.ec.europa.eu/system/files/2020-09/external_study_used_as_a_basis_for_the_commission_ia_october_2012_en.pdf.
42 في حالة عُمان، تتضمّن هذه الأرقام ميزانية جهاز الرقابة المالية للدولة، الذي أشرف على جهود استرداد الأصول الأوسع نطاقاً.
43 Oman News Agency, “Oman’s SAI Recovers OMR 97.8 Million to Public Treasury,” Arabian Stories, October 02, 2023, https://www.thearabianstories.com/2023/10/02/omans-sai-recovers-omr-97-8-million-to-public-treasury/.
44Data on asset recovery and anticorruption spending was obtained from the web pages of the following national agencies: JIACC, “Al-Taqarir” [Reports]; JIACC, “Al Fasl 3601: Hay’at Al Nazaha Wa Mukafahat Al Fasad” [Article 3601: The Integrity and Anti-Corruption Commission], https://www.jiacc.gov.jo/EBV4.0/Root_Storage/AR/EB_Info_Page/%D9%85%D9%8A%D8%B2%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%8A%D8%A6%D8%A9.pdf; FCOI, “Annual Reports”; INPPLC, “Al-Taqarir Al-Sanawiyya” [Annual Reports]; SAI, “Al-Taqrir Al-Sanawi” [Annual Report]; Sultanate of Oman Ministry of Finance (Oman MoF), The State General Budget For The Financial Year 2020, (Oman: Ministry of Finance, 2020), https://www.mof.gov.om/UploadsAll/YearlyBudget/1687431452122Tables%20The%20State%20General%20Budget%20For%20The%20Financial%20Year%202020.pdf; PACC, “Taqarir Al-Hay’a” [Commission Reports]; ICAC, “ICAC Annual Reports”; Hong Kong 2020-2021 Budget, Head 72-Independent Commission Against Corruption, (Hong Kong: Hong Kong Budget, 2020), https://www.budget.gov.hk/2020/eng/pdf/head072.pdf; Hong Kong 2021-2022 Budget, Head 72-Independent Commission Against Corruption, (Hong Kong: Hong Kong Budget, 2021), https://www.budget.gov.hk/2021/eng/pdf/head072.pdf; Hong Kong 2022-2023 Budget, Head 72-Independent Commission Against Corruption, (Hong Kong: Hong Kong Budget, 2022), https://www.budget.gov.hk/2022/eng/pdf/head072.pdf; DNA, “Activity Reports”; SPRM, “Laporan Tahunan,” [Annual Reports]; KNAB, “Annual Reports”; KPK, “Laporan Tahunan” [Annual Reports]..
45 JIACC, “Al-Taqarir” [Reports].
46 FCOI, “Annual Reports.”.
47 “Al jawlaat alriqabiya wa a’dad almuhqaq ma’ahum wa almawqofin” [Oversights Visits, investigated and arrested individuals], Open Data Platform, accessed August 29, 2024, https://open.data.gov.sa/ar/publishers/8f3ec40a-dde7-412b-a0ac-bdb2e16db81a.
48 CPIB, “Corruption Situation in Singapore Remains Firmly Under Control.”.
49 Palestinian Anti-Corruption Commission, Annual Report 2022, 10, 46; Kuwait Nazaha, Annual Report 2022-2023, 42 – 43.
50 See the United Nations Office on Drugs and Crime, Jakarta Statement on Principles for Anticorruption Agencies, (United Nations Office on Drugs and Crime, 2012), https://www.unodc.org/documents/corruption/WG-Prevention/Art_6_Preventive_anti-corruption_bodies/JAKARTA_STATEMENT_en.pdf; Jeremy Pope and Frank Vogl, “Making Anticorruption Agencies More Effective,” Finance and Development 37, no. 2 (June 2000), https://www.imf.org/external/pubs/ft/fandd/2000/06/pope.htm.
51 “New Civil Society Report on Yemen: Stronger Independence and Operationalization of Oversight and Anti-Corruption Bodies Needed to Better Implement and Enforce Legislation,” UNCAC Civil Society Coalition, 12.
52 Andrew Mills, “Exclusive: Qatari Court Convicts Ex-Finance Minister of Laundering $5.6bn – Document,” Reuters, January 17, 2024, https://www.reuters.com/world/middle-east/qatari-court-convicts-ex-finance-minister-laundering-56bn-document-2024-01-17/.
53 See Karim Merhej, “Promises and Pitfalls of Jordan’s Anti-Corruption Legal Framework”; See also Hamzeh M. Abu Issa and Ahmad M. Al Rifaei, “Ministers’ Procedural Immunity in the Jordanian Constitution,” Journal of Legislative Studies 26, no. 2 (2020), https://doi.org/10.1080/13572334.2020.1741787.
54 اعتُبرت هذه التحديات إشكالية ضمن تقييم اتفاقية مكافحة الفساد للأردن، على الرغم من أنها منتشرة في كافة أرجاء المنطقة. انظر: United Nations Office on Drugs and Crime, Review of implementation of the United Nations Convention against Corruption, (United Nations Office on Drugs and Crime, 2012), 6, 11, https://www.unodc.org/documents/treaties/UNCAC/WorkingGroups/ImplementationReviewGroup/ExecutiveSummaries/V1187238e.pdf.
55 See Maíra Martini, Lessons Learnt in Recovering Assets from Egypt Libya and Tunisia, 4.
56 من المؤسف أنّ البيانات المتعلّقة بميزانية هيئة الرقابة ومكافحة الفساد في المملكة العربية السعودية غير متاحة للعامة. أمّا البيانات الخاصة بسلطنة عمان، فهي تقديرية استناداً إلى أرقام جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة، الذي تتبع إليه هيئة مكافحة الفساد.
57 Anticorruption per capita spending was calculated using data obtained from the following web pages: JIACC, “Al Fasl 3601: Hay’at Al Nazaha Wa Mukafahat Al Fasad” [Article 3601: The Integrity and Anti-Corruption Commission], 3;  FCOI, “Annual Reports”; Kuwait Nazaha, “Al-Taqarir” [Reports]; INPPLC, “Al-Taqarir Al-Sanawiyya” [Annual Reports]; Oman MoF, The State General Budget For The Financial Year 2020; PACC, “Taqarir Al-Hay’a” [Commission Reports]; Hong Kong 2020-2021 Budget, Head 72-Independent Commission Against Corruption; Hong Kong 2021-2022 Budget, Head 72-Independent Commission Against Corruption; Hong Kong 2022-2023 Budget, Head 72-Independent Commission Against Corruption; DNA, “Activity Reports”; SPRM, “Laporan Tahunan,” [Annual Reports]; KNAB, “Annual Reports”; KPK, “Laporan Tahunan” [Annual Reports]; Republic of Singapore Ministry of Finance (Singapore MoF), The Revenue and Expenditure Estimates for the Financial Year 2019/2020, (Republic of Singapore: Ministry of Finance, 2019), 243, https://www.nas.gov.sg/archivesonline/government_records/docs/ef4aecf7-4efb-11ea-a865-001a4a5ba61b/Cmd.19of2019S.pdf; Republic of Singapore Ministry of Finance (Singapore MoF), FY2021 Expenditure Estimates, (Republic of Singapore: Ministry of Finance, 2022), 4, https://www.mof.gov.sg/docs/librariesprovider3/budget2021/download/pdf/47-pmo-2021.pd; Republic of Singapore Ministry of Finance (Singapore MoF), The Revenue and Expenditure Estimates for the Financial Year 2022/2023, (Republic of Singapore: Ministry of Finance, 2022), 244, https://www.mof.gov.sg/docs/librariesprovider3/budget2022/download/pdf/revenue-and-expenditure-estimates-for-fy2022-fy2023.pdf; CIABOC, “Annual Performance Reports”; Democratic Socialist Republic of Sri Lanka Treasury (Sri Lanka Treasury), Budget Estimates 2023, (Democratic Socialist Republic of Sri Lanka: Treasury, 2022), 8, https://www.treasury.gov.lk/api/file/817341f9-142b-44cc-a649-0e24000e49b0; Population data was obtained from: World Bank World Development Indicators, “Population, total”; PCBS, “Estimated Population in the Palestine Mid-Year by Governorate,1997-2026.”
58 JIACC, “Al Fasl 3601: Hay’at Al Nazaha Wa Mukafahat Al Fasad” [Article 3601: The Integrity and Anti-Corruption Commission], 3; FCOI, “Annual Reports”; Kuwait Nazaha, “Al-Taqarir” [Reports];  INPPLC, “Al-Taqarir Al-Sanawiyya” [Annual Reports]; Oman MoF, The State General Budget For The Financial Year 2020; Hong Kong 2020-2021 Budget, Head 72-Independent Commission Against Corruption; Hong Kong 2021-2022 Budget, Head 72-Independent Commission Against Corruption; Hong Kong 2022-2023 Budget, Head 72-Independent Commission Against Corruption; DNA, “Activity Reports”; SPRM, “Laporan Tahunan,” [Annual Reports]; KNAB, “Annual Reports”; KPK, “Laporan Tahunan” [Annual Reports]; Singapore MoF, The Revenue and Expenditure Estimates for the Financial Year 2019/2020, 243; Singapore MoF, FY2021 Expenditure Estimates, 4; Singapore MoF, The Revenue and Expenditure Estimates for the Financial Year 2022/2023, 244;  CIABOC, “Annual Performance Reports”; Sri Lanka Treasury, Budget Estimates 2023, 8;  World Bank World Development Indicators, “Population, total”; PCBS, “Estimated Population in the Palestine Mid-Year by Governorate,1997-2026”; World Bank World Development Indicators, “Official exchange rate (LCU per US$, period average)”; World Bank World Development Indicators, “GDP per capita (current $),” accessed August 29, 2024, https://data.worldbank.org/indicator/NY.GDP.PCAP.CD.
59 “Al Fasl 3601: Hay’at Al Nazaha Wa Mukafahat Al Fasad” [Article 3601: The Integrity and Anti-Corruption Commission],  2; World Population Review “Public Sector Size by Country,” accessed September 23, 2024, https://worldpopulationreview.com/country-rankings/public-sector-size-by-country; CEIC Data, “Jordan Employed Persons,” accessed September 23, 2024, https://www.ceicdata.com/en/indicator/jordan/employed-persons;; FCOI, “Annual Reports”; ; World Bank World Development Indicators, “Labor force, total,” accessed September 23, 2024, https://data.worldbank.org/indicator/SL.TLF.TOTL.IN; ; Kuwait Nazaha, “Al-Taqarir” [Reports]; Kuwait Times, “397,600 Kuwaitis work in the public sector, 84.6% of total workforce,” March 24, 2024, https://kuwaittimes.com/article/12456/kuwait/other-news/397600-kuwaitis-work-in-the-public-sector-846-of-total-workforce/;  INPPLC, “Al-Taqarir Al-Sanawiyya” [Annual Reports];; Jean R. AbiNader, “Facing High Public Employment, Morocco Continues to Build Support for Small and Medium Enterprises – Jean R. AbiNader,” Morocco on the Move, February 10, 2020, https://moroccoonthemove.com/2020/02/10/facing-high-public-employment-morocco-continues-to-build-support-for-small-and-medium-enterprises-jean-r-abinader/#:~:text=More%20than%20564%2C000%20were%20employed,34.8%25%20of%20public%20sector%20employees;  SAI, Community Brief 2020, 10; Vinod Nair, “Men Dominate Job Market in Oman,” Oman Observer, August 4, 2022, https://www.omanobserver.om/article/1123200/oman/labour/men-dominate-job-market-in-oman-report Authors’ correspondence with Palestinian Anti-Corruption Commission staff; Palestinian Central Bureau of Statistics, H.E. Dr. Awad highlighted the most significant indicators depending on the reality of labor market and establishments in the State of Palestine, (State of Palestine: Palestinian Central Bureau of Statistics, April 2020), 1, https://www.pcbs.gov.ps/portals/_pcbs/PressRelease/Press_En_15-4-2020-lab-en.pdf; ICAC, “ICAC Annual Reports”;; “Strength of the Civil Service (as at 31 March 2024) (excluding Judges and Judicial Officers, ICAC officers and locally engaged staff working in Hong Kong Economic and Trade Offices outside Hong Kong),” Hong Kong Civil Service Bureau, accessed August 29, 2024, https://www.csb.gov.hk/english/publications_stat/stat/annually/548.html; Singapore MoF The Revenue and Expenditure Estimates for the Financial Year 2020/2021, 478; Singapore MoF, The Revenue and Expenditure Estimates for the Financial Year 2022/2023, 477; “The Singapore Administrative Service,” Public Service Division, accessed August 29, 2024, https://www.psd.gov.sg/faq/#:~:text=The%20Singapore%20Public%20Service%20employs,officers%20working%20in%20the%20Ministries; DNA, “Activity Reports”; “Number of employees working in the public sector in Romania from 2015 to 2020 (in millions),” Statista, accessed August 29, 2024, https://www.statista.com/statistics/1190485/romania-employees-working-in-the-public-sector/; SPRM, “Laporan Tahunan,” [Annual Reports]; Lee Hwok Aun, “2023/34 “Diversity in Malaysia’s Civil Service: From Venting Old Grouses to Seeking New Grounds,” IEAS Perspective, 2023, https://www.iseas.edu.sg/articles-commentaries/iseas-perspective/2023-34-diversity-in-malaysias-civil-service-from-venting-old-grouses-to-seeking-new-grounds-by-lee-hwok-aun/#:~:text=%5B9%5D%20Their%20share%20has%20increased,management%20(above%20Grade%2056).&text=Source:%20Parliamentary%20written%20answer%20by,html?uweb=dr&); CIABOC, “Annual Performance Reports”; ; Shihar Aneez, “Crisis-hit Sri Lanka finally starts to deal with bloated public sector,” Economynext, June 24, 2022, https://economynext.com/crisis-hit-sri-lanka-finally-starts-to-deal-with-bloated-public-sector-96277/; KNAB, “Annual Reports”; ; Spain Ministry of the Presidency, Public Employment in European Member States, (Madrid: Ministry of the Presidency, 2010), 125, https://www.dgaep.gov.pt/upload/RI_estudos%20Presid%C3%AAncias/Public_Employment_EUMS.pdf;KPK, “Laporan Tahunan” [Annual Reports]; Aneu Yulianeu et al., “Business Intelligence Applications In Government: Executive Information System At Civil Servant Agency (NCSA) In Indonesia,”  In Proceedings of The 2nd International Conference On Advance And Scientific Innovation, ICASI 2019, 18 July, Banda Aceh, Indonesia, July 18, 2019, 3, http://dx.doi.org/10.4108/eai.18-7-2019.2288599 .
60 استثنيت من ذلك إدارة مكافحة الفساد الوطنية في رومانيا (DNA). في العام 2021، نشرت اللجنة المستقلّة لمكافحة الفساد في هونغ كونغ (ICAC) تفصيلاً للمناصب في إدارة مكافحة الفساد في رومانيا. من بين 862 وظيفة معتمدة، تم شغل 761 وظيفة، حيث كان حوالي 19 في المئة من الموظفين قضاة، و33 في المئة من رجال الشرطة، و9 في المئة من الخبراء، و39 في المئة من الموظفين الإداريين و/أو المساعدين. أنظر: “Remarkable results in most indicators for National Anticorruption Directorate of Romania in 2021,” ICAC Newsletter, March 2022, https://www.icac.org.hk/icac/post/iaaca2/common/pdf/3_dna.pdf.
61 في إطار المقارنة بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والدول خارج هذه المنطقة ضمن العينة المختارة، أجرينا تحليلات انحدار لفهم الثقل النسبي لهذه المتغيرات وأهيمتها، وبالتالي استكشاف العلاقة بين الإنفاق والتوظيف والدرجة المحققة على مقياس مكافحة الفساد ضمن مؤشرات الحوكمة العالمية. وقد بدا أن الإنفاق مهم للغاية، مع معامل بيتا إيجابي وقيمة معامل تحديد (R2) تبلغ 0,604، ما يشير إلى أنّ زيادة الاستثمار في وكالات مكافحة الفساد يرتبط إيجاباً مع درجات أعلى على مقياس مكافحة الفساد ضمن مؤشرات الحوكمة العالمية. أمّا من حيث التوظيف، فإن العلاقات أقل تأثيراً. للتوظيف قيمة احتمالية (p-value) مرتفعة، تبلغ 0,393 بينما للإنفاق قيمة احتمالية منخفضة تبلغ 0,042. لذا فإنّ قيمة معامل التحديد العالية تعود بوضوح إلى العلاقة مع الإنفاق. كما أنّ خط انحدار الإنفاق إيجابي، في حين أنّ خط التوظيف أكثر استواءً مع ميل طفيف سلبي.
62 “CPI Middle East and North Africa Region,” Transparency International, accessed September 22, 2024, https://www.transparency.org/en/news/cpi-2020-middle-east-north-africa.
63 On this point, see Paul Heywood, “The Corruption Perceptions Index (CPI): the Good, the Bad and the Ugly,” The British Academy (blog), February 03, 2016, https://www.thebritishacademy.ac.uk/blog/corruption-perceptions-index-cpi-good-bad-and-ugly/. See also “Measuring Corruption,” United Nations Office on Drugs and Crime, accessed September 22, 2024, https://www.unodc.org/e4j/en/anti-corruption/module-1/key-issues/measuring-corruption.html.
64 Daniel Kaufmann and Aart Kraay, Worldwide Governance Indicators.
65 See United Nations Office on Drugs and Crime, Jakarta Statement on Principles for Anticorruption Agencies, 3.
66 “عرض تقديمي”، الديوان المركزي لقمع الفساد، آخر اطلاع في 22 سبتمبر 2024، عبر الرابط: https://www.ocrc.gov.dz/en/presentation.
67 القانون رقم 45 لسنة 1995 بشأن هيئة الرقابة الإدارية [القانون رقم 45 لعام 1995 المتعلق بهيئة الرقابة الإدارية]، https://alp.unescwa.org/sites/default/files/2021-09/Egypt_Law54_y1964_on_Administrative_Control_Authority_AR%20%281%29.pdf,، المادة 12، الصفحة 6
68 قانون النزاهة ومكافحة الفساد رقم 13 (2016) https://www.jiacc.gov.jo/EBV4.0/Root_Storage/EN/EB_Blog/integrity_and_anti_corruption_law_of_2016.pdf,، المادة رقم 6، الصفحة 5
69 قانون هيئة النزاهة، https://nazaha.iq/pdf_up/1545/low_nazaha.pdf، المادة رقم 4، الصفحة 2
70 القانون رقم (2) لسنة 2016 بشأن إنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد والأحكام المتعلقة بالكشف عن الذمم المالية، https://www.nazaha.gov.kw/nazaha/wp-content/uploads/2016/01/%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86-%D8%B1%D9%82%D9%85-2-%D9%84%D8%B3%D9%86%D8%A9-2016-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D8%B5-%D8%A8%D8%A7%D9%86%D8%B4%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%8A%D8%A6%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%A9-%D9%84%D9%85%D9%83%D8%A7%D9%81%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B3%D8%A7%D8%AF-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AD%D9%83%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D8%B5%D8%A9-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B4%D9%81-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%85%D8%A9.pdf، المادة 6، الصفحة 3
71 ظهير شريف رقم 1.21.36 صادر في 8 رمضان 1442 (21 أبريل 2021) بتنفيذ القانون رقم 46.19 المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها. https://inpplc.ma/ar/zhyr-shryf-rqm-12136-alsadr-fy-8-rmdan-1442-21-abryl-2021-btnfydh-alqanwn-rqm-4619almtlq-balhyyt، المادة رقم 9، الصفحة 3
72 المرسوم السلطاني رقم 2011/111 بإصدار قانون الرقابة المالية والإدارية للدولة، https://www.sai.gov.om/storage/laws/111-2011.pdf، المادة رقم 13، الصفحة 7
73 قانون مكافحة الفساد رقم (1) لسنة 2005 ميلادية وتعديلاته، file:///C:/Users/Dell/Downloads/book-10277-cat-1-d-19-06-19.pdf، المادة رقم 3،3، الصفحة 4
74 مرسوم أميري، https://www.acta.gov.qa/en-us/AboutActa/Pages/Emiri-Decision.aspx، المادة 7
75 أمر ملكي رقم أ/65 لعام 2011 بإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، https://faolex.fao.org/docs/pdf/sau202741E.pdf,، المادة رقم 2، الصفحة 1
76 القانون الاتحادي بموجب المرسوم رقم (56) لعام 2023 بشأن جهاز الإمارات للمحاسبة، https://uaelegislation.gov.ae/en/legislations/2174/download، المادة 7، الصفحة 12