سياسة الصين إزاء فلسطين وإسرائيل:

نحو دور أكبر؟

موجز قضية، يوليو 2024
زميل ومدير برنامج

باحثة مساعدة - البحوث

النقاط الرئيسية

 

سياسة عدم التدخّل تقيّد جهود بكين: ترتكز سياسة الصين الخارجية إلى حدّ كبير على مبادئ عدم التدخّل وعدم الانحياز والحياد السياسي، ما يعقّد إمكانية اضطلاعها بدور دبلوماسي أكثر فعّاليةً. بيد أنّ تصاعد التوترات الإقليميّة قد يهدّد الاستثمارات الاقتصاديّة الصينية، ما يستدعي أن تعيد بكين النظر في هذه المبادئ الراسخة.

 

الحرب على غزّة توفّر فرصة للصين في المنطقة: مع تنامي مكانة الصين ومصالحها في الشرق الأوسط، تمنح الأزمة الحالية بكين الفرصة لتأدية دور أكبر في ترسيخ الاستقرار في المنطقة، وبالتالي حماية مصالحها، من دون أن تضطرّ للتضحية بمبدأ عدم الانحياز.

 

تعزيز الانخراط الدبلوماسي من خلال الوساطة الناجحة: وظّفت الصين علاقاتها الحميدة مع كلّ من إيران والسعودية وتأثيرها في البلدين لتحقيق تقارب بينهما غيّر قواعد اللعبة، بإشارة إلى استعدادها لتعزيز انخراطها السياسي والدبلوماسي في المنطقة. ونظراً لتاريخ علاقات الصين الإيجابية الطويل مع الفلسطينيين والإسرائيليين، بإمكان بكين أن تؤدّي دوراً مشابهاً على صعيد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، بشرط أن تكون مستعدّة لتبنّي مسار مستقلّ يعالج المشكلات الجوهريّة التي تواجهها جهود الوساطة.

 

تعزيز المصداقية من خلال انخراط متعدّد الأطراف: ينبغي على الصين أن تحثّ شركاءها وحلفاءها نحو الالتزام بإجراءات المحاسبة الدولية وتطبيقها على طرفي الصراع، بما في ذلك من خلال مجلس الأمن الدولي أو أمام المحاكم الدولية.

 

المقدّمة

 

لقد كان الرد الصيني على الأزمة المستمرّة في الشرق الأوسط منذ أحداث 7 أكتوبر محدوداً بدعمها للجهود المتعدّدة الأطراف الرامية إلى الوقف الفوري للعنف في قطاع غزّة واحتواء توسّع الصراع في المنطقة، وذلك من خلال دورها كعضو دائم في مجلس الأمن الدولي ومساعيها المبذولة في منتديات أخرى، أو من خلال زيارات لمسؤولين رفيعي المستوى إلى المنطقة للتواصل مع الأطراف المعنيّة، بما فيهم إسرائيل وحركة حماس. واستضافت الصين كذلك في أبريل ممثّلين عن حركة فتح وحماس لإجراء محادثات مصالحة في بكين.1

 

صحيح أنّ الصين قد أبدت اهتماماً بالانخراط أكثر في قضايا المنطقة والتوسّط في حلّها، إلّا أنّ مساعيها بقيت متواضعة نسبياً. إذ تتماشى مبادراتها الأخيرة مع سياستها القديمة القائمة على مبادئ عدم التدخل والتزام الحياد السياسي والحذر الشديد من التورّط في صراعات المنطقة.

 

بالتالي، كانت إسرائيل وداعموها الغربيون الذين أعطوا الضوء الأخضر لحكومة نتنياهو لتحقّق أهدافها القصوى من الحرب، هم من رسموا، إلى حدّ كبير، مسار الأزمة على الأرض. وقد مدّت الولايات المتحدة على وجه الخصوص إسرائيل بالسلاح والأموال، وأمّنت لها الغطاء الدبلوماسي، حتى أنّها تدخّلت عسكرياً في المنطقة من أجل ردع الأطراف الأخرى التي تحرّكت بذريعة الدفاع عن الفلسطينيين، ومعاقبتها. وقد أطال ذلك أمدَ الحرب ومكّن إسرائيل من ارتكاب فظائع جسيمة وصلت إلى حدّ الإبادة الجماعية، فوضعت المنطقة على فوهة بركان، وأصابت مصداقية الغرب الدولية في الصميم.

 

من جانبها، لم تُظهر الصين اهتماماً يذكر في الخروج عن مسارها الدبلوماسي المعتاد، ولم تشارك في جهود الوساطة الرئيسية الرامية إلى وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن بقيادة قطر ومصر والولايات المتحدة. وفي أحسن الأحوال، اكتفت بتصعيد نبرة انتقاداتها لإسرائيل والولايات المتحدة، نائيةً بنفسها عن القوى الغربية من خلال دعم الفلسطينيين وطرح نفسها كوسيط محتمل. وكان وزير الخارجية الصيني وانغ يي قد دعا في وقت سابق هذا العام إلى عقد مؤتمر سلام دولي معيداً التأكيد على دعم بكين “حلّ الدولتين”.2

 

وقد تكون محدودية دور الصين عائدة إلى عدم اهتمامها الكافي بقضايا المنطقة وانتهاجها الدائم لمبدأ عدم التدخل، الذي لطالما اعتمدته تجاه الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو أحد “المبادئ الخمسة للتعايش السلمي” التي ترتكز عليها سياستها الخارجية.3 ولكن قد تكون الصين تستهين بالتحوّلات الكبرى في المنطقة بسبب الأزمة الراهنة، ما قد يهدّد مصالحها في المستقبل. كذلك، تفوّت الصين على نفسها فرصة تأدية دور بنّاء أكثر من خلال رسم مسار فعّال مستقلّ ينهي أزمة سياسية دامت لسنوات طويلة. ومن شأن ذلك أن يعزّز مكانتها القيادية على الساحة الدولية، كما يحسّن علاقاتها الدبلوماسية مع دول الشرق الأوسط ويرفع من شأنها في المنطقة.

 

 

تاريخ علاقات الصين مع فلسطين وإسرائيل

 

يعود تاريخ دعم الصين للفلسطينيين إلى بدايات حركة النضال الوطني الفلسطيني في ستينات القرن الماضي، وكان قائماً حينها على التضامن الثوري المناهض للاستعمار. في العام 1965، أصبحت الصين من أولى الدول التي اعترفت دبلوماسياً بمنظمة التحرير الفلسطينية، واستضافت مكتباً لها في بكين،4 كما كانت من أوائل مورّدي السلاح لحركة فتح، ولو سرّاً.5

 

وعلى الرغم من استمرار الدعم الصيني لحركة التحرّر الوطني الفلسطيني، تلاشى المكوّن الثوري مع الوقت. وبدلاً من ذلك، صبّت الصين جهودها على عملية السلام التي تحظى بتوافق دولي وعلى دعم الدولة الفلسطينية (اعترفت بدولة فلسطين في العام 1988)6 والمؤسّسات الدولية. وتربط علاقات ثنائية قوية الصين بفلسطين، وكانت قد وافقت في يونيو 2023 على بناء “شراكة إستراتيجية”7 معها، والاستمرار بالدفع قدماً نحو تحقيق الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية.

 

على الضفّة الأخرى، أقامت الصين علاقات رسمية مع إسرائيل في العام 1992 عقب إطلاق عملية السلام في الشرق الأوسط وانتهاء الحرب الباردة.8 ثمّ تعمّقت العلاقات الصينية الإسرائيلية مع الوقت بالتزامن مع صعود الصين كقوّة اقتصادية عالمية، حيث سعت إسرائيل إلى توسيع علاقاتها الاقتصادية مع بكين، بالأخصّ في مجالات التجارة والبنية التحتية والتقنية، حتى غدت الصين أحد أكبر الشركاء الاقتصاديين لإسرائيل. وبين عاميّ 2020 و2022، كانت الصين ثاني أكبر مستورد للصادرات الإسرائيلية.9 ولكن في السنوات الماضية، تصدّت واشنطن لتوسّع هذه العلاقات بسبب قلقها من توطّد العلاقات بين بكين وأقرب حلفائها الذين يتلقّون تقنياتها الحسّاسة.10 ويذهب بعض الباحثين المختصّين بالشأن الصيني إلى القول إنّ العلاقات بين البلدين بردت نتيجة ذلك.11

 

وعلى الرغم من علاقات الصين الإيجابية مع الطرفين وتنامي مكانتها في المنظومة الدولية، إلّا أنّها لم تُدع قطّ للمشاركة في آليات الوساطة الرسمية مثل مؤتمر مدريد للسلام أو اللجنة الرباعية حول الشرق الأوسط، ومن غير الواضح ما إذا كانت ترغب أصلاً في المشاركة. فمصالح الصين الاقتصادية الإقليمية لم تتأثّر مباشرة بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وكانت قد تجنّبت طوال السنين الانخراط في صراعات المنطقة، مع أنّ رعاية الصين للاتفاق السعودي الإيراني في العام 2023 أشارت إلى احتمال توسيع الصين لدورها الدبلوماسي في المنطقة.

 

بدأت مساعي الصين الدبلوماسية المحدودة في الشأن الفلسطيني الإسرائيلي عقب انهيار اتفاق أوسلو للسلام في العام 2000، وتنامي اهتمام بكين بالمنطقة عامّةً. وعيّنت الصين في أوجّ الانتفاضة الفلسطينية الثانية في العام 2002 وانغ شي جيه كأول مبعوث خاص لها إلى الشرق الأوسط، وتركّزت مهمّته على الصراع العربي الإسرائيلي.12وقد عرضت الصين منذ ذلك الحين استضافة محادثات السلام في مناسبات متعدّدة، حتى أنّها اقترحت إطلاق آلية حوار ثلاثية، تضمّها إلى جانب الفلسطينيين والإسرائيليين. وحاول الرئيس الصيني شي جين بينغ دفع هذه الجهود قدماً، مقترحاً ثلاث خطط سلام على الأقلّ من أربع نقاط، أولها في العام 2013، 13 وآخرها في نوفمبر 14.2023

 

وشدّدت هذه المقترحات على أهمية الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية واستمرار المفاوضات بين فلسطين وإسرائيل، والتأكيد على دور المجتمع الدولي في تقديم الضمانات للسيادة الفلسطينية.15 عادت الصين وأكّدت على هذه المقترحات في “وثيقة سياسة الصين تجاه الدول العربية” التي أصدرتها في العام 2016، 16 والتي قدّمت إطاراً لتعزيز علاقات الصين مع المنطقة وشدّدت على أهمية قيام الدولة الفلسطينية من أجل تحقيق السلام في الشرق الأوسط. ثمّ أطلقت الصين بعدها “مبادرة الأمن الدولي” في العام 2023،17 والتي أكّدت على رغبتها في “دعم جهود جامعة الدول العربية وغيرها من المنظمات الإقليمية” من أجل تأدية “دور فعّال في … الحفاظ على الأمن الإقليمي”.18

 

مع ذلك بقي الدور الصيني هامشياً، بالأخصّ مع احتكار الولايات المتحدة لدور الوسيط وإبقائها المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية في إطار ثنائي، تماشياً مع الرغبة الإسرائيلية. زد على ذلك أنّ المقترحات الصينية قد صيغت على أساس الإطار الدولي المعتاد للوساطة في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والذي أخفق مراراً وتكراراً في معالجة المشكلة الرئيسية الكامنة في صلب هذه الأزمة السياسية المتمثّلة بالاختلال الكبير في موازين القوى بين الجهتين وتبعات ذلك على هيكلية الحوافز لتغيير الوضع الراهن. بمعنى آخر، بسبب التباين الكبير في موازين القوى بين القوّة المحتلّة والشعب المحتلّ، يقارب الإسرائيليون والفلسطينيون الحاجة إلى التسوية السياسية من زاويتين مختلفتين تماماً. وإلى حين معالجة هذا التباين بين كلفة استمرار الوضع الراهن وفائدته، وهذا الاختلال في موازين القوى، سيبقي الحلّ الدبلوماسي للصراع حلماً بعيد المنال.

 

صحيح أنّ مكانة الصين كأحد أكبر شركاء إسرائيل التجاريين وكقوّة عظمى عالمية تعطيها نفوذاً يمكنها استخدامه، لكن يمكن القول إنّها لم تستغلّها حتى الآن، بل استندت جهودها إلى الافتراض أنّ الجانبين يرغبان بحلّ سياسي ولكنهما ببساطة يفتقران إلى إطار تفاوضي فعّال.

 

 

هل يخلق دور الصين في المنطقة حوافز جديدة لها لتؤدّي دوراً أكبر في القضية الفلسطينية؟

 

لطالما شكّلت مصالح الصين الاقتصادية والجيوسياسية دافعها الأساسي للانخراط في الشرق الأوسط، فيما لم تعر اهتماماً كافياً للشأن السياسي. ذلك أنّ أولويّة الصين الأساسية في المنطقة هي تأمين مواردها النفطية، بالأخص من أكبر مورّدَين نفطيين لها، أيّ السعودية وإيران إلى جانب دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، بالإضافة إلى تأمين وصولها إلى ممرّات الشحن الرئيسية والأسواق الإقليمية. وقد بلغ إجمالي حجم التبادل التجاري بالسلع بين الصين والشرق الأوسط نحو 368,4 مليار دولار في العام 2022، أي ما يزيد عن ضعفيّ حجم التبادل التجاري بين دول المنطقة والولايات المتحدة.>19 وقد نمت صادرات السلع الصينية إلى المنطقة من 140 مليار دولار عام 2018 إلى 226 مليار دولار في العام 20.2022 وتلقي الصين بثقلها أيضاً في كبرى مشاريع تطوير البنى التحتية في المنطقة من خلال مشروع “الحزام والطريق”، ما يجعلها أحد المستفيدين الرئيسيين من تحقيق السلام والأمن الإقليميين.

 

الأهمّ هو أنّ الصين سعت إلى تعميق علاقاتها وشراكاتها التجارية مع جميع الأطراف في المنطقة، فيما تجنّبت الانجرار إلى وابل الصراعات والمنافسات الإقليمية. فقد اعتمدت سياسة الحياد السياسي وعدم التدخّل، ما مكّنها من بناء علاقات مع أطراف متخاصمة، مثل إيران والسعودية، تركيا ومصر، المغرب والجزائر، إسرائيل وفلسطين. وإلى جانب الشراكات الإستراتيجية الشاملة التي طوّرتها مع السعودية وإيران ومصر والإمارات العربية المتحدة والجزائر، ومؤخّراً مع البحرين،21 تنخرط الصين أيضاً مع المنطقة عبر بعض الآليات متعدّدة الأطراف مثل منتدى التعاون الصيني العربي ومنتدى التعاون الصيني الأفريقي والحوار الإستراتيجي بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي. وفي المقابل تنخرط الدول الشرق أوسطية في آليات متعدّدة الأطراف بقيادة الصين خارج المنطقة، مثل منظمة شنغهاي للتعاون.

 

ومع أنّ انخراط الصين الأمني في المنطقة لا يزال خجولاً نسبياً، إلّا أنّها بدأت تعزّز حضورها على هذا الصعيد من خلال صفقات بيع الأسلحة والتدريبات والمناورات العسكرية، في الوقت الذي تتوجّه فيه دول المنطقة نحو الصين لشراء الأسلحة المتطوّرة بأسعار منخفضة.22 فبين العامين 2017 و2021، ارتفع حجم صادرات السلاح الصينية إلى السعودية والإمارات بنسبة هائلة بلغت 386 في المئة للأولى و169 في المئة للثانية، مقارنةً مع الفترة بين 2012 و23.2016 وتبرز في هذا السياق القاعدة العسكرية الصينية في جيبوتي التي أنشأتها بكين في العام 2017، كمؤشّر إلى توسّع الحضور العسكري الصيني في المنطقة بشكل عام.24 مع ذلك، لا تبدو الصين مهتمّةً في تحدّي البنية الأمنية الأمريكية أو طرح نفسها كبديل عنها، لا بل تستفيد منها، على الأخصّ في الخليج من دون أن تضطّر لتحمّل التكاليف المالية والسياسية المرافقة لهذا الدور.

 

مع ذلك، أصبح من الصعب أكثر على بكين أن تستمرّ في تجاهل تداعيات السياسات الأمريكية الإقليمية المزعزعة للاستقرار وما تمثّله من تهديدات للمصالح الصينية، بالأخصّ منذ الغزو الأمريكي للعراق في العام 2003. فمثلاً أجبر تدخّل حلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة في ليبيا عام 2011 الصين على تنفيذ أكبر عمليّة إجلاء غير قتالي خارج أراضيها في تاريخها، حيث أجلت 35 ألف مواطن صيني في خلال 12 يوماً، ما عرقل عمل 75 شركة و50 مشروعاً ضخماً.25 شكّلت تلك التجربة محفّزاً أساسياً لتحديث الجيش الصيني، وأثّرت في سياسة الصين الخارجية على مدى العقد التالي بحيث “أكّدت التصوّرات الصينية بأنّ الدول الغربية تتصرف بلا مسؤولية في حلّ الصراعات”.26

 

ويأتي قرار الولايات المتحدة بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، المعروف بخطّة العمل الشاملة المشتركة التي كانت الصين أحد الموقّعين عليها، وإعادة فرض عقوبات قاسية على طهران، كمثال آخر على تداعيات السياسات الأمريكية في المنطقة على مصالح الصين. ففيما تستفيد بكين من نظام العقوبات بما أنّه يمكّنها من شراء النفط الإيراني بأسعار مخفّضة جداً، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على هيئاتٍ وأفراد صينيين لمخالفتهم الحظر الأمريكي.27 وتشكّل الأزمة الحالية في الشرق الأوسط مثالاً واضحاً آخر لمفاعيل السياسة الخارجية الأمريكية المزعزعة للاستقرار، بحيث تهدّد تداعيات حرب إقليمية مصالح الصين الاقتصادية. ومن شأن الصراع في المنطقة، لاسيما انعكاساته على الشحن البحري، أن يكبّد التجارة الصينية ثمناً باهظاً نظراً لاعتماد بكين القوي على سلاسل الإمداد العالمية.

 

ولم تنجُ الاستثمارات الصينية من الأخطار المرتبطة بالأزمة الحالية. فعلى سبيل المثال، في الأشهر التي سبقت أحداث 7 أكتوبر، كانت الشركات الصينية قد استثمرت ما لا يقلّ عن 20 مليار دولار مع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، في إطار تشجيع بكين الشركات المملوكة من الدولة على الاستثمار في قطاعات اللوجستيات والنقل والطاقة في البلاد.28 وكانت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس قد وقّعت اتفاقيات بقيمة 6,75 مليار دولار مع شركة الطاقة الصينية “China Energy” وأخرى بقيمة 8 مليارات دولار مع “مجموعة يونايتد إنرجي” (United Energy Group) في هونغ كونغ لتعزيز قدرات مصر على إنتاج الطاقة النظيفة. بيد أنّ هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر تهدّد قدرة قناة السويس على تسهيل التجارة بين آسيا وأوروبا، ما يهدّد بالتالي الاستثمارات الصينية. وتفيد تقارير أنّ عملاقة الشحن الصينية “كوسكو” (COSCO) وشركة أخرى تابعة لها قد علّقتا حركة الشحن إلى إسرائيل في يناير 29.2024

 

وفي حين نجت الأصول والاستثمارات الصينية من ضربات قويّة حتى الآن، لا شكّ أنّ بكين تشعر بالقلق من استمرار التهديد بالتدخّل العسكري الإيراني المباشر أو تداعياته المحتملة على الخليج. وفي هذا السياق، نشرت الصين في أواخر فبراير الماضي، أسطولاً بحرياً في خليج عدن بحجّة مكافحة أعمال القرصنة، ولكن يبدو على الأرجح أنّه استجابة للتهديدات في البحر الأحمر.30

 

ما الذي يمكن لبكين أن تفعله؟ الفرص والتحديات والقيود

 

من غير المرجّح أن تغيّر الصين سياستها إزاء فلسطين وإسرائيل إلّا إذا كان ذلك يخدم مصالحها الوطنية. مع ذلك، قد تمتحن الأزمة الراهنة في غزّة افتراضات الصين المتعلّقة بتأثير الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في الاستقرار الإقليمي وتهديده للمصالح الصينية في المنطقة. في الواقع، بعيداً عن الاضطرابات الضخمة التي تلت أحداث 7 أكتوبر وتنامي خطر اشتعال حرب إقليميّة، قد تمتد التداعيات الاقتصادية للأزمة إلى أبعد بكثير ممّا نشهده حالياً.31

 

زد على ذلك أنّه في حالة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، يبدو أنّ السياسات الداخلية في الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى تحدّ من قدرتها على أداء دور متوازن يساعد على تعزيز الاستقرار في إطار إدارة الصراع وحلّه. فالدعم الأمريكي والغربي المطلق لحملة التدمير الإسرائيلية في قطاع غزّة والإبادة الجماعية ضدّ الفلسطينيين أشعلت المنطقة وزرعت بذور اضطرابات ستستمرّ لأجيال قادمة. بالإضافة إلى ذلك، يجوز القول إنّ البنية الأمنية الأمريكية في المنطقة فاقمت التوتّرات الإقليمية. على سبيل المثال، فرض عدد من الدول العربية التي تستضيف قواعد عسكرية أمريكية قيوداً على عملياتها كي تتجنّب التورّط في العمليات العسكرية الأمريكية الداعمة لإسرائيل.32

 

وقد قدّم ذلك للصين الدافع والفرصة للاضطلاع بدور أكبر في الجهود الدبلوماسية الرامية لحلّ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. فالنجاح في مساعيها سيسهم في رفع مكانتها الإقليمية والدولية، بالمقارنة مع الولايات المتحدة التي تضرّرت سمعتها تضرّراً بالغاً عقب أحداث 7 أكتوبر، لا سيّما في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.33 وقد ضعت الصين نفسها على طرف نقيض مع الولايات المتحدة منذ بداية الأزمة، ووجّهت انتقادات لاذعة لسلوك واشنطن في مجلس الأمن الدولي، لا سيما استخدامها حقّ النقض ضدّ قرارات متتالية لوقف إطلاق النار. كما وأنّ بكين لم تتوانَ عن استخدام نبرة حادة لشجب ممارسات إسرائيل في قطاع غزّة.

 

تبرهن هذه الجهود استعداد بكين المستجدّ لتغيير موقفها المحايد وتلميع صورتها كطرف يحافظ على الأعراف والقواعد الدولية، ما يعلي من شأنها في نظر الدول التي تبحث عن بديل للولايات المتحدة وأوروبا كجهة دبلوماسية موثوقة. وبالفعل يدفع سخط الدول العربية إزاء الولايات المتحدة بها إلى السعي لرؤية الصين في دورٍ دبلوماسي أوسع في المنطقة.34 وفي هذا الإطار، يمكن لبكين أن تبني على نجاح وساطاتها التي أفرزت التقارب التاريخي بين السعودية وإيران في العام 2023.

 

بيد أنّ إيجابيات هذه المقاربة تبقى محدودة، لا بل قد تنطوي على مخاطر. فإن اكتفت الصين بالخطابات والمواقف الرمزية من دون أن تكون قادرة على استخدام نفوذها للتأثير في النتائج أو حتى أن تكون راغبة بذلك، فستظهر بمظهر الضعيف، وهي مقاربة لا تختلف عن تلك التي يعتمدها الاتحاد الأوروبي إزاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني منذ سنوات.35 وهذا يعني عودة الجهات المعنيّة للتعامل مع الولايات المتحدة على أنّها اللاعب الوحيد صاحب النفوذ الحقيقي على طرفيّ الصراع. بالتالي، يجب أن يقترن انتقاد الصين المتزايد لإسرائيل باستخدام علاقاتها الاقتصادية مع تل أبيب للضغط عليها.

 

مصداقية الصين مرهونة بأكثر من مجرّد إصدار بيانات أو طرح نفسها كوسيط في المؤتمرات الدولية. ولكن لحسن حظّ بكين، ثمّة خيار قد يؤتي ثماره، يتماشى مع مقاربتها للعلاقات الدولية ويخدم مصالحها في الوقت نفسه. ففي 24 مايو 2024، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمراً لإسرائيل بوقف عملياتها في رفح، جنوب قطاع غزّة، لكن إسرائيل ضربت به عرض الحائط،36  وذلك عقب قرار آخر صدر عن المحكمة في 26 يناير 2024 يطالب إسرائيل باتخاذ ستّة إجراءات لتجنّب ارتكاب إبادة جماعية في غزّة، ولكنّها لم تعره أدنى اهتمامٍ هو الآخر.37 اللافت أنّ الصين كانت قد انضمّت إلى القضية المرفوعة أمام المحكمة الجنائية الدولية في ما خصّ شرعية الاحتلال العسكري الإسرائيلي المستمرّ منذ 57 سنة. فقد دعا مدير عام قسم المعاهدات والقانون في وزارة الخارجية الصينية ما شينمين المحكمة إلى تحقيق العدالة للفلسطينيين،38 واصفاً الاحتلال الإسرائيلي بغير الشرعي ومعتبراً أنّ للفلسطينيين حقّ ثابت في الدفاع عن أنفسهم.

 

وتماشياً مع سياسة الصين القائمة على العلاقات متعدّدة الأطراف، يفترض أن تؤدي بكين دوراً قيادياً في الجمعية العامة للأمم المتحدة وحثّ الدول على التمسّك بواجباتها المتمثّلة بتأييد الحكم الصادر عن المحكمة. ويمكن للصين أيضاً أن تسهم في تحقيق إيجابيات كبرى، إذا ما شجّعت شركاءها في دول الجنوب على تطبيق قرار المحكمة من خلال اتخاذ إجراءات عقابية ضدّ إسرائيل. بالتالي، سيثبت ذلك التزام الصين بالقوانين والأعراف الدولية، فيما تتآكل مصداقية الولايات المتحدة وروسيا بفعل تقويضهما الصارخ لهذه القوانين والأعراف. وستكتسب الصين شرعيةً كقوّة داعمة للسلام والأمن وتحظى بنفوذٍ أكبر على إسرائيل بما يتجاوز العلاقات التجارية، ما يحدث تغييراً في حسابات فائدة استمرار الاحتلال العسكري للأراضي الفلسطينية وتكلفته. إلى ذلك، يمكن أن تخسر الولايات المتحدة المزيد من النفوذ الدولي بسبب موقفها الداعم لإسرائيل، وهو أمر تحرص على تجنّبه في حمأة المنافسة مع القوّة العظمى الصينية. في المحصّلة، قد تعمد واشنطن إلى تخفيف قبضتها على عملية الوساطة السياسية، لتضمّ الجنوب العالمي إليها، وهو ما سيصبّ لمصلحة الفلسطينيين على طاولة المفاوضات.

 

إلّا أنّ خطوة كهذه قد تكون عنيفة بالنسبة إلى قوّة حذرة مثل الصين. فقد استشرست واشنطن في حماية إسرائيل إلى حدّ التلويح بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية احتجاجاً على إصدار مذكّرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالنت.39 بالتالي، قد تتردّد بكين في مواجهة الولايات المتحدة بهذا الشأن، فهي تدرك على الأرجح كيف ستقرأ واشنطن هذه الخطوة، حيث هناك من يطبّلون لحرب باردة جديدة مع الصين.

 

 

الخاتمة

 

لقد كان الرد الصيني على الأزمة المستمرّة في الشرق الأوسط منذ أحداث 7 أكتوبر محدوداً بمشاركتها بالجهود الرامية لتحقيق وقف إطلاق النار ومطالبتها بإطلاق عملية دبلوماسية دولية لحلّ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستعصي. ولكن حتى الآن، لم تحدث المبادرات الدبلوماسية الصينية تأثيراً يذكر على الأرض. ففيما تتوخّى الصين الحذر وتفضّل الالتزام بمبادئها القائمة على الحياد السياسي وعدم التدخل، قد تتطلّب الديناميات المتغيّرة في الشرق الأوسط من بكين أن تتبنّى نهجاً أكثر حزماً لتحافط على مصالحها في المنطقة. بالفعل، تقدّم الأزمة الحالية فرصة جديدة للصين كي توسّع دورها من دون أن تضحّي بمصالحها. يمكن للصين أيضاً أن تشارك في أي مفاوضات للسلام في المستقبل – كما فعلت في خطّة العمل الشاملة المشتركة – وأن تساهم كذلك في إعادة إعمار غزّة بعد الحرب.

 

يؤكّد دعم الولايات المتحدة المطلق لإسرائيل وفشلها على مدى عقود في التوصّل إلى حلّ سياسي يضمن قيام الدولة الفلسطينية على أهميّة أن تؤدّي الصين دوراً أكثر حزماً. وفيما تتمتّع الصين بمؤهّلات متعدّدة تمكّنها من أداء دور الوسيط، إلّا أنّها مقيّدة بشكل أساسي بالتزامها بمبدأ عدم التدخّل. بالتالي، تبقى بكين مكبّلة بسبب عدم استعدادها لاستخدام نفوذها على الأفرقاء أو لتقديم ضمانات أمنيّة صلبة. مع ذلك، توفّر الحرب على غزّة فرصة لصنّاع السياسات الصينيين لتحقيق الاستقرار في منطقة لهم ثقل استثماري فيها وإبراز دورهم القيادي على الساحة الدولية، فيما يستمرّون في الوقوف على الجانب الصحيح من التاريخ.

 


 

1 “Rival Palestinian Groups Fatah and Hamas Meet in China,” Al Jazeera, April 30, 2024, https://www.aljazeera.com/news/2024/4/30/china-says-palestinian-rivals-hamas-and-fatah-met-for-talks-in-beijing.
2 “China urges larger-scale Gaza peace conference as conflict escalates,” Reuters, January 15, 2024, https://www.reuters.com/world/china-calls-larger-scale-peace-conference-gaza-crisis-wang-yi-2024-01-15/.
3 “The Five Principles of Peaceful Co-Existence Stand Stronger,” Embassy of the People’s Republic of China in the Islamic Republic of Iran, June 29, 2014, http://ir.china-embassy.gov.cn/eng/dtxw/201407/t20140702_1894012.htm#:~:text=The%20Five%20Principles%20of%20Peaceful%20Co%2DExistence%20are%3A%20mutual%20respect,mutual%20benefit%2C%20and%20peaceful%20coexistence.
4 Yang Sheng, “China to Cement Ties with Palestine, ‘Play Greater Role to Mediate Palestine-Israel Conflict’,” Global Times, June 13, 2023, https://www.globaltimes.cn/page/202306/1292517.shtml.
5 Alan Hart, Arafat: Terrorist or Peacemaker? (London: Sidgwick and Jackson Limited, 1984), 280, 288.
6 Sercan Çalışkan, “Understanding China’s position on the Israel-Palestine conflict,” The Diplomat, December 15, 2023, https://thediplomat.com/2023/12/understanding-chinas-position-on-the-israel-palestine-conflict/.
7 Associated Press, “China Inks ‘Strategic Partnership’ With Palestinian Authority as it Expands Middle East Presence,” Voice of America News, June 14, 2023,  https://www.voanews.com/a/china-inks-strategic-partnership-with-palestinian-authority-as-it-expands-middle-east-presence/7137163.html.
8 Lena H. Sun, “China Sets Official Ties with Israel,” The Washington Post, January 25, 1992, https://www.washingtonpost.com/archive/politics/1992/01/25/china-sets-official-ties-with-israel/2c61f87d-223e-426d-98be-10ca7c358dc0/.
9 Tomer Fadlon, Israel-China Trade Slump: Turning Point or Correction? (Tel Aviv: Institute for National Security Studies, April 7, 2024), https://www.inss.org.il/publication/china-israel-goods/.
10 Laura Zhou, “For China-Israel ties, the ‘honeymoon is certainly over’, policy expert says,” South China Morning Post, June 6, 2024, https://www.scmp.com/news/china/diplomacy/article/3265517/china-israel-ties-honeymoon-certainly-over-says-policy-expert.
11 Interviews conducted by authors in Shanghai, China, April 2024.
12 Gao Han and Liu Shengxiang, China’s Middle East Major Country Diplomacy Against the Background of Upheaval in the Middle East (Washington, DC: CSIS Interpret China, May 1, 2020), https://interpret.csis.org/translations/chinas-middle-east-major-country-diplomacy-against-the-background-of-upheaval-in-the-middle-east/.
13 Sharone Tobias, “Why did China release an Israeli-Palestinian peace plan?,” Asia Unbound (blog), May 14, 2013, https://www.cfr.org/blog/sharone-tobias-why-did-china-release-israeli-palestinian-peace-plan.
14 Michael Weissenstein, “China presents UN with vague Mideast peace plan as US promotes its own role in easing Gaza war,” Associated Press, November 29, 2023, https://apnews.com/article/israel-palestinians-gaza-middle-east-united-nations-b66f15460296169e32e38c90286db1df.
15 Cary Huang, “Xi proposes four-point plan to resolve Palestinian issue,” South China Morning Post, May 6, 2013, https://www.scmp.com/news/china/article/1231358/xi-proposes-four-point-plan-resolve-palestinian-issue?campaign=1231358&module=perpetual_scroll_0&pgtype=article.
16 “China’s Arab Policy Paper,” State Council of the People’s Republic of China, January 2016,  https://english.www.gov.cn/archive/publications/2016/01/13/content_281475271412746.htm.
17 “The Global Security Initiative Concept Paper,” Ministry of Foreign Affairs of the People’s Republic of China, February 21, 2023, https://www.fmprc.gov.cn/mfa_eng/wjbxw/202302/t20230221_11028348.html.
18 Ibid.
19 Congressional Research Service, China and the Middle East and North Africa, In Focus Report, (Washington, DC: Congressional Research Service, August 4, 2023), https://crsreports.congress.gov/product/pdf/IF/IF12469.
20 Howard J. Shatz, “Middle East-China Trade Prospects Remain Robust Despite Red Sea Crisis,” The RAND Blog (blog) [originally published on Al-Monitor], February 8, 2024, https://www.rand.org/pubs/commentary/2024/02/middle-east-china-trade-prospects-remain-robust-despite.html.
21 “China, Bahrain establish comprehensive strategic partnership,” State Council of the People’s Republic of China,  May 31, 2024, https://english.www.gov.cn/news/202405/31/content_WS6659c5e5c6d0868f4e8e7b42.html#:~:text=China%2C%20Bahrain%20establish%20comprehensive%20strategic%20partnership&text=BEIJING%2C%20May%2031%20%2D%2D%20Chinese,new%20milestone%20in%20bilateral%20relations.
22 Ahmed Aboudou, “Will China Project Hard Military Power in the Middle East,” Kalam (Chatham House blog), August 22, 2023, https://kalam.chathamhouse.org/articles/will-china-project-hard-military-power-in-the-middle-east/.
23 Alvite Ningthoujam, “The Middle East: An Emerging Market for Chinese Arms Exports,” The Diplomat, June 25, 2021, https://thediplomat.com/2021/06/the-middle-east-an-emerging-market-for-chinese-arms-exports/.
24 Alex Vines, Henry Tugendhat, and Armida van Rij, Is China Eyeing a Second Military Base in Africa?, (Washington, DC: United States Institute of Peace, January 30, 2024), https://www.usip.org/publications/2024/01/china-eyeing-second-military-base-africa.
25 Jesse Marks, China’s Evolving Conflict Mediation in the Middle East, (Washington DC: Middle East Institute, March 25, 2022), https://www.mei.edu/publications/chinas-evolving-conflict-mediation-middle-east.
26 Ibid.
27 “The U.S. Imposes Sanctions on Chinese Companies for Transporting Iranian Oil,” U.S. Department of State, September 25, 2019, https://2017-2021.state.gov/the-united-states-imposes-sanctions-on-chinese-companies-for-transporting-iranian-oil/.
28 “Red Sea Attacks Pose Billions Worth Of Risks For China, India,” Asia Financial, January 16, 2024,  https://www.asiafinancial.com/red-sea-attacks-pose-billions-worth-of-risks-for-china-india.
29 Lee Ying Shan, “China’s largest shipper reportedly suspends trips to Israel as Red Sea tensions mount,” CNBC, January 8, 2024, https://www.cnbc.com/2024/01/08/chinese-shipper-cosco-reportedly-stops-trips-to-israel-amid-red-sea-tensions.html#:~:text=China’s%20largest%20shipper%20reportedly%20suspends%20trips%20to%20Israel%20as%20Red%20Sea%20tensions%20mount,-Published%20Mon%2C%20Jan&text=Chinese%20state%2Downed%20shipping%20giant,mount%2C%20Israeli%20state%20media%20reported.
30 “China sends warships to Middle East as Houthi Red Sea attacks increase,” The National, February 24, 2024, https://www.thenationalnews.com/world/2024/02/24/china-sends-warships-to-middle-east-as-houthi-red-sea-attacks-increase/.
31 “The Middle East in the Wake of October 7: Interview with Tarik M. Yousef Marking 100 Afkār Posts,” Afkār (blog), May 30, 2024, https://mecouncil.org/blog_posts/the-middle-east-in-the-wake-of-october-7-a-special-interview-with-tarik-m-yousef-marking-100-afkar-post/.
32 Nancy A. Youssef, Gordon Lubold, and Michael R. Gordon, “U.S. Shuffles Military Assets in Middle East After Gulf Pushback,” Wall Street Journal, May 3, 2024, https://www.wsj.com/politics/national-security/u-s-shuffles-military-assets-in-middle-east-after-gulf-pushback-e728e357.
33 Michael Robbins, Amaney Jamal, and Mark Tessler, “America Is Losing the Arab World and China Is Reaping the Benefits,” Foreign Affairs, June 11, 2024, https://www.foreignaffairs.com/united-states/america-losing-arab-world.  
34 “Special Envoy Zhai Jun of the Chinese Government on the Middle East Issue Has a Group Meeting with Diplomatic Envoys of Arab States to China and Head of the Representative Office of the League of Arab States in China,” Ministry of Foreign Affairs of the People’s Republic of China, April 30, 2024, https://www.mfa.gov.cn/eng/wjbxw/202404/t20240430_11291829.html#:~:text=Home%20%3E%20MFA%20News-,Special%20Envoy%20Zhai%20Jun%20of%20the%20Chinese%20Government%20on%20the,of%20Arab%20States%20in%20China.
35 Judy Dempsey, “Judy Asks: Have the Europeans Any Influence in the Israeli-Palestinian Conflict?” Judy Dempsey’s Strategic Europe (blog), February 2, 2023, https://carnegieendowment.org/europe/strategic-europe/2023/02/judy-asks-have-the-europeans-any-influence-in-the-israeli-palestinian-conflict?lang=en&center=europe.
36 Stephanie van den Berg and Anthony Deutsch, “World Court Orders Israel to Halt Assault on Gaza’s Rafah,” Reuters, May 25, 2024, https://www.reuters.com/world/world-court-rule-request-halt-israels-rafah-offensive-2024-05-24/.
37 “Order of 26 January 2024,” International Court of Justice, January 26, 2024, https://www.icj-cij.org/node/203447#:~:text=It%20refers%20to%20the%20rights,and%20conspiracy%20to%20commit%20genocide.
38 “China tells ICJ justice ‘must not be denied’ to Palestinians,” Al Jazeera, February 22, 2024,  https://www.aljazeera.com/news/2024/2/22/china-tells-icj-justice-must-not-be-denied-to-palestinians.
39 “US House Seeks to Sanction ICC After Warrant Seeking for Israel’s Netanyahu,” Al Jazeera, June 5, 2024, https://www.aljazeera.com/news/2024/6/5/us-house-seeks-to-sanction-icc-for-accusing-israel-of-gaza-war-crimes.