يشكّل المجال البحري ركناً محورياً في منظومة الأمن القومي والتخطيط الاقتصادي الإستراتيجي في الخليج، بحكم اعتماد دول المنطقة على نقل المواد الهيدروكربونية، ما يستدعي وجود نظام بحري فعّال. وقد تعاظمت الحاجة إلى نظام مستقرّ قائم على قواعد واضحة في السنوات الأخيرة، مع تركيز دول مجلس التعاون الخليجي على تطوير قطاعاتها البحرية غير النفطية عبر ضخّ استثمارات هائلة في تحديث الأساطيل وتعزيز المرافق والبنى التحتية وتنفيذ برامج استدامة بحرية، فضلاً عن تبنّي تقنيات الجيل الجديد، بما فيها دمج الذكاء الاصطناعي في منظومات تشغيل الموانئ.
تُشير ورقة السياسات هذه إلى أنّ الجهات الفاعلة الإقليمية تضاعف جهودها لحماية أمن المجال البحري، انطلاقاً من أربع مقاربات متمايزة ومتداخلة في آن معاً. ورغم التباين الظاهر في هذه الإجراءات، فإنّها تعكس مجتمعةً واقعاً جيوسياسياً متغيّراً في عالمٍ يزداد تعقيداً وتشعّباً تتوزّع فيه مراكز النفوذ أكثر من أيّ وقت مضى، وتتصاعد الشكوك بشأن استمراريّة الضمانات الأمنية الأمريكية.
في هذا السياق، أطلقت وزارة النقل السعودية مبادرة الموانئ الذكية (موانئ) التي تدمج أنظمة أمان وسلامة معتمدة على الذكاء الاصطناعي ضمن شبكة موانئ المملكة.1 كما تعمل الإمارات على تعزيز عمليّاتها البحرية من خلال مشروع “ساتغيت” الذي يُوظّف تقنيات الأقمار الصناعية والذكاء الاصطناعي.2 وتساهم هذه البرامج في دعم مساعي الدول الخليجية لتنويع اقتصاداتها بعيداً عن مصادر الطاقة، عبر جذب الاستثمارات ونقل التكنولوجيا وخلق الوظائف وتوليد إيرادات غير نفطية، إذ بات يُنظر إلى القطاع البحري بوصفه ركيزة للجهود الإقليمية الرامية إلى دعم المرونة المجتمعية وبناء مستقبل مزدهر من خلال تعزيز القدرة التنافسية والاستدامة.
على سبيل المثال، تسعى سلطنة عُمان إلى ترسيخ موقعها كمركزٍ محوري لإعادة الشحن بين الشرق الأوسط وشرق أفريقيا وشبه القارة الهندية وشرق آسيا،3 مستفيدةً من المنطقة الصناعية في ميناء الدقم الواقع في منتصف الساحل العُماني، وميناء صلالة في الجنوب. وتسلك شركة “موانئ دبي العالمية” المملوكة من حكومة دبي المسار ذاته، انطلاقاً من قاعدتها في جبل علي. 4 أمّا قطر، التي رسّخت مكانتها في العقد الماضي كلاعبٍ بارزٍ في قطاع موانئ الحاويات، فتحاول اليوم الاستفادة من البنية التحتية المتطوّرة لموانئها ومناطقها الحرّة لتعزيز دورها كمركزٍ لإعادة تصدير مجموعة معيّنة من السلع العالية القيمة.
من ناحية أخرى، تواجه دول مجلس التعاون الخليجي الستّة تحدّيات متزايدة في مجال الأمن البحري، بما فيها خطر اندلاع مواجهات عسكرية بحرية، لا سيّما بين الولايات المتحدة وإيران، ليس في الخليج العربي فحسب، بل أيضاً في خليج عُمان وخليج عدن والبحر الأحمر، وصولاً إلى المحيط الهندي الأوسع. كما تخشى هذه الدول سيناريوهات حيث تُورّطها الولايات المتحدة في عسكرة التوتّرات البحرية بين واشنطن وبكين. وتشمل مصادر القلق الأخرى الإرهاب والقرصنة والجريمة المنظّمة والتهريب والإتجار بالسلع غير المشروعة. رغم هذا الواقع، لطالما افتقرت الدول الخليجية إلى القدرة الكافية لمواجهة هذه التحديات باستخدام القوّة الصلبة، ما يدفعها اليوم إلى ضمان أمن محيطها البحري انطلاقاً من أربع إستراتيجيات رئيسيّة:
على مدى السنوات الخمسة الماضية، عزّزت دول مجلس التعاون الخليجي كافة، باستثناء الإمارات، انخراطها في “القوّات البحرية المشتركة” (CMF) بقيادة الولايات المتحدة، والتي تضمّ خمس “قوّات واجب”، وهي فرق عمل مشتركة لكلّ منها دور محدّد. وتتّخذ “قوّة الواجب المختلطة 152” من البحرين مقرّاً لها، وتتولّى مسؤولية ضمان أمن منطقة الخليج، وكان أكثر من نصف قادتها من دول مجلس التعاون أو من الأردن. وتضطلع هذه القوّة بدور محوري في تنسيق الاستجابات البحرية المحلية لمواجهة التهديدات في الخليج العربي، كما تعمل كنقطة اتصال موحّدة بين مراكز العمليات البحرية الوطنية في دول المنطقة.5
إلى ذلك، تشارك دول مجلس التعاون الخليجي بنشاط متزايد في “قوّة الواجب المختلطة 153” التي أُنشئت في أبريل 2022 للتعامل مع التهديدات المتصاعدة من الحوثيين باليمن في المياه المحيطة بمضيق باب المندب. في هذا الإطار، فعّلت السعودية انتشار أسطولها الغربي، في تحوّلٍ لافت عن مساهماتها السابقة في “القوّات البحرية المشتركة” والتي كانت تتمّ عبر أسطولها الشرقي المتمركز في الجبيل ضمن الخليج.6 وعلى الرغم من انسحاب الإمارات من القوّة البحرية الموحّدة في العام 2023 بعد 19 عاماً من المشاركة، فإنّها لا تزال من الأعضاء المؤسّسين “للتحالف الدولي لأمن وحماية حرية الملاحة البحرية” (IMSC) إلى جانب السعودية والبحرين؛7 وهو ائتلاف أُطلق عام 2019 بقيادة مشتركة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، بهدف التصدّي للتهديدات المتزايدة في الممرّات البحرية الرئيسية، مثل مضيق هرمز.
إلى جانب الانتشار العسكري التقليدي، تسعى دول مجلس التعاون الخليجي الستّة إلى ترسيخ حضورها ضمن برامج الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا البحرية المتقدّمة التي تشرف عليها القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM)، وذلك من خلال الانخراط في “قوة المهام 59” التي أُنشئت عام 2021 كأوّل وحدة في البحرية الأمريكية تُركّز على التشغيل الميداني للأنظمة غير المأهولة والذكاء الاصطناعي، وتتولّى مسؤولية دمج هذه الأنظمة في العمليات البحرية ضمن نطاق مسؤولية القيادة المركزية.8
وتضمّ البحرين أحد المركزَين التشغيليين الرئيسيين في مجال الذكاء الاصطناعي في القطاع البحري والأنظمة غير المأهولة اللذين تديرهما القيادة المركزية. ففي العام الأوّل لإطلاق “قوّة المهام 59″، وقّعت المنامة وواشنطن اتفاقية للتعاون الثنائي في مجال الذكاء الاصطناعي البحري، تلاها تعاونٌ في إدماج الزوارق السطحية غير المأهولة من طراز MANTAS T-12 في العمليات المشتركة، إلى جانب استخدام الذكاء الاصطناعي في مهام المراقبة البحرية.9 ومنذ ذلك الحين، شاركت الدول الخليجية في سلسلةٍ من المناورات البحرية التي نظّمتها القيادة المركزية وتركّز على تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
يتيح هذا التعاون لدول مجلس التعاون الوصول إلى أحدث التقنيات في مجالات ذات أولوية، تشمل أنظمة القيادة والسيطرة المتعدّدة المنصّات، وجمع المعلومات الاستخباراتية الفورية، ومهام الرصد والكشف. كما تؤدي الدول الخليجية دوراً محورياً في برنامج “المحيط الرقمي” التابع للقيادة المركزية الأمريكية، والذي يتضمّن نشر مئات أجهزة الاستشعار العائمة عبر نحو 3,2 مليون ميل مربع من المياه الدولية التي تقع ضمن نطاق مسؤولية القيادة المركزية.
بالتوازي مع تعزيز التعاون التكنولوجي مع القوّات البحرية الأمريكية، تعمل دول مجلس التعاون الخليجي الستّة على تنفيذ خطط طموحة لتوسيع أساطيلها، وتعزيز توطين الإنفاق على الدفاع البحري من خلال تطوير قطاعات صناعية بحرية محليّة. في السعودية، تتولّى “الهيئة العامة للصناعات العسكرية” و”الشركة السعودية للصناعات العسكرية”، منذ تأسيسهما في العام 2017، الإشراف على برامج رئيسية من أبرزها “برنامج التوسّع البحري السعودي الثاني” (SNEP-II)، وهو مشروع بمليارات الدولارات لتحديث القوّات البحرية الملكية بالتعاون مع شركاء دوليين، مع تركيز خاص على الأسطول الشرقي العامل في مياه الخليج. ويُشكّل “مشروع طويق” إحدى الركائز الأساسية لهذا البرنامج، ويهدف إلى تزويد الأسطول بسفن قتالية سطحية متعدّدة المهام (MMSC) ، وهي سفن حربية متقدّمة بحجم الفرقاطة، مستوحاة من فئة “فريدوم” الأمريكية لسفن القتال الساحلي.10
من جهتها، تواصل الإمارات تعزيز أسطولها. فبين عامَي 2018 و2024، أبرمت أبوظبي صفقات لشراء فرقاطات من فرنسا، وأنظمة تسليح بحرية من إيطاليا، وزوارق دوريات من هولندا، وطرادات من سنغافورة، وسفينة هجومية برمائية من إندونيسيا.11 بالتوازي مع هذا التوسّع في القوّة الصلبة، تمتلك الإمارات البرنامج الصناعي البحري المحلّي الأكثر تطوّراً في الخليج. فقد طوّرت مجموعة “إيدج” وشركاتها الفرعية، بما فيها “شركة أبوظبي لبناء السفن”، مجموعة من السفن البحرية المأهولة وغير المأهولة، إلى جانب تقنيات بحرية أخرى، سواء بشكل مستقل أو بالتعاون مع شركاء خارجيين.12
شرعت قطر أيضاً في السنوات الماضية في تنفيذ خطّة طموحة لتوسيع قدراتها البحرية، بالتعاون مع شركاء من تركيا وإيطاليا بشكل رئيسي. وشملت هذه الصفقات مروحيات بحرية مضادّة للغواصات، وطرادات مزوّدة بقدرات دفاع جوي بعيدة المدى،13 وزوارق هجومية سريعة مزوّدة برادارات وأنظمة كهروبصرية متقدّمة.14 أمّا البحرين والكويت فتعملان على تعزيز قدراتهما الساحلية تعزيزاً تدريجياً، من خلال التعاون مع شركاء من خارج مجلس التعاون.15 وفي الاتجاه ذاته، كلّفت سلطنة عُمان شركة “هافلسان” (HAVELSAN) التركية بتحديث أنظمة القيادة والتحكّم في أسطولها البحري بالكامل.16
تتّخذ دول مجلس التعاون الخليجي خطوات ملموسة بغية تنويع شراكاتها في مجال الأمن البحري، من خلال تعزيز التعاون الثنائي والمتعدّد الأطراف خارج الأُطر التي تقودها الولايات المتحدة. وتبذل هذه الجهود في المجال البحري الإقليمي حيث تنشط معظم القوى البحرية العالمية الكبرى، من بينها الولايات المتحدة والصين وروسيا والمملكة المتحدة واليابان والهند وإندونيسيا وفرنسا وكوريا الجنوبية وإيطاليا وتركيا. وفي العام 2024، وقّعت سلطنة عُمان اتفاقية مع “عملية أتلانتا” التابعة لقوّة الاتحاد الأوروبي البحرية المعروفة سابقاً باسم (EUNAVFOR Somalia) للتعاون في مجالات تبادل المعلومات والتنسيق والدعم اللوجستي.17
وفي السنوات الأخيرة، شاركت الهند في مناورات ثنائية مع جميع دول مجلس التعاون الخليجي الستّة. وفي العام 2022، نشرت سرباً من سفن التدريب في الخليج. كما عزّزت تعاونها البحري مع دول مجلس التعاون في ما يتعلّق بالوصول إلى الموانئ الإستراتيجية، بما في ذلك استخدام ميناء الدقم والمشاركة في مناورات متعدّدة الأطراف، مثل التمرين بين الهند والإمارات وفرنسا في خليج عُمان عام 2023، إضافة إلى اتفاقيات دفاعية تهدف أساساً إلى تعزيز قابلية التشغيل البيني مع القوات البحرية الخليجية.18
إنّ هذا النهج المزدوج القائم على ترسيخ الاعتماد الأمني على الولايات المتحدة من جهة، وتنويع مصادر القوّة البحرية وتمتين الروابط مع مجموعة من الشركاء في مجال الأمن البحري غير الولايات المتحدة من جهة ثانية، قد يبدو متناقضاً، لكنّه، كما أُشير سابقاً، يعكس التحوّلات الجيوسياسية الراهنة والشكوك المتزايدة حيال التزام واشنطن وفعالية دورها في توفير الأمن الإقليمي، بما في ذلك في المجال البحري.
اللافت أنّ سلطنة عُمان هي الدولة الوحيدة من بين دول مجلس التعاون الخليجي التي شاركت في مناورات “حزام الأمن البحري” السنوية التي تنظّمها روسيا والصين وإيران.19 في المقابل، نسجت دول مجلس التعاون كافة علاقات إيجابية مع الصين في المجال البحري، وفي مجالات اقتصادية وتكنولوجية أخرى. وفي الوقت نفسه، ورغم الروابط البحرية الوثيقة بين الدول الخليجية والولايات المتحدة، وحدها البحرين شاركت في عملية “حارس الازدهار”، أي التحالف البحري الذي أطلقته واشنطن في ديسمبر 2023 للردّ على هجمات الحوثيين في البحر الأحمر.20
يتجلّى هذا التموضع الإستراتيجي البراغماتي في تنامي توجّه دول مجلس التعاون إلى اعتبار المجال البحري مورداً بحدّ ذاته، وأداة من أدوات القوّة الناعمة التي تتيح لها بناء علاقات عبر النظام الدولي، بما يعزّز أمنها ويمكّنها من الاضطلاع بدور أكثر فعالية وتأثيراً على الساحة العالمية.
بالنسبة إلى الدول الخليجية، يشكّل الترابط البحري إستراتيجيّةً تهدف إلى تحويل العوائد الاقتصادية في المجال البحري إلى قوّة ناعمة. وتبرز سلطنة عُمان في هذا السياق، حيث توظّف منظومة موانئها كأداة للقوّة الناعمة، مستفيدةً من موقعها الجغرافي المناسب وموثوقيّتها الجيوسياسية كقاعدةٍ بحريةٍ خارج مضيق هرمز، ما يجنّبها تحديات فائض الطاقة الاستيعابية في الموانئ، واختناقات الشحن، وغيرها من مواطن الضعف في الأمن البحري داخل الخليج.
من جهتها، تعتمد الإمارات في مقاربتها للترابط البحري على شركة “موانئ دبي العالمية” التي تمتلك وتشغّل 60 محطة بحرية مخصّصة للحاويات وغيرها، على امتداد خمس قارات.21 وتربط الإمارات بين هذه الشبكة المتطوّرة للموانئ ومصالحها الجيوسياسية والأمنية في مناطق متعدّدة، ما يُمكّنها من تعويض الاختلال في موازين القوى التقليدية مع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية الأكبر حجماً، في إطار سعيها إلى ترسيخ مكانتها كقوّة ناشئة على الساحة الدولية.
تمحورت طموحات قطر في مجال الترابط البحري حول تصدير الغاز الطبيعي المسال عبر البحر إلى أمريكا اللاتينية وأوروبا وآسيا، وبشكلٍ متزايد إلى أفريقيا. وقد شكّلت العلاقة الحيوية بين الترابط البحري والقدرة الوطنية على الصمود أحد أهمّ الدروس التي أفرزتها أزمة الخليج في العام 2017 .22 فخلال ذلك الانقطاع غير المسبوق في العلاقات الخليجية، شكّلت التعبئة البحرية التي قادتها الدوحة عاملاً حاسماً في ضمان استقرار سلاسل الإمداد واستدامتها، كما أنّ قدرتها على المحافظة على روابطها مع عملائها في أسواق الغاز حول العالم مكّنتها من حماية مصالحها الإستراتيجية الأساسية، بل واستكشاف فرص جديدة رغم الحصار. وقد سلّط ذلك الضوء على أهمية بناء ترابط عالمي عميق كوسيلة لتعويض آثار العزلة الإقليمية.
انطلاقاً من هذه المقاربات، تَمكّن صنّاع السياسات في الدول الخليجية من توظيف القوّة البحرية التجارية بطريقة مبتكرة لتعزيز مرونتهم. كما أظهروا أربع سمات مشتركة لافتة:
على الرغم من أنّ هذه الإستراتيجيات تمنح الدول مكاسب اقتصادية وعمقاً استراتيجياً ومكانة دولية، فإنّ القوّة الناعمة الناشئة عن الترابط قد تولّد بدورها توتّرات بين المتنافسين، لا بل بين الشركاء، لا تختلف كثيراً عن تلك التي تثيرها أدوات القوّة الصلبة. ومع ذلك، وبرغم مخاطر ما وصفه براناغان وجيوليانوتي23بـ”عدم التمكين الناعم”، يبقى توظيف الترابط البحري بوصفه مصدراً من مصادر القوة الناعمة عاملاً مهمّاً يحقّق فوائد كبيرة.
لا يستبعد ما تقدّم أن تشهد السنوات المقبلة توسّعاً إضافياً في انخراط الدول الخليجية في المجال البحري. فمن المرجّح أن تواصل دول مجلس التعاون تعزيز قدراتها البحرية في مجال القوة الصلبة، سواء عبر شراء منظومات دفاعية متطوّرة من الخارج أو من خلال تطوير صناعاتها العسكرية الوطنية. فقد وضعت السعودية على سبيل المثال هدفاً طموحاً يتمثّل في تصنيع كلّ سفنها الحربية الجديدة محلياً بحلول العام 2030.
كذلك، ستبقى الدول الخليجية مشاركاً نشطاً في الائتلافات الدولية المعنيّة بالأمن البحري التي تقودها قوى إقليمية ودولية عبر المحيط الهندي الأوسع. وعلى المدى المتوسّط، قد تتطلّع هذه الدول إلى إنشاء وقيادة تحالفاتها البحرية الخاصة. وقد أرست السعودية بالفعل سابقةً في هذا الاتجاه بإطلاق مجلس الدول العربية والأفريقية المطلّة على البحر الأحمر وخليج عدن عام 2020 بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي والدفاعي بين أعضائه.25
من المرجّح أن تواصل الدول الستّة في مجلس التعاون تطوير سياساتها وبرامجها وتحديثها بما يعمّق ترابطها في المجال البحري، على نحو يرسّخ التنويع والأمن الداخلي، ويمنحها فرصاً للتأثير في النظام البحري، ويوسّع نفوذها إلى ما وراء سواحلها.