في إطار إطلاق مبادرة الدوحة بشأن السياسة الصحية في الجنوب العالمي، نظّم مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدوليّة ومؤسسة بيل ومليندا غيتس، بالتعاون مع وزارة الخارجية القطرية، ندوةً عامةً رفيعة المستوى تحت عنوان: “تعزيز خدمات الرعاية الصحية الأولية في الجنوب العالمي: التحديات والحلول”، يوم الإثنين، 19 فبراير 2024 في فندق شيراتون جراند الدوحة ومركز المؤتمرات، قطر، بحضور ممثّلين رفيعي المستوى عن تسعة بلدان منخفضة ومتوسطة الدخل في أفريقيا وآسيا، وخبراءٌ دوليون، بالإضافة إلى ممثّلين عن الجهات القطرية المعنيّة، على رأسها وزارة الصحة العامة القطرية وصندوق قطر للتنمية وجامعة قطر وجامعة حمد بن خليفة.
افتُتِحت الندوة بكلمة ألقتها سعادة الدكتورة حنان محمد الكواري، وزيرة الصحة العامة بدولة قطر، أكّدت فيها على “أنّ النظام الصحي بدولة قطر قام خلال العقد الماضي بتطوير وتعزيز خدمات الرعاية الصحية الأولية والبنية التحتية مع التركيز على الوقاية والتدخّل المبكر بهدف تحسين النتائج الصحية للمرضى وتعزيز جودة الحياة بشكل عام”. ونوّهت أنّه “على الرغم من التحسينات الكبيرة التي حدثت على مدى العقود الماضية، فإنّ الحصول على الرعاية الصحية الأولية حتى الخدمات الصحية الأساسية، يمثّل تحدّياً في عدد من البلدان بسبب البعد الجغرافي، وعدم ملائمة البنية التحتية، والنقص في الطواقم الطبية المدرّبة إلى جانب تدهور الأوضاع بسبب الصراعات والمشاكل البيئية، ونقص الموارد، وسوء الإدارة والتوجيه التي زادت الوضع سوءاً. وأعربت سعادة الدكتورة عن أملها “أن تتمكّن هذه المبادرة، التي تتماشى تماماً مع الإستراتيجيات الصحية العالمية المتّفق عليها دولياً، من المساهمة بشكل جماعي في تعزيز الرعاية الصحية الأولية في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، والاستثمار في بنيتها التحتية وقوتها العاملة ومواردها لتمكين الأفراد والمجتمعات من تولّي مسؤولية صحتهم ورفاهيتهم”.
وألقت سعادة السيدة لولوة بنت راشد الخاطر، وزير الدولة للتعاون الدولي بوزارة الخارجية القطرية، الكلمة الختامية عبّرت فيها عن شكرها للمنظّمين، وقالت إنّ “التركيز على قضايا الصحة العامة في الجنوب العالمي يتماشى بشكل وثيق مع أولويات التنمية في البلاد والرؤية الإستراتيجية لصندوق قطر للتنمية”. وأكّدت سعادتها التزام دولة قطر بدعم الوصول إلى الرعاية الصحية الأولية في الجنوب العالمي، مع ضمان أن يؤدّي هذا الدعم إلى تعزيز الرعاية الصحية ونتائج التنمية. وأشارت إلى أهمية مثل هذه المبادرات لفهم العوائق الحالية التي تعترض التقدم، من خلال تمكين المسؤولين والخبراء في مجال الصحة العامة قي الجنوب العالمي من المشاركة بفعالية وانفتاح أكبر، وبالتالي ضمان نجاح الجهد الجماعي.
وفي الكلمة التي ألقاها الدكتور كريس إلياس، رئيس قسم التنمية العالمية في مؤسسة بيل ومليندا غيتس، شدّد على أهميّة منصات الحوار الجديدة على غرار مبادرة الدوحة بشأن السياسة الصحية في الجنوب العالمي، وقال إنّه “على مدى السنوات العشرين الماضية، نجح العالم في خفض معدّلات وفيات الأطفال إلى النصف”، مضيفاً أنّ العقد الماضي شهد تباطؤاً في هذا المجال وأنّه “من أجل العودة إلى المسار الصحيح لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، نحن بحاجة إلى مقاربة أكثر شمولية تلبّي احتياجات العاملين في مجال الصحة المجتمعية”. وأشار إلى أنّه “متفائل أنّه من خلال شراكات جديدة كالمبادرة التي أطلقناها اليوم من قلب العاصمة القطرية الدوحة والتي توفّر للقادة من الجنوب العالمي منصّة لمشاركة أولوياتهم وتحدّياتهم، يمكننا مرّة أخرى تسريع التقدم نحو هذه الأهداف”.
من جهته، ألقى الدكتور طارق يوسف، مدير مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية، كلمة رحّب فيها بالحضور وشكر القيّمين في وزارة الخارجية القطرية على الدعم الذي قدّموه في تنظيم هذه الفعالية ومؤسسة بيل ومليندا غيتس على التزام المعنيين فيها برفع التوعية لأهمية الرعاية الصحية. وعن الاجتماع الافتتاحي لهذه المبادرة، قال يوسف: “على مدى اليومين المقبلين سنعقد اجتماعات مغلقة حيث سيقوم فيها الممثّلون عن البلدان التسعة الحاضرة من الجنوب العالمي، بمشاركة أفكارهم من أجل تحديد المشاكل والتحديات واقتراح الحلول. ويتمثّل دورنا في تسهيل هذه المناقشات والتوصّل إلى أفضل السبل لتقديم المساعدة بشكل جماعي من خلال هذه المبادرة التي تقوم على تبادل المعرفة والخبرات، وتهدف إلى تمكين الجنوب العالمي من تحديد الخطوات التالية لتحقيق الأهداف المرجوّة في الجنوب العالمي.”
وشارك في الندوة كلّ من سعادة الدكتور صالح المري، مساعد وزير الصحة العامة للشؤون الصحية بدولة قطر؛ والدكتورة رنا الحجّة، مديرة إدارة البرامج في المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط؛ والدكتور ديو نشيميريمانا، عضو في الفريق الاستشاري التقني الإقليمي التابع لمنظمة الصحة العالمية والمعنيّ بالتمنيع في المنطقة الأفريقية والمدير السابق لقسم التمنيع وتطوير اللقاحات في المكتب الإقليمي لأفريقيا التابع لمنظمة الصحة العالمية؛ وسعادة السيدة جوي فومافي، الأمينة التنفيذية في تحالف القادة الأفريقيين لمكافحة الملاريا ووزيرة الصحة السابقة في بوتسوانا.
ناقشت الندوة، التي أدارها الدكتور يوسف، السبلَ التي يمكن أن تدعم قطر من خلالها البلدانَ التي تواجه التحدّيات في الوصول إلى الرعاية الصحية، انطلاقاً من تجربتها القيّمة ودورها الجوهري في منظمة الصحة العالمية وغيرها من المنظمات العالمية.
وتهدف مبادرة الدوحة بشأن السياسة الصحية في الجنوب العالمي إلى إنشاء حوار تعاوني ومنصة تمكّن دول الجنوب العالمي التعمّق في القضايا التي تواجهها والحلول التي يمكنها تنفيذها لتحسين أنظمتها الصحية. وتسعى هذه المبادرة إلى دعم البلدان المنخفضة والمتوسّطة الدخل لتحقيق المؤشرات الصحية لأهداف التنمية المستدامة التي تشتدّ الحاجة إليها من خلال تقديم المساعدة التقنية والمالية الضرورية لبلوغ هذه الغاية.