opinion

خطاب أوباما للشرق الأوسط:

الرسالة لم تصل

مايو 2011
20 مايو، 2011

ما الذي يجب على اللاجئين الفلسطينيين فعله أكثر من تسلق الحدود مع إسرائيل في مرتفعات الجولان ولبنان حتى يجذبوا انتباه الرئيس أوباما؟ للمرة الأولى يقرر اللاجئون الفلسطينيون في سوريا ولبنان، على غرار أشقائهم العرب، أن يخرجوا في مسيرات ضد مصدر إحباطهم، واضعين الدعوة إلى الحرية في الشرق الأوسط في مستوى جديد. ومع ذلك، فالرد الذي تلقوه من الرئيس أوباما هو أن قضيتهم عليها الانتظار. من الواضح أن رسالتهم لم يتم تلقيها.

يذكرنا خطاب الرئيس بمفاوضات أوسلو 1993 وفلسفتها في التفاوض حول أجزاء من المشكلة فقط وترك القضايا المصيرية للمجهول. ربما كان لهذا النهج معنى في عام 1993، ولكن اليوم، بعد 18 سنة من المفاوضات العقيمة، أصبح من غير الواضح ما هي المدة التي على اللاجئين انتظارها حتى تصبح قضيتهم على طاولة النقاش. في الواقع، وبسبب هذا الإحباط وعدم اليقين بشأن المستقبل، خرج الملايين في العالم العربي إلى الشوارع سعياً للإطاحة بقادتهم.

واجه الرئيس أوباما المعضلة نفسها التي انتهجتها السياسة الخارجية الأميركية في العقود الماضية في الشرق الأوسط: دعم مطلق للحرية والديمقراطية في بعض البلدان مقارنة مع “التشجيع على التفاوض والحوار” في بلدان أخرى. كان الرئيس حازما بالنسبة للرئيس السوري بشار الأسد. فقد قال الرئيس الأمريكي للرئيس السوري إما أن “يقود عملية التحول أو يخرج من السلطة.” ومع ذلك، فبالنسبة لبلد تحظى بدرجة ثانية من الاهتمام مثل البحرين، أكد الرئيس أن “السبيل الوحيد للتقدم هو دخول الحكومة والمعارضة في حوار.” أما بالنسبة للمستوى الأول، أي مستوى “الصداقة الإسرائيلية “، فإن الالتزام الأميركي “لا يتزعزع “. هذه هي المشكلة نفسها التي ظلت تطعن في مصداقية السياسة الخارجية للولايات المتحدة في المنطقة وأثارت دائما مخاوف من إتباع أمريكا لسياسة الكيل بمكيالين في المنطقة. واجه خطاب أوباما المعضلة نفسها، وبالتالي فإنه ليس من المستغرب انه اقترح أن على اللاجئين الفلسطينيين مواصلة الانتظار، بعد 63 عاماً من الانتظار، لإيجاد حل لشكاواهم.

لقد فشل النهج الانتقائي للقضايا فشلاً ذريعاً على مدى السنوات الثمانية عشر الماضية من المفاوضات. يتطلب السلام في الشرق الأوسط نهجا استنتاجيا وشاملا مع رؤية تبني إطارا لإيجاد حل لجميع القضايا الرئيسية، بما في ذلك اللاجئين. فقد أثبتت قضايا الصراع مرارا وتكرارا أنها قضايا غير قابلة للتجزئة. التعامل مع بعض أجزاء القضية اليوم وترك الأجزاء الأخرى لمستقبل غير مؤكد سوف يؤدي إلى تفاقم الشعور بالإحباط ويوفر الأساس لتقويض أي تقدم يحرز على المستويات الأخرى. من ناحية أخرى فإن التعامل مع السلام كقضية شاملة سوف يساعد جميع الأطراف في مواجهة التحدي ووضع حد لمعاناتهم. للأسف فإن نهج الرئيس أوباما الانتقائي يوحي أنه يسعى إلى تجنب القضايا الحقيقية بدلا من مواجهتها. وكما رأينا في كافة أنحاء الشرق الأوسط إن تجنب المشاكل لا يساعد على القضاء عليها أبدا.

علاوة على ذلك، العفو عن مليار دولار من قروض مصر لن يجعل السياسة الخارجية الأميركية أكثر مصداقية في العالم العربي ولن يساعد الشعب قبول ما أسمته وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون “نهج جديد في السياسة الخارجية الأميركية”. إنه ليس سوى التزام جريء وعالمي بمبادئ العدالة والديمقراطية والحرية التي ستعمل على استعادة مصداقية السياسة الخارجية للولايات المتحدة في المنطقة. لم يكن تفضيل المصالح على القيم نهجا ناجحا للسياسة الخارجية للولايات المتحدة على مدى العقود الماضية. لقد حان الوقت للتغيير.

لقد جهز أوباما بخطابه الساحة بالفعل لمقاومة إعلان الدولة الفلسطينية في سبتمبر. من غير الواضح كيف يمكن لهذا “النهج الجديد في السياسة الخارجية” أن يدعم مطلب الشباب في دمشق من أجل الديمقراطية ويقاوم الدعوة إلى التحرر من الاحتلال في رام الله. ليست انتفاضات الشباب في العالم العربي ضد حكام بعينهم. ولكنهم بالأحرى مدفوعون بالرغبة في الحرية والعدالة والكرامة. هذه قيم عالمية لا تقتصر على شباب مصر وتونس فقط. فاللاجئون الفلسطينيون يتشاركون أيضا في هذه القيم. وهم يعرفون أيضا كيفية الاستفادة من فيسبوك وتويتر ويوتيوب. في الواقع، يعتبر بعض الشباب الفلسطيني أن الاحتجاج هو خط عملهم وتمارسه المنطقة بأسرها بعيدا عن الأراضي الفلسطينية.

لا يبدو أن السلطة الفلسطينية على استعداد للنظر في فكرة سحب اقتراحها الخاص بإعلان الدولة الفلسطينية في سبتمبر، ولاسيما في ظل التوسع المستمر للمستوطنات الإسرائيلية. لقد فشل خطاب أوباما في إقامة أرضية للتعامل مع المواجهة الدبلوماسية المحتملة في سبتمبر. وسوف تستمر السياسة الخارجية الأميركية في المنطقة تناضل في محاولة لإظهار بعض الانسجام بين دعم واضح لتطلعات الشباب في مصر وتونس وسوريا والاعتراض على اقتراح “تقرير المصير” للفلسطينيين. في غضون ذلك، سيواصل اللاجئون اعتبار خطاب الرئيس بمثابة صفعة في وجه معاناتهم الطويلة. ولا عجب في استقالة جورج ميتشل قبل أيام فقط من إلقاء الخطاب.