تعهد مستشار البيت الأبيض لشؤون مكافحة الإرهاب جون برينان والرئيس اليمني الجديد عبد ربه منصور هادي خلال مكالمة هاتفية مؤخرًا “بأن البلدين، جنبًا إلى جنب مع شركاء اليمن الدوليين، سيعملان معًا بشكل وثيق لمواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية باليمن.”
وبالرغم من توقيع اليمنيين لاتفاق نقل السلطة في نوفمبر آملين تحقيق تغيير سياسي دائم، لم تُذكر هذه العملية في هذه المكالمة رفيعة المستوى. وبدون شك تحقق التقدم السياسي بانتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة ائتلافية، لكن لم يتم إجراء تحسينات اقتصادية. كما أصبحت اليمن غير آمنة بشكل متزايد، وذلك بسبب ارتفاع عدد الهجمات باستخدام طائرات بدون طيار بعد الثورة.
ولا عجب في أن واشنطن بوست ذكرت الأسبوع الماضي: “قال مسؤولون أمريكيون أن وكالة المخابرات المركزية (CIA) تتطلع إلى سلطة لتوسيع حملة “الطائرات بدون طيار” الخفية في اليمن من خلال شن هجمات ضد المشتبهين بصلتهم بالإرهاب حتى في حالة عدم معرفة هوية من قد يتم قتلهم.”
منذ تولي الرئيس اليمني الجديد في 25 فبراير، أصبح إقليم أبين جبهة لشن حرب جديدة على “القاعدة في شبه الجزيرة العربية.” وقد أدى قصف إقليم أبين في منتصف مارس إلى مقتل أكثر من 60 مقاتلاً.
وتصاعد العنف في منتصف أبريل؛ حيث قتل 222 شخصًا على الأقل في معارك استمرت لخمسة أيام في محيط مدينة لودر الجنوبية. يبعث هذا التصعيد رسالة واضحة مفادها أنه يتم البحث عن حل إقرار الأمن اليوم بعدوانية أكثر من الرئيس السابق على عبدالله صالح الذي مازال يتمتع بسلطة كبيرة في البلد. كما تقترح الأحداث الأخيرة أن نموذج استثمار الموارد من أجل حل إقرار الأمن – حتى على حساب التنمية الاقتصادية – استمر أيضًا خلال فترة ما بعد صالح باليمن.
ينبغي على المجتمع الدولي أن يفكر بعناية بشأن المساعدة التي سيقدمها، بعد أن تقرر اجتماع “أصدقاء اليمن” في الشهر المقبل. فقد تسبب استثمار الموارد لقتال “القاعدة في شبه الجزيرة العربية” أضرارًا تفوق المنافع.
وخلال السنوات القليلة الماضية، أدى التركيز على الإنفاق العسكري لمؤازرة المعركة ضد “القاعدة في شبه الجزيرة العربية” إلى استمرار عدم الاستقرار الوطني. ويمكن أن يحدث هذا بطريقتين. تتمثل الأولى، في سياق عدم الاستقرار، في إمكانية توظيف الوحدات – التي نشأت للحفاظ على الأمن – لخدمة أجندات سياسية ضيقة. على سبيل المثال، آثرت وحدة مكافحة الإرهاب التي ساعدت الولايات المتحدة على إنشائها وتدريبها، والتي يرأسها السيد يحيى ابن شقيق السيد علي عبدالله صالح، البقاء في صنعاء لحماية الرئيس السابق أثناء الثورة، بدلاً من التحرك في الجنوب للحفاظ على الأمن.
ظلت مؤسسة الأمن باليمن في انقسام بين مؤيدي النظام السابق وبين الرئيس عبد ربه منصور هادي ومؤيديه، مما ينشئ ظروفًا خطيرة فيما يتعلق باستعمال موارد الأمن.
والطريقة الثانية هي أن المعركة ضد “القاعدة في شبه الجزيرة العربية” أنشأت مستفيدين يعتمدون حاليًا على القتال المستمر للبقاء على قيد الحياة. على سبيل المثال، أعلنت “القاعدة في شبه الجزيرة العربية” أن هجومها ضد الجيش اليمني، عقب تولي الرئيس عبد ربه منصور هادي مباشرة، أدى إلى مقتل أكثر من 100 جندي والاستيلاء على أسلحتهم. القاعدة تسلح نفسها بالأسلحة التي تستهدف قتالها.
يعزو بعض المحللين اليمنيين مثل عبد الغني الإيراني نشأة “أنصار الشريعة” – جماعة ذات صلة بـ “القاعدة في شبه الجزيرة العربية” – إلى الهجوم باستخدام طائرات بدون طيار في ديسمبر 2009 الذي نجم عنه مقتل ما يزيد عن 40 شخصًا، كثير منهم من المدنيين. ويقترح السيد إبراهيم الإيراني: “غالبية الآلاف من “أنصار الشريعة” التي تقاتل في أبين الآن لا تنتمي إلى القاعدة؛ بل أثار سخطها ما رأته، “العدوان الأمريكي” … حدث أدى إلى تطرف [الإقليم] بأكمله.”
السبب الثالث الذي يجعل من الأحرى عدم قيام المجتمع الدولي بالاستثمار في هجمات إضافية هو الفشل الذريع لحل إقرار الأمن. فالإنجاز الجدير بالملاحظة للهجمات باستخدام طائرات بدون طيار هو تأزم حالة الأمن على الأرض. ويوافق المحلل السياسي غريغوري جونسن على ذلك مؤكدًا أن “مثل هذا النهج يساهم بالفعل في تفاقم مشكلة القاعدة أكثر من المساهمة في حلها.” أصبحت “القاعدة في شبه الجزيرة العربية”، التي تجد دافعًا لشن الحروب طالما استمرت الهجمات، أقوى مؤخرًا في أبين، حيث فرضت سيطرتها على مناطق مثل أرحاب وجعار وشقرا والروضة وعزان.
بالإضافة إلى ذلك، يُلقي استمرار الهجمات باستخدام طائرات بدون طيار ظلاله على العملية السياسية في اليمن. فالنجاح في البلد يُقاس بعدد القتلى من “القاعدة في شبه الجزيرة العربية”، بدلاً من تنمية نظام سياسي قابل للتطوير بعد صالح. لقد مضت خمسة أشهر منذ توقيع اتفاق نقل السلطة، لكن لم يتم توقيع أية اتفاقيات تتعلق بموقع الحوار الوطني الوشيك أو المشاركين فيه أو الأجندة الخاصة به.
يجب أن يتذكر اجتماع “أصدقاء اليمن” المقرر عقده في 23 مايو أن الصداقة الحقيقية لليمن تستلزم مساعدة البلد على الاكتفاء الذاتي من خلال تقديم معونات اقتصادية وتدشين حوار وطني مستدام وحقيقي وشامل. كما يقتضي الأمر وضع خارطة طريق سياسية واضحة. فقد أدى نقل السلطة بوساطة مجلس التعاون الخليجي إلى سلام هش، كما يوجد عدم ثقة في العملية السياسية. ربما تُرسخ عملية الحوار الوطني الناجح السلام الهش حاليًا.
أدى البحث عن حل لإقرار الأمن في اليمن إلى مزيد من عدم الاستقرار. لذا ينبغي أن تساعد إستراتيجية التنمية التي تتسم بحوار وطني شامل على القضاء على دائرة العنف. وقد حان الوقت لإجراء تغيير جذري في المعتقدات. حل إقرار الأمن ليس بمستدام على المدى الطويل في اليمن، لكن التنمية الاقتصادية وخارطة الطريق السياسية القابلة للتطوير تتسمان بالاستدامة.