أضاف التدخل الروسي في سوريا دينامية جديدة خطيرة إلى صراع متفجّر ومعقد أصلاً. فبدلاً من أن ترمي رسويا من خلالها ضرباتها إلى محاربة الإرهاب الذي أعلنته روسيا، استهدف عدد أكبر من ضرباتها الثوار المعتدلين – الذين “دققت” الولايات المتحدة بخلفياتهم ودعمتهم – فضلاً عن مجموعات أخرى من بين المجموعات السورية المعارضة والتي تدعمها المملكة العربية السعودية أو تركيا أو قطر.
قامت الطائرات الروسية أيضاً بأعمال استفزازية مختلفة: إذ قامت بانتهاك المجال الجوي التركي مرتين (في 3 و4 أكتوبر)؛ وباعتماد خاصية التعقب بالرادار أوتوماتيكياً ضدّ طائرات إف-16 التركية في 5 أكتوبر؛ وباللحاق بطائرة أمريكية في 6 أكتوبر غالباً من أجل جمع معلومات استخباراتية عن أنظمة الأسلحة في الطائرة وتقنياتها الداخلية. وعلاوةً على ذلك، رغم إنكار روسيا ملكية الطائرة الصغيرة بدون طيار التي أسقطتها تركيا في 16 أكتوبر، كانت الطائرة نسخة بديلة عن أورلان-10 الروسية، وهو الطراز نفسه الذي تمّ إسقاطه في أوكرانيا في 29 مايو.
العودة إلى الساحة
من الواضح أنّ تدخّل الرئيس بوتين في سوريا لا يهدف إلى محاربة الإرهاب فحسب، ففي الأشهر التي سبقت أولى الضربات الروسية في سوريا، كان نظام بشار الأسد في أضعف حالاته خلال أكثر من عامين وكانت إيران تتولى مهام الدفاع والهجوم عنه وكأنها المدافع الرئيسي. وكانت روسيا تحتكر توفير الأسلحة لنظام الأسد بشكلٍ شبه كامل؛ واحتفظت البحرية الروسية بمستودع في طرطوس. ولكنّ مسار الصراع أنذر بتقلّص حجم موطئ القدم الروسي الاستراتيجي في سوريا، التي تُعدّ آخر مصادر نفوذها في الشرق الأوسط.
ولكنّ الوضع تبدّل. فمنذ 30 سبتمبر، صعّدت روسيا حملتها الجوية بشكل مطّرد، وقد وصلت الآن إلى ضواحي دمشق. ومع طلعات شبه ثابتة للطائرات المقاتلة، والمروحيات المهاجمة على علوّ منخفض، وإمكانية الدعم الجوي عن قرب، تقوم روسيا بتغيير طبيعة المعركة في الحرب الأهلية السورية المستمرة منذ أربعة أعوام ونصف. وقد استعرضت روسيا أيضاً بعضاً من أنظمة أسلحتها الأكثر تطوراً، إذ تمّ استخدام الطائرة المقاتلة القاذفة سو-34 “الظهير” وصاروخ 3م-14 “كاليبر” الجوال للمرة الأولى في المعركة.
إلا أنّ التدخل العسكري الروسي في سوريا ليس فقط لعرض التطوّر التقني. فقد ظهرت محدوديات هجمات المقاتلات الروسية جو أرض في حالات متكررة جرى في خلالها استخدام “القنابل الغبية”، في حين تستمر أشرطة فيديو مذهلة لقنابل عنقودية في عرض الاستخدام العشوائي المروّع للقوة التدميرية.
انضمام الولايات المتحدة ودول الخليج
ويبقى السؤال الرئيسي هنا، ما أثر ذلك؟ حتى الآن، وبعد أسبوعين من العمليات، حققت القوات الموالية للنظام مكاسب صغيرة في أراضٍ في شمال حمص، وجنوب حلب، ومنطقة سهل الغاب في حماة. ولكن رغم جهود روسيا، لا تحقق القوات البرية – التي تتألف من الجيش السوري، وقوات الدفاع الوطني شبه العسكرية، وحزب الله، والميليشيات الشيعية، وأعداد متزايدة من الأفراد العسكريين الإيرانيين – الانتصارات المتوقَّعة منها.
وأعرب مصدر موالٍ للأسد مؤخراً عن أسفه لخسارة “24 دبابة و250 عنصراً” في حماة، وكلّ ذلك من أجل “50 سنتم”. وفي حين وصل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني سيئ السمعة، الآن إلى سوريا بشكل علني، لم تظهر روسيا أي علامة على نشر قوات برية خاصة بها. ولكنّ منشأتها العسكرية الجديدة في اللاذقية تحتوي على البنية التحتية اللازمة لما لا يقلّ عن 2,000 عنصر، مما يترك احتمال وجود عناصر روسية على الأرض عرضةً للتساؤل.
إنّ أحد الأسباب الرئيسية لهذا الحد الأدنى من التغيرات على الأرض هو استخدام ثوار الجيش السوري الحرّ المدعومين من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية للصواريخ بي جي إم-71 تاو الأمريكية المضادة للدروع. تمّ استخدام هذه الصواريخ، والتي ظهرت للمرة الأولى في أيدي المتمردين في أبريل 2014، بمعدّل أكبر (زيادة بنسبة حوالى 850بالمئة) منذ التدخل الروسي: تمّ تسجيل 82 استخداماً بين 1 و20 أكتوبر، مقابل 13 استخداماً فقط طيلة شهر سبتمبر. وتُقدّر قيمة كلّ صاروخ بما لا يقل عن 50 ألف دولار، مما يعني أنه قد تمّ إنفاق أكثر من 4,1 مليون دولار في ثلاثة أسابيع.
كان لتوفير وكالة الاستخبارات المركزية صواريخ تاو بشكلٍ منسّق تأثير فعال على الصراع في البداية، وإن كان خفيفاً استراتيجياً، ولكنّه أظهر فجأةً إمكانياته الحقيقية. وأخبرني مقاتلون على الأرض – بمن فيهم قائد الفرقة 13 المقدّم أحمد السعود وقادة ثلاث مجموعات أخرى من الجيش السوري الحرّ مدعومة من وكالة الاستخبارات المركزية – أنهم تلقّوا مؤخراً كمية أكبر من المعتاد من هذه الصواريخ وأكّدوا أنها كانت مفيدة للغاية. وقد علّق السعود بالقول: “ستدمّر صواريخ تاو الروس وأهدافهم، وقد تلقينا كمية أكبر مؤخراً”.
وبالإضافة إلى شحنات صواريخ تاو إضافية إلى الجماعات “التي تمّ التدقيق بخلفياتها” – 39 منها على الأقل موجودة في مختلف أنحاء سوريا – وفّر الأنصار الخارجيون أسلحة تكميلية صغيرة، وذخائر، وقذائف هاون، وأحياناً صواريخ غراد عيار 122 ملم وقذائف دبابات. كما بدأت قاذفات القنابل المتعددة آر بي جي-6 الآتية حديثاً من يوغوسلافيا السابقة تظهر مرة أخرى في أيدي المتمردين، بعد أن مرّرتها المملكة العربية السعودية للمرة الأولى إلى مجموعات الجيش السوري الحرّ في أوائل العام 2013.
وفي الوقت عينه، أكّدت مجموعات متمردة أنّ اجتماعين على الأقل قد عُقدا بين أطراف متعددة الجنسيات في جنوب تركيا مؤخراً – الأول كان “جلسة طارئة” في بداية شهر أكتوبر والثاني “جلسة استراتيجية” في 10 أكتوبر – وقد سعى مسؤولون من تركيا وقطر خلالهما إلى استنباط استجابة فعّالة للمعارضة إزاء التدخل الروسي والوقائع الجديدة على الأرض. ولكن وفقاً لقائد لواء فرسان الحق المقدّم فارس البيوش، وهو قائد آخر في الجيش السوري الحر “تمّ التدقيق في خلفيته”، “لم تحضر المملكة العربية السعودية الاجتماعين”، وأضاف أنّهم التقوا مع السعوديين والأمريكيين على حدة.
ورغم التكهنات الكثيرة، لم يتمّ بعد إرسال أنظمة الدفاع الجوي المحمولة على الكتف (manpads) إلى سوريا لمواجهة الطائرات الروسية. وقد قال قائد آخر في الجيش السوري الحر لهذا الكاتب: “لقد ناقشنا مع أشقائنا الخليجيين أنواع الأسلحة المضادة للطائرات التي قد يكون ثمة حاجة إليها والأماكن الأكثر حاجة إليها، ولكن رغم أنهم شاركوا في الموضوع أكثر من قبل، قالوا لنا إنّ الأمر غير ممكن في الوقت الراهن “.
لا تزال الولايات المتحدة تفرض “حظراً” على إمدادات أنظمة الدفاع الجوي المحمولة على الكتف تحت الكثير من المراقبة، ولم يتمّ كسر هذا الحظر إلا مرة واحدة– وذلك في العام 2013، من قبل قطر بحسب ما يُزعم. وقد حاولت أربع مجموعات كبرى من المعارضة مسلحة سورية في السنوات الأخيرة شراء هذه الأنظمة بشكل مستقل في السوق السوداء، وفقاً لمحادثات بين قادة هذه المجموعات وكاتب المقال. وقد قال أحد القادة: “علم الأمريكيون بالأمر بطريقة ما وتمّ منع عملية الشراء”. ولكن رغم الحظر، يتزايد الضغط في المملكة العربية السعودية وقطر لمواجهة التدخل الروسي نهائياً. ولكن سواء كان ثمة حظر أم لا، تشير بعض المصادر إلى أنه قد يتمّ إرسال بعض أنظمة الدفاع الجوي المحمولة إلى سوريا عما قريب. وإذا استمرت الأمور تتصاعد كما تصاعدت منذ 30 سبتمبر، قد تصبح هذه المزاعم التي لم يتم التحقق منها حقيقة واقعة.
لا يمكن الاستخفاف برمزية العمل العسكري الروسي بمواجهة قوة ثورية سنيّة إلى حد كبير في المنطقة. فذكرى حظّ روسيا السيئ في مغامراتها في أفغانستان حيّة بقوة في أذهان الإسلاميين، تماماً كما في أذهان العديد من السوريين المعتدلين والقوميين. وقد عبّر أحد قادة الجيش السوري الحر البارزين المتمركزين في إدلب وحماة عن ذلك بالقول: “ستصبح سوريا أفغانستان أخرى بعد أن كانت ذات يوم أجمل بلد في الدنيا”. وكان قائد آخر من حلب أكثر صراحة بالقول: “ترابنا أكثر دفئاً لاحتواء جثث دمى بوتين من التراب الروسي، لذلك ينبغي أن يتابع إرسالهم – نحن نرحب بهم بكلّ حرارة”.
سماء مكفهرة
صحيح أنّ المصاعب التي واجهها الروس والضحايا المدنيين الذين وقعوا خلال الأسبوعين الأولين للتدخل الروسي قد شددت عزيمة الروح الثورية السورية، إلا أن التوقعات على المدى المتوسط إلى الطويل تبقى مقلقة لأربعة أسباب رئيسية
– أولاً، إنّ واقع تضرّر الفصائل المعتدلة من الجيش السوري الحرّ بشكل كبير في الضربات الروسية – وأنّ هذه الجماعات نفسها كانت فعالة جداً في استخدام صواريخ تاو الخاصة بها – قد ردم الهوة بينها وبين بعض الإسلاميين السوريين الأكثر تحفظاً. وفي حين كان جوّ من الارتياب المتبادل يسود بين هذه الأطراف في وقت سابق من هذا العام، إلا أنّها أصبحت تحتفل بنجاحات بعضها على أرض المعركة منذ بدء الضربات الروسية.
– ثانياً، إنّ المملكة العربية السعودية وقطر والكويت ودول خليجية أخرى مستاءة من تصرفات روسيا، رغم بعض التصريحات الدبلوماسية التي أدلت بها. سبق أن شجّعت التنسيق العسكري الوثيق بين الجيش السوري الحر والإسلاميين السوريين وستواصل ذلك، مما يوفّر للمجموعات التي تتشارك بالأفكار العابرة للحدود الوطنية مثل جبهة النصرة والفصائل الأخرى المرتبطة بتنظيم القاعدة مساحةً للاندماج أكثر في ديناميكيات المعارضة الأوسع. لقد تمّ إنشاء عدد من غرف العمليات متعددة المجموعات في المناطق التي تستهدفها الغارات الروسية، حيث تباهت مجموعات من الجيش السوري الحرّ “التي تم التدقيق بخلفياتها” والإسلاميون السوريون وجبهة النصرة علناً بتعاونها. وكان ذلك نادراً ما يحدث حتى قبل الشهر الماضي.
– ثالثاً – بعد حوالى العاميْن من العمل الداخلي والخارجي الجدي على موضوع “الحلّ السياسي” – تعتبر المعارضة السورية المسلحة نفسها الآن في معركة وجودية لا يمكن أن يكون لها أي نتيجة أخرى سوى الهزيمة الكاملة للأسد وإيران وروسيا. وقال أحد الإسلاميين: “ليس هناك وقت كثير طويل للسياسة في الوقت الراهن”. وكان المقاتلون نفسهم يعتبرون روسيا طرفاً محتملاً على طاولة المفاوضات. وبحسب قائد الفرقة 101 مشاة العقيد حسن الحمادة، وهو طيار لدى النظام سابقاً أنشق بطائرة ميغ 21 وهبط في الأردن في يونيو 2012، فإنّ “روسيا هي قوة عظمى تتمتع بحق النقض في مجلس الأمن، وكان من الممكن أن تساعد في رعاية حلّ سياسي مقبول قبل شنّها عدوانها. ولكن بعد شنّ العدوان، أصبح بوتين شريكاً واضحاً للأسد في سفك الدم السوري، مما يعوق أي أمل في التوصّل إلى حل سياسي”.
– وأخيراً، لا شكّ في أنّ التدخل العسكري الروسي سيعزز القتال الجهادي في سوريا أكثر من ذي قبل. وسيستفيد تنظيم القاعدة على الأرجح بصورة مباشرة من ذلك، وذلك من خلال تقديم نفسه على أنه يخوض “جهاداً” ثانياً ضدّ روسيا. وقد أخبرني حسن الحاج علي، قائد تجمع صقور الغاب المدعوم من وكالة الاستخبارات المركزية، أنّ “الحالة النفسية التي تضرب الشعب السوري الآن هي الأثر الأهم”. ثمّ أردف هاتفاً: “يعتبر الكثيرون أنّ السيارات الملغومة والبندقية وأولئك الذين يقولون إنه ما من حلّ سوى الموت في المعركة هم الأصدقاء الوحيدين الذين تبقوا للشعب السوري”.
وعبّر القيادي الاسلامي محمد علوش، ابن عمّ زهران علوش قائد جيش الإسلام، عن قلقه المماثل بالقول: “سيعزّز التدخل الروسي من مكانة الدولة الإسلامية [في العراق والشام] وتنظيم القاعدة، مما يمنح الحركات المماثلة مزيداً من القوة والتعاطف”. من جهته، قال إياد جمعة، وهو مسؤول سياسي يمثل لواء التلبيسة الذي استهدفت الضربات الروسية مقره الرئيسي ومقاتليه وأسرهم باستمرار في شمال حمص: “ستتّسع الهوة الآن بين القوى الثورية والمجتمع الدولي، مما ينشئ في حدّ ذاته فرصاً للمتطرفين على المدى الطويل”. وبعبارة أخرى، التوقعات قاتمة بهذا الشأن.
قد تستفيد داعش أيضاً من التدخّل الروسي، وبخاصة إذا كانت تستطيع الاستفادة من الضغط الذي تتعرّض المعارضة له الآن بفعل هجوم كبير للنظام في جميع أنحاء حلب. حتى الآن، قد يكون هجوم عربي-كردي مخططاً له ومدعوماً من الولايات المتحدة على عاصمة داعش في الرقة فعالاً في مراحله الأولى، ولكنّ من المرجّح أن يثير الخلل الكبير في توازن القوى لصالح حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي المثير للجدل – والذي اتهمته منظمة العفو الدولية مؤخراً بارتكاب جرائم حرب – توترات عرقية أكثر تدميراً والتي تسعى داعش عندها إلى استغلالها.
توقعات مشرقة للأسد والمتطرفين
عند استشراف المستقبل، تبدو الضربات الروسية مرشحةً للاستمرار، مع التركيز بشكل خاص على مساعدة القوات الموالية للنظام على استعادة ما يكفي من الأراضي لإنشاء منطقة عازلة حول الساحل أكثر سماكةً وأفضل دفاعاً – وذلك عن طريق مساندة القوات الموالية للنظام في شمال حمص وحماة وشمالي اللاذقية. كما سيقوم الروس أيضاً بمساندة القوات البرية في استعادة أراضٍ من المعارضة حول حلب وربما من داعش في الشرق حتى مطار كويرس. أيّ تهديد لدمشق قد يدفع روسيا أيضاً لأن تضرب. فهي تهدف في نهاية المطاف إلى دعم الأسد ونظامه على المدى الطويل.
في حين ستتابع المعارضة استخدام شحناتها الجديدة من صواريخ تاو وغيرها من الأسلحة للدفاع عن نفسها ضدّ تقدّم القوات الموالية للنظام، يبدو أن الائتلاف المؤلّف من قوات إسلامية في الغالب – تتمحور حول ائتلاف جيش الفاتح الذي ازدادت قوّته القتالية بفعل المعارك التي خاضها – مستعدّ الآن لشنّ هجوم مضادّ رئيسي في حماة. كما من المرجّح أن تقوم جبهة النصرة والفصائل الجهادية الأخرى المتحالفة أو المتعاطفة بأكثريتها مع تنظيم القاعدة بنشر انتحاريين كموجة أولى تبثّ “الصدمة والرعب”، وبعدها بقليل سيتبع الإسلاميون المعتدلون وستقوم فصائل من الجيش السوري الحرّ بصدّ تعزيزات النظام بصواريخها المضادة للدروع.
ورغم هذه “الوحدة الثورية”، يصعب أن نرى أي نتيجة على المدى المتوسط إلى الطويل غير تلك التي يستعيد فيها النظام في نهاية المطاف بعض المبادرات الاستراتيجية على الأرض. لقد استهدف العديد من أهمّ الضربات الجوية الروسية حتى الآن مستودعات الأسلحة الخاصة بالمتمردين ومقراتهم العسكرية وغرف عملياتهم المشتركة ومرافق لوجستية رئيسية. تحتاج آثار هذه الخسائر إلى الوقت لتظهر في ساحة المعركة، ولكن لا شكّ في أنها ستظهر في غضون بضعة أسابيع أخرى. ولكن رغم ذلك، سيبقى الصراع ككل مأزقاً استراتيجياً، ومن المرجح أن يرتاح الأسد من جديد في كرسيه الرئاسي بحلول نهاية العام.
قالت روسيا إنّ عملياتها العسكرية في سوريا ستستمر لثلاثة إلى أربعة أشهر فقط، ولكن من شبه المؤكد أنّ القاعدة القديمة التي تفرض إطالة المهام العسكرية ستجعل من روسيا لاعباً في سوريا على المدى الطويل. تمتلك سوريا فعلاً معارضة معتدلة قوية وراسخة اجتماعياً على الأرض، رغم أن غالباً ما يتم تجاهل هذا الواقع. ولكن، نظراً إلى الحقائق الراهنة، يصعب أن نرى أيّ طرف آخر غير المتطرفين يحقّق المكاسب.
وعلى المستوى الفوري، إذا كنا نعتبر أنّ تدفق اللاجئين من سوريا إلى أوروبا قد شكّل صدمةً في العام 2015، فنحن لم نرَ أيّ شيء بعد. فقد أفرغ القصف الروسي بلدتين بالكامل في إدلب يوم 12 أكتوبر وحده، في حين يفرّ الآن ما يصل إلى 70 ألف مدنيّ من ريف حلب في ظلّ تقدّم قوات النظام والقصف الروسي.
للأسف، لقد صبّ غياب التحرك السياسي الغربي الزيت على النار. وسمعت سورياً يصرخ مؤخراً: “يأكل الغرب الفشار في دور السينما في حين تتمّ إبادة بلدنا وشعبه”.