ماهو رأيكم بما يجري في مصر ى الآن؟
حسناً، أنا متشائم بما يجري اليوم. يبدو لي أن هناك سابقة بتدخل عسكري لعزل حكومة منتخبة. بغض النظر عن مدى سوء هذه الحكومة، هذا التدخل العسكري يشكل بادرة خطيرة على الديمقراطية. ثانياً، إذا كان المراد من هذه العملية الضغط على الإخوان من قبل الدولة، إما بعدم السماح للإخوان بالمشاركة أو عدم رغبة الإخوان بالمشاركة في العملية السياسية، هذا يعني أن الديمقراطية الشاملة لن تحدث.
هل باعتقادكم أنه كان من الأفضل أن ينتظر المصريون الانتخابات بدلاً من الانقلاب العسكري؟
نعم، أستطيع أن أقول كذلك. كان من المفترض أن ينتظروا الانتخابات البرلمانية، مما سيصب في مصلحة الديمقراطية. سوف تجد العديد من المصريين ينعتون أنفسهم بالحمقى، الذين لا يفهمون أن الإخوان كانوا يرسخون أنفسهم إلى حد أن الانتخابات ستكون بلا جدوى. ولكن من خلال قراءتي للمشهد المصري، لم أرى جماعة الإخوان تعبر خط إحتكار السلطة، وأن الانتخابات كانت علمية صورية بالنسبة لهم.
دعونا نتفحص طبيعة المرحلة الانتقالية ومقارنتها مع مراحل آخرى رأيناها. كتبت في مقالك بعنوان: “العام الذي انتكس فيه الربيع العربي” أن التحولات الديمقراطية صعبة في هذه المنطقة. هل يمكن توضيح لماذا تعتقد ذلك؟
أولاً، أعتقد أننا يجب أن نتخلص من افتراضية أن نهاية الأنظمة الاستبدادية هي أنظمة ديمقراطية. سعدنا بنتائج التحولات الديمقراطية في أوروبا الشرقية والموجات الديمقراطية في أمريكا اللاتينية و شرق آسيا في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، فقد كانت نهاية هذه التحولات ديمقراطية في العديد من هذه البلدان، لذلك افترضنا أن الديمقراطية هي النهاية الطبيعية لأي عملية انتقالية من السلطوية.
لماذا إذاً هي صعبة في هذه المنطقة؟ أعتقد أن هناك نوعان من الانقسامات التي توجد في الدول العربية والتي تصعب عملية التحولات الديمقراطية المستقرة. النوع الأول هو الانقسام العرقي والطائفي، سواءً التنافس ما بين العرب والأكراد أو السنة والشيعة أو المسلمون والمسيحيون. في مكان مثل سوريا أو العراق حيث أن هذه الهويات بارزة جداً، فإنه من الصعب أن يكون هناك انتقال ديمقراطي، لأن نتائج الانتخابات الأولي تكون قائمة على الطائفة والإثنية. لا تثق الأقليات بالأغلبية والأغلبية تمقت الأقلية التي سيطرت على الحكم. في هذه الحالة تصبح السياسة كاللعبة التي قد تملكها كلها أو لا تملك منها شيئاً، حيث أن الوصول إلى حل وسط قد يصعب تحقيقه.
النوع الثاني من الانقسام هو الانقسام الأيديولوجي . يجب على الجميع أن يسألوا أنفسهم إن كانوا يريدون حكومة إسلامية -كجماعة الإخوان المسلمين قبل سقوطهم في مصرـ أو حكومة علمانية. هذا الصراع الأيديولوجي ليس محصوراً في مصر بل في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، من المغرب إلى العراق وأيضاً في الدول الغير عربية كإيران وتركيا. عندما تتسم المحتمعات بالانقسام سواءً في الأيديولوجيا والهوية، فإن روح التسامح والتراضي التي تشكل الديمقراطية قد تكون صعبة المنال.
مع فهم دعم السياسة الخارجية للولايات المتحدة تاريخياً للديمقراطية وتعزيزها في جمع أنحاء العالم، ما رأيك بدور الولايات المتحدة في مصر والشرق الأوسط؟
أعتقد أن على الولايات المتحدة أن تكون أقل انخراطاً في الشرق الأوسط مما كانت عليه في السنوات العشر الماضية أو نحو ذلك. ولكن هذا لا يعني الانسحاب الكامل أو سياسة انعزالية . فعلاقتنا مع مصر تعود إلى معاهدة السلام مع إسرائيل. نحن نعطي الجيش المصري 1.5 مليار دولار على شكل مساعدات عسكرية. بالطبع، علاقتنا مع مصر مستمرة. لكن فكرة أن ندير الأمور في مصر بشكل دقيق فهذا هو الخطأ حقاً. أعتقد أننا يجب أن نتعامل -مع الحكومة المصرية الانتقالية والحكومات المتعاقبة- على أساس ما يفعلونه في السياسة الخارجية وليس على قائماً على السياسة الداخلية. إذا تعاونوا معنا على قضايا مهمة في السياسة الخارجية فعلينا أن نتعاون معهم.
ماهو المسار الذي تراه للمضي قدماً في مصر؟ وما ينبغي أن يحدث؟
أعتقد أن ما تريده هو حل ديمقراطي في مصر، أنت تعلم ما يجب حدوثه في الوضع المثالي. ينبغي على الجيش الابتعاد، وأن تكون الانتخابات حرة ونزيهة. ينبغي على الإخوان المسلمين المشاركة. يجب على القضاء الإشراف على الانتخابات. ولكن هذا ليس الحل الأمثل بل حل مثالي لأن القضاء في واقع الأمر جزء من من اللعبة السياسية في مصر، فالعديد من الموظفين في المؤسسة القضائية قد تم تعينهم من قبل النظام السابق. كما يعد الجيش لاعب مهم جداً؛ ليس محايداً. سيجدالإخوان صعوبة في العودة إلى اللعبة السياسية بعد تجربتهم الأخيرة ورفضهم للحكومة الحالية. ولذلك أعتقد أن الحل الأمثل في مصر ليس عملياً من الناحية السياسة في المستقبل القريب.