انتشرت الأسبوع الماضي أخبار تفيد أن مسؤولي الاستخبارات الأمريكية يظنّون أن الدولة الإسلامية، المعروفة أيضاً باسم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، نمت لتتحول إلى واحدةٍ من أغنى المجموعات الإرهابية في التاريخ. وفقاً لأحدث التقديرات، يحقق المقاتلون حوالي 3 مليون دولار يومياً، ومعظمها من تجارة النفط غير الشرعية. استهدفت الضربات الجوية التي قادتها الوليات المتحدة هذا الأسبوع بعض منشآت النفط التي تسيطر عليها داعش في محاولةً لتقليص تدفق عائدات المقاتلين.
ناقشت “وورلد بوست” أعمال الدولة الإسلامية المربحة مع لؤي الخطيب، وهو زميل زائر في معهد بروكنجز الدوحة ومدير معهد الطاقة العراقي. وقد حذر الخطيب أن عائدات التجارة ساهمت بشكلٍ كبير في توسّع هذه المجموعة الإرهابية.
إلين كوردتس: كشف مسؤولو الاستخبارات الأمريكية الأسبوع الماضي أن الدولة الإسلامية تكسب الملايين يومياً من تجارة النفط غير الشرعية. كيف وصلت المجموعة إلى هذه المرحلة؟
لؤي الخطيب: كان ذلك تطوراً تدريجياً. سيطرت داعش وجماعات إرهابية أخرى على أصول النفط في سوريا خلال سنوات الصراع الثلاثة الماضية [بين المتمردين ونظام الرئيس السوري بشار الأسد]. تقع أغلبية أصول النفط التي سيطرت عليها داعش في القسم الشرقي من سوريا، علماً أن السيطرة عليها انتقلت من فريق إلى آخر عدة مرات. تكون يوماً تحت سيطرة جبهة النصرة [الجماعة التابعة لتنظيم القاعدة في سوريا]، وفي اليوم التالي تحت سيطرة داعش. ولكن، مع تكثيف هذه الأخيرة عملياتها وتوسيع رقعة سيطرتها في سوريا والعراق، تمكنت من إحكام يدها على أصول النفط الأساسية في سوريا.
حين انتقلت داعش إلى العراق في يونيو، سيطرت على الموصل وانتقلت إلى محافظات أخرى ذات الأغلبية السنية: تكريت والأنبار. وقد استندت المجموعة إلى الخبرة التي اكتسبتها في سوريا وأضافت أصول نفط عراقية جديدة إلى اللائحة التي سبق وسيطرت عليها في سوريا.
إلين كوردتس: حين يسيطر المقاتلون على هذه الحقول، هل يملكون القدرات التقنية لتشغيلها؟
لؤي الخطيب: تعتمد المجموعات على تعاون السكان المحليين وعلى الأشخاص الذين كانوا يشغّلون هذه المنشآت. هذا، وتكبّدت المجموعة خسارةً كبيرة في طاقة الإنتاج. فعلى سبيل المثال، تسيطر داعش على 60 بالمئة من قدرة الإنتاج النفطي في سوريا. قبل الصراع، تراوحت قدرة إنتاج النفط السوري بين 385 ألف و400 ألف برميل يومياً، وبهذا تساوي 60 بالمئة أكثر من 200 ألف برميل. ولكن استناداً إلى المعلومات المنتشرة خارج سوريا، يبدو أنّ داعش تنتج حوالي 50 ألف برميل ليس إلا.
توالأمر سيان في العراق. تبلغ قدرة إنتاج النفط من الحقول التي تسيطر عليها داعش نحو 80 ألف برميل يومياً. بدأ المقاتلون بإنتاج نحو 20 ألف برميل، ثمّ ارتفع الإنتاج إلى 40 ألف لينخفض بعد بدء الضربات الجوية الأمريكية والعمليات المشتركة التي شُنّت بين أربيل وبغداد، وبين قوات البشمركة الكردية والجيش العراقي.
ومن الضروري أن نشير أيضاً إلى أنه ليست كافة هذه الحقول يشغلها “عناصر من داعش”ً، بل حركات متمردة أو هيئات أخرى ترغب بالتعاون مع هذه المجموعة. وبسبب تعدد المشغّلين، يختلف سعر البرميل بين 20 دولاراً و60 دولاراً كحد أقصى – أي أقل بكثير من السعر الدولي القياسي بنحو 90 دولاراً.
إلين كوردتس: من يشتري هذا النفط؟
لؤي الخطيب: يعيش على الأراضي التي تسيطر عليها داعش نحو 8 مليون شخص وهم بحاجة ماسة إلى الوقود وإمدادات الطاقة، وتنتج المجموعة نحو 70 ألف برميل يومياً في العراق وسوريا معاً. مما يعني أن السكان هم قاعدة عملاء داعش الأولى. إلا أنً النفط بمعظمه يحتاج إلى التكرير. يتك تكرير النفط الخام في منشآت صغيرة أو يتمّ استبداله عبر الحدود في تركيا بشكلٍ خاص بمنتجات نفطية مكررة. وقد تحوّل الممر الجنوبي لتركيا إلى بوابة لمنتجات النفط والتجارة غير الشرعية التي تشّجع الإرهاب العابر للحدود.
إلين كوردتس: هل بالإمكان توقيف هذه التجارة؟
لؤي الخطيب: تقول الحكومة التركية أنها تبذل قصارى جهدها، إلا أنه على أرض الواقع يصعب السيطرة على حدود يصل طولها إلى 746 ميلاً. في النهاية، نحن نتحدث عن منطقةٍ مشهورة تاريخياً بالتجارة غير الشرعية وبالأسواق السوداء المزدهرة. يكمن الفارق منذ بداية الحرب السورية في تحول الأسواق السوداء إلى لاعب مفيد يساهم في تمويل هذه المجموعات على غرار داعش. قد يأمل المرء أن تلتزم الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، والهيئات والأفراد بقرار مجلس الأمن رقم 2170 والذي يقضي بقطع التمويل عن داعش، جبهة النصرة والمجموعات الأخرى المنتمية لتنظيم القاعدة.
إلين كوردتس: إلى أي حد أنت قلق من سيطرة مجموعات كداعش على مصادر النفط المهمة؟
لؤي الخطيب: لقد ساهمت عائدات هذه التجارة في توسيع هذه المجموعات الإرهابية. في بداية يونيو، أشارت معظم التقديرات إلى انضمام حوالي 10 آلاف مقاتل إلى داعش. منذ 10 أيام، أشارت وكالة الاستخبارات الأمريكية إلى أن عدد المقاتلين وصل إلى 31 ألف. ويُعتقد حالياً أن عائدات النفط ساهمت بشكلٍ كبير في توسيع عمليات التجنيد. ويأتي 10 بالمئة من هؤلاء المتطرفين من الدول الغربية، وبالتالي يمكنهم أن يهددوا الأمن الوطني في حال عادوا إلى بلادهم كخلايا نائمة.