استضاف مركز بروكنجز الدّوحة في 26 مايو 2019 مأدبة سحور تخلّلتها جلسة نقاش حول دور الفنّ الثّوري في التعبير السّياسي وبناء السّلام. ونظر المتحدّثون في تأثير الفن بكلّ أشكاله في المجتمعات العربيّة في أوقات الحرب والمراحل الانتقالية والسّلام. وأوضحوا إمكانية استخدام الفن للتعبير السياسي والاحتفال والتوثيق والمقاومة والحداد، مركّزين على دوره في خلق مكاناً معّالاً للحوار وبناء السلام. وشاركت في الندوة مجموعة ٌ من الفنّانين المتميّزين من مُختلف أنحاء المنطقة، هم: أطياف الوزير، كاتبةٌ وباحثةٌ يمنيّة في جامعة ليل؛ وثريا مرايف، كاتبةٌ ومُخرجة أفلام وثائقيّة مصريّة؛ وخالد البَيه، فنّان سوداني مُقيم في شبكة مدن اللجوء الدولية في الدنمارك. وأدارت الجلسة نهى أبو الدهب، الزميلة في مركز بروكنجز الدوحة وبرنامج السّياسة الخارجية، وحضرها لفيف من الشخصيات الدبلوماسية والأكاديمية والإعلامية في الدوحة.
وقالت أطياف الوزير إنّ الفن يعزّز جودة الحياة، فهو يوثّق الانتهاكات ويدفع الناس إلى مناقشة المحظورات. إنّه مهربٌ ومصدر أملٍ في الأوقات العصيبة. وسلّطت الوزير الضوء على عمل سبأ جلّاس، وهي فنانة يمنيّة تزرع الأمل باستعادة الإحساس بالقوّة وتشجّع على الصّمود. وترى أيضاً أنّ الفن يشفي الصّدمات في فترات الصراع. وقد ساعدتها رواياتها في الهرب من الاكتئاب بعد بدء الحرب اليمنيّة، كما منحتها فرصةً لتخطّي الوضع الراهن الذي لا يمكنها السيطرة عليه، ووفّرت لها أداةً لمعالجة عواطفها والتعامل معها.
أمّا ثريا مرايف، فعبّرت عن تجربتها الخاصّة عندما شهدت الثورة المصريّة. فقد وثّقت الرسم على الجدران العامة أو ما يُعرَف بـ “الجرافيتي” من قبل الشباب المصري. وبالنسبة إلى مرايف، فإنّ هذا النوع من الفن، على الرغم من أنّه غير قانوني، له تأثير عميق في المجتمع وهو مُكوّن ضروري لصنع ديموقراطيّة سليمة. إذ غالباً ما يلجأ رسّامو الجرافيتي إلى فنّهم لأنهم ينفرون من الخطاب السّياسي. وهو وسيلتهم الوحيدة للتواصل مع سائر العالم. ويُمثّل فنّ الشارع دعوةً إلى العمل يستخدمها العديد من المجموعات الناشطة، فهو يؤدي دوراً في التثقيف وزيادة الوعي. وهو أيضاً يوصّل رسائل واضحة إلى المجتمع الدولي من دون الحاجة إلى أيّ ترجمة.
من جانبه، شارك خالد البَيه قصّته كيف أصبح رسّام كاريكاتير سيّاسي. فقد كبر وهو يقرأ القصص المُصوّرة ومجلات الكاريكاتير السّياسية، وأُعجِبَ بقدرة الفنّانين على إيصال رسائلهم في وجه الرّقابة. وقد شكّلت أعمال الرسام الفلسطيني ناجي العلي بشكلٍ خاصّ مصدر إلهام له. وقال إنّه عانى في البداية لينشر أعماله، لكنّ ذلك لم يمنعه من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لإيصال رسائله. وسمحت له رسوماته بزيادة الوعي حول مواضيع حسّاسة كالفساد والعنصريّة والآثار التي تخلّفها الحرب في الأطفال