في ظل تمزّق نسيج المجتمع السوري بعد ثلاث سنوات من الصراع، إن الخطوة الأولى هي جمع أشلاء البلاد معاً على مستوى المجتمع المحلي مما يؤدي إلى حوار وطني من شأنه أن يأخذ بعين الاعتبار احتياجات المجموعات بدءاً من الأكراد، مروراً بالمسيحيين، ووصولاً إلى العشائر. وقد شارك سلمان شيخ، مدير مركز بروكنجز الدوحة، في خلق مبادرة مركز بروكنجز الدوحة للحوار السوري -المسار الثاني، والتي تهدف إلى جمع مجموعة أساسية من الشخصيات السورية ذات النفوذ من أجل تصميم عمليات تمكّن مختلف القواعد الشعبية السورية من بناء علاقات في ما بينها.
ويقول شيخ: “نقوم بجلب مجموعة واسعة من الأصوات السورية من خلفيات متنوعة، ونشركهم في وضع التصميم”. يناقش شيخ في هذه المقابلة ما يمكن القيام به لجمع كافة الفئات السورية من جديد، بدءاً من المستوى المحلي؛ أي “أصول السلام” المتاحة على الأرض؛ والعقبات الرئيسية في بناء مثل هذه العلاقات في مجتمعات منقسمة.
سيريا ديبلي: ما الذي يمكن فعله من أجل جمع أشلاء المجتمع السوري؟ وما هي “أصول السلام” على الأرض؟
سلمان شيخ: يجب التركيز على التركيبة الاجتماعية للمجتمعات والبحث عن كيفية بناء شبكة من الجسور التي من شأنها تغيير الوضع على المستوى المحلي. حتى الآن، كان نظام الأسد مركز تلك الشبكة من الجسور. فقد قام في الماضي بشكل فعّال ببناء شبكات بين العشائر، والنخبة من رجال الأعمال والاقتصاد، والطبقة البرجوازية ومختلف الأقليات. وذلك ما يغلّف الفسيفساء السوري من خلال الجمع بين الدعم [الناتج عن النظام]، والسخاء المالي – والترهيب والخوف وحتى استخدام القوة.
أما الآن، فيبدو أنّ فسيفسائية المشهد قد تراجعت إلى حد ما، رغم أنه لا يمكننا أن ننفي أنّ الحكومة لا تزال تتمتع بدعم كبير – وخاصة بعد ظهور المتطرفين. إلا أنّ هذا الدعم قد تلاشى بعض الشيء على مدى هذا الصراع. يتم تقسيم بقية البلاد إلى أجزاء أصغر، وهذا هو التحدي الذي نواجهه. نحن أمام بلد مقسّم بشكلٍ كبير، وكان لذلك تأثيرٌ على كل هذه المجموعات.
سيريا ديبلي: أي نوع من المصالحة المحلية يمكن أن يتواجد في هكذا مناخ ؟ وما هي الحواجز الكبيرة في نظرك؛ أمراء الحرب أم الهويات دون الوطنية؟
شيخ: يقسّم الناس [المشهد الحالي] بين أولئك الموجودين في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة والموجودين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، ولكن إن أردت جمع أشلاء سوريا، فلا بد أن ترى إن كان بالإمكان [الربط ما بين الاثنين].
ما رأيناه مع وقف عمليات إطلاق النار المحلية هو انعدام الثقة بين الجهات الحكومية والمعارضة المحلية. بدلا من ذلك، ما رأيناه كان هذه التدابير التكتيكية قصيرة المدى التي فرضتها الحكومة وقبلت بها المجموعات التي يسيطر عليها المتمردون، لأنه لم يكن لهذه المجموعات خيار آخر. لا تنطبق هذه الهدنات في جميع المجالات – مثل المناطق المحررة. علينا العودة إلى العمل على كيفية تحسين هذه العلاقات.
ثمة مجالس محلية ومجموعات ناشطة، إلا أننا بحاجة إلى إطار عمل دولي يجمع بينها. يتعين أن نضع هذه المجموعات ضمن سياق وطني. ما نحتاج إليه هو عملية سياسية تجمع بين كافة الفئات الشعبية – بما في ذلك شيوخ العشائر، والعلويين والأكراد والمسيحيين ونخبة من رجال الأعمال – ووضعهم في إطار وطني. إننا بحاجة إلى عملية تمت شرعنتها على المستوى الدولي، وليس على المستوى المحلي فقط. لا يمكن أن تكون حكومة الأسد هي من تدير الأمر.
سيريا ديبلي: ما هي “أصول السلام” على الأرض؟ وكيف يمكن انتقاء الممثلين المحليين للحوار الوطني؟
شيخ: حين تقوم بتصميم عملية حوار وطني، تجد نفسك أمام تدبير اختيار على المستوى المحلي – قد يبدأ مع المجالس المحلية أو هيئة أخرى. لا يمكن القيام بملية اختيار ذاتية لأن الأوضاع على الأرض مشتتة للغاية. أعتقد أن القواعد الشعبية المحلية يمكن أن تتقدم وتتعاون على المستوى المحلي – عشائر وأكراد يعملون معاً، وناشطون ومجالس محلية، وبعض النخب القديمة كمجتمعات الأعمال. ولكن، أرى أنّ ذلك يُترجم إلى سلام مستدام أكبر محلياً.
ثمة حاجة إلى عملية وطنية تشرعها جهة فاعلة دولية تعمل مع السوريين أنفسهم. لقد تشتت سوريا. لذلك، يمكن اللجوء إلى ترتيبات محلية يمكن أن تساعد على إرساء هدنات مؤقتة ووصولاً أفضل وأكثر أماناً للمساعدات الإنسانية – الأمر الذي قد يساعد على بناء مستشفى ميداني أو مخبزاً – إلا أنهم لا يزالون عرضةً لصراع وطني أكبر وحتى للعناصر الإقليمية التي تدير هذا الصراع.