لقد تناولت بحوث مستفيضة تأثير نفوذ القوى المتوسّطة المتنامي في إدارة حدّة التنافس بين القوى العظمى، غير أنّها لم تتطرّق بما فيه الكفاية إلى أدوار الوساطة التي تؤدّيها هذه القوى، مستفيدةً من علاقاتها المتنوّعة مع الجهات الفاعلة الإقليمية والعالمية المتنافسة. ففي الوقت الراهن، تضطلع مجموعة متزايدة ومتنوّعة من الدول، لا سيّما من الشرق الأوسط، بأدوار وساطة أكثر فاعلية كانت في السابق حكراً على وسطاء تقليديين مثل الولايات المتّحدة، وسويسرا، والنرويج، أو فنلندا.
تندرج ورشة العمل هذه ضمن مشروع مشترك بين مركز بيركل بجامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس، ومجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية، بهدف تعزيز فهم أفضل لمشهد الوساطة المتغيّر. وستجيب الورشة عن تساؤلات محورية أبرزها: ما الذي يدفع دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى الاضطلاع بأدوار وساطة أكثر فعاليّة؟ وما هي طبيعة جهود الوساطة هذه، ومدى نطاقها، وإمكاناتها، وحدودها؟ وكيف تستجيب القوى العالمية لهذه الأدوار، وكيف تتطوّر مقارباتها في مجال الوساطة تبعاً لذلك؟ وكيف ينظر الأطراف المستهدفون بالوساطة، سواء كانوا دولاً أو جهات فاعلة غير حكومية، إلى وسطاء السلام البدلاء؟
سَعَت هذه الورشة، التي استضافها مركز الخليج للأبحاث في بروكسل، إلى مناقشة مسودات أوراق بحثيّة تحلّل دراسات حالة لدول محورية أُعدّت للمشروع، موفّرةً فضاءً غير رسمي لتبادل الأفكار بحرية وصراحة لتعميق التفكير حول هذه التساؤلات. كما هدفت النقاشات التفاعلية إلى تعزيز فهم أفضل للأبعاد الجيوسياسية لجهود الوساطة المعاصرة، واستكشاف تنوّع ممارسات الوساطة ومدى فعاليّتها على الصعيدين الإقليمي والعالمي.