أثارت الضربات العسكرية التي شنّتها إسرائيل والولايات المتّحدة على المنشآت النووية الإيرانية في يونيو 2025، مجموعة من الأسئلة الملحّة حول دور الدبلوماسية في احتواء حدّة التوتّرات الإقليمية، وكبح جماح طموحات طهران النووية، والتعامل مع التحوّلات المتسارعة في موازين التحالفات الإقليمية. وفي الداخل الإيراني، تتعالى الأصوات المنادية بضرورة امتلاك قدرة الردع النووي، عقب الهجمات الإسرائيلية الأحادية والمدمّرة. وقد شرعت طهران بالفعل في خفض مستوى تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA) إلى حدّ كبير، ولوّحت بالانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النوويّة (NPT) (في حال تفعيل “آلية الزناد” التي تُعرف بآليّة “سناب باك”)، وهي خطوة قد تُثير مخاوف جديدة تتعلّق بمنع الانتشار النووي وتؤدّي إلى عرقلة المساعي الدبلوماسية.
وعلى الصعيد الإقليمي، وجّهت الانتكاسات الكبرى التي تكبّدها كل من حماس وحزب الله، بالإضافة إلى انهيار نظام بشار الأسد في سوريا، ضربةً قاصمةً لقدرة إيران على بسط نفوذها في المنطقة. وفي ظلّ عدم الاستقرار الإقليمي، تتعثّر جهود الوساطة الدبلوماسية، ويلقي الغموض بظلاله على ملامح مستقبل البرنامج النووي الإيراني. ولتسليط الضوء على هذه الديناميّات المتسارعة، نظّم مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية اجتماع طاولة مستديرة على مدى يوم كامل، جمع فيه نخبةً من الخبراء لبحث تداعيات الحرب بين إسرائيل وإيران على دول مجلس التعاون الخليجي ولاستكشاف سُبل خفض التصعيد وتقييم احتمالات لجوء طهران إلى خيار التسلّح النووي. كما تتناولت الجلسات الدوافع خلف البرنامج النووي الإيراني والإطار الأوسع الذي يندرج فيه هذا البرنامج ضمن إستراتيجية طهران الإقليمية.
واختتم اللقاء بحلقة نقاشية أُطلق فيها تقريراً صدر مؤخّراً عن معهد الأمم المتّحدة لبحوث نزع السلاح (UNIDIR) بعنوان: مكافحة أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط: دور مبادرة إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، وذلك بحضور مؤلّف التقرير والباحث الأوّل في المعهد عبد الرسول ديفسلار. فيما بحث الخبراء كيف يُسَهّل حلُّ الأزمة النووية الإيرانية التعاونَ الإقليمي، ولماذا يجب ربط هذا الحلّ بالأُطر الإقليمية الأوسع لمنع الانتشار وتعزيز نزع السلاح.