عملية الأسد الصاعد ودور الدول الخليجية في تعزيز التوازن الإقليمي

يوليو 16، 2025

الأربعاء، يوليو 16، 2025
4:00 م GMT +3 - 5:15 م GMT +3
زوم

ملخص

في منتصف يونيو 2025، أطلقتإسرائيل عملية الأسد الصاعد، وهو هجوم منسّق استهدف منشآت نووية وعسكرية إيرانية، بذريعة وجود تهديدات وشيكة ناجمة عن تقدّم البرنامج النووي الإيراني. وشكّل هذا الهجوم تصعيداً غير مسبوق في حرب الظلّ الدائرة بين إيران وإسرائيل، وأشعل فتيل صراع إقليمي قصير لكنّه شديد الضراوة. وردّاً على ذلك، أمطرت إيران المدن الإسرائيلية بوابل من الصواريخ، فيما واصلت إسرائيل هجماتها دون هوادة. ومع احتدام الصراع، تدخّلت الولايات المتّحدة إلى جانب إسرائيل، ووجهت ضرباتدقيقة إلى منشآت نووية إيرانية بارزة ضمن عملية مطرقة منتصف الليل“. وفي المقابل، شنّتإيران هجوماً صاروخياً على قاعدة العديد الجوية في قطر، كاشفةً بذلك عن هشاشة الأصول الأمريكية في منطقة الخليج. وفي ظلّ تصاعد المخاوف من اتّساع رقعة الحرب، برز دور قطر كوسيط محوري، إذ وظّفت الدوحة علاقاتها الدبلوماسية مع كل من واشنطن وطهران لتقود جهود الوساطة التي أفضت إلى وقف إطلاق ناربوساطة أمريكية، وأنهت المواجهة التي استمرّت اثني عشر يوماً. وقد أثارت هذه التطوّرات تساؤلات جوهرية حول هشاشة المنظومة العسكرية، ومدى جدوى سياسة الردع، ومستقبل المشهد الأمني الإقليمي المتغيّر، لا سيّما بالنسبة إلى الدول الخليجية. 

وفي هذا السياق، نظّم مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية ندوة عبر الإنترنت شاركت فيها مجموعة من الخبراء لتقييم تداعيات المواجهة الأخيرة بين إيران وإسرائيل، واستشراف انعكاساتها الأوسع. وركّزت الندوة على أسئلة محورية منها: ما هي التداعيات المترتبة عن الهجوم الإيراني على قاعدة العديد في ما يتعلّق بالتحوّلات في إدراك التهديدات ومصداقية الضمانات الأمنية الأمريكية؟ وكيف تعيد الدول الخليجية رسم ملامح إستراتيجياتها العسكرية والدبلوماسية في ظلّ المخاطر الجديدة، بما في ذلك تصاعد أنشطة الوكلاء مثل جماعة الحوثي؟ وكيف تمكّنت قطر من التوفيق بين دورها كحليف إستراتيجي لواشنطن، إذ تستضيف القيادة المركزية الأمريكية، ودورها كوسيط موثوق لدى طهران؟ وما الذي تكشفه هذه الأزمة عن مستقبل الملف النووي الإيراني، وما هي السُبل المتاحة لتحقيق وقف إطلاق نار دائم أو إحياء الاتفاق النووي؟ وما هي التحدّيات السياسية والإستراتيجية والإقليمية التي تعترض طريق تحقيق هذه المساعي؟ 

 

راشد المهنّدي، مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية 

  • كان الهجوم الإيراني على قطر عملية عسكرية مدروسة بعناية، وليس مجرّد مناورة رمزية. فقد أطلقت إيران 19 صاروخاً، وهو ما يُعدّ أقصى طاقتها، ما يعكس قدرتها التشغيليّة وهدفها من وراء شنّ هذا الهجوم. والأهم أنّ الصاروخ الوحيد الذي وصل إلى هدفه أصاب منشأة مركزية في قاعدة العديد، ما يشير إلى معرفة إيران الدقيقة ببنية القاعدة التحتية الإستراتيجية. 
  • سيعتمد أمن الخليج على ثلاثة عناصر رئيسية: الرؤية الأمنية الخليجية، وقوّات درع الجزيرة البحرية، ومعاهدة الدفاع الخليجي. غير أنّ هذه العناصر وحدها لا تكفي، نظراً للدور المزعزع للاستقرار الذي تؤديه كل من إيران وإسرائيل . 
  • يكمن الحلّ الأكثر استدامة في بناء بنية أمنية خليجية، تستند إلى قدرات دفاعية موثوقة وتكامل أعمق بين الدول الخليجية. 
  • يمكن للخليج تعزيز الهياكل القائمة مثل قوات درع الجزيرة، حيث يرى المسؤولون الأمنيون أنّ الحرب قد تشكّل حافزاً لتعزيز التكامل داخل مجلس التعاون الخليجي خلال العامين المقبلين. 

 

دانيا ظافر، منتدى الخليج الدولي، مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية 

  • صحيحٌ أنّ الشراكات بين الولايات المتّحدة والدول الخليجية لم تتأثّر بتداعيات الحرب، لكن لا بدّ من تمتينها لا سيّما في مجالَي الدفاع والدبلوماسية. وفي المستقبل، من المتوقّع أن تعطي واشنطن الأولوية لأمن إسرائيل، حتى ولو أتى ذلك على حساب مصالح الخليج. في المقابل، من المرجّح أن يسعى مجلس التعاون الخليجي إلى تعزيز مشاركته في المناقشات المتعلّقة بإيران، وتوسيع مبادراته الدبلوماسية الآيلة إلى الحدّ من المخاطر التي تفرضها السياسات الأمريكية على استقرار المنطقة. 
  • كان هجوم إيران على قطر مجرّد خطوة رمزية للحفاظ على ماء الوجه وليس محاولة حقيقية لزعزعة استقرار الدولة. أمّا أمريكا فقد تجنّبت التصعيد عبر تقييد ردّها، وشمل ذلك الامتناع عن شنّ ضربات انطلاقاً من الخليج، إلاّ أنّ الدول الخليجية لا تزال غير راضية عن السياسات الأمريكية. في المستقبل، من المرجّح أن يسعى مجلس التعاون الخليجي إلى تطوير إطار دفاعي أكثر تكاملاً وإلى تعزيز تماسكه بغية التصدّي للتهديدات المستجدّة. 
  • تحتلّ إسرائيل مكانةً مميّزة في السياسة الأمريكية، غير أنّها تختلف أيدولوجياً مع واشنطن بشأن الحرب، ما يمثّل فرصةً سانحة أمام الدول الخليجية لاستغلال هذا الاختلاف من أجل تعزيز نفوذها على صعيد الدبلوماسية الإقليمية. 
  • في مواجهة إيران، يعتمد الخليج على الانخراط والوحدة والردع، لكنّه مُلزم بتعزيز اعتماده على الذات وبانتهاج دبلوماسية صلبة ومتماسكة. 
  • أثبتت الحرب أنّ إيران تضع بقاء نظامها فوق أمن الخليج. في الوقت نفسه، قوضّ سلوك إسرائيل في فترة ما بعد الحرب فرص الانخراط أو التطبيع مع الدول المجاورة في المستقبل.  

 

محجوب الزويري، جامعة قطر، مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية 

  • أثارت أحداث السابع من أكتوبر وتداعياتها مخاوف عميقة لدى العرب والإيرانيين والأتراك، ومهّدت الطريق لسلسلة من الحروب الإسرائيلية ضد الدول المجاورة. وهذا أعاد تحديد دور إسرائيل في المنطقة وعلاقاتها مع الدول العربية وإيران. ويشير زويري إلى أنّ إسرائيل تقدّم نفسها كـ”ضحية” عالمية لتبرير استخدام القوة العسكرية. 
  • سلّطت الحرب الضوء على ثلاثة مصادر رئيسية لعدم الاستقرار: انعدام الثقة العميق بين إسرائيل وإيران، وسعي إسرائيل لتغيير النظام، وصعود النفوذ العسكري الإيراني الذي يهدّد الدول الخليجية. وهدفت إيران من هجومها على قاعدة العديد إلى ثني واشنطن عن التدخّل، محذّرةً من مخاطر تهدّد العلاقات الثنائية، غير أنّ واشنطن اعتبرته بمثابة سوء تقدير لأنّ فقدان قطر لا يصبّ في مصلحة إيران. 
  • تستمرّ مناورات إسرائيل في إعادة رسم معالم المنطقة فيما تجد الدول الخليجية نفسها عالقة في خضم الديناميّات الإقليمية المتغيّرة.  
  • تعزّز شبكة علاقات إيران الواسعة في الخليج شعورها بالأمن وقدرتها على التكيّف، في حين تؤدي المواقف الإقليمية المتباينة التي تتخذها الدول الخليجية إلى فتح الباب أمام طهران لبناء الدعم وشيطنة إسرائيل. 

 

الأسئلة والأجوبة الإضافية 

  • سلّط النقاش في فقرة الأسئلة والأجوبة الضوء على المخاوف المتعلّقة بتصاعد حدة التوتّرات في غزة ومحيطها، مع توجيه نقد حاد لعدم اتجاه إسرائيل نحو تهدئة التصعيد، والدعوة إلى دور أمريكي أقوى لتجنّب المزيد من عدم الاستقرار. واعتُبرت المبادرات الأوروبية غير كافية، مع التأكيد على ضرورة توافق أوثق مع السياسات الأمريكية. 
  • تراجع دور “محور المقاومة” في العراق واليمن بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين السعودية والحوثيين، بينما لا تزال التهديدات قائمة بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي. 
  • قورن سلوك نتنياهو المتقلّب بإستراتيجية الولايات المتّحدة بعد أحداث 11 سبتمبر في شيطنة الخصوم، ما أثار قلقاً عميقاً. 
  • على الرغم من إظهار التخطيط العسكري الأمريكي قدرةً على التكيّف من خلال إعادة تخصيص الموارد نحو التهديدات المتصوّرة مثل العمليات في بحر الصين الجنوبي، من غير المتوقّع حدوث تغيير إستراتيجي ملحوظ في ظلّ غياب اتفاقات سياسية بين القوى الكبرى لكبح جماح تصرّفات إسرائيل. 
  • عموماً، يرى المشاركون أنّ التحوّل الفوري لن يتحقّق ما لم تُتّخذ خطوات دبلوماسية على نطاق أوسع. 

مدير الجلسة

المتحدثون

زميل غير مقيم
زميل أول غير مقيم
زميلة أولى غير مقيمة