في خضمّ تصاعد المنافسات الإقليمية وتبدّل موازين القوى على الساحة الدولية، عاد اليمن ليبرز في الواجهة كإحدى أكثر البؤر سخونةً وتقاطعاً للمصالح في ظلّ تحوّلات المشهد الجيوسياسي في منطقة الشرق الأوسط. لم يَعُد الصراع في اليمن مجرّد حرب أهلية معزولة، بل تحوّل إلى مرآة تعكس اضطرابات أوسع نطاقاً، رسمت ملامحَها تداعياتُ الحرب على غزة وتصاعد التهديدات في البحر الأحمر، وإعادة رسم خطوط الدبلوماسية النووية بين الولايات المتّحدة وإيران. ويسلّط اتفاق وقف إطلاق النار الأخير بين الولايات المتّحدة وجماعة الحوثي، الذي تحقّق بوساطة عُمانية، الضوءَ على أهميّة أمن الملاحة الإستراتيجية في أحد أكثر الممرّات البحرية حيويةً في العالم. في المقابل، تُهدّد المواجهات بين إسرائيل وجماعة الحوثي، إلى جانب التحرّكات العسكرية المتجدّدة، بتقويض الجهود الدبلوماسية الهشّة. وهكذا، يقف اليمن اليوم عند تقاطع الصراعات بالوكالة وتنافس القوى الكبرى، وسط انقسامات داخلية عميقة وعلى مفترق طرق حاسم تتوقّف عليه ملامح مستقبله واستقراره واستقرار المنطقة بأكملها.
وفي هذا السياق، يُنظّم مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية ندوة عبر الإنترنت يشارك فيها خبراء في الشأن اليمني، لاستعراض الديناميّات العسكرية والسياسية المتغيّرة في اليمن ضمن إطار جيوسياسي أوسع. وستجيب الندوة عن أسئلة محورية منها: ما هي دلالات اتفاق وقف إطلاق النار بين الولايات المتّحدة وجماعة الحوثي بالنسبة إلى أمن البحر الأحمر والبروتوكولات البحرية الدولية؟ وكيف يمكن أن تؤثّر المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران في سلوك الوكلاء الإقليميين، ولا سيّما في اليمن؟ وهل يمكن أن يقود التصعيد الإسرائيلي ضد جماعة الحوثي إلى إشعال صراع إقليمي أوسع؟ وفي ظلّ استعداد القوات الموالية للحكومة لاستئناف الهجمات العسكرية، ما هي فرص خفض التصعيد العسكري؟ وكيف ستنعكس هذه التطوّرات على المسار السياسي في اليمن على المدى البعيد، وما الدور الذي يمكن أن تؤدّيه القوى الإقليمية لتفادي المزيد من التدهور؟