شكّل مؤتمر باندونغ لحظة محورية في سعي حركة عدم الانحياز نحو نظام دولي أكثر تمثيلاً وإنصافاً، إذ سعى المؤتمر إلى تأكيد الاستقلالية عن الكتل المتنافسة آنذاك، المعسكر الغربي والشرقي أو ما كان يُعرف بالاتحاد السوفياتي. وقد ساهم المؤتمر في بلورة مطالب حركة عدم الانحياز وأولوياتها ومبادئها في إطار سعيها لإعادة رسم معالم النظام العالمي. اليوم، يقف العالم عند منعطف حاسم في السياسة العالمية، حيث يكتسب تعدّد الأقطاب وتعدّدية الأنظمة زخماً متزايداً في الشؤون الدولية، فضلاً عن رغبة الكثير من القوى المتوسّطة في تجنب الانخراط في سياسات المحاور التي تنبثق من التنافس المتصاعد بين القوى الكبرى. وبالنسبة إلى القوى المتوسّطة، أصبحت الاصطفافات المتعدّدة وسيلة للتعامل مع الخيارات الثنائية التي تفرضها المنافسة بين القوى الكبرى، على غرار المنافسة بين الولايات المتحدة والصين أو بين روسيا والغرب.
وفي هذا السياق، يُنظّم مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية بالشراكة مع جامعة أوكسفورد ندوة عامة لاستعراض الدروس التاريخية المُستخلصة من مؤتمر باندونغ لعام 1955، ومدى أهمّيتها بالنسبة إلى النقاشات المعاصرة حول إصلاح النظام العالمي. وستجيب الندوة عن الأسئلة التالية: ما هو الإرث التاريخي لمؤتمر باندونغ وحركة عدم الانحياز؟ وعلى مستوى النظام العالمي، إلى أي مدى تشبه التكتّلات المعاصرة، مثل مجموعة “البريكس” (BRICS) أو منظمة شنغهاي للتعاون، حركة عدم الانحياز في الماضي، وما هي أوجه الاختلاف؟ وكيف تطوّرت حركة عدم الانحياز في الماضي لينتهي بها الحال إلى الاصطفافات المتعدّدة التي نشهدها في الوقت الراهن لدى الكثير من القوى المتوسّطة؟ وما الدروس التي تقدّمها دول العالم الثالث من الماضي في سعيها اليوم لإصلاح النظام العالمي أو إعادة رسم معالمه؟