من الساحات إلى المنصّات:

منذ الربيع العربي، استخدم الشباب في مختلف أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وسائل التواصل الاجتماعي كأداة قوية للتنظيم والحشد وإعادة صياغة السرديات الإقليمية. وأصبح النشاط الرقمي سمة بارزة في المشهد السياسي لمنطقة الشرق الأوسط، لا سيّما بالنسبة إلى الشباب الذين أدّوا دوراً محورياً في إحداث التغيير. على مدى العامين المنصرمين، كان دور الشباب الفلسطيني محورياً في توثيق الأزمة الإنسانية والإبادة الجماعية في غزة ومواجهة التغطية الإعلامية السائدة للحرب. وعلى نفس المنوال، قاد الناشطون الشباب في السودان جهود التنظيم وشاركوا آخر التطوّرات على أرض الواقع في الزمن الفعلي، وساهموا في تسهيل إيصال المساعدات المنقذة للحياة على الرغم من انقطاع الإنترنت. أمّا في سوريا، فقد ساهم الناشطون في الكشف عن أدلة ارتكاب جرائم حرب، ودعموا إنشاء آليات المساءلة وتطبيقها. وفي الوقت نفسه، تساهم المنصّات الرقمية التي يقودها الشباب اللبناني في إعادة تشكيل المشاركة السياسية، لا سيّما في أوقات الأزمات من خلال تقديم تغطية إخبارية شاملة وتقارير استقصائية وسرديات بديلة. وعلى الرغم من التحدّيات البنيوية والعقبات المنهجية، نجح الناشطون الشباب في مختلف أنحاء المنطقة في تسخير الأدوات الرقمية كوسيلة للمقاومة وتحقيق العدالة وتعزيز قدرتهم على التأثير.

في سبيل إبراز أصوات الشباب الذين يقودون التغيير، نظّم مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية سحوره السنوي الذي تضمّن جلسة نقاش شارك فيها ناشطون بارزون يمثّلون أصوات الشباب في المنطقة، بدءاً من فلسطين ومروراً بلبنان وسوريا ووصولاً إلى السودان. وتناولت الندوة دور النشاط الرقمي في تعزيز المقاومة والدعم والحشد في أوقات الحروب والصراعات. وأجاب المشاركون عن الأسئلة التالية: كيف استطاع الناشطون الشباب في السودان وسوريا ولبنان وفلسطين تسخير المنصّات الرقمية لتمكين مجتمعاتهم؟ ما أبرز التحدّيات التي يواجهونها في جهودهم؟ كيف تكيّفت الحركات الشبابية مع المشهد العالمي والإقليمي المتغيّر؟ ما هي آليات الدعم الأكثر فاعلية في دعم جهود الشباب في أوقات الحروب والصراعات؟ وأخيراً وليس آخراً، كيف يتصوّر الشباب دورهم في المستقبل، وما السبل الكفيلة بتحقيق السلام الدائم والازدهار في المنطقة؟