اليوم وفي ظلّ وجود أكثر من 195 مليون شخص يعيشون في مناطق تسيطر عليها المجموعات المسلّحة، أصبح الانخراط مع هذه المجموعات، لا سيّما سلطات الأمر الواقع، عنصراً حاسماً في العمل الإنساني الفعّال. وباتت الدبلوماسية الإنسانية أمراً حيوياً لضمان احترام المبادئ الإنسانية، حتى في البيئات الأكثر تعقيداً وتقلّباً.
ويمكّن هذا الانخراط العاملين في المجال الإنساني من التفاوض لضمان الوصول الآمن للمساعدات لمن هم في أمسّ الحاجة إليها، والدعوة إلى حماية المدنيين، والامتثال للقانون الإنساني الدولي، وسلامة العاملين في المجال الإنساني. وفي سياقات مثل أفغانستان واليمن وسوريا والصومال، حيث تتمتّع هذه المجموعات بسلطة كبيرة، أُثبتت أهمية هذا الانخراط لتقديم المساعدة المُنقذة للحياة للأشخاص المستضعفين. فالدبلوماسية الإنسانية مع هذه الجهات لا تُعتَبر تأييداً لأساليبها أو شرعيّتها، بل ضرورة للعاملين في المجال الإنساني لإنجاز عملهم بفعّالية.
بيد أنّ هذا الانخراط يعرّض المنظمات الإنسانية لمخاطر كبيرة، لا سيّما في ما يتعلّق بالامتثال للقانون والإضرار بسُمعتها. فغالبية هذه المجموعات تُصنَّف منظمات إرهابية، ما يجعل التعامل معها أمراً محفوفاً بالمخاطر القانونية بسبب قوانين مكافحة الإرهاب الصارمة، والتي قد يترتّب عنه عقوبات قاسية وإجراءات قانونية ضدّها. وقد يؤدّي هذا التصوّر إلى فقدان ثقة الناس بها ودعم المانحين والشراكات لها، ما يعيق بالتالي عمل المنظمة وتحقيق أهدافها.
منتدى الدوحة هو منصّة رائدة تأسسّت في العام 2000، يستقطب نخبة من قادة العالم وصانعي السياسات والخبراء وصانعي التغيير لمناقشة حلول ابتكارية للتصدّي للتحدّيات الأكثر خطورة في العالم، بدءاً من الأمن العالمي وحلّ الصراعات وصولاً إلى التنمية الاقتصادية والتطوّر التكنولوجي.
ستنعقد النسخة الثانية والعشرين من منتدى الدوحة، تحت عنوان “الدبلوماسية، الحوار، التنوّع”، في يومي 7 و8 ديسمبر 2024، في العاصمة القطرية الدوحة، تحت رعاية صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر. سيركّز المنتدى، تحت شعار “حتمية الابتكار” لهذا العام، على دراسة كيف نُعيد تشكيل هياكل الحوكمة، ونعزز التعاون الدولي، ونطوّر التعاون بين القطاعات، من أجل مستقبل عالمي أكثر مرونة واستدامة.
وستواصل نسخة العام 2024 إرث المنتدى في تعزيز الحوار المؤثّر، مستندة إلى شبكة متنامية من الشراكات العالمية. واستقطبت النسخة الأخيرة من المنتدى 4000 مشارك عالمي من ما يناهز 120 دولة، بينهم أكثر من 270 متحدّث خلال يومي الفعالية.