نظّم مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدوليّة ومركز “إرثنا” التابع لمؤسسة قطر في 30 سبتمبر 2024 ورشة عمل لاستكشاف إستراتيجيّات ممكنة لتخفيف انبعاثات الكربون وبدائل عمليّة للسياسات من شأنها أن تساعد قطر على تحقيق هدفها المتعلّق بتخفيف انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 25 في المئة بحلول العام 2030. شارك في ورشة العمل هذه، والتي جرت كجزء من أسبوع قطر للاستدامة 2024، عددٌ من الباحثين البارزين والخبراء والمستشارين في مجال السياسات. وركّز النقاش آثار السياسات المترتبة على البحوث الجارية في هذا المجال.
تألّفت ورشة العمل من ثلاث جلسات، ناقشت الجلسة الأولى جهود قطر الحالية لإزالة الكربون. وتركّز الحوار حول ثلاثة مواضيع: أوّلاً، دور صادرات قطر من الغاز الطبيعي المسال في تخفيف الانبعاثات العالمية؛ ثانياً، الحاجة إلى زيادة قدرة قطر على التقاط الكربون واستخدامه وتخزينه؛ وثالثاً، التخطيط لمستقبل عمليّة إزالة الكربون في قطر. وبالإضافة إلى ذلك، ناقش المشاركون الحاجة إلى الحذر من “الهبوط المفاجئ” للصناعات التي من المتوقّع أن تتراجع مع تبنّي الاقتصاد القطري مسار إزالة الكربون، والفروقات في حسابات نصيب الفرد من الانبعاثات، والخيارات البديلة أمام قطر للمساهمة في تخفيف الكربون. ومن البدائل المُقتَرحة استخدام المساعدة الإنمائيّة الرسميّة التي تقدّمها قطر لتسريع عملية إزالة الكربون في البلدان النامية.
تطرّق المشاركون في الجلسة الثانية إلى أحدث الابتكارات التكنولوجيّة وتأثيرها المحتمل في جهود قطر لإزالة الكربون. وتشمل هذه الابتكارات الهيدروجين الأخضر/الأزرق/الرمادي، والمفاعلات النووية النمطيّة الصغيرة، وموارد المياه الجوفيّة. وسلّط النقاشُ الضوءَ على الميزة النسبيّة التي تتمتّع بها قطر في استخدام الهيدروجين بسبب البنية التحتيّة الحاليّة للغاز الطبيعي. ومع ذلك، أكّد المشاركون على أنّ قطر ستحتاج إلى تقييم ما إذا كان التحوّل إلى الهيدروجين سيوفّر مزايا كافية لتبرير الاستثمارات المطلوبة. وبشأن للمفاعلات النووية النمطيّة الصغيرة، برزت مخاوف بشأن صعوبة التعامل مع النفايات النوويّة ومخاطره. علاوة على ذلك، تساهم هيمنة القطاع الخاص في سوق المفاعلات النمطيّة الصغيرة في زيادة التعقيدات والمخاوف المتعلّقة بالسلامة. أما بالنسبة إلى موارد المياه الجوفيّة، يتسبّب الإفراط في استخراجها بشكل غير مستدام في استنزاف سريع لطبقات المياه الجوفيّة في قطر، ما يؤدّي إلى تسريع هبوط الأراضي عوضاً عن زيادة الطلب على تحلية مياه البحر، وهي عملية كثيفة الاستهلاك للطاقة وقد تزيد من انبعاثات الكربون.
تطرّق المشاركون في الجلسة الثالثة والأخيرة إلى القضايا المتعلّقة بسياسات إزالة الكربون والحلول البديلة. وتركّز النقاش على أسواق الكربون ودعم الطاقة وعدم اليقين بشأن سياسات المناخ، بالإضافة إلى جيوسياسيّة إزالة الكربون. وفي ما يتعلّق بأسواق الكربون، خلُص المشاركون إلى الحاجة لدمج أسواق الكربون الناشئة المتعدّدة في دول مجلس التعاون الخليجي وإيجاد أوجه التآزر بين أسواق الكربون الممتثلة وأسواق الكربون الطوعيّة الإقليميّة. وفي ما يتعلّق بدعم الطاقة، بحثَ المشاركون في البنية الحالية لدعم الطاقة وانعكاسه السلبي المحتمل في سلوك المستهلك من خلال تحفيز استخدام الطاقة المهدورة. وعليه، اقترح المشاركون نماذج بديلة، مثل نموذج إيران (التحويلات النقديّة للمواطنين) ونموذج ألاسكا (توزيع عائدات النفط والغاز). ولقد ثبت أنّ هذه النماذج تعزّز سلوك أكثر مسؤولية عند المستهلك. وسلّط النقاش حول عدم اليقين بشأن سياسات المناخ الضوء على تأثير الخطاب الإعلامي في إعداد جداول العمل، ما يفسّر حالة عدم اليقين السائدة بين شعوب المنطقة تجاه سياسات المناخ. وبُناءً على ذلك، قد تتأثّر قطر بالمشهد المتغيّر لأسواق الطاقة، بينما تقلّل أوروبا من اعتمادها على الغاز الطبيعي، وتنظر دول شرق آسيا في إمكانية إنشاء “كارتل شراء” للاستفادة من قوتها التفاوضية.
وفي الختام، اتّفق المشاركون على مواصلة المشاركة في البحوث والمناقشات بشأن السياسات حول إستراتيجيات قطر للحد من انبعاثات الكربون، والتعاون في الإصدارات المستقبلية، ودراسة إمكانيّة تنظيم فعاليات على هامش مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين COP29 ومؤتمر الأطراف الثلاثين COP30.