يجمع تاريخٌ طويل من الروابط الثقافيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة والسياسيّة بين منطقتي القرن الأفريقي والخليج. وفي حين عزّزت المنافسة الجيوإستراتيجية بين الدول الخليجية الترابط بين المنطقتين في مجالات متعدّدة، أدّت أيضاً إلى تأجيج المنافسة المحلّية وساهمت في تصعيد التوتّرات والصراعات الإقليميّة. كما أنّ مضيق باب المندب، الذي يُعتبر معبر حيويّ ونقطة اختناق هشّة على طول طرق التجارة العالميّة، قد سرّع وتيرة المنافسات الجيوإستراتيجية وتدخّلات القوى العالميّة والإقليميّة، بما في ذلك الولايات المتحدة والصين وإيران وروسيا والسعودية وتركيا.
تُعتبر المنافسات الإقليميّة في الخليج من العوامل الرئيسية والطويلة الأمد التي تؤثّر في تشكيل الديناميات الأوسع في المنطقة العابرة للبحر الأحمر. في الصومال، دعمت الإمارات حكومات الولايات الفدراليّة في إقليم أرض الصومال الإنفصالية وبونتلاند وجوبالاند منذ العام 2017، بينما دعمت قطر وتركيا الحكومة المركزية في مقديشو. وبعيداً عن المخاوف الأمنيّة، توسّع انخراط الدول الخليجيّة مع دول القرن الأفريقي لتشمل مشروعات بنية تحتية واسعة النطاق، والتجارة الزراعية، ومبادرات الوساطة، والمساعدات الإنسانيّة، وعمليّات مكافحة القرصنة، والتجارة، وغيرها. كما أنّ الاستثمارات الخليجيّة في إثيوبيا، والصومال وجيبوتي وإقليم أرض الصومال الإنفصالية تتجاوز مليارات الدولارات. ويُمكِن لهذه الاستثمارات أن تُساهم في تحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز الأمن والسلام والاستقرار في القرن الأفريقي من خلال تقليل احتمالات التطرّف بين الشباب المحبط.
ولدراسة هذه الديناميّات المُعقدّة، نظّم مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدوليّة ورشة عمل شارك فيها نخبة من الخبراء البارزين في الشؤون الخليجية والقرن الأفريقي لتحليل القضايا الرئيسية المتعلّقة بالمنطقتين، على رأسها الأمن الإقليمي والسياسة الخارجية والاقتصاد والهجرة.