نظّم مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية بالتعاون مع مركز “إرثنا” التابع لمؤسسة قطر في 3 يونيو 2024 طاولة مستديرة بشأن دور قطر في تخفيف الانبعاثات العالمية. وبحث الخبراء المشاركون في الإسهامات التي تقدّمها قطر لتخفيف الانبعاثات العالمية من خلال تصدير الغاز الطبيعي المسال، ونظروا في الإستراتيجيات التي تعزّز دور قطر في المستقبل. وتخلّل النقاش التحديات التي تواجهها قطر في مسألة الانبعاثات، والإستراتيجيات المبتكرة التي يمكن أن تعتمدها لتخفيف الانبعاثات محلّياً وعالمياً. وقد بحث الخبراء في الحلول العملية التي تتماشى مع رؤية قطر الوطنية 2030، وسياقها الاجتماعي الاقتصادي، ومتطلباتها البيئية. وانطوت الطاولة المستديرة على ثلاث جلسات، شملت كل منها الجوانب المختلفة التي تحملها إستراتيجيات قطر لتخفيف الانبعاثات.
افتتح الدكتور معز علي، مساعد أول للبحوث والسياسات في مركز “إرثنا”، النقاش بعرض تداعيات صادرات الغاز الطبيعي المسال من قطر على الانبعاثات العالمية. فقد عرض الاستنتاجات الرئيسية المستمدة من ورقة بحثية شارك في تأليفها، حيث أظهرت أنّ صادرات الغاز الطبيعي المسال من قطر أسهمت إسهاماً كبيراً في تخفيف الانبعاثات العالمية بين العامَين 2005 و2020. ثمّ قام علي بتحليل التداعيات التي يمكن أن تتركها صادرات الغاز الطبيعي المسال من قطر في المستقبل مع مراعاة بعض العوامل، مثل التخلص التدريجي من الفحم واتجاهات استهلاك الطاقة في العالم. وخلُص إلى أنّه من المتوقّع انخفاض دور صادرات الغاز الطبيعي المسال في تخفيف الانبعاثات في المستقبل نتيجة التخلّص التدريجي من الفحم. وهذا ما أكّد على الحاجة إلى بحث قطر عن إستراتيجيات بديلة لمواصلة تخفيف الانبعاثات على الصعيدَين العالمي والمحلّي.
ونوّه المشاركون بعدها بالإسهامات المهمّة لصادرات الغاز الطبيعي المسال في تخفيف الانبعاثات العالمية، وبحثوا في التحدّيات التي تطرحها ديناميات الطاقة المتغيّرة في العالم وخصوصاً الاعتماد المستمرّ على الفحم في بعض المناطق. وشدّد أحد المشاركين على أهمية التعاون مع أسواق التصدير، ولا سيما في جنوب شرق آسيا، وعلى ضمان تماشي إستراتيجية قطر في مجال تحوّلات الطاقة مع الاتجاهات العالمية المتغيّرة. وطُرحت تساؤلات بشأن الإستراتيجيات التي ستعتمدها قطر في المستقبل لمعالجة السياسات المناخية المتطوّرة في أسواق التصدير، ما أكّد على الحاجة إلى انتهاج مقاربات مرنة وقابلة للتكيّف من أجل تخفيف الانبعاثات. وركّز الخبراء أيضاً على أهمية اعتماد إستراتيجيات محدّدة الأهداف لتحسين تداعيات تخفيف الانبعاثات.
وفي الجلسة الثانية، ركّز نادر القباني، زميل أول ومدير البحوث في مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية، على المبادرات التي تقوم بها قطر لتخفيف الانبعاثات وتعزيز التنمية المستدامة. فقد شدّد على الهدف الذي تطمح إليه قطر في تخفيف انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 25 في المئة بحلول العام 2030، وناقش الصعوبات التي تعيق بلوغ هذا الهدف والفرص المنبثقة عنه. وبحث القباني كذلك في الدعم الذي تقدّمه قطر لأسعار الطاقة مع التركيز خصوصاً على دعم الكهرباء وتداعياته المحتملة على تخفيف الانبعاثات. وسلّط الضوء على ضعف النظام الحالي وضرورة الدعم الهادف الذي يعزّز فعّالية الطاقة ويقلّل الهدر، مشيراً إلى تحدّيات الحوكمة في إصلاح نظام الدعم وأهمية اعتماد آليات دعم شفافة.
وبحث المشاركون بعد ذلك في عددٍ من التدابير المتعلّقة بالسياسات التي من شأنها أن تعزّز تخفيف الانبعاثات في قطر، مثل الاستثمار في التكنولوجيا المستدامة، وشدّدوا على أهمية التعاون الدولي والحلول المبتكرة وتخفيف الانبعاثات الصادرة عن بعض القطاعات مثل النقل والبناء. وتطرّقوا كذلك إلى السُبل التي يمكن أن تعتمدها قطر للإسهام في مبادرات تخفيف الانبعاثات العالمية لكن مع الحفاظ على أولوياتها المحلّية. وركّزت النقاشات على أهمية تماشي الإستراتيجيات المحلية مع أهداف إزالة الكربون في العالم، مسلّطةً الضوء على قدرة قطر بأن تكون مركزاً للتكنولوجيا الخضراء والاستدامة المراعية للبيئة.
وناقش المشاركون في الجلسة الختامية الدور الذي يمكن أن تضطلع به معاهد ومراكز البحوث مستقبلاً في تعزيز مشاريع قطر للاستدامة مع التركيز خصوصاً على قدرة هذه المعاهد والمراكز على تسهيل صناعة القرارات المطّلعة. وشدّدوا على أهمية استمرار الحوار والتعاون بين مختلف الجهات المعنية من أجل تعزيز مبادرات التنمية المستدامة، وعلى أهمية التوصيات بشأن السياسات القائمة على البحوث والتعاون بين الأوساط الأكاديمية والصناعية والحكومية.