الأزمة اليمنية:

ما الذي يمكن فعله؟

فبراير 17، 2016

https://youtu.be/lL7zcZUqpqo https://youtu.be/lL7zcZUqpqo

الأربعاء، فبراير 17، 2016

13:30 PM Asia/Dubai

الأربعاء،فبراير 17، 2016

15:00 PM Asia/Dubai
فندق الهيلتون
قاعة قمر للاجتماعات فندق هيلتون الدوحة الدوحة

ملخص

استضاف مركز بروكنجز الدوحة ندوة في 17 فبراير 2016 تناولت الحرب الأهلية الدائرة في اليمن والحلول السياسية التي يمكن تحقيقها في المستقبل القريب لحلّ الصراع وتجنيب البلاد المزيد من الاضطرابات. شارك في الندوة السيد رأفت الأكحلي، الوزير السابق للرياضة والشباب في اليمن؛ أيونا كريغ، مراسلة صحيفة لندن تايمز في اليمن؛ وراجح بادي، الناطق الرسمي باسم حكومة الوفاق ومستشار رئيس الوزراء اليمني. أدار الجلسة إبراهيم فريحات، زميل أول في السياسة الخارجية ونائب مدير مركز بروكنجز الدوحة وحضرها شخصيات دبلوماسية وأكاديمية وإعلامية في دولة قطر.

استهل فريحات النقاش بتذكير الحضور بأن خمس سنوات قد مرّت على اندلاع الثورة السلمية في اليمن، وأن اليمن ابتلي في الأشهر العشرة الأخيرة بحرب خلّفت حتى الآن 21 مليون شخص بحاجة ماسّة للمساعدة الإنسانية و2,5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 2,800 قتيل مدني. بعد طرح السؤال الأول حول آثار الوضع الحالي على مستقبل اليمن، شدّد فريحات على أهمية إطلاق حوار بنّاء يركّز على مستقبل اليمن، ويهدف إلى إنقاذ هذا البلد وتجنيبه المزيد من الدماء.

أشار الأكحلي إلى أن معظم الشباب اليمني قد فقدوا كل أمل بالمستقبل. وقال لو قارنا وجدان الشارع اليمني اليوم بذاك الذي رافق ثورة العام 2011، لوجدنا أن النبرة التفاؤلية التي استُخدمت عند انطلاق الثورة تمّ استبدالها بلغة التطرّف والطائفية. هذا الخطاب التشاؤمي سهّل على الأطراف المتقاتلة استقطاب المغلوبين على أمرهم للانضمام إلى صفوفها، بسبب انسداد الأفق أمام المستضعفين بالحصول على حياة أفضل، وهذا يعزّز بطبيعة الحال وجود المجموعات المتطرّفة، مثل القاعدة والدولة الإسلامية (داعش) التي تزداد نفوذاً وانتشاراً.

كذلك لفت الأكحلي إلى أن التساؤل حول كيفية إنهاء الصراع في اليمن ليس هو السؤال الصحيح، بل “ما يمكن عمله إلى حين انتهاء الحرب؟”. وشدّد على أهمية إنعاش الاقتصاد إحياءً لآمال الشباب بالمستقبل، فمن خلال استحداث أعمال مؤقتة لهم خلال فترة الصراع، وإيجاد طرق لتطوير اقتصاد حربي يسهّل تبادل البضائع والخدمات رغم استمرار الحرب، ونشرِ خطاب تحفيزي يذكّر الناس بأهمية حياتهم، يمكن لليمنيين تحرير أنفسهم من “عقلية الحرب”.

وتكلمت كريغ عن التأثير المدمّر الذي تتركه الحرب اليمنية على المجتمع على المستوى المحلي. مازال الحوثيون والقوّات الموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح يحرزون تقدماً رغم القصف والغارات المستمرة منذ شهور من قِبَل التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية بالتنسيق مع حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي. لقد كان للصراع الدائر تأثير استقطابي مزّق نسيج المجتمع اليمني.

ركّزت كريغ على أهمية استنباط حلول عملية وإطلاق مبادرات إنسانية دولية. في ظل الحصار المفروض على العديد من المدن اليمنية، سيكون من الأصعب تحقيق المصالحة على المستوى المحلي، حتى لو انتهى الصراع في المستقبل القريب. وأضافت أن تخفيف الضغط على السكان من خلال الجهود الإنسانية وتركيز الجهود الدولية على تحييد مسألة المؤن الغذائية عن المعادلة السياسية هما الخياران العمليان الرئيسان لإنقاذ اليمن وتجنيبه المزيد من المعاناة. وأوضحت أن هناك تعتيماً إعلامياً على الحرب الأهلية في اليمن في الإعلام الغربي، وهذا يشكّل معضلة كبرى، لأن التعتيم يعيق إطلاق المبادرات الإنسانية وإصدار القرارات التي من شأنها تخفيف تبعات الصراع على المواطنين.

أما بادي، فأضاء على السياق التاريخي للصراع، من أجل فهمٍ أفضل للتحديّات الحالية التي تواجهها اليمن. وأوضح أنه بعد اندلاع الثورة اليمنية عام 2011، بدأت الدولة تتخذ أولى خطواتها على المسار الصحيح من خلال التفاوض حول النظام السياسي أثناء الحوار الوطني؛ وأكّد أن المفاوضات شملت كافة الأطراف السياسية، بما في ذلك الحوثيين. وأوضح بادي أن الصراع في اليمن ليس حرباً أهلية، بل هو انقلاب يقوده الحوثيون ضد السلطة الشرعية المتمثّلة في حكومة هادي. ووصف الحوثيين بأنهم حركة دينية عقائدية وقارنها بداعش من حيث المبدأ والأهداف. ومن هنا يجب على المجتمع الدولي ألا يمنح الشرعية لجماعة الحوثي، وأن يعارض كل الجهود الرامية إلى إبقاء سلاحها بحوزتها.

نقل فريحات النقاش بعد ذلك إلى الوضع الحالي، وسأل عن الحلول المحتملة. وردّاً على هذا السؤال قال بادي إن الحرب فُرضت فرضاً على المجتمع اليمني، وانتقد ما أسماه انعدام جدّية الحوثيين في التفاوض لوضع حدٍّ للصراع. وشدّد على ضرورة تطبيق القرارات الدولية ومنع الحوثيين من حيازة السلاح؛ فالهدف يجب أن يكون التوصّل إلى وقفٍ نافذٍ لإطلاق النار بدلاً من إحلال سلام هشّ. وأهم ما في الأمر أن الحكومة أصبحت عاجزة تماماً بعد أن استولى الحوثيون على معظم سلاحها خلال الانقلاب. وحسب قول بادي فإن الحكومة اليمنية لا تملك 1000 دولار أميركي في حساباتها المصرفية. ونظراً لافتقارها إلى الموارد يجب أن يكون هناك دور دولي لإنقاذ اليمن.

وفي معرِض حديثه عن الدور الإيراني، ذكر الأكحلي أن إيران لا تقوم بأي دور إيجابي في اليمن، ويجب ألا يُسمح لها بالتدخّل أو أن يكون لها دور مستقبلي في الصراع. انتقل الأكحلي بعد ذلك ليجيب على سؤال فريحات حول التباين الواضح بين الوعود المعلن عنها بشأن المساعدات الإنسانية وغياب المبادرات الإنسانية على أرض الواقع. وقال إنّ التنسيق الذي يتم بين المجموعتين المانحتين الرئيستين للمساعدات، في منطقة الخليج والغرب، يجب أن يعمل باتجاه الدفع لاتخاذ مبادرات إنسانية جدّية.

وفي معرض الإجابة على أسئلة الحضور حول جدوى العمل على التنمية في زمن الحرب، شدّد الأكحلي على أهمية تطوير ما يُسمّى “اقتصاد الحرب” الذي يوفّر الأعمال ويردم بعض الثغرات المؤقتة، وأشار إلى أن هذا لا يستلزم مشاريع كبيرة لإعادة الإعمارأو تخطيط المدن، بل هو عبارة عن مبادرات بسيطة تلبّي حاجات المواطنين خلال الحرب التي قد تستغرق سنوات. ثم أكّد من جديدعلى أهمية استنباط خطط تنموية كنوع من التحضير للمستقبل للتمكن من بدء إعادة الإعمار حالما تضع الحرب أوزارها. قالت كريغ إن ثمة ورشاً شبابية وفنانين يحاولون رأب الصدع بين شرائح المجتمع؛ لكن دورهم محدود جداً وتأثيرهم ينحصر في الحلقات الاجتماعية الصغيرة التي تعيش في المدن.

وفي ملاحظة أخيرة، أضاف الأكحلي أنه رغم التحديات الحالية التي يواجهها المجتمع، يبقى اليمن بلداً ذا تاريخ غني وحضارة عريقة، وهو يتطلع إلى مستقبل مشرق ويأمل أن يستعيد استقراره وتماسكه ومكانته في العالم.