كأس العالم 2022:

كيف تؤثر التغطية الإعلامية في قضايا العمّال الأجانب في قطر؟

نوفمبر 15، 2022

الثلاثاء، نوفمبر 15، 2022
4:00 م - 5:15 م
عبر الانترنت

ملخص

 عقد مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية ندوة عبر الانترنت في 15 نوفمبر 2022 لبحث تأثير الإعلام في قضايا حقوق العمّال الأجانب في قطر على هامش كأس العالم 2022. جمع المجلس خبراء في الشؤؤن الإعلامية والعمّالية أدلوا بآرائهم حول التغطية الإعلامية الدولية والمحلية للبطولة وما اتخذته قطر مؤخّراً من إصلاحات عمّالية وأرجحية استمرار هذه الإصلاحات بعد انتهاء الحدث الكروي. أدار الندوة مارك أوين جونز، الزميل الأول غير المقيم في مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية، وشارك فيها كلّ من فاني ساراسواتي، مديرة برامج ومحررة موقع Migrant-Rights.org، وفيصل المضاحكة، رئيس تحرير صحيفة Gulf Times، وماكس تونيون، مدير مكتب منظمة العمل الدولية في دولة قطر.  

 

استهلّ مارك جونز الندوة بالإشارة إلى وضع سياسات العمل في قطر تحت المجهر الدولي منذ عام 2010، عندما فازت بحق استضافة كأس العالم لكرة القدم 2022. منذ ذلك الحين، دعت وسائل إعلامية بارزة قطر والاتحاد الدولي لكرة القدم إلى تحسين أوضاع العمّال الأجانب. لبّت قطر الدعوة وترجمت التزامها بحماية حقوق العمّال من خلال سلسلة من الإصلاحات قامت بها على مدى العقد الماضي وأنشأت برنامج تعاون فنّي مع منظمة العمل الدولية في العام 2018، ما وضعها في طليعة الجهود الإقليمية لحماية العمّال الأجانب وتحسين ظروف عيشهم. ولكن بالرغم من هذه الجهود، لا تزال الانتقادات من بعض المنظمات الدولية تنهال على قطر بشأن مدى تنفيذها لهذه الإصلاحات، مشكّكة في استمراريتها بعد انتهاء البطولة. وفي الداخل، أعرب مواطنون عن قلقهم بشأن التضليل الإعلامي والحملة الممنهجة ضد قطر في سابقة لم تشهدها الدول المضيفة الأخرى. وسأل جونز المشاركين عن استجابة قطر لانتقادات وسائل الإعلام الدولية والمخاوف التي طرحتها بشأن حقوق العمّال الأجانب. 

 

جواباً على ذلك، أشار فيصل المضاحكة إلى ازدواجية معايير الإعلام الذي يوجّه انتقادات لقطر بسبب انتهاكاتٍ ترتكبها شركاتٌ متعهدة، هي المستفيد الأكبر من مثل الممارسات الاستغلالية، في حين لا تواجه دول أخرى، كالولايات المتحدة، مثل هذه الانتقادات الحادة على الرغم من الممارسات المضرّة بالعمّال التي تتبعها شركات مثل نايكي وأمازون. وعلى هذا الأساس، يرى المضاحكة أنّ من الأجدى توجيه الانتقادات إلى الشركات الخاصة – وكثير منها مقره أوروبا – بدل توجيهها إلى الحكومة القطرية. وأكّد أنّ الحكومة قد تبنّت الكثير من الإصلاحات الهامة في سياساتها على مدى العقد الماضي، مدفوعةً باستضافتِها لكأس العالم، لافتاً إلى سرعة تكيّف قطر مع التحديات غير المسبوقة لمشاريعها الضخمة. كما أوضح اللغط المحيط بعدد 6500 حالة وفاة مرتبطة بكأس العالم، قائلاً إنّ الرقم يمثّل مجموع وفيات الوافدين في قطر على مدى العقد الماضي. وبالنظر إلى أن 85-90 في المئة من سكان قطر هم من غير المواطنين، فإنّ معدل الوفيات هذا يقلّ بكثير عن المعدلات المسجلة في الدول الغربية. 

 

وسلّطت فاني ساراسواتي الضوء على تراجع دور الإعلام المحلّي المستقلّ في قطر. فمعظم المراسلين هم من المقيمين غير القطريين الذين يمارسون رقابة ذاتية خشية ترحيلهم أو فقدان وظائفهم. زدّ على ذلك أنّ أصحاب الشركات القطريين غالباً ما يكونون أعضاء في مجالس إدارة الصحف المحلية، ما قد يثير مخاوف الصحافيين ويدفعهم لممارسة رقابة ذاتية أو مواجهة العواقب. أخفقت قطر في إدراك مزايا الإعلام المستقلّ الذي لا يُنظر إليه كمجرد أداة علاقات عامة للحكومة. وفيما اتفقت ساراسواتي مع المضاحكة على ضرورة محاسبة الشركات أكثر، لكنّها أشارت إلى أنّ ذلك لا يقع على عاتق الإعلام وحده، بما أنّ معظم الشركات، بالأخص تلك التي تعمل على مشاريع مرتبطة بكأس العالم تستفيد من عقود حكومية. بالتالي، على الحكومة أن تؤدّي دوراً مهماً في اختيار المتعهدين الذين يتمتّعون بالمعايير الأخلاقية المناسبة وأن تمارس دورها الرقابي لضمان امتثال الشركات إلى القوانين العمّالية.  

 

من جهته، دعا ماكس تونيون إلى عدم التعميم نظراً لوجود أنواع مختلفة من التغطية الإعلامية. مع ذلك، قال إنّ التحيز واضح ضد قطر في بعض التغطية الإعلامية الدولية. أشار تونيون أيضاً إلى أنّ الكثير من الصحافيين يواصلون تداول رقم الـ6500 من دون وضعه في سياقه الصحيح. وفيما أشارت منظمة العمل الدولية إلى الأسباب التي تجعل هذا الرقم مضلًّلاً، مع ذلك ما زال وقعه يؤثّر في التصوّرات عن القطر وكأس العالم. على سبيل المثال، قال تونيون إنّه في خلال اجتماع مع أعضاء في البرلمان الأوروبي مؤخّراً، استخدم بعض صنّاع السياسات هذا الرقم.   

 

أعاد جونز توجيه النقاش نحو المسائل المتبقية التي لا بدّ من إنجازها من أجل تطبيق الإصلاحات بالكامل وتتبع نتائجها وتأثيرها في حياة العمّال بشكل فعّال. أجاب تونيون بالإشارة إلى ضرورة تحسين التعاون مع منظمة العمل الدولية والنقابات العمّالية في البلاد. فلا يستفيد جميع العمّال من الإصلاحات في نظام الكفالة، بما أنّ التهديد بالترحيل وإلغاء بطاقة الإقامة لا يزال قائماً. وفيما أظهرت الحكومة مقداراً عالياً من حسن النية في إقرار هذه الإصلاحات، إلّا أنّ المشكلة تكمن في مدى تطبيقها وتنفيذها. على سبيل المثال، تقدّم عمّالٌ بالكثير من الشكاوى بسبب التأخّر بدفع أجورهم لأشهر أو عدم تلقيهم أجورهم أو عدم حصولهم على إجازات. خلص تونيون بالتشديد على أنّ الإصلاحات العمّالية تتماشى ورؤية قطر الوطنية 2030، وسيسهم حسن تطبيقها في تحقيق هذه الرؤية بشكل فعّال. أضافت ساراسواتي أنّه يتعيّن توعية العمّال أكثر حيال حقوقهم من أجل مكافحة ثقافة الخوف من تقديم الشكاوى أو رفع الصوت ضد الانتهاكات. وإلى جانب الحماية القانونية، لا بدّ من تطوير السلوكيات الاجتماعية وتعزيز اقتناع الشركات والمجتمع المدني بهذه القوانين.  

 

في الختام، طلب جونز من المشاركين تقييم مدى استمرارية الإصلاحات العمّالية في قطر مع انحسار الاهتمام الدولي بعد صفارة نهاية كأس العالم، فيما تعيد البلاد تقييم أولوياتها. شدّدت ساراسواتي على أهمية مراقبة تطبيق الإصلاحات في مرحلة ما بعد كأس العالم، إذ تخشى أنّه مع تحوّل أنظار الإعلام الدولي نحو قضايا أخرى، لن يتبقّى الكثير من الحوافز للحكومة لمتابعة تنفيذ الإصلاحات. اتفق المضاحكة مع ساراسواتي على ضرورة إشراك الشركات في النقاش حول الإصلاحات بما أنّها تحتاج إلى الوقت والدعم من أجل تطبيق هذه التغييرات في ممارساتها في مجال الأعمال. وشدّد على أنّ الإعلام الدولي لم يضئ كفاية على جهود التغيير والإصلاحات التي نُفّذت بالفعل. فقد منعت الحكومة الشركات التي انتهكت القوانين من الاستمرار في العمل وأوقفت المتعهدين الذين لم يدفعوا أجور العمّال، ولكن لم يتطرّق الإعلام إلى هذه المسائل بشكل واسع. ووافقه تونيون الرأي، مشيراً إلى أنّ الإعلام الدولي لم يضئ بشكل كاف على مسائل مثل إصلاح نظام الكفالة وإنشاء لجان مشتركة تضمّ ممثلين منتخبين في صفوف العمّال الأجانب وتشديد القانون مؤخراً لتوفير حماية أكبر للعمال من الإجهاد الحراري. 

مدير الجلسة

زميل أوّل غير مقيم

المتحدثون

فيصل المضاحكة
رئيس تحرير، صحيفة Gulf Times
فاني ساراسواتي
محررة ومديرة برامج، Migrant-Rights.org
ماكس تونيون
مدير مكتب منظمة العمل الدولية، قطر