اللاجئون في الشرق الأوسط:

مسيرة نحو مصير مجهول

يونيو 21، 2023

الأربعاء، يونيو 21، 2023
4:00 م - 5:15 م

ملخص

بمناسبة اليوم العالمي للاجئين، نظّم مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية ومعهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية في بيروت ندوةً عبر الإنترنت لمناقشة مستقبل السياسات المتعلّقة باللاجئين في ظل تغيّر المشهد السياسي وتزايد أعداد النازحين نتيجة الصراعات القائمة والكوارث الطبيعية. وضمّت الندوة كلّ من ريفا دينغرا، زميلة باحثة ما بعد الدكتوراه في معهد بروكنجز؛ وميريسا خورما، مديرة البرامج في برنامج الشرق الأوسط في مركز ويسلون؛ وفؤاد فؤاد، رئيس برنامج النزوح القسري للشرق الأوسط التابع لمركز البحوث للتنمية الدولية وزميل مشارك في معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية في بيروت. وأدار الجلسة الزميل الأول ومدير البحوث في المجلس نادر القباني. وتطرّق الخبراء إلى مجموعة من المواضيع المرتبطة بحالة اللاجئين والأشخاص النازحين داخلياً في الشرق الأوسط، وسلّطوا الضوء على التحّديات المعقّدة والصعوبات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجهها هذه الفئة المستضعفة من السكان، بالإضافة إلى سُبل معالجة هذه المشكلات في المستقبل.

افتتحت خورما النقاش بعرض لمحة عن واقع اللاجئين في المنطقة، وسلّطت الضوء على تجارب اللاجئين السوريين في الدول المضيفة المجاورة لسوريا، مثل لبنان والأردن وتركيا. وأشارت إلى أنّ الاهتمام العالمي بقضايا اللاجئين وسُبل دعمهم تحوّل باتجاه أوروبا، إلى جانب الصراعات طويلة الأمد في الشرق الأوسط التي تسبّبت في فتور همّة الجهات المانحة لمساعدة اللاجئين. وما زال اللاجئون نفسهم يعانون صعوبات اقتصادية، بحيث تعيش غالبيّتهم في فقر شديد فاقمته الأزمات الاقتصادية التي تشهدها الدول المضيفة. وتحدّثت خورما أيضاً عن زيادة المشاعر السلبية تجاه اللاجئين، والخلافات التي نجمت عن مسألة اللاجئين في خلال الانتخابات الرئاسية التركية الأخيرة.

ثمّ بحثت دينغرا في أساليب تعامل دول معينة مع أزمة اللاجئين والتحديات الأخرى التي تعانيها فئات من سكان هذه الدول. فالدول المضيفة تواجه تحديات على مستوى الاقتصاد الكلي، وتداعيات الجائحة العالمية المستمرة، والعواقب العالمية للغزو الروسي على أوكرانيا. وهذا ما دفعها إلى استخدام اللاجئين ككبش فداء مناسب لإخفاء أوجه القصور التي تعتري أنظمتها ومؤسساتها، مما يعزز انطباعات المواطنين السلبية عن اللاجئين. وفي لبنان، تتزايد عمليات الترحيل التعسّفي للاجئين السوريين المسجّلين وغير المسجّلين على حدّ سواء، الأمر الذي خلق جواً من الخوف في صفوفهم ودفعهم إلى العمل في الاقتصاد غير الرسمي، وبالتالي انخفضت الأجور على الصعيد الوطني. وفي تركيا، تواجه الحكومة التي كانت داعمة للاجئين سابقاً موجة متصاعدة من الخطابات السياسية والمدنية المناهضة لهم. أما في الأردن، فأنشأت الحكومة برامج لتسهيل دخول اللاجئين السوريين إلى سوق العمل مع حصرهم بقطاعات معينة من الاقتصاد. وبما أنّ الأردن يقود جهود التطبيع مع النظام، يخشى اللاجئون من زيادة عمليات الترحيل التعسّفي.

وسلّط فؤاد، رئيس برنامج النزوح القسري للشرق الأوسط في الجامعة الأميركية في بيروت، الضوء على مأساة الأشخاص النازحين داخلياً الذين فرّوا من منازلهم بدون عبور الحدود الدولية على عكس اللاجئين. وبالرغم من أنّ غالبية التمويلات العالمية تصبّ في مساعدة اللاجئين، يشير تقرير الاتجاهات العالمية حول النزوح القسري الصادر عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أنّ الأشخاص النازحين داخلياً يشكّلون 60 في المئة من النازحين. وبما أنّ حكومات بلدان الأشخاص النازحين داخلياً تبقى مسؤولة عنهم، يواجهون صعوبات في قدرتهم على تلقّي المساعدات عن طريق القنوات عينها كما اللاجئين. فعلى سبيل المثال، منعت الحكومة السورية مرور المساعدات الإنسانية عبر حدودها بعد الزلزال الأخير الذي ضرب تركيا وسوريا، مشيرةً إلى ضرورة تقديم هذه المساعدات إلى القنوات الحكومية بصرف النظر عن انعدام سيطرتها على شمال سوريا.

ثمّ سأل القباني خورما عن الخطوات الواجب اتخاذها في المستقبل لمعالجة أزمة اللاجئين الحالية في ضوء جهود التطبيع التي قامت بها الدول العربية مؤخّراً مع سوريا. فأشارت إلى أنّه يجدر بحكومات الغرب التدخّل للمساعدة على تجاوز هذه العقبات المرتبطة بصناعة السياسات، نظراً إلى عدم انتفاعها من التطبيع مع النظام. لكنّ المشكلة الأكبر، بحسب خورما، أنّ التعريفات الدقيقة للاجئين وحقوقهم وفقاً للقانون الدولي لم تعد ذات الصلة بالنظام العالمي الحالي. وبالتالي، فإنّ المسؤولية تقع على عاتق المجتمع الدولي للمشاركة في إعادة التعريف وإعادة التفاوض بشكل فعال في ما يخصّ هذه المصطلحات.

وأيّدت دينغرا كلام خورما حول ضرورة تغيير تعريفات اللاجئين المنصوص عليها في القانون الدولي لأنّ طبيعة النزوح تغيّرت. وأضافت في سياق الحديث عن مسألة العودة أنّ الصراعات لا تنتهي لمجرّد أننا قرّرنا ذلك. فإذا تدهور الوضع مجدداً في سوريا، ستضاعف العودة من انتهاكات حقوق الإنسان المحتملة في المستقبل وتثير تحديات إضافية. وليست الظروف الحالية آمنة في سوريا لعودة الناس، إنما تزداد سوءاً نتيجة الوضع القاتم للسكن والبنية التحتية للمرافق العامة على الصعيد الوطني. وتشير أيضاً ردود الفعل الدولية الأكبر التي تحيط بأزمة اللاجئين إلى عدم تطابق بين ما يقدّمه المانحون وما هو فعلياً مطلوب و/أو مفيد. وفي جلسة الأسئلة والأجوبة التي تلت النقاش، شدّدت دينغرا على ضرورة أن تتيح الحلول التي نفّذتها الدول المضيفة فرصة مشاركة اللاجئين الاقتصادية مع التركيز على الاستثمارات طويلة الأمد والمسارات القانونية الموسّعة. وبالرغم من عدم إمكانية العودة، لا يشكّل اللاجئون عبئاً على الدول المستضيفة طالما أنّ أساليب المساعدة تتغيّر عن إستراتيجيات الاحتواء قصيرة الأمد الحالية.

وشدّد فؤاد وخورما أيضاً على نقاط مشابهة في جلسة الأسئلة والأجوبة التي تلت النقاش. فقد دعا فؤاد المجتمعات الدولية إلى إعادة النظر في طبيعة مسؤولياتها تجاه اللاجئين لمعالجة الأسباب الجوهريّة للأزمة. وكرّرت خورما توصيتها بتعاون قوى الغرب مع دول المنطقة لمعالجة أزمة اللاجئين، وحثّت صنّاع السياسات على التواصل الفعّال قبل تدهور الوضع نحو صراع أكثر خطورة.

مدير الجلسة

زميل أوّل ومدير البحوث

المتحدثون

ريفا دينغرا
زميلة باحثة ما بعد الدكتوراه، معهد بروكنجز
ميريسا خورما
مديرة برامج، برنامج الشرق الأوسط، مركز ويسلون
فؤاد فؤاد
رئيس برنامج النزوح القسري للشرق الأوسط التابع لمركز البحوث للتنمية الدولية، زميل مشارك، معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية، الجامعة الأميركية في بيروت