إعادة الضبط الهشّة في الشرق الأوسط:

ماذا بعد؟

ديسمبر 11، 2023

الإثنين، ديسمبر 11، 2023
2:55 م - 3:45 م

ملخص

نظّم مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية، ضمن فعاليات منتدى الدوحة 2023، جلسة نقاش استندت إلى ملف أصدره المجلس مؤخّراً بعنوان “إعادة الضبط الهشة في الشرق الأوسط: اللاعبون ومناطق الصراع واللانظام” حرّره غالب دالاي، زميل أول غير مقيم في مجلس الشرق الأوسط، وطارق يوسف، زميل أول ومدير مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية. أدار جلسة النقاش أندرو باراسيليتي، رئيس مؤسّسة المونيتور الإعلامية (Al-Monitor.com)، وشارك فيها كل من سنام فاكيل، مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المعهد الملكي للشؤون الدولية (تشاتام هاوس)؛ ألفريدو كونتي، وزير مفوض لدى وزارة الخارجية الإيطالية؛ وطارق المجريسي، زميل سياسي في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية؛ وعمر حسن عبدالرحمن، زميل في مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية؛ بالإضافة إلى غالب دالاي، زميل أوّل غير مقيم في المجلس. وتناول المتحدّثون مستقبل عملية إعادة الضبط الإقليمي وآفاق التعاون الإقليمي والتهدئة في ظلّ الأوضاع الراهنة.

 

 

افتتح دالاي المناقشة بتسليط الضوء على التغيّرات الجذريّة التي شهدها الشرق الأوسط على مدى العقد الماضي، والتي اتّسمت بالتحول من الاهتمامات التقليدية التي تركّز على الأمن نحو نهج أكثر دقّة يشمل التنموية الاقتصادية، والتعاون التكنوقراطي، والتحول السياسي. وشدّد دالاي على أهمية الأحداث الكبرى، مثل حلّ الأزمة الخليجية، واتفاقات أبراهام، والتقارب الإيراني السعوديّ. وأشار إلى أنّ هذه التطورات تدلّ على إعادة ضبط إقليمي وتحوّل نحو المشاركة الاقتصادية العملية. ومع ذلك، فهي تصطدم بالتوترات المستمرّة، والتي يجسّدها الصراع الإيراني الإسرائيلي والخلاف التركي الإيراني. ثمّ وضع دالاي مبادرات التهدئة والتطبيع في سياق تحوّل أوسع، بعيداً عن النظام العالمي الذي يتمحور حول الولايات المتحدة نحو نظام متعدّد الأقطاب، نظراً لتزايد عدم الرضا الإقليمي من إمكانية الاعتماد عليها كشريك أمني. وربط دالاي هذه التحولات بأحداث 7 أكتوبر، مشيراً إلى أنّ شعوب المنطقة مستاؤون إلى حدّ كبير بسبب السخط الاجتماعي الواسع النطاق والمخاوف المتزايدة. واختتم دالاي حديثه بالإشارة إلى أنّ مستقبل التطبيع الإقليمي، وتحديداً العلاقات السعودية الإسرائيلية، معلّق ولن يتمّ حله من دون مراعاة القضية الفلسطينية بجدّية.

 

ثمّ تناول النقاش ضرورة المفاوضات الإقليمية وعمليات السلام لمعالجة التصعيد الأخير. وناقش كونتي أنّه يمكن لجهود التطبيع تجاوز عملية السلام التقليديّة، مشيراً إلى أنّه لا يمكن للتطبيع أن يكون بديلاً عن مفاوضات السلام الجادة. لا بل دعا إلى إعادة إحياء إطار تفاوضي لتوفير مسار نحو الاستقرار والازدهار في المنطقة من خلال معالجة هادفة لمسعى الفلسطينيين لإقامة دولةٍ لهم. وأضافت فاكيل أنّ مبادرات إيران الدبلوماسيّة وجهودها للتحايل على إستراتيجيات الاحتواء الأمريكية، ولا سيما نظام العقوبات الاقتصادية، قد ساهمت في تنشيط انخراط طهران الإقليمي. كما سلّطت الضوء على النفوذ الكبير الذي اكتسبته إيران على المستوى الإقليمي من خلال دعمها للجهات الفاعلة المسلّحة غير الحكومية كجزء من “محور المقاومة”. ودعت أيضاً إلى تعزيز التعاون الإقليمي وبناء الثقة، بمعزلٍ عن التدخل الغربي، لتجنب المزيد من الصراعات. علاوة على ذلك، ووفقاً لتحليل فاكيل، فإنّ إيران تدعم عملية إعادة الضبط الإقليميّ، إذ أنّ تصعيد الحرب على غزة أو إضفاء طابع إقليمي عليها قد لا يخدم المصالح الإيرانية. وبنى عبد الرحمن على ذلك من خلال تقديم تحليل نقدي لاتفاقات أبراهام، مشيراً إلى أنّها كانت بمثابة آليات لبناء التحالف ضد التهديدات الإيرانية بدلاً من كونها مساعٍ حقيقية لصنع السلام. وأشار إلى أنّ جهود التطبيع هذه قد ساهمت في ترسيخ صورة إسرائيل السلبية بدلاً من تخفيف التوترات الإقليمية. وبالتالي، شدّد عبد الرحمن على أهمية إدراج وجهات النظر الفلسطينية في مساعي السلام أو التطبيع المستقبلية لضمان التوصل إلى حلّ شامل وعادل.

 

ثمّ حوّل المجريسي التركيز إلى شمال أفريقيا، وبشكل خاص على دور ليبيا في قيادة مساعي التطبيع الإقليمية بفعاليّة. وشدّد المجريسي على أنّ الشعور السائد بالتخلي قد انتشر في أنحاء المنطقة كافة، وتفاقم بسبب إعطاء الأولوية للعلاقات التي تتمحور حول النخبة مع القوى الغربية، كما يتّضح بشكل صارخ من المأساة في درنة. وتناول دالاي مناورات تركيا الإستراتيجية في سياق إعادة الضبط الإقليميّ ومبادراتها الدبلوماسية الرامية إلى تعزيز نهج أكثر شمولاً وتوازناً لحل الصراعات. وأكّد على الدور الحاسم الذي تؤدّيه الولايات المتحدة في تسهيل عملية السلام، وإخفاق الدول الغربية إلى حدّ كبير في ممارسة الضغط من أجل وقف إطلاق النار. ثمّ ناقشت فاكيل إستراتيجية إيران في التعامل مع حزب الله. ففي حين تدعم طهران الجهات الفاعلة المسلّحة غير الحكومية في أنحاء المنطقة كافة، إلّا أنّ دوافعها الأساسية تتمحور حول الأمن الداخلي واستقرار النظام. وأظهر تحليلها حاجة ماسة لإصلاحات الحوكمة في أنحاء المنطقة كافة للتخفيف من تأثير طهران على هذه الجهات. وخلص عبد الرحمن إلى وجود تحديات ملازمة لمعالجة دور حماس في غزة، منتقداً خطابات البعض من الفصائل الإسرائيلية، ومشدّداً على استحالة التوصل إلى حلّ عسكري لا يؤدّي إلى تفاقم حلقة المقاومة والعنف. وفي ختام الجلسة، أكّد المجريسي على الأهمية الحاسمة لقضايا الحوكمة في صياغة مستقبل الشرق الأوسط في مرحلة ما بعد 7 أكتوبر. وشدّد على ضرورة معالجة التحديات الاقتصادية وتحديات الحوكمة لضمان الاستقرار والازدهار في المنطقة والحدّ من التداعيات الجيوسياسية الأوسع.

مدير الجلسة

دكتور أندرو باراسيليتي
رئيس مؤسسة "المونيتور" Al-Monitor.com

المتحدثون

دكتورة سانام فاكيل
مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد "تشاتام هاوس"
معالي الوزير ألفريدو كونتي
وزير مفوّض لدى وزارة الخارجية الإيطالية
طارق المجريسي
زميل سياسي في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية
زميل أوّل غير مقيم