عام على الحرب في أوكرانيا:

كيف تعيد تشكيل نفوذ روسيا وسياستها في المنطقة؟

مارس 15، 2023

الأربعاء، مارس 15، 2023
3:00 م - 4:15 م

ملخص

نظّم مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية ندوةً عبر الإنترنت في 15 مارس 2023 بالتعاون مع كلية كيدج للأعمال، Kedge Business School، حول تأثير الحرب الأوكرانية الروسية في نفوذ روسيا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وبحث الخبراء في قضايا أساسية مرتبطة بالحرب، بما فيها الوضع الجيوسياسي لدول المنطقة، وتطوّر علاقات روسيا الاقتصادية مع هذه الدول، والمخاطر المتأتّية من استمرار الحرب والفرص التي تتيحها. وأدار النقاش غالب دالاي، زميل أوّل غير مقيم في المجلس. وضمّت الندوة كل من أندريه كورتونوف، مدير عام مجلس الشؤون الدولية الروسي؛ وهانا نوتي، باحثة مشاركة أولى في مركز فيينا لنزع السلاح وعدم الانتشار؛ وحميد رضا عزيزي، زميل زائر في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية.

افتتح دالاي النقاش بالسؤال عن تداعيات الحرب في أوكرانيا على نفوذ روسيا في منطقة الشرق الأوسط. فقال كورتونوف إنّ الشراكة الجيوسياسية بين موسكو وطهران يتّسع نطاقها تدريجياً، وإنّ روسيا تعوّل على إيران أكثر من فترة ما قبل الحرب. وأشار إلى أنّ هذه الشراكة المتنامية تُضعف من روابط روسيا بإسرائيل أكثر فأكثر، ولا سيما في ظل الكشف عن وقوف القيادة الإسرائيلية في صفّ أوكرانيا. وأكّد كورتونوف في سياق الحديث عن دول مجلس التعاون الخليجي على ضرورة أن تخدم روسيا مصالح هذه الدول بوصفها شريكة محتملة في مجال التجارة ومصدر استثمار تمسّ الحاجة إليه من أجل تخفيف الضغوطات التي يواجهها اقتصاد روسيا نتيجة نظام العقوبات المفروض من الغرب. ومن الممكن أن يزداد نفوذ روسيا عبر تعاونها مع جهات فاعلة أساسية في مجلس التعاون الخليجي، وبخاصة السعودية، في مجال تسعير الطاقة. وفضلاً عن ذلك، شدّد كورتونوف على أنّ دور الصين في المفاوضات بين السعودية وإيران يمكنه أن يتيح فرصاً لروسيا كي تنخرط في اتفاقات متعددة الأطراف في المنطقة.

وانتقل دالاي عقبها لمناقشة تداعيات الحرب على علاقات دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع القوى العالمية الكبرى. وقال إنّ عدداً من هذه الدول تشارك في تحقيق توازن جيوسياسي بين أطراف الصراع، لكنّ مدى استدامة هذه الاستراتيجية المتوازنة بالنسبة لدول المنطقة يبقى مسألةً مفتوحة للنقاش. وتطرّقت نوتي إلى تداعيات الحرب على الأمن الغذائي في المنطقة التي تمثّلت في تضخّم أسعار القمح وسلع أخرى. وقد أدّى هذا الخلل إلى زيادة المخاوف القائمة سابقاً في دول المنطقة، مثل ارتفاع مستويات التضخّم، والآثار الاقتصادية المتبقّية من جائحة فيروس كورونا المستجدّ، وعدم الاستقرار السياسي. وأضافت أنّ بعض الدول تقاعست عن إدانة روسيا وإنفاذ العقوبات المفروضة من الغرب. وعلاوةً على ذلك، يتمّ تداول أخبار متضاربة عن محرّكات الحرب، إذ يرى بعض الدول أنّها حرب عدوانية شنّتها روسيا، فيما ترى دول أخرى أنّها حرب أججها حلف الناتو والولايات المتحدة بشكل جزئي. وقد تصاعد أيضاً الاستياء داخل دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بسبب ما يمكن اعتباره معايير مزدوجة في ما يتعلّق بتعامل الغرب مع أوكرانيا مقارنةً بتعامله مع الحروب والصراعات في المنطقة. فعلى سبيل المثال، لم يحظَ اللاجئون القادمون من سوريا ودول أخرى بترحيب مماثل في أوروبا، كما لم تحظَ الأزمة الإنسانية التي تسبّبتها الحرب في اليمن والظروف في فلسطين تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي بمستويات الاهتمام والدعم عينها من الدول الغربية مثلما حظيت أزمة أوكرانيا.

وبعدها طرح دلاي سؤالاً لعزيزي حول تأثير الحرب في العلاقات الروسية الإيرانية وإعادة تشكيلها. فأكّد عزيزي على أنّ روسيا تتلقّى دعماً عسكرياً من إيران نظراً لوجود ما يُثبت استعمالها الطائرات المسيّرة الإيرانية في أوكرانيا. وإلى جانب التعاون العسكري، تستغلّ إيران علاقاتها مع روسيا من أجل تعزيز صورتها والتباهي بتطوّر الأجهزة العسكرية الإيرانية والتأكيد للمنافسين على أهمية الشراكة بين الدولتَين. وقد زاد دعم إيران لروسيا في حربها على أوكرانيا من حدّة التوترات مع الدول الغربية. وفضلاً عن ذلك، رفضت إيران التوصّل إلى اتفاق من أجل تجديد خطة العمل الشاملة المشتركة أو الامتثال للوكالة الدولية للطاقة الذرّية (إلا مؤخّراً). وخلُص عزيزي إلى أنّه من غير المرجّح إحراز تقدّم ملموس في مفاوضات الاتفاق النووي بدون استعداد طهران لمراجعة سياساتها بشأن روسيا وأوكرانيا.

وفي جلسة الأسئلة والأجوبة التي تلت النقاش، سُئل كورتونوف عن إمكانية تحمّل روسيا خسارة الحرب في أوكرانيا. فشدّد على أنّ القيادة الروسية لا يمكنها تحمّل الهزيمة كونها تعتبر الحرب نابعة من منطلق وجودي: إنها حرب ستحدّد مستقبل البلاد. وأجابت نوتي عن سؤال آخر حول إمكانية تحمّل الدول الغربية وأوكرانيا خسارة الحرب، فأشارت إلى أنّه حتى لو تمّ الاتفاق على وقف إطلاق النار، تخشى الدول الغربية أن تستغلّ روسيا ذلك لتجديد ذخائرها والاستمرار في تقويض سيادة الأراضي الأوكرانية. وفي نهاية المطاف، تبقى المخاطر كبيرة على كلّ من روسيا والدول الغربية، مما يعرقل أي خطوة لإيجاد مخرج من الحرب. وبذلك، ستظلّ دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تواجه اضطرابات اقتصادية وقرارات سياسية صعبة، تحت ضغط جيوسياسي هائل، مع استمرار الحرب.

مدير الجلسة

زميل أوّل غير مقيم

المتحدثون

أندريه كورتونوف
مدير عام، مجلس الشؤون الدولية الروسي
هانا نوتي
 باحثة مشاركة أولى، مركز فيينا لنزع السلاح وعدم الانتشار 
حميد رضا عزيزي
زميل زائر، المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية