الاتفاق السعودي الإيراني:

كيف ينعكس التحوّل في التحالفات على المنطقة؟

مارس 21، 2023

الثلاثاء، مارس 21، 2023
4:00 م - 5:15 م
Zoom Platform

ملخص

نظّم مجلس الشرق الأوسط للشؤون الدولية بالشراكة مع معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية في بيروت ندوةً عبر الإنترنت في 21 مارس 2023 لمناقشة أهمية الاتفاق السعودي الإيراني وانعكاساته على المنطقة. وشارك في الندوة التي أدراها عادل عبد الغفار، زميل ومدير برامج، كلّ من لوتشيانو زاكارا، أستاذ مشارك باحث في جامعة قطر؛ وفيصل عباس، رئيس التحرير في صحيفة عرب نيوز؛ وآنا جاكوبس، محلّلة أولى في الشؤون الخليجية في مجموعة الأزمات الدولية؛ وجوزيف باحوط، مدير معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية في بيروت. وقيّم الخبراء الدوافع التي أدّت إلى التوصّل إلى هذا الاتفاق، والمسائل المتبقّية التي تعيق تنفيذه، وأهمية دور جهود الوساطة الصينية في تشكيله.

افتتح باحوط النقاش مؤكّداً على أهمية الاتفاق من الناحيتَين الإقليمية والدولية. فقد أشار إلى أنّه بالرغم من التسليم بدور الصين الأساسي في جهود الوساطة، جرت المحادثات الأوليّة التي أدّت إلى التوصّل إلى الاتفاق في عُمان والعراق، ممّا يدل على أهميته للجهات الفاعلة الإقليمية والدولية معاً. وأضاف أنّه بإمكان تخفيف التصعيد المحتمل بين السعودية وإيران أن يفضي إلى التطبيع مع إيران. لكن يتعارض هذا الأمر مع الأهداف المنشودة لجهود التطبيع السعودية الإسرائيلية، إذ تنظر إسرائيل إلى اتفاقات إبراهيم بوصفها سبيلاً لعزل إيران. وقال باحوط أخيراً إنّ تحّول الصين إلى وسيط قويّ في المنطقة كان تطوّراً متوقعاً.

وتوسّع عباس في حديثه عن ردّ الفعل السعودي حيال الاتفاق وتوقّعاته لما سيكشفه هذا الاتفاق. فقد أكّد على أنّ السعودية لم تعارض الثقافة الفارسية ولا شعبها، إنّما عارضت بشكل أساسي السياسات التوسّعية العنيفة للنظام الإيراني على مدى السنوات الأربعين الماضية. واليوم، تتوخّى المملكة الحيطة في ما يتعلّق بالتزام النظام الإيراني بالاستمرار في الاتفاق. وأشار عباس إلى أنّ صون الاتفاق يتطلب اعتماد مبدأ “التحقّق بخطوتَين”، بحيث تتجلّى الخطوة الأولى من خلال وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان بأسلوبه القيادي الذي يختلف عن أسلوب الجهات الفاعلة التي تعوّدت عليه طهران. أما الخطوة الثانية، فتتجلّى من خلال العلاقات التجارية المفيدة بين الصين وإيران وتعاونهما في مجال الطاقة خصوصاً، وهي دوافع إضافية لإيران كي تستمرّ في الاتفاق.

ثمّ طلب عبد الغفار من زاكارا أن يتوسّع في الحديث عن الدوافع الإقليمية والمحلية التي أدّت إلى التوصّل إلى الاتفاق ضمن إيران. فأكّد زاكارا على أنّ هذا الإنجاز حصل نتيجة جهود طويلة الأمد، والاستناد إلى الاتفاق المُبرم في العام 2001، والمفاوضات التي بدأت قبل وصول الأطراف الموقّعة إلى الصين بوقت طويل. ومن الممكن أن يعود هذا الاتفاق بفوائد اقتصادية على إيران، من حيث فتح أبواب الاستثمارات في قطاعات خاضعة للعقوبات ولا سيّما قطاع النفط، وزيادة إمكانية التعاون الإضافي للتخفيف من عزلة إيران في المنطقة وحصولها على بعض الضمانات الأمنية. وأشار زاكارا إلى أنّ تقويض الاتفاق من جهات فاعلة دولية، مثل إسرائيل وأمريكا، أمرٌ محتمل.

وتابعت جاكوبس النقاش انطلاقاً من هذه النقطة، معتبرةً أنّ ردود الفعل التي أثارها الاتفاق في واشنطن تبعث على التفاؤل الحذِر مع بعض الشكوك حول تبلور الاتفاق فعلياً. ففي حين يرفض بعض الممثلين تحقيق أي دبلوماسية مع إيران، ولا سيّما في ظل غياب اتفاق نووي، رحّبت إدارة بايدن بهذا الاتفاق وبدوره في تخفيف حدّة التصعيد. لكن تبرز مخاوف من أن يؤدّي التطبيع مع إيران إلى تقويض العقوبات الأمريكية بينما تعزّز إيران علاقاتها الاقتصادية مع دول المنطقة. وفضلاً عن ذلك، قد يعني الاتفاق بالنسبة لواشنطن أنّ السعودية لا تطلب مستويات الدعم عينها من أمريكا كما في الماضي. وفي ظلّ تركيز الدبلوماسية الغربية بشكل أساسي على المسائل النووية في المنطقة والتطبيع مع إسرائيل، من المرجّح أن يسهم نفوذ الصين الاقتصادي والسياسي المتنامي في وضع الغرب أمام واقع صعب.

ووجّه باحوط النقاش بعدها نحو انعكاسات الاتفاق على لبنان وسوريا. فأكّد على أنّ اليمن سيشكّل أرضية الاختبار الأولى لانعكاسات الاتفاق على المنطقة، فيما ستتّضح أي انعكاسات على نفوذ حزب الله لاحقاً في لبنان. وأضاف أنّه يبرز عدد من التصوّرات الخاطئة حول انعكاسات الاتفاق على لبنان، بحيث يعتقد بعض الأطراف أنّه سيعزز دعم السعودية لمرشّحي حزب الله السياسيين أو قد يؤدي إلى نزع سلاح الحزب. وقال باحوط إنّ هذا أمر غير مرجّح تماماً، لكنه ينظر حقيقةً إلى الاتفاق على أنه مفتاح لدمج حزب الله في الساحة الاجتماعية بشكل أكثر شمولاً. أما بالنسبة لسوريا، فأشار إلى أنّ جهود التطبيع مع القوى الإقليمية يجري تنفيذها أصلاً منذ فترة طويلة، بصرف النظر عن الاتفاق السعودي الإيراني، ولا يمكن بالتالي اعتبار أي تطبيع مع سوريا مجرّد ثمرة هذا الاتفاق الأخير.

ثمّ طلب عبد الغفار من عباس أن يتناول انعكاسات الاتفاق على مفاوضات السعودية مع الحوثيين في اليمن. فردّ عباس بأنّ السعودية تسعى إلى الخروج من الحرب في اليمن، وستجلس إلى طاولة المفاوضات بهدف بلوغ هدنة مستمرّة. وفي معرض تحليلاته، قال إنّ السعودية شهدت أسوأ السيناريوهات في ما يتعلّق بالهجمات العسكرية وانعدام الأمن، وبالتالي ليس لديها ما تخسره لكن الكثير لتربحه من الاتفاق. والأمر سيّان بالنسبة إلى إيران التي تبحث عن مزيدٍ من الدعم الدولي والانفراج الاقتصادي أمام سلسلة العقوبات المفروضة. وردّاً على عباس، أشارت جاكوبس إلى أنّ الديناميات الأخيرة في اليمن يمكنها تفسير توقيت الاتفاق بشكل جزئي في ظل إمكانية حدوث صفقة كبيرة لتبادل الأسرى بين الحوثيين والسعوديين قريباً. ويبرز تفسير آخر لتوقيت الاتفاق من خلال استعداد الصين للاضطلاع بدور الوسيط والضامن المحتمل الذي يملك نفوذاً أكبر من عمان وجهات فاعلة أخرى يهمّها التوسّط بين الرياض وطهران. وفي نهاية المطاف، لم تتبلور ثمار الاتفاق ووساطة الصين بشكل كامل بعد، سواء من خلال الديناميات المتغيّرة على أرض الواقع في اليمن أو الأشكال الجديدة للتعاون الثنائي بين السعودية وإيران.

مدير الجلسة

زميل ومدير برنامج

المتحدثون

لوتشيانو زاكارا
أستاذ مشارك باحث، جامعة قطر
فيصل عباس
رئيس التحرير، صحيفة عرب نيوز
آنا جاكوبس
محلّلة أولى في الشؤون الخليجية، مجموعة الأزمات الدولية
جوزيف باحوط
مدير، معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية، الجامعة الأمريكية في بيروت